الخاتمة في أسرار تعقيبات الصلاة
إنّ الصلاة متقوّمة في داخلها بالنجوىلأنّ المصلّي يناجي ربّه، فليست الصلاةإلّا النجوى، و محفوفة في حاشيتيهابالدعاء لأنّ المصلّي يستقبل صلاته، و كذايعقبها بذلك، فليست المقدّمة و لاالمؤخّرة إلّا الدعاء و ذلك لأنّ العبدالتامّ هو الذي يكون متقوّما بالنجوى، ومحفوفا بالدعاء القادم و الغابر، إذ لايجد العبد في ذاته إلّا الفيض الإلهيّالخاصّ الذي قوّمه، و لا يشاهد ما بين يديهو لا ما خلفه إلّا الجود الإلهيّ الذيتقدّم عليه و تأخّر منه، فليس هو نفسه إلّافيضا محفوفا بالجود، و يمثّل كيانه الخاصّبالصلاة المحفوفة بالدعاء و المسألة.و الأصل في ذلك: هو ما قالته الملائكةالّذين هم عباد مكرمون، لا يسبقون اللّهفي القول، و هم بأمره يعملون، فلا يشاهدونإلّا معبودهم، حيث قالوا «وَ مانَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَلَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَ ما خَلْفَناوَ ما بَيْنَ ذلِكَ وَ ما كانَ رَبُّكَنَسِيًّا»، لدلالة هذه الآية الكريمة علىأمور:
الأوّل: أنّ نزول الملك إنّما هو بأمرهالذي إذا أراد شيئا يقول له: كن، فيكون، وحيث إنّ الصعود كالنزول فلا يتصعّدون إلّابأمره تعالى.
الثاني: أنّ ما تقدّم الملك و سبقه ممّاكان وجوده- أي: الملك- يتوقّف عليه فهو للّهتعالى.