زين الدين بن عليّ المشهور بالشهيدالثاني رحمه اللَّه (911- 965 هـ. ق)، و المولىمحسن القاسانيّ الملقّب بالفيض، و غيرهمامن المتأخّرين في البحث عن حضور القلب والإخلاص و النيّة، و ما الى ذلك ممّا يرجعإلى آداب الصلاة، أو أوصاف المصلّي، و أينذلك من البحث عن أسرار الصلاة و لابتيها؟لأنّ سرّ الصراط السويّ إلى الصلاة هو غيرسرّ السالك الى المصلّي و أن لا يسير علىسرّ الصلاة و باطنها إلّا سرّ المصلّي وباطنه للزوم التناسب بين السالك و المسلكفي العمل كلزوم التناسب بين العالم والمعلوم في النظر. ثمّ إنّه و إن تقدّم في المدخل أنّ للعقلمدخلا في إثبات الأسرار كالنقل و الكشفإلّا أنّ ذلك فيما يرجع إلى الأمر العامّ والكلّيّ و المطلق و الصرف، و أمّا الخاصّ والجزئيّ و المقيّد و المشوب فلا دخالةللعقل في شيء من ذلك لعدم جريان البرهانالعقليّ المأخوذ من المقدّمات الكلّيّةفي الأمر الجزئيّ الخاصّ. نعم، للعقل أن يبيّن الخطوط الرئيسة،حتّى لا يناقضها الجزئيّ المنقول أوالمشهود. و إنّما المهمّ في إثبات سرّ خاصّلعبادة مخصوصة هو: النقل المعتبر، أوالكشف الخالص عن شوب التمثّل الشيطانيّ أوالنفسانيّ، و له ميزان يوزن به عند أهله،كما أنّ للنقل قسطاسا مستقيما يوزن به عندأهله. إنّ النظام العينيّ من الواجب و الممكنمنضود بالنضد العلّيّ الذي لا يتخطّاهشيء في أصل وجوده، و لا في كمال وجوده، ومن المبيّن في موطنه أنّ الداني لا يؤثّرفي العالي، كما أنّ الظاهر لا يصير علّةللباطن و إن أمكن أن يكون ذلك كلّه علامةأو علّة إعداديّة، بل المؤثّر في العاليهو الأعلى منه، كما أنّ العلّة للباطن ماهو الأبطن منه، الفائق عليه. و من هنا يظهرسرّ ما ورد في الطهارة الّتي هي من مقدّماتالصلاة حسبما رواه أبو جعفر أحمد بن محمّدبن خالد البرقيّ (المتوفّى 274 أو 280 هـ. ق) فيالمحاسن بإسناده عن أبي عبد اللَّه (عليهالسلام) قال: بينما أمير المؤمنين (عليهالسلام) قاعد و معه ابنه محمّد إذ قال: يامحمّد، ائتني بإناء فيه ماء أتوضّأ منهللصلاة، فأتاه محمّد بالماء، فأكفأ (عليهالسلام) بيده اليسرى على اليمنى،