قال البلقيني: ما قاله النووي وابنعبدالسلام ومن تبعهما ممنوع، فقد نقل بعضالحفّاظ المتأخّرين مثل قول ابن الصلاح عنجماعة من الشافعية، كأبي إسحاق وأبي حامدالإسفرانيّين، والقاضي أبي الطيّب،والشيخ أبي إسحاق الشيرازي، وعن السرخسيمن الحنفية، والقاضي عبدالوهّاب منالمالكية، وأبي يعلى وابن الزاغوني منالحنابلة، وابن فورك وأكثر أهل الكلام منالأشعرية، وأهل الحديث قاطبة، ومذهبالسلف عامّة. بل بالغ ابن طاهر المقدسي في(صفوة التصوّف) فألحق به ما كان على شرطهاوإن لم يخرجاه. وقال شيخ الإسلام: ما ذكرهالنووي مسلّم من جهة الأكثرين، أمّاالمحقّقون فلا. وقد وافق ابن اصلاح أيضاُمحقّقون... وقال ابن كثير: وأنا مع ابنالصلاح فيما عوّل عليه وأرشد إليه.
قلت: وهو الذي أختاره ولا اعتقد سواه» (1).
وقال أحمد بن عبدالرحيم الدهلوي في (حجّةالله البالغة): «وأمّا الصحيحان فقد اتّفقالمحدّثون على أنّ جميع ما فيهما منالمتّصل المرفوع صحيح بالقطع، وأنّهمامتواتران إلى مصنّفيهما وأنّ كلّ من يهوّنأمرهما فهو مبتدع متّبع غير سبيلالمؤمنين».
أقول: إنّ البحث عن «الصحيح» و «الصحاح» و«الصحيحين» طويل عريض لا نتطرّق هنا إليه،عسى أن نوفّق لتأليف كتاب فيه... لكنّا نقولبأنّ الحقّ مع من خالف ابن الصلاح، وأنّ ماذكره الدهلوي مجازفة، وأنّ الإجماع علىأحاديث الصحيحين (2) غير قائم.. نعم.. ذاك هوالمشهور.. لكنّه لا أصل له.. وسنبّين هذابإيجاز:
(1) تدريب الراوي ـ شرح تقريب النواوي 1: 131 ـ134.
(2) ونخصّ الصحيحين بالبحث، لأنّه إذا سقطما قيل في حقّهما سقط ما قيل في حق غيرهمابالأولوية، ونعبّر عنهما بالصحيحينلأنّهما موسوما بهذا الاسم.