قال زيدُ بنُ عليّ(عليهما السلام):
جَعَلكُم اللهُ من المُهْتدينَ إِليه،والدالّينَ عليه، وعَصَمَكُم من فِتْنةالدُنْيا، وأَعاذكم من شَرّ المُنْقَلَب.
والحمدُ للهِ على ما هَدانا وأَوْلانا،وصَلّى اللهُ على جميع رُسُلهوأَوليائِهِ، وخَصَّ محمّداً صلّى اللهعليه وآله وسلّم تسليماً.
أما بعد، فإِنّكما سأَلْتماني(1) عنحُقوقِ اللهِ عَزَّ وَجلَّ، وكيفَيُسْلَمُ بتأديتها وكمالها؟
واعلموا أَنّ حقوق الله (عزّوجلّ)مُحِيْطةٌ بِعبادهِ في كلِّ حرَكَة،وسَبِيْل، وحال، ومَنْزِل، وجارِحَة،وآلة.
وحُقُوْقُ اللهِ (تعالى) بعضُها أَكْبرُمن بَعْض.
فأَكبر حُقُوْق اللهِ ما أَوْجَبَ علىعباده من حَقّهِ، وجَعَلَهُ أَصْلالِحُقُوقه، ومنْهُ تَفَرَّعَتالحُقُوْقُ.
ثُمَّ ما أَوْجَبَهُ من قَرْنِ العَبْدِإِلى قَدَمهِ، على اختلافِ الجوارِحِ،فَجَعَلَ لِلسانِ حَقّاً، وللبَصَرحقّاً، ولليَدَيْنِ حَقّاً، وللقَدَمينحَقّاً، وللبطن حَقّاً، وللفَرْجِحَقّاً، وللزكاة حقّاً، وللنُسُكِحَقّاً، وللجِهاد حَقّاً، وجَعَلَ لِذِيالرَحِم حَقّاً.
فَحُقُوقُ اللهِ تَشَعَبَّتْ منهاالحُقُوْقُ، فاحْفَظُوا حُقُوْقَهُ(2).
[1] فأمّا حَقُّهُ الأَكْبَرُ:
فأَنْ يَعْبُدَهُ العارِفُ الُمحْتَجُّعليه.
وأنْ لا يُشْرِكَ بهِ شَيْئاً.
فإذا فعلَ ذلِك بِالإخْلاص واليقين،فَقَدْ تَضَمَّنَ لَهُ أنْ يكْفِيَهُ،وأنْ يُجِيْرَهُ.
وللهِ عَزَّ وجَلَّ حُقُوْقٌ فيالنُفُوْسِ: أنْ تُسْتَعمَلَ في طاعَتهِبِالجوارِحِ:
فمن ذلِكَ اللسانُ، والسَمْعُ،والبَصَرُ، قالَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ فيكتابهِ: }إِنَّ السَمعَ والبَصَرَوالفُؤادَ كُلُّ أُولئك كانَ عَنْهُمَسْؤولا{ [الآية 36 من سورة الإسراء 17].
[2] فالِلسانُ:
يُنَزَّهُ عن الزُوْرِ، والكذب، والخَنى.
وأَنْ تُقيْمَهُ بالحقّ، لا تخاف في اللهلومةَ لائم.
(1). هكذا بالمثنى، مع أنه خاطب أولابالجمع، فليلاحظ.
(2). كذا في الفرع وهامش الأصل، وفي متنه«حقّهُ».