ونلاحظ مثل هذه الظاهرة في العصر الحديثكثيراً، فانّ السلع، تتغير بين يوم وآخرمثلاً، وتُهجر السلعة القديمة، ليندفعالناس لشراء الجديدة، وان كانت تُشبع نفسالحاجة التي تشبعها القديمة.
مثلاً احتياج الناس للبس الجورب، ففيالبداية يلبسون الجورب المحاك، ولكن، ظهراليوم جورب آخر، يشبع هذه الرغبة، وربماكان افضل واجمل من السابق، لذالك، هجرالنوع السابق واستخدم الجديد.
وكذلك، حينما اخترع الكهرباء، تركالانسان استعمال المصباح الزيتي، فانّاستخدام المصباح، كان لأجل الاستفادة منضيائه، وهذه الحاجة تشبعها الكهرباءبصورة افضل وايسر.
والدين يمتلك كلتا الميزتين، فانّه بنفسهحاجة فطرية وشعورية للبشر، وكذالك هوالوسيلة الوحيدة لاشباع الحاجات الفطريةللبشر، بحيث لا يمكن لغيره أن يحلّ محلّه،وبعد الدراسة التالية، سيتّضح لنا، بأنّهيستحيل على أي شيء أن يقوم مقام الدين، فيارضاء هذه الرغبات الفطرية.
فطرية الدين
القرآن الكريم يصرّح بأنّ الله قد اودعالدين في قرارة الانسان واعماقه، كما فيقوله تعالى: (فاقم وجهك للدين حنيفاً فطرةالله التي فطر الناس عليها)(1).
وحين يتحدّث الامام علي (عليه السلام) عنالآنبياء، يذكر بانّهم قد بعثوا لأجل أنيذكّروا الناس بذلك العهد، الذي عقدتهفطرتهم، لأجل مطالبتهم بالوفاء بذالكالعهد الذي لم يكتب على ورقة ـ ولم ينطق بهلسان، وانّما كتُب على صفحة القلب وفي عمقالفطرة الانسانية، بقلم الخليقة ـ علىصفحة الضمير، وفي اعماق الشعور الباطن.
ولم اذكر ذلك للاستشهاد والاستدلال، بلاستهدف من ذلك أن أثبت، أن الاسلام كاناوّل من اكتشف أن الدين حاجة فطرية، و لميعرف البشر هذه الفكرة سابقاً ولكن ظهر فيالعصر الحديث من ينادي بها ويدعو اليها،وقد ظهرت الكثير من النظريات والآراء حولهذه الفكرة في القرن السابع عشر، والقرنالثامن عشر، والقرن التاسع عشر الميلادي،والقرآن الكريم يصرّح: (فطرة الله التي فطرالناس عليها)(2).
كيف وجد الدين؟
هناك فرضيات كثيرة حول نشأة الدين،ونستعرض بعضها اجمالاً:
1 ـ الدين وليد الخوف، خوف الانسان منالطبيعة، ومن صوت الرعد الرهيب، وسعةالبحر وهدير امواجه المتلاطمة، وغيرها منمظاهر الطبيعة.
ونتيجة لهذا الخوف أن خطر الدين في اذهانالبشر، والحكيم اليوناني (لوكريتوس) ذكر:بأنّ أول الآباء للآلهة هو إله الخوف، وفيعصرنا الحديث قد التزم بها البعض، وادّعىبأنّها نظرية جديدة.
(1)(2). الروم:30.