نظرة إجمالية لمسار الخطاب في الآيات - تفسیر سورة (هل أتی) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تفسیر سورة (هل أتی) - نسخه متنی

السید جعفر مرتضی العاملی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

وورد في الشرع استحباب تلقين الميت
معتقداته بعد موته، وأن الملائكة الذين
يأتون لسؤال الميت عن ذلك يعودون من حيث
أتوا، حيث يرون أن الميت قد لقن حجته،
وأصبح قادراً على الإجابة الصحيحة.

ولكن قد يقال: إن هذا إما جار على سبيل
الإعجاز، كما فيما جرى للنبي [صلى الله
عليه وآله] وللإمام علي [عليه السلام]، أو
هو نشأة خاصة بالنشأة الأخرى، أو أن
الكلام إنما هو مع الروح، وليس لحاسة
السمع لدى الميت دور في ذلك، كما في
المثالين الأخيرين.

سامع أم سميع؟

ولأنه لا يكفي في الهداية بواسطة
الأنبياء مجرد وجود سمع وبصر، بل تحتاج
إلى سميعية وبصيرية، فقد أراد أن يبين مدى
وحدود فعالية حاستي السمع والبصر، من حيث
إن الابتلاء قد أنتج شدة رهافة في السمع،
وحدة في البصر، بسبب حالة من الاحتكاك
والصراع بين متطلبات الجسد، ومتطلبات
الفطرة الإنسانية، التي تنشد الحصول على
كمالاتها، وقد نشأ ذلك عن تلك الأمشاجية،
بما فيها من مزايا روحية ونفسية، وملكات،
هي مبادىء للإدراك، ثم الاختيار
والإرادة، التي هي مبدأ صدور الأفعال من
الإنسان..

وحتى في الاستعمالات العرفية، فإنه فرق
بين قولك: بصرت الشيء أو بصرت به، بمعنى
وقع نظرك عليه، وبين قولك: أنا بصير
بالشيء، أي خبير بهِ، أي عارف بخفاياه
وأسراره، سواء أكانت خبرتك أتت عن طريق
البصر، أم السمع، أم القراءة، أم اللمس،
أم الوحي، أم غير ذلك. فكلمة بصير عندهم
كناية عن عمق الخبرة بالشيء. ولأجل ذلك لم
يكف قوله: «سامعاً مبصراً»، عن قوله:
«سميعاً بصيراً»..

نظرة إجمالية لمسار الخطاب في الآيات

قد يغفل الإنسان عن أمور لا ينبغي له أن
يغفل عنها، فتذكيره بها يكون إحساناً إليه
ومساعدة له..
وقد يجهل الإنسان بأمور يكون علمه بها
ضرورياً، فيحتاج إلى أن يتعلمها..
وقد يكون عالماً بالأمور، لكنه يتعامل
معها معاملة الجاهل أو الغافل، لأسباب يرى
أنها تبرر له ذلك، فيحتاج إلى من يناقشه في
تلك الأسباب، ويوقفه على عدم قدرتها على
تبرير موقفه هذا..

ويكون من يتصدى لذلك قد أسدى إليه خدمة
جليلة، لأنه يكون قد ثبته على ما في ثباته
عليه مصلحة له، أو جنَّبه الآثار والأوضاع
السلبية، التي يجب أن يتخلص منها، سواء في
ذلك منها ما له أثر سلبي على روحه، أم على
فكره، أم على أي شأن من شؤون حياته..

ومن الواضح: أن الأحوال النفسية،
والروحية، والحياة الاجتماعية، والقدرات
والإمكانات في مختلف المواقع والمواضع،
لا تطلب لنفسها، وإنما تطلب لأجل دورها،
وآثارها في الأعمال والمواقف.
والمواقف والأعمال أيضاً لا تطلب لذاتها،
بل تطلب لغاياتها الشريفة والفاضلة، وهي
الوصول إلى الله سبحانه، والحصول على
مواقع القرب والزلفى لديه. وتحقيق ما
يرضيه، وتجنب ما يسخطه..

والعلم بالله سبحانه له قيمة حقيقية
كافية فيه وفي نفس حصوله، لكن العلم بغير
الله، فإن قيمته ليست في بداياته، وفي نفس
حصوله لدى العالم، وإنما هي في نهاياته،
وغاياته..
وإذا نظرنا إلى قضية الإيمان والكفر،
فسنجد أنهما تعبير آخر عن العلم بالمعنى
المشار إليه.. فالكفر يمثل حالة الجهل
المركب، المعتضد بالاستكبار والعناد..
وأخرى يكون غفلة واحتجاباً حقيقياً،
وابتعاداً وغربة عن الحق..

أو أن الكفر هو حالة من التمرد والتعدي
على مقام العزة الإلهية، وأخذ موقعه،
واستبدال الحق الصادر عنه بباطل يفسد
الحياة، ثم السعي لوأد ذلك الحق، أو لا أقل
إلى إبعاده عن ساحة العمل والتداول، وعدم
الاعتراف به، حتى مع رؤيته له..

كما قال
الله تعالى: (وَجَحَدُوا بِهَا
وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ)[114]..

فإن من الواضح: أن هذا الاحتجاب هو العمق
الواقعي لكلمة الكفر. فالزارع كافر، لأنه
يحجب البذر بالتراب، ويغطيه به. والليل
كافر، لأنه يحجب الأشياء عن أن ينالها
النظر..
أما الإيمان، فهو يمثل حالة الوعي
واليقظة، والتزام الحق، والسكون إليه..
وحين يتحدث الله سبحانه عن خلق الإنسان من
نطفة أمشاج، فإنما يريد أن يعالج حالة
الغفلة التي تعيشها هذه النفس الإنسانية،
المؤمنة والكافرة على حد سواء..

/ 164