تفسیر سورة (هل أتی) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تفسیر سورة (هل أتی) - نسخه متنی

السید جعفر مرتضی العاملی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

أو هداية الحواس الباطنة لمعان قائمة في
الذات ـ الجسد ـ كإدراك الجوع، والعطش،
والألم، والتعب، والنشاط، والإحساس بثقل
الأجسام وخفتها، وما إلى ذلك.

6ـ الهداية العقلية: وهي تتمثل في قوة يمن
الله بها على هذا الإنسان، تدرك له الكثير
من المعاني التي لا تنال بالحس الظاهري
ولا الباطني، وربما كانت هذه المعاني
نتيجة للمدركات الحسية أحياناً، أو تكون
المدركات الحسية طريقاً إليها.. وقد تخرج
عن هذا وذاك كما سيتضح.
هذه المعاني يحتاج إليها الإنسان في
مسيرته الحياتية، وفي بنائها على أسس
صحيحة وسليمة.
وهي معان تفيد في تأسيس قواعد ومنطلقات،
وفي وضع ضوابط ورسم حدود لا مجال
لتجاوزها.. وهذه الصور العقلية هي الأرقى
والأتم في سلسلة الصور الوجودية التي
يتعامل معها الإنسان..

بيان ذلك: أن الصور العينية الخارجية لها
حظ من الوجود، ثم تأتي الحواس لتأخذ عنها
صوراً حسية..
ثم يترقى مستوى الإدراك إلى حد إدراك
أحوال المحسوسات، وربما يتصرف في الصور
أيضاً، فيدرك أن هذا أكبر من ذاك، أو أطول،
أو يؤلف من خلالها صوراً تشتمل على عناصر
مؤتلفة، فيتخيل المدينة الفلانية التي لم
يرها، من خلال صور ما رآه بالفعل.

ثم هذا القسم والذي سبقه هو عبارة عن صور
حسية وخيالية للأعيان الخارجية، لكن
صورها تكون في الذهن، سواء أكانت الصورة
لنفس الشيء، أم لحالة من حالاته..
وهناك قسم ثالث: أرقى من القسمين
السابقين، وهو إدراك معانٍ جزئية، ليس لها
منطبق خارجي محسوس بالحواس الخمس.. لكنه
موجود حقيقي يدرك بآثاره، وذلك كإدراك حب
أبويه له، وخوف الخائف، وحزن الحزين..
وهناك معانٍ كلية ليس لها موطن إلا الذهن،
وليست صوراً للأعيان الخارجية، ولا هي من
قبيل التصرف في صور المحسوسات، ولا هي
معانٍ جزئية. وهي على قسمين:

أحدهما

معانٍ كلية ذهنية، محضة، مثل
مفهوم الكلي والجزئي، والجنس، والفصل.

الثاني

معانٍ كلية موطنها الذهن، وظرف
وجودها الخارج، مثل: الصغير والكبير،
والحسن والقبح.. والوحدة والكثرة، والوجود
والعدم. والعدل والظلم. فكأن لها قدماً في
الذهن، وقدماً في الخارج..
وكل تلك الدلالات إنما تنطلق من داخل
الإنسان..

7ـ الهداية الشرعية، وهي لا تأتي الإنسان
من داخله ـ كما هو الحال في الهدايات
السابقة ـ بل تأتيه من خارج، لتأخذ بيده
إلى حيث لا يجد العقل، ولا غيره من وسائل
الهداية الداخلية سبيلاً للوصول إليه، أو
التعرف عليه.. ولتصوب له ما اشتبه الأمر
فيه، بسبب حيلولة الغرائز والشهوات، حتى
ظن الحق باطلاً والباطل حقاً، وظن السراب
ماءً، فلما جاءه لم يجده شيئاً..

وبعد هذا التوضيح نقول:

إن كل ما يوصل إلى الغرض، فهو هداية إليه،
سواء أكان بالقول أم بالعمل، شرط أن يكون
للواصل درجة من المشاركة في ذلك. وبذلك
تكون الهدايات التكوينية، والإلهامية،
والحسية، والعقلية، وما شابه؛ داخلة في
ذلك..

وإذا كانت هذه الهدايات قد صاحبت الإنسان
مذ كان نطفة، فإنه منذئذ يصبح مورداً
لقوله تعالى: (إنَّا هَدَيْنَاهُ
السَّبِيلَ).. وتستمر معه الهدايات، وهو
يمر في مراحل الابتلاء، إلى أن يصبح
سميعاً بصيراً، ثم يحتاج إلى هدايات جديدة
تضاف إلى ما سبق، فتأتيه الهداية العقلية،
ثم يحتاج إلى الهداية الشرعية.. فالله
سبحانه قد هداه السبيل لحظة فلحظة، وآناً
بعد آن.. وتمت عليه الحجة. وعليه هو أن
يقرر، ويختار، فيكون (إِمَّا شَاكِراً
وَإِمَّا كَفُوراً)..

فالهداية للسبيل إذن لم تبدأ بعد
السميعية والبصيرية.. وإلا، لكان المناسب
أن يقول: ثم هديناه السبيل، أو فهديناه، بل
بدأت منذ بداية خلقه، واستمرت معه..

ظاهرة الجحود والإيمان

ونريد أن نشير هنا إلى أن الهداية
التشريعية قد جاءت في سياق الهدايات
الأخرى، لتؤكدها، ولتركز مضامينها،
وتستجيب لمقتضياتها، فدورها ليس سوى
الإرشاد والدلالة إلى ذلك، ولا شيء أكثر
من هذا..
فمن لم تستيقظ فطرته، وتتعرف على
مقتضياتها التي تسانخها، بل بقيت منفصلة
عنها، بإملاءات الغرائز، والأهواء.

والشوائب، والأغشية العازلة التي صنعتها
المعاصي وغيرها، فإن سبيله الذي سيتخذه هو
الجحود.. وسيجنِّد العقل وكل ما يملكه في
خدمة تلك الغرائز، فيمتثل أوامرها، ويلبي
حاجاتها.. ويكون وسيلة دفاع عن كل
انحرافاتها..
فإذا ما كُسرت شِرَتُه، بالمعجزة
القاهرة، فإنه سيندحر ويأرز في حجره..

/ 164