تفسیر سورة (هل أتی) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تفسیر سورة (هل أتی) - نسخه متنی

السید جعفر مرتضی العاملی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ولكنه يبقى بانتظار الأوامر التي تصدرها
له تلك الغرائز والأهواء، لأنه قد فقد
السميعية والبصيرية، وأصيبت فطرته بالضعف
والضمور، وألمت بها عاهات ذهبت بقوتها،
وأبطلت حركتها، أو ألمت بها تشوهات جعلت
حركتها باتجاهات خاطئة، ومنحرفة.

وهذا ما يفسر لنا استجابة الإمام علي
[عليه السلام]، وخديجة، وأبي طالب، وجعفر،
وحمزة للهدايات الإلهية، من دون حاجة إلى
رؤية المعجزة، بل بتلمس فطرتهم للحق
والدين، وإدراكهم الوجداني لمزاياه،
وإحساسهم العميق بانسجامه مع واقع الخلق
والتكوين، وحقائق الوجود، ومع الفطرة
الصحيحة.. مما يجعل من كل هذه المخلوقات
منظومة واحدة، تسير باتجاه واحد، وفقاً
للهداية الإلهية للخلق وللوجود بكل ما ومن
فيه..

كما أن هذا يفسر لنا النهج القرآني،
والبيان البرهاني، لأمور العقيدة فيه، ثم
هو يظهر صدقية وانسجام البيان النبوي
والإمامي لشؤون الدين، وحقائق الإيمان من
حيث إنها تخاطب الفطرة، والوجدان،
والضمير، والعقل، وتفرض النظرة التأملية
لحالات الواقع ومزاياه، للانسجام معه في
كل حركة تعنيه، وفي كل اتجاه.

أما أبو جهل، وأبو سفيان، وكذلك فراعنة
قريش الذين قتلهم بغيهم في بدر، وأحد،
والأحزاب، وغيرها.. فقد كانوا يرون
المعجزات والكرامات في أتم تجلياتها..
ولكنهم اتخذوا سبيل الجحود والعناد، ولم
يسلم من أسلم منهم، ولكنه استسلم للأمر
الواقع، وبقي يسبح في مستنقع آسن من الكيد
والتآمر على الحق، وأهل الحق..

«السَّبِيلَ».. وليس الطريق!

وأما لماذا قال تعالى: هديناه
«السَّبِيلَ»، ولم يقل: «الطريق».
فلعل سببه هو أن كلمة الطريق، إنما تدل
على مجرد وجود موضع ممتد يسلكه الناس، وهو
قد يكون واضحاً، وقد يكون خفياً، وقد يكون
واسعاً، وقد يكون ضيقاً، أما السبيل فهو
الطريق وما وضح منه[120].

فخصوصية الوضوح إذن مأخوذة في السبيل،
ولا تفهم من كلمة «الطريق».
والهدايات الإلهية هي الأوضح والأظهر
والأصوب، وليس هداية الفطرة، والإلهام،
والحس، والمشاعر والوجدان، والعقل،
والشرع، إلا ضمانات يعضد بعضها بعضاً،
ويشد بعضها أزر بعض.. فكلما عجزت وسيلة
جاءت الأخرى الأقوى منها لتحل محلها..

وتنجز ما عجزت عنه، فإن عجزت هداية
الإلهام، جاء دور الحس، فإن عجز الحس جاء
العقل. فإن عجز العقل جاء الشرع، فهداية
الله تامة، وحجته بالغة، تحفظ الإنسان في
جميع حالاته، وتصونه من الخطل والزلل في
مختلف تقلباته..

هديناه السبيل.. أو إلى السبيل؟

وليست الدلالة على السبيل من قبيل
الإشارة إليه من بعيد، مع عدم وضوح
معالمه، ومن دون معرفة خصوصياته سعةً
وضيقاً، حزونة وسهولة.. وما إلى ذلك..
بل الهدايات الإلهية يقينية وواقعية،
تجعل السبيل واضحاً لا لبس فيه، سوف يلمس
المهتدي بها هذا السبيل، ويجده حاضراً
عنده، وكأنه قد حلّ هو فيه..
وبذلك يكون تعالى قد سدّ على هذا الإنسان
منافذ الاعتذار والتعلل، ولله الحجة
البالغة في كل وقت وحين..

«أل» عهدية أم جنسية؟

وقد يسأل سائل: هل المراد بالسبيل، السبيل
المعهود؟

فتكون «أل» عهدية.. أم المراد به
جنس السبيل؟!.

ويجاب عن ذلك: بأنه قد يدعى أنها عهدية،
وذلك لأن الله حين خلق الكون والحياة قد
رسم لهما غاية، ولا بد من سلوك طريق موصل
إليها، ومن تعريف وهداية لذلك الطريق.
وقد بين الله تعالى البداية، والسبيل
والغاية، بأوضح بيان، وهدى إليه أتم
هداية.

وواضح: أن أي اعوجاج وانحناء في ذلك
السبيل سوف يفقده صلاحية الإيصال. وفي
الانحراف والعودة هدر للوقت وتضييع
للجهد، وعبثية غير مقبولة. قال تعالى:

(َأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً
فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا
السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ
سَبِيلِهِ)[121]..

وهذا معناه: أن الهداية الإلهية إنما تكون
إلى سبيل واحد، وهو الصراط المستقيم
المتصل بالهدف، دون سواه.. والذي إذا اتضح
وعرف، فإن الطرق الموجبة للضلال عن الهدف
تصبح واضحة أيضاً..
ويصح التعبير عنها بكلمة «سبيل» لأن ذلك
هو ما يقتضيه انحصار الطريق الموصل إلى
الهدف بواحد..
وذلك كله يشير إلى أن كلمة «أل» عهدية..

وذلك غير دقيق، والصحيح هو أن كلمة «أل»
جنسية، وذلك لما يلي:
إنه تعالى لم يقل: «إنا هديناه السبيل،
إما مهتدياً أو ضالاً»، مع أن قوله تعالى:

/ 164