تفسیر سورة (هل أتی) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تفسیر سورة (هل أتی) - نسخه متنی

السید جعفر مرتضی العاملی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

قوة الوضوح في البيان القرآني

وإن أعظم ما يواجه الإنسان في قضايا
الإيمان والكفر هو الشأن العقيدي، لأنه
يرتبط بأمور الغيب، ويحتاج إلى إدراك
عقلي، ورؤية قلبية، وتلمس وجداني، يصل إلى
حد صيرورة ذلك واضحاً وبديهياً.. وهذا ما
أشير إليه في قوله تعالى: (أَفِي اللهِ
شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ
وَالأرْضِ)[125].. وعنهم [عليهم السلام]:
«عميت عين لا تراك»..

وقد قلنا: إن القرآن في بياناته لأمور
العقيدة، يدفع بها لتصبح شأناً حياتياً،
وواقعاً عملياً، يتلمسه الإنسان في كل
موقع وكل اتجاه.. ولا يتحدث له عنها بطريقة
تجريدية، فلسفية، فراجع الآيات التي
تتحدث عن وجود الله، وعن توحيده، وعن
صفاته، وعن النبوة وعن الإمامة، وعن اليوم
الآخر.. كقوله تعالى مثلاً: (لَوْ كَانَ
فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَ اللهُ
لَفَسَدَتَا)[126]، فإنه تعالى قد تحدث عن
فساد الكون والحياة؛ بالشرك، وأن الإنسان
سوف يفقد القدرة على العيش، وعلى إعمار
الكون، وسيفتقد السعادة، ويعجز عن الوصول
إلى كمالاته التي ينشدها..

ولم يقل: إن تعدد الآلهة يستتبع الالتزام
بفقدان أحدها، في المكان الذي يوجد فيه
الآخر، ولم يشر إلى أن ذلك يستلزم حاجة
الآلهة إلى المحل، أو لزوم تقدم المكان
على المكين، ولا إلى لزوم وجود ما يميز هذا
عن ذاك، ولا إلى غير ذلك من أمور تبقى في
دائرة التأمل الفكري.. بل ترك البيانات
الفكرية، التي تحصن هي الأخرى الإنسان من
شبهات أهل الضلال، ترك بيانها للأئمة
الطاهرين، ولذلك نجد الإمام علياً [عليه
السلام] يتصدى لها، فيقول: أيَّنَ الأين
فلا يقال له أين، وكَيِّف الكيف فلا يقال
له كيف[127]..

وقال [عليه السلام] أيضاً: مع كل شيء لا
بمقارنة، وغير كل شيء لا بمباينة[128]..
وغير ذلك.

وقد بيَّن [عليه السلام] ذلك، بعد أن بيَّن
لنا أيضاً أنه تعالى لا يمكن دخوله في
تصوراتنا وأوهامنا، فقال: «كلما ميزتموه
بأوهامكم في أدق معانيه، مخلوق مصنوع
مثلكم مردود إليكم»[129].

فالله إذن يريد لنا أولاً أن نشعر به
بقلوبنا، ونحس بآثاره في حياتنا، ليصبح
واقعاً حياتياً فاعلاً وقوياً. وهكذا فعل
في سائر الأمور العقائدية، كالقيامة
والنبوة وغيرهما، وكذا المفاهيم
الإيمانية، والدينية، بصورة عامة..
ولذلك تجد الإنسان يعيش الشعور بالله
سبحانه وبقدرتهِ، ومحبته، وسائر المعاني
الإيمانية في حالات الخوف والرجاء، وفي
حالات الصحة والمرض، فيتوجه إليه
بالدعاء، ويشعر بالفرح وبالامتنان حين
يستجيب له.

فالمطلوب إذن هو الإحساس بالله سبحانه،
وليس المطلوب هو تصوره سبحانه، لأن ذلك
مستحيل. كما أن المطلوب هو امتلاك القدرة
على دفع شبهات المضلين، والتحصن من
ضلالاتهم.
هذا: وقد جاءت هذه الآية التي نحن بصدد
الحديث عنها، في نفس هذا السياق، كما يظهر
من ملاحظة المعاني التي أشارت إليها، في
مفرداتها، وفي سياقها العام.

لماذا قال: شاكراً؟!

والسؤال هو: لماذا قال: «شَاكِراً»، مع أن
الحديث هو عن الهداية والضلال؟!..

ولماذا
أيضاً جاء بها بصيغة اسم الفاعل؟!..

والجواب

1ـ إن اختيار الشكر في هذا المورد، إنما هو
لأنه من قبيل إطلاق الدعوى مع دليلها، لأن
التعبير بالشكر يوجب أن يكون هناك ما يفرض
الشكر، وهو النعم. فإذا أثبتت الشاكرية،
فإن ثبوتها يوجب ثبوت قبح الكفر بصورة
أوضح وأتم، لأن وجود النعم أوجب حتمية
الشاكرية.. وحتمية الشاكرية وقيمتها يجعل
الكفر من أقبح الأشياء، فإن الكفر للنعمة،
وانجرار ذلك إلى الكفر بالمنعم وصفاته،
وكل ما يصدر عنه، يصبح جريمة كبرى.. فكيف
إذا كان الإنسان كفوراً، أي شديد الكفر
وكثيره؟ فإن الأمر يصير أعظم قبحاً، وأسوأ
صنعاً..
وفي هذا الأسلوب من التنفير من الكفر،
والحث على الطاعة ما يغني عن أي بيان.

2ـ إن أرقى حالات العبادة والطاعة هي تلك
التي تكون نابعة من صميم الذات الإنسانية.
فالالتزام بالسبيل الواضح، هو ما يدعو
إليه الخلق الإنساني، وتقتضيه الفطرة
الصافية، حيث لا بد أن يختار طريقة الشكر
باقتضاءٍ من داخل ذاته، ومن دون حاجة إلى
إلزام بأمر من الخارج. فإذا جاء الأمر
التكريمي من قبل الله سبحانه، فإن اندفاعه
إلى امتثاله سيكون أيضاً من مقتضيات طبعه،
وخلقه الإنساني الرفيع.. لا طمعاً بنوال،
ولا خوفاً من عقوبة، ولا لأجل الخروج من
حالة الإحراج والإلزام حيث لا مناص.

وقد روي عن أمير المؤمنين [عليه السلام]:

أن قوماً عبدوا الله رغبة فتلك عبادة
التجار، وإن قوماً عبدوا الله رهبة فتلك
عبادة العبيد، وإن قوماً عبدوا الله شكراً
فتلك عبادة الأحرار[130].

/ 164