تفسیر سورة (هل أتی) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تفسیر سورة (هل أتی) - نسخه متنی

السید جعفر مرتضی العاملی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

فرق آخر بين الكفر والشكر

وهناك فرق آخر بين الكفر والشكر، وهو أن
من لا يعترف بالشهادتين، فهو ينكر جميع
الحقائق المترتبة على التوحيد. بنفس
إنكاره للتوحيد، وينكر ما يترتب على
النبوة بنفس إنكارها أيضاً..
وأما إذا أقر بالتوحيد، فهو يحتاج إلى
ممارسة كل مفردات الشكر، ليكون شاكراً
بالفعل.. إذ إن اعترافه بالتوحيد إنما يكفي
عن التوحيد دون سواه. أما العبادات مثلاً،
كالصلاة، والزكاة، والصدق.. و.. و.. فلا يغني
عنها شيء، حتى التوحيد..

فظهر أن كفره بالتوحيد يسقط كل ما عداه عن
الصلاحية، وهو بمثابة تعدد صدور الكفر منه
بالنسبة لكل واحدة، واحدة.. لكن إيمانه به
لا يغني عن شيء مما عداه، فلا بد من
الإتيان به على حدّه الذي قرره الله عز
وجل..

المجبرة، وآية الهداية

وأخيراً.. نشير إلى أن المجبرة قد ادّعوا:

أن الله سبحانه لم يهد الكافر.. لكن هذه
الآية قد جاءت صريحة في تكذيب هذه الدعوى،
حيث قررت أن الهداية الإلهية تشمل الكافر
والمؤمن بلا فرق..

الفصل الرابع :
(إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ
سَلاَسِلَ وَأَغْلاَلاً وَسَعِيراً)

قال تعالى:
(إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ
سَلاَسِلَ وَأَغْلاَلاً وَسَعِيراً).

في هذه الآية المباركة حديث عما يواجه
الكافر من عقاب، فكيف، بالكفور، ونحن نجمل
الحديث فيها على النحو التالي:

«إِنَّا»

قد تكرر استعمال كلمة «إِنَّ» التي هي حرف
تأكيد، مع إدخالها على «نا» التي هي ضمير
جمع المتكلمين، لا على ضمير المفرد، وقد
قال هنا: «إنّا»، ولم يقل: «إني».

كما أنه اختار التأكيد بـ «إن» ولم يقل:
«قد» أو «لقد أعددنا».

فأما بالنسبة للملاحظة الأولى، فقد
ذكرنا، أكثر من مرة: أن المناسب في مثل هذا
المقام الذي يراد به الردع والزجر، أن
يكون في الخطاب إظهار للعزة والعظمة
الإلهية..
وأما بالنسبة للملاحظة الثانية، فإن
التعبير بكلمة قد، ولقد، وإن كان يفيد
التأكيد، إلا أنه يفقد الإشارة إلى مقام
العزة الإلهية..

وقد قلنا: إن التأكيد عليه، وتركيزه في
ذهن السامع، بتكرار الحديث عنه، بهذه
الطريقة التعظيمية مطلوب في تحقيق الردع
والزجر..

«أَعْتَدْنَا»

وأما لماذا قال: «أَعْتَدْنَا»، ولم يقل:
«أعددنا»..

فلعله لأجل أن كلمة أعددنا تتحدث عن مجرد
الإعداد، من دون تعرّضٍ لما يكون مورداً
ومحلاً له.. أما كلمة «أعتدنا»، فإنها تحمل
معنى الإعداد، وتشير أيضاً إلى العتاد
الذي يتم تهيئته، وأنه أمر حسي موجود
فعلاً، وليس مجرد تهديد ووعيد بأمر قد
يكون مفترض الوجود..

الإعداد لا ينافي القدرة

وقد يقال: إن الله تعالى هو القادر
والقاهر فوق عباده، فلا يحتاج إلى إعداد
عدة، ولا إلى تهيئة مقدمات لشيء.. فإن
العاجز هو الذي يحتاج إلى إعداد وتهيئة
الأمور التي قد يفقدها حين العمل.. فكيف
قال تعالى: (إِنَّا أَعْتَدْنَا
لِلْكَافِرِينَ سَلاَسِلَ) و.. الخ؟!

وجواب ذلك هو: أن المقصود من الإعداد هنا،
ليس هو رفع النقص عن المعدّ، بل المقصود هو
تحقيق الردع للعاصي، والتأثير عليه لتصحيح
مساره، وذلك هو الأسلوب التربوي الصحيح
الذي يقتضيه موقع الربوبية، وسوق الإنسان
نحو كماله، وإبعاده عن مواقع الخطر
بالحكمة الهادية، وبالأسلوب الصحيح.

الوعيد بغير المحسوس، يلغي الفرق

وقد يقال: بما أن السلاسل، والأغلال،
والسعير، ليست حاضرة أمام الإنسان، بل هو
سوف يواجهها يوم القيامة، فالحاضر الآن
ليس إلا التهديد بها، والتهديد بالشيء لا
يفرق فيه بين أن يقول: «أعددنا»
و«أعتدنا».. وذلك لأن وقت التنفيذ غير حاصل
بالفعل.

ويجاب: بأن الوعيد على نحوين، أحدهما أضعف
تأثيراً من الآخر. فالوعيد المجرد عن
الإعداد، يبقى مجرد محاولة لإيجاد تصور
للعقاب، ولكيفياته، وحالاته، ومستواه،
تدفعه للعزم على المضي فيه. فقد يتصوره في
مستوى أقل مما هو عليه، مع احتمالات حصول
عفو أو بداءٍ، أو أي شيء يصرف عن المضي في
ذلك العزم.

/ 164