عرف المتأخرون الصحابي تعريفا مناقضا لروح الشريعة الإسلامية، ومنافيا للبناء العقلائي. فهم من جهة اعتبروا الصحابي هو كل من رأى الرسول (ص)، سواء أكان كبيرا أم طفلا صغيرا. بل حتى من لم يره من العمي لتعذر الرؤية عليهم. بل ويعد صحابيا من رآه الرسول (ص) ولو عن بعد، سواء جالسه أم لم يجالسه، غزا معه أو لم يغز. وعلى ذلك استقر رأي الجمهور. يقول في ذلك بن حجر في الإصابة في تمييز الصحابة: " الصحابي من لقي النبي (ص) مؤمنا به، ومات على الإسلام فيدخل في من لقيه من طالت مجالسته له أو قصرت، ومن روى عنه أو لم يرو، ومن غزا معه أو لم يغز. ومن رآه رؤية ولو لم يجالسه، ومن لم يره لعارض كالعمى ". ويتبين من خلال هذا التعريف، انحراف بالمفهوم من إطاره اللغوي الظاهر إلى دائرة الاصطلاح، وهذا ما جعل بن حجر العسقلاني يقول: " إن اسم صحبة النبي (ص) مستحق لمن صحبه أقل ما يطلق على اسم صحبة لغة وإن كان العرف يخص ذلك ببعض الملازمة ". وطبيعي، إن هذا التحديد يخالفه العقلاء من حيث كونه متجاوزا للغة