بسم الله الرحمن الرحيم أهدي كتاب "آداب الصلاة" (1- هذا الكتاب ألفه الإمام الخميني (س) عام (1261هـ/1942م) بعد كتاب سر الصلاة، وهو شرح لآداب الصلاة وأسرارها المعنوية، وهو غني بالفوائد الأخلاقية والعرفانية.) ـ الذي لم أجنِ منه سوى الأسف على القصور والتقصير في ما خلا من الأيام التي كنت قادراً فيها على بناء النفس، وسوى الحسرة والندامة في مرحلة الشيخوخة حيث يدي خالية وحملي ثقيل والسفر بعيد والبلاء شديد ونداء الرحيل يتردد في سمعي ـ إلى ولدي العزيز "أحمد" لعله، إن شاء الله ينتفع ـ وهو يتمتع بقوة الشباب ـ بمحتواه، جمعته من كتاب الله والسنّة المطهرة وما أُثر عن الأولياء العظام فيرقى ـ مستفيداً من إرشادات أهل المعرفة ـ المعراج الحقيقي، ويستنقذ قلبه من هذه الظلمة، ويوفق لبلوغ مقصد الإنسانية الأصلي الذي سلكه أنبياء الله العظام وأولياؤه الكرام صلوات الله وسلامه عليهم، وأهل الله ودعوا الآخرين إليه. بني: اسع للعثور على نفسك المعجونة بفطرة الله، واستنقذها من مستنقع الضلالة وأمواج العجب والأنانية، واركب "سفينة نوح" التي هي "ولاية الله" "فإن من ركبها نجا من وتخلف عنها هلك" (2- جزء من حديث شريف مروي عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في مستدرك الصحيحين ج2 ص 343.). بني: إجهد أن يكون سيرك في "الصراط المستقيم". صراط الله وإن كان ذلك بخطى وئيدة بطيئة، واسعَ أن تكون حركات قلبك وسكناته وسائر جوارحك في إطار التسامي والارتباط بالله، واحرص على السعي في خدمة الخلق لأنهم خلق الله، فرغم أن أنبياء الله العظام والخواص من أوليائه تعالى كانوا يمارسون الأعمال كالآخرين، فإنهم لم يتعلقوا بالدنيا قط وذلك لأن شغلهم كان بالحق وللحق، إلا أنه رُوي عن خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم قوله: "إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في كل يوم سبعين مرة" (2- رواية عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في كتاب مستدرك الوسائل، كتاب الصلاة، أبواب الذكر، الباب22 الحديث1.) ولعله كان يرى أن رؤية الحق في الكثرة كُدورة. بني: تهيأ بعدي لمواجهة مختلف مشاعر الجفاء والضغائن التي أكنّتها الصدور مني، فسوف تنعكس عليك، وإذا كان حسابك مع ربك سليما، وتحصّنت بذكر الله؛ فإنك لن تخشى الخلق. فأمر الخلق وحسابهم هينٌ سريع الانقضاء، والأزلي هو الحساب أمام الحق تعالى. بني: قد تُعرضُ عليك بعدي المناصب، فإن كانت نيتك خدمة الجمهورية الإسلامية والإسلام العزيز فلا ترفض، ولكن إذا كانت نيتك ـ لا قدر الله ـ إطاعة هوى النفس وإرضاء الشهوات، فاجتنب القبول إذا لا قيمة للمقامات والمناصب الدنيوية كي تضيع نفسك من أجلها. اللهم مُنَّ على (أحمد) وذريته وأهل بيته ـ وهم عبادك ومن نسل رسولك الأكرم صلواتك عليه وعلى آله ـ بالسعادة في الدنيا والآخرة، إحفظهم من شر الشيطان الرجيم ـ اللّهم خذ بأيدينا نحن الضعفاء العاجزين المتخلّفين عن قافلة السالكين ـ اللهم عاملنا بفضلك، ولا تعاملنا بعدلك. والسلام على عباد الله الصالحين 23 ربيع الأول 1405 هـ روح الله الموسوي الخميني