بیشترلیست موضوعات وصايا عرفانية ـ الإمام الخميني(قدس سره) وصية الإمام إلى السالكين بُنيّ أحمد ـ رزقك الله هدايته ولدي العزيز بلسـم الـروح هــدية غيــبية محضر الحق نار الشوق وقود الحب
إلى السيدة فاطمة الطباطبائي سـبيل المحبـة
إلى السيدة فاطمة توضیحاتافزودن یادداشت جدید
عزيزي إقرأ أدعية الأئمة المعصومين عليهم السلام وانظر كيف أنهم يعتبرون حسناتهم سيئات، وكيف يرون أنهم يستحقون العذاب الإلهي، ولا يفكرون سوى برحمة الحق تعالى. وأهل الدنيا وتلك الفئة من المعمّمين اللاهثين وراء بطونهم، إنما يُؤولون هذه الأدعية، لأنهم لم يعرفوا الله جل وعلا. بني: والأمر في ذلك فوق ما نتصوره، فهم بين يدي عظمة الله، فانون من أنفسهم، لا يرون غيره تعالى، وفي تلك الحال ليس هناك كلام أو ذكر أو فكر، وليس هناك ذات. وهذه الأدعية الكريمة والمناجات إنما صدرت منهم في حال الصحو قبل المحو أو بعد المحو، حيث أنهم حينها كانوا يرون أنفسهم في محضر الحاضر. ونحن والجميع ـ عدا أولياء الله الخلص ـ قاصرون عن ذلك.. إذن فسأبدأ الحديث عن تلك الأمور ـ التي لا تليق بأمثالي وإنما الأمل بفضل الله وإمداد أوليائه عليهم السلام أن يعينك أنت يا ولدي، لعلك تصل إلى تلك الحال ـ وهي "فطرة التوحيد" الأمر الموجود في {..فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا..}(الروم/30). فهو أمرٌ فُطر عليه جميع الناس، بل جميع الموجودات، فما يُبحث عنه ويجرى وراءه الجميع سواء في العلوم والفضائل والفواضل، أو في المعارف وأمثالها، أو في الشهوات والأهواء النفسانية، أو في التوجّه إلى كل شيء وأي شخص من قبيل أصنام المعابد والمحبوبات الدنيوية الأخروية الظاهرة والخيالية المعنوية والشكلية، كحب النساء والبنين والقبيلة والقادة الدنيونيين كالسلاطين والأمراء وقادة الجيوش، أو القادة الأخرويين كالعلماء المفكّرين والعرفاء والأنبياء عليه السلام كل ذلك هو ذات التوجّه إلى الواحد الكامل المطلق. فليس من حركة تقع إلا له تعالى، وفي سبيل الوصول إليه جل وعلا، وليس من قدم تخطو إلا نحو ذلك الكمال المطلق، ونحن وأمثالنا ـ ممن حجبتنا الحجب الظلمانية المتراكمة بعضها فوق بعض ـ إنما نعاني ونتعذب نتيجة هذا الاحتجاب، وأول خطوة تكون مقدمة لرفع الحجب هي أن نعتقد أننا محجوبون، وأن علينا أن نصحو تدريجيا من خَدرَ الطبيعة الذي شمل كامل وجودنا من السر والعلن والباطن والظاهر وهي اليقظة التي عدها بعض أهل السلوك" المنزل الأول" من منازل السالكين، إلا أنها ليست كذلك، فهي حالة عودة الوعي والاستيقاظ، وهي مقدمة للبدء في السير ورفع جميع الحجب الظلمانية، ثم الحجب النورانية والوصول إلى أول منزل التوحيد. والأمر سيان إذا التزمنا إطار العقل، أو الأطر الأخرى بأسرها، فجميعها تفصح عن أن الكمال المطلق هو جميع الكمالات، وإلا فهو ليس بمطلق، ولا إمكان لظهور أي كمال أو جمال في غير الله، لأن الغيرية هي عين الشرك أن لم نقل أنها إلحاد. عزيزي: ينبغي ـ أولاً ـ أن تخطو بقدم العلم رويداً رويدا، فإنّ أي علم هو الحجاب الأكبر، وبالدخول بهذا الحجاب ستتعلم رفع الحجب. تعال إذن ننطلق معا نحو الوجدان، لعل ذلك يفتح الطريق أمامنا. إن أي إنسان، بل أي موجود عاشقٌ للكمال بالفطرة ومتنفرٌ من النقص، فأنت إنما تطلب العلم لأنك تطلب الكمال. وبذا فأنت ترى أن فطرتك لا تقنع أبداً بأي علم تناله، وهي بمجرد أن تدرك وجود مراتب أرقى وأعلى في هذا العلم، فإنها ستبحث عنها وتطالب بها، وسوف تتنفّر مما لديها من العلم الذي نالته لما سترى من محدودية ونقص. فما تعشقه الفطرة هو كمال العلم لا نقصه، ولو إن مقتدرا اهتم بقدرته فهو إنما يسعى إلى كمال القدرة لا إلى نقصها، لذا نرى المقتدرين يسعون دوماً لقدرة أعظم وأعلى، غافلين عن أن القدرة المطلقة إنما هي الموجود المطلق. وأن جميع "دار التحقق" إنما هي مظهر من ذلك الموجود المطلق. وأينما تولِّ وجهك إنما تولَّ وجهك إليه، إلا أنك محجوبٌ ولا تعلم، وإذا أدركت هذا المقدار وفهمته بالوجدان فلا يمكن أن تتوجّه إلى غير الموجود المطلق، وذلك هو الكنز الذي يغني الإنسان عن الحاجة إلى غيره تعالى، ويصبح كلُّ ما يصل إليه من المحبوب المطلق، وكل ما سُلِبَه إنما سَلَبَه إياه المحبوب المطلق. حينها ستستشعر اللذة حينما ترى من يبحثون عن سقطاتك وعيوبك، لأن ذلك كله من المحبوب وليس منهم، وحينها أيضا لن تعلق القلب بأيِّ مقام غير مقام الكمال المطلق. ولدي العزيز: دعني أتحدث إليك الآن بقلمي ولساني العاجزين: