وصایا عرفانیة للإمام (قدس سره) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

وصایا عرفانیة للإمام (قدس سره) - نسخه متنی

السید روح الله الموسوی الخمینی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ولدي العزيز:

هدفت مما ذكرته لك ـ رغم أني لا شيء، بل أقل حتى من اللا شيء ـ أن ألفت نظرك إلى أنك إن لم تبلغ مقاماً ما فلا تنكر المقامات المعنوية والمعارف الإلهية، وكن من أولئك الذين يحبون الصالحين والعارفين، وإن لم تكن منهم. ولا تغار هذه الدنيا وأنت تكنّ العداء لأحباب الله تعالى.

بني: تعرف إلى القرآن ـ كتاب المعرفة العظيم ـ ولو بمجرد قراءته، وشق منه طريقا إلى المحبوب، ولا تتوهمن أن القراءة من غير معرفة لا أثر لها، فهذه وساوس الشيطان، فهذا الكتاب كتابٌ من المحبوب إليك وإلى الجميع، وكتاب المحبوب محبوبٌ، وإن كان العاشق المحب لا يدرك معنى ما كُتب فيه وقد جاء إليك هادفاً خلق هذا الأمر لديك: "حب المحبوب" الذي يمثل غاية المرام، فلعله يأخذ بيدك.

واعلم أننا لو أنفقنا أعمارنا بتمامها في سجدةِ شكر واحدة على أن القرآن كتابنا؛ لما وفينا هذه النعمة حقها من الشكر.

بني: إن الأدعية والمناجاة التي وصلتنا عن الأئمة المعصومين عليهم السلام هي أعظم أدلة إلى معرفة الله جلَّ وعلا، وأسمى مفاتيح العبودية، وأرفع رابطة بين الحق والخلق. كما أنها تشتمل في طيّاتها على المعارف الإلهية، وتمثل أيضا وسيلة ابتكرها أهل بيت الوحي للأنس بالله جلت عظمته، فضلا عن أنها تمثل نموذجا لحال أصحاب القلوب وأرباب السلوك. فلا تصدنك وساوس الجاهلين عن التمسك أو الأنس بها.

إننا لو أمضينا أعمارنا بتمامها نقدم الشكر على أنّ هؤلاء ـ الأحرار والواصلين إلى الحق ـ هم أئمتنا ومرشدونا؛ لما وفينا.

من الأمور التي أودّ أن أوصيك بها ـ وأنا على عتبة الموت، أصعد الأنفاس الأخيرة ـ: أن تحرص ـ ما دمت متمتعا بنعمة الشباب ـ على دقة اختيار من تعاشر وتصاحب، فليكن انتخابك للأصحاب من بين أولئك الصالحين والمتدينين والمهتمين بالأمور المعنوية، ممن لا تغرهم زخارف الدنيا ولا يتعلقون بها، ولا يسعون في جمع المال وتحقيق الآمال أكثر مما هو متعارف، أو أكثر من حد الكفاية، وممن لا تلوث الذنوب مجالسهم ومحافلهم، ومن ذوي الأخلاق الكريمة، فإن تأثير المعاشرة على الطرفين من إصلاح وإفساد أمر لاشك في وقوعه. واسعَ أن تتجنب المجالس التي توقع الإنسان في الغفلة عن ذكر الله، فإن ارتياد مثل هذه المجالس قد يؤدي الى سلب الإنسان التوفيق، الأمر الذي يعدُّ ـ بحد ذاته ـ خسارة لا يمكن جبرانها.

إعلم أن في الإنسان ـ إن لم أقل في كل موجود ـ حباً فطريا للكمال المطلق وحباً للوصول إلى الكمال المطلق. وهذا الحب يستحيل أن ينفصل عنه كما أن الكمال المطلق محال أن يتكرر أو أن يكون اثنين، فالكمال المطلق هو الحق جل وعلا، والجميع يبحثون عنه، وإليه تهفو قلوبهم وإن كانوا لا يعلمون. فهم محجوبون بحجب الظلمة والنور، ولهذا فهم يتوهمون أنهم يطلبون شيئا آخر وهم لا يقنعون بتحقيق أية مرتبة من الكمال، ولا بالحصول على أي جمال أو قدرة أو مكانة. فهم يشعرون أنهم لا يجدون في كل ذلك ضالتهم المنشودة. فالمقتدرون وأصحاب القوى العظمى، هم في سعي دائم للحصول على القدرة الأعلى مهما بلغوا من القدرة. وطلاب العلم يطلبون الدرجة الأعلى من العلم مهما بلغوا منه ولا يجدون ضالتهم التي غفلوا عنها في ذلك.

ولو أعطي الساعون الى القدرة والسلطة، التصرف في كل العالم المادي من الأرضين والمنظومات الشمسية والمجرات، وكل ما فوقها، ثم قيل لهم: إن هناك قدرةً فوق هذه القدرة التي تملكونها، وهناك عالم أو عوالم أخرى أبعد من هذا العالم، فهل تريدون الوصول إليها؟ فإنهم من المحال أن لا يتمنوا ذلك، بل إنهم سيقولون بلسان الفطرة: "ليتنا بلغنا ذلك أيضا!." وهكذا طالب العلم، فهو إن ظن أن هناك مرتبة أخرى ـ غير ما بلغه ـ فإن فطرته الباحثة عن المطلق ستقول: يا ليت لي القدرة للوصول إليه أو يا ليت لي سعةً من العلم تشمل تلك المرتبة أيضا!

إن ما يُطمئن الجميع ويخمد نيران النفس المتمردة ويحدُّ من إلحاحها واستزادتها في الطلب، إنما هو الوصول إليه تعالى، والذكر الحقيقي له جلَّ وعلا؛ إذا كان مظهراً له، فإن الاستغراق فيه يبعث الطمأنينة والهدوء، وكأنّ قوله تعالى {..أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}(الرعد/28). هو نوع من الإعلان أن: إنتبه انتبه! عليك أن تلجأ إلى ذكره حتى تحصل على الطمأنينة لقلبك الحيران الذي يواصل القفز من مكان إلى مكان والطيران من غصن إلى غصن.

/ 35