وصایا عرفانیة للإمام (قدس سره) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

وصایا عرفانیة للإمام (قدس سره) - نسخه متنی

السید روح الله الموسوی الخمینی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

فاستمع يا ولدي العزيز ـ الذي أسأل الله أن يجعل قلبك مطمئنا بذكره ـ لنصيحة أبٍ قلق محتار، ولا تتعب نفسك بالانتقال بطرق باب هذا الباب أو ذاك الباب، للوصول إلى المنصب أو الشهرة التي تشتهيها النفس، فأنت مهما بلغت من مقام. فإنك سوف تتألم وتشتد حسرتك وعذاب روحك لعدم بلوغك ما فوق ذلك، وإن سألتني: لِمَ لَمْ تعمل أنت بهذه النصيحة؟ أجبتك بالقول: أنظر إلى ما قال، لا إلى من قال(13- غرر الحكم ودرر الكلم لأمير المؤمنين عليه السلام الفصل 304545 الحديث 11 "أنظر إلى ما قال، ولا تنظر إلى من قال".) فما قلته لك صحيح، حتى وإن صدر عن مجنونٍ أو مفتون.

يقول تعالى في محكم كتابه العزيز {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}(الحديد/22). ثم يتبع ذلك بقوله {لِكَيْلاَ تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}(الحديد/23). فالإنسان في هذا العالم عرضة للتحولات، أحياناً تنزل به المصائب، كما أنه قد يلاقي إقبالاً من الدنيا، فيبلغ فيها المقام والجاه ويحصل على المال ويحقّق أمانيه وينال القدرة والنعمة، وكلا الحالين ليس بثابت، فلا ينبغي أن تحزنك المصائب والنقائص فتفقدك صبرك، لأنها قد تكون أحيانا في نفعك وصلاحك {.. وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ..}(البقرة/216). كما لا ينبغي أن تدفعك الدنيا بإقبالها عليك وتحقيقها ما يشبع شهواتك إلى أن تتكبر وتفتخر على عباد الله، فما أكثر ما تعده أنت خيراً، وهو شرٌ لك.

بني: إن ما هو مذموم، وأساس ومنشأ جميع ألوان الشقاء والعذاب والمهالك، ورأس جميع الخطايا والذنوب إنما هو "حب الدنيا: الناشئ من "حب النفس" إن عالم المُلك ليس مذموما في حدِّ ذاته، فهو مظهر الحق ومقام ربوبيته تعالى، ومهبط ملائكته، ومسجد، وكان تربية الأنبياء والأولياء عليهم السلام ومعبد الصلحاء، وموطن تجلي الحق على قلوب عشاق المحبوب الحقيقي، فإن كان حب "عالم الملك" ناشئاً عن حب الله ـ باعتباره مظهرا له جلَّ وعلا ـ فهو أمر مطلوب ويستوجب الكمال. أما إذا كان منشؤه حب النفس، فهو رأس الخطايا جميعا. فالدنيا المذمومة هي في داخلك أنت، والتعلق بغير صاحب القلب، هو الموجب للسقوط. وجميع المخالفات لأوامر الله وجميع المعاصي والجرائم والجنايات التي يُبتلى بها الإنسان، كلها من "حب النفس" الذي يولِّد "حب الدنيا" وزخارفها، وحب المقام والجاه والمال ومختلف الأماني. وفي الوقت نفسه فإن أي قلب لا يمكنه ـ فطريا ـ أن يتعلق بغير صاحب القلب الحقيقي لكن هذه الحجب الظلمانية والنورانية هي التي تجعلنا نميل خطأً واشتباهاً نحو غير صاحب القلب، وهي ظلمات فوقها ظلمات.

نحن وأمثالنا لم نصل إلى الحجب النورانية بعد، ومازلنا أسرى الحجب الظلمانية! فمن قال: "هب لي كمال الانقطاع إليك، وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك، حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور، فتصل إلى معدن العظمة"(16- مقطع من المناجاة الشعبانية.) فقد اخترق الحجب الظلمانية وتعدَّاها.

أما الشيطان الذي خالف أمر الله ولم يسجد لآدم، فقد رأى نفسه عظيماً، لأنه كان في الحجب الظلمانية و{.. قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ ..}(الأعراف/12). جعلته يُطرد ويُبعد عن ساحة الربوبية! نحن أيضاً، مادمنا في حجاب النفس والأنانية، فنحن شيطانيّون مطرودون من محضر الرحمن، وما أصعب تحطيم هذا الصنم الذي يعدُّ "أم الأصنام". فنحن ما دمنا خاضعين لله (جل وعلا) ولا مطيعين لأوامره، وما لم يُحطَّم هذا الصنم؛ فإن الحجب الظلمانية لن تتمزق ولن تُزال. علينا أن نعرف ما هو الحجاب أولاً، فنحن إذا لم نعرفه، لن نستطيع المبادرة إلى إزالته، أو تضعيف أثره ـ أو في الأقل ـ الحد من تزايد رسوخه وقوته بمرور الوقت.

روي أن بعض أصحاب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كانوا معه فسمعوا صوتاً مهيباً، فسألوا: ما هذا الصوت؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم "إنه صوت حجر كان قد ألقي إلى جهنم قبل سبعين سنة، وقد بلغ قعرها الآن"(18- علم اليقين ج2 المقصد الرابع، الباب13 الفصل الرابع). بعدها علموا أن كافراً كان قد مات حينها عن سبعين سنة من العمر. وإذا صح الحديث فإن من سمعوا الصوت لا بد أنهم كانوا من أهل الحال، أو قد يكون الأمر قد تمَّ بقدرة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم قاصداً إسماع الغافلين وتنبيه الجاهلين. أما إذا لم يصح الحديث ـ ولا أذكره بالنص ـ فإن الأمر في حقيقته كذلك، فنحن نقضي عمراً باتجاه جهنم. فنحن نمضي العمر بتمامه نؤدي الصلاة ـ التي تعد أكبر ذكر لله المتعال ـ ونحن معرضون عن الحق تعالى، وعن بيته العتيق، متوجهين إلى الذات والى بيت النفس. وكم هو مؤلم أن الصلاة التي ينبغي أن تكون معراجاً لنا، وترفعنا إليه وإلى جنة لقائه تعالى تكون سيراً نحو أنفسنا وباتجاه منفى جهنم.

بني: لم أقصد من هذه الإشارات إيجاد السبيل لأمثالي وأمثالك لمعرفة الله وعبادته حق العبادة مع أنه قد نقل عن أعرف الموجودات بالحق تعالى، وأعرفها بحق العبادة له جل وعلا، قوله "ما عرفناك حق معرفتك، وما عبدناك حق عبادتك (19- مرآة العقول، كتاب الإيمان والكفر، باب الشكر، رواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.) وإنما لأجل أن نفهم عجزنا، وندرك ضالتنا، ونهيل التراب على أنانيتنا وإنيتنا، لعلّنا بذلك نكبح جماح هذا الغول، ولعلنا نلجمه بعد ذلك ونروّضه، فنتحرر بعدها من خطر عظيم يكوي ـ مجرد تذكره ـ الروح ويحرقها.

وعليك أن تنتبه! فهناك خطر قد يعترض الإنسان في اللحظات الأخيرة من عمره، وهو يهمّ بمغادرة هذا العالم، والإنتقال إلى مستقره الأبدي. فإن ذلك قد يجعل المبتلي بحب النفس وما يولّده من حب الدنيا. ـ بأبعادهما المختلفة ـ يرى وهو في حال الإحتضار، وحيث تنكشف للإنسان بعض الأمور فيراها عياناً، أن "مأمور الله" جلّ وعلا يريد فصله عن محبوبه ومعشوقه! فيرحل عن هذه الدنيا وهو غاضب على الله جل وعلا متنفرٌ منه! وهذه عاقبة وثمرة حب النفس والدنيا، وقد أشارت إلى ذلك الروايات المختلفة.

/ 35