النهي نظيرا له في اللفظ ِ وإن كان أحدهما جزما والآخر وقفاِ على ما بيناِ فلهذا وجب أن تعمل الجزم
فإن قيل إذا كان الأصل في لم أن تدخل على الماضي فلم نقل إلى لفظ المضارع قيل لأن لم يجب أن تكون
عاملةِ فلو لزم ما بعدها الماضي لما تبين عملهاِ فنقل الماضي إلى المضارع ليتبين عملها فإن قيل فهلا
جوزتم دخولها على الماضي والمستقبل كما جاز في حرف الشرط والجزاء قيل الفرق بينهما ظاهرِ وذلك لأن
الأصل في حرف الشرط والجزاء أن يدخل على الفعل المستقبل 3 والمستقبل أثقل من الماضيِ فعدل عن الأثقل
إلى الأخف فأما لم فالأصل فيها أن تدخل على الماضي ِ وقد وجب سقوط الأصل ِ فلو جوزنا دخولها على
الماضي الذي هو الأصل لما جاز دخولها على المضارع الذي هو الفرع ِ لأنه إذا استعمل الأصل الذي هو
الأخف لم يستعمل الفرع الذي هو الأثقل فاعرفه تصب إن شاء الله تعالى
باب الشرط والجزاء
إن قال قائل لم عملت إن الجزم في الفعل المضارع قيل إنما عملت لاختصاصها وعملت الجزم لما بينا منأنها تقتضي جملتين الشرط والجزاء فلطول ما تقتضيه اختير لها الجزم لأنه حذف وتخفيف وأما ما عدا أن
من ا لألفاظ التي يجازى بها ِ نحو من ِ وما ِ وأي ِ ومهما ِ ومتى ِ وأين ِ وأيان 1 وأنىِ وأي حين ِ
وحيثماِ وإذما فإنما عملت لأنها قامت مقام إن فعملت عملهاِ وكلها مبنية لقيامها مقامهاِ ما عدا أيا
وسنذكرمعانيهاِ ولم أقيمت مقام الحرف مستوفى في باب الاستفهام إن شاء الله تعالى فإن قيل فما
العامل في جواب الشرط قيل اختلف النحويون في ذلك فذهب بعض النحويين إلى أن العامل فيه حرف الشرط كما
يعمل في فعل الشرط وذهب بعضهم إلى أن حرف الشرط وفعل الشرط يعملان فيه 5 وذهب آخرون إلى أن حرف الشرط
يعمل في فعل الشرط ِ وفعل الشرط يعمل
في جواب الشرط
وذهب أبو عثمان المازني إلى أنه مبني على الوقف 2
فمن قال أن حرف الشرط يعمل فيهما جميعاِ قال لأن حرف الشرط يقتضي جواب الشرط كما يقتضي فعل الشرط ِ
ولهذا المعنى يسمى حرف الجزاءِ فكما عمل في فعل الشرط فكذلك يجب أن يعمل في جواب الشرط وأما من قال
أنهما جميعا يعملان فيه ِ فلأن فعل الشرط يقتضي الجواب كما أن حرف الشرط يقتضي الجواب ِ فلما
اقتضياه معا عملا فيه معا وأما من قال أن حرف الشرط يعمل في فعل الشرط ِ وفعل الشرط يعمل في الجواب ِ
فقال لأن فعل الشرط يقتضي الجواب ِ وهو أقرب إليه من الحرف ِ فكان عمله فيه أولى من الحرف وأما من قال
أنه مبني على الوقف ِ فقال لأن الفعل المضارع إنما أعرب لوقوعه موقع الأسماءِ والجواب ههنا لم يقع
موقع الأسماءِ فوجب أن يكون مبنيا وذهب الكوفيون إلى أنه مجزوم على الجوارِ لأن جواب الشرط مجاور
لفعل الشرط ِ فكان محمولا عليه في الجزم ِ والحمل على الجوار كثير في
كلامهم ِقال الشاعر من البسيط
( كأنما ضربت قدام أعينها قطنا بمستحصد الأوتار محلوج ) وكان يقتضي أن يقول ا محلوجاِ فخفضه على
الجوار وكقول الآخر من الرجز
( كأن نسج العنكبوت المرمل ) وكقولهم جحر ضب خرب ِ وما أشبه ذلك وهذا ليس بصحيح ِ لأن الحمل على الجوار
قليل يقتصر فيه على السماع ِ ولا يقاس عليه لقلته4 وقد اعترض على هذه المذاهب كلها باعتراضات فأما من
قال إن حرف