نزعه الدینیه بین الالهیین و المادیین نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
العقل يقطع بوجود الخالق ، من خلال البراهين العديدة ، فالفطرة تدين لذلك الخالق ، وتتوجه اليه
بالعبادة ، بمقتضى هذا العنصر في وجوده .وهكذا نستطيع أن نقول أيضاً : إن الإنسان لا يستطيع أن يعيش في هذه الدنيا ، بلا عقيدة تشدّه إلى ذلك
العالم ، وحتى وإن أنكر ذلك ظاهراً في بعض الاحيان إلاّ أنّه قطعاً يعترف بوجودها في أعماق نفسه ،
ولا يمكن أن يتجرّد عنها في يوم من الأيام ، لذا نرى أنّ القرآن الكريم يورد صفة هؤلاء المنكرين
وحالهم من خلال قوله : ( وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَنْ خَلَقَ السَّماوَاتِ وَالاََْرْضَ وَسَخَّرَ
الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللهُ ) (1).فهؤلاء لو تُرِكوا وفطرتهم لقالوا : إنَّ الخالق لا يمكن أن يكون مادة عمياء ، والخلق لا يمكن أن
يكون صدفةً أبداً ، ولكنهم طمسوا هذه الفطرة ، من خلال الظلم والعلوّ ، كما يصور ذلك القرآن بأجمل
تعبير بقوله : ( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً ) (2).وكدليل على أنّ الدين أمر فطري ، أنّ البشرية ما انفكت يوماً عن اعتناق الدين ، أو عاشت بدونه على
مرّ الدهور ، ومنذ أن كان الإنسان يعيش في الكهوف ، إلى أن بلغ درجة التحضّر والتمدّن والرُّقي ،
وإلى أن تقوم الساعة .نعم ، هناك مظاهر متعددة من التدين ، أي إن هناك أديان متعددة ، وذلك ناتج من اختلاف الناس ، وعدم
دقّة تشخيصهم للخالق الحقيقي ، وهذا لا يضرّ بأصل فكرة الدين والتدين ، وإنما يضرّ في توجيه هذه
الفكرة