النسخة، واعتبارهما لما فيها.ثمّ الفاضل التوني (ت 1071 ه) اعتبر ابن الغضائريّ من علماء الجرح والتعديل المعتمدين.وكذلك الوحيد البهبهاني (ت 1206 ه) يقف من ابن الغضائريّ وأقواله موقف التأييد.وأمّا المحقّق الكلباسيّ، فقد أعلن عن التأييد المطلق، وصرّح بكون ابن الغضائريّ من أعلام الرجال،
بل قدّمه على النجاشيّ إمام الفنّ.وأخيراً من المعاصرين فالرجالي بالحقّ، والعلّامة في هذا الفن بشكلٍ مطلق، الشيخ محمّد تقي
التستري (ت 1414 ه) فقد اعتبره من نقّاد الفنّ.
وأمّا المخالفُون
فأكثرهم من الأخباريّة، الّذين أوحشتهم تضعيفات ابن الغضائريّ، كالمجلسيّ قديماً، والمحدّثالنوري أخيراً.وفيهم مَنْ لم يتمحّض في الفنّ، كالميرزا القمّي، لقوله بحجيّة الظنّ، واعتماده على الأُصول بشكل
مفرط.ومن المعاصرين العلّامة المحقّق والفقيه الأُصولي اُستاذنا السيّد أبوالقاسم الخوئي (ت1413ه).وقد جمع آراءهم العلّامة المفهرس الحجّة الثبت الإمام الشيخ آقا بُزرك الطهرانيّ في كتابه العظيم
«الذريعة».وتتلخّص دعاوى الخلاف في النقاط التالية:1 - عدم وصول النسخة بطرق مقبولة.2 - اعتماده على الاجتهاد في الأحكام الرجاليّة، كمراجعة الروايات والكتب.3 - تسرّعه في الجرح بما لا يَجْرح، أو بما يُختلف فيه، كالغلوّ.4 - كثرة تضعيفاته وجرحه، حتّى قيل: «لم يسلم من طعنه أحد» و«السالم من سلم منه» و«جرحُه مدحٌ» ووصف
بأنّه «الطعّان».والجواب: أنّ الناظر في كتابه، والمطّلع على منهجه العلميّ الّذي اتّبعه في الكتاب، وبالمقارنة
بينه وبين مَنْ عاصره من الرجاليّين العظام، يجد أنّ الرجل من أئمّة الفنّ وحذّاق النقّاد في علم
الرجال.وأنّه قد سار على منهج علميّ رصين، متّبعاً في ذلك مناهج القدماء في المعالجة الرجاليّة، ذلك
المنهج الّذي لازال يعتمده أهل الخبرة في الفنّ.
وأما كتابه
فهو من أرصن كتب الرجال في الدقّة والقوّة في الترتيب والتعبير والأداء، والالتزام بمصطلح علماءالفنّ.وبعض هذه الجوانب نوضّحها في عنوان «منهجه».ومن هنا يتبيّن ضعف ما وُجّه إلى المؤلَّف والمؤلِّف من نُقود، وأنّها مبتنية إمّا على عدم مراجعة
الكتاب بدقّة، وإمّا الابتناء على مبانٍ مخالفة لمنهج المؤلَّف.وهناك موقف أخير أساسه التفرقة بين توثيقاته فتُقبل مطلقاً، وبين تضعيفاته فتُردّ.وهذا موقفٌ مهزوز، مردودٌ بالاجماع المركّب، فإنّ أساس القبول والردّ إنّما هو صحّة نسبة الكتاب،
وصحّة منهج الكاتب، ولا يمكن التفريق في ذلك بين التضعيف والتوثيق.