وبعد أن انتهينا إلى أن مسألة بقاء الإنسان حياً طويلاً من السنين أمر ممكن.. لننتقل إلى الإجابة على السؤال المتقدم، عارضين أهم الأدلة الناهضة بإثبات ذلك وهي:
1- الدليل النقلي:
وأعني به النصوص الواردة في الموضوع، وهي على طوائف، أهمها ما يأتي:أ- ما يدور منها حول عدم خلو الأرض من حجة، أمثال: (لا تخلو الأرض من قائم بحجة الله، إما ظاهر مشهور، وإما خائف مغمور، لئلا تبطل حجج الله وبيناته).ب - ما يدور منها حول حصر الإمامة في اثني عشر إماماً كلهم من قريش، أمثال: (إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيه اثنا عشر خليفة كلهم من قريش).
ج - ما يدور منها حول تعيين الإمام المنتظر باسمه وصفاته، أمثال:
(المهدي من ولدي، اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، أشبه الناس بي خَلقاً وخُلقاً، تكون له غيبة وحيرة، تضل فيه الأمم، ثم يقبل كالشهاب الثاقب، فيملأها عدلاً وقسطاً، كما ملئت ظلماً وجوراً).د - ما يدور منها حول عدم قيام الساعة حتى ينهض الإمام المنتظر (عليه السلام)، أمثال: (لا تقوم الساعة حتى تملأ الأرض ظلماً وجوراً وعدواناً، ثم يخرج من أهل بيتي من يملأها قسطاً وعدلاً، كما ملئت ظلماً وعدواناً).هـ - ما يدور منها حول وجود إمام في كل زمان، أمثال: (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية).ومتى حاولنا التوفيق بين الطوائف المشار إليها وأمثالها، ننتهي حتماً إلى أن الإمام المنتظر هو محمد بن الحسن (عليه السلام).وفي عقيدتي: أن التوفيق بينها حيث ينهي إلى النتيجة المذكورة في مجال من الوضوح يغنينا عن تفصيل البيان.وهذه (الأخبار في أن المهدي هو ابن الحسن العسكري، وأنه حي موجود، يظهر في آخر الزمان، متواترة من طرق أصحابنا عن النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام))(1).على أن مسألة حياة الإمام المنتظر (عليه السلام)، بعد إثبات إمكانها، نستطيع أن ندرجها ضمن قائمة المسائل الغيبية في الشريعة الإسلامية، التي لا تقتضينا في مجال الاعتقاد بها أكثر من إثبات إمكانها عن طريق العقل، وإثبات وقوعها عن طريق النقل، كمسألة (المعاد) ونظائرها.ولا أخال أن هذه الوفرة من النقول الواردة عن النبي (صلى الله عليه وآله) بمختلف طرقها وأسانيدها شيعية وسنية غير كافية.. أو أن هناك من لا يراها كافية، وبخاصة حينما يثبت تواترها، كما أشرت إليه.
2_ الدليل التاريخي:
ويتلخص في أن التاريخ يثبت وجود نظائر للإمام المنتظر (عليه السلام) في طول العمر، أمثال: النبي نوح (عليه السلام) الذي عاش ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعو قومه (ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً فأخذهم الطوفان وهم ظالمون)(2)، كما يؤرخ القرآن الكريم لهذه الفترة من حياته(3).
3- الدليل العقائدي:
وخلاصته: إن إرادة الله تعالى وقدرته، التي أعدته ليومه الموعود، هي التي تعطيه البقاء وتمنحه العمر الطويل.
4- الدليل التشريعي:
من أوليات خصائص الدعوة الإسلامية أنها دعوة عالمية.