1- ما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله): (يخرج رجل يوطىء (أو قال: يمكّن) لآل محمد، كما مكّنت قريش لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، وجب على كل مؤمن نصره (أو قال: إجابته)..).2- ما روي عن النبي (صلّى الله عليه وآله) أيضاً: (يخرج ناس من المشرق فيوطئون للمهدي).3- ما روي عنه (صلى الله عليه وآله) أيضاً: (يأتي قوم من قبل المشرق، ومعهم رايات سود، فيسألون الخير فلا يعطونه، فيقاتلون فينصرون، فيعطون ما سألوه، فلا يقبلونه حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي، فيملأها قسطاً، كما ملأوها جوراً، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم، ولو حبوا على الثلج)(3).والروايتان: الأولى والثالثة، صريحتان في ذلك حيث تفيدانه بمنطوقهما.. أما الثانية، فالذي يبدو لي: إننا نستطيع استفادة ذلك منها من مدح النبي (صلى الله عليه وآله) للموطئين للإمام المنتظر (عليه السلام).ويستفاد من الرواية الثالثة أيضاً: إن التوطئة لظهور الإمام المنتظر (عليه السلام) تكون بالعمل السياسي، عن طريق إثارة الوعي السياسي، والقيام بالثورة المسلحة.ولا أظن أن التوطئة لظهور إمام مصلح يؤسس مجتمعاً جديداً، وقيم دولة جديدة، تفيد معنى غير العمل السياسي، إما بإثارة الوعي السياسي وحده، حيث لا يقتدر على الثورة المسلحة،.. وإما مع الثورة حين يكون مجالها.وعلى أساس ما تقدم ننتهي إلى النتيجة التالية وهي:إن الانتظار ليس هو التسليم..وإنما هو واجب أخر يضاف إلى قائمة الواجبات الإسلامية.وهنا.. قد يثار تساؤل وجيه، هو:في ضوء عقيدتنا بأن الإمام المعصوم هو الحاكم الأعلى للدولة الإسلامية، وهو الآن غائب.
وفي ضوء ما انتهينا إليه من نتيجة وهي أن الواجبات لا تزال قائمة زمن الغيبة، ولا نزال مكلفين بها:
فمن هو الحاكم الأعلى، نيابة عن الإمام المعصوم (عليه السلام)؟..وما هو شكل حكومته؟.
ضرورية الحكم الإسلامي زمن الغيبة
وقبل أن أجيب على هذين السؤالين، أود أن أشير إلى مفارقة منهجية في بعض البحوث التي دوّنت حول موضوع الحكم زمن الغيبة،.. وهي محاولة الاستدلال على وجوب قيام حكومة إسلامية زمن الغيبة، وبخاصة عند المحدثين – كما في بحث العلامة الكبير السيد محمد حسين الطباطبائي -.في الوقت الذي يعتبر وجوب قيام حكم إسلامي زمن الغيبة من ضروريات الدين التي لا تحتاج إلى محاولة إثبات أو تحشم استدلال.يقول الفيض الكاشاني: (فوجوب الجهاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتعاون على البر والتقوى، والإفتاء، والحكم بين الناس بالحق، وإقامة الحدود والتعزيرات، وسائر السياسات الدينية، من ضروريات الدين، وهو القطب الأعظم في الدين، والمهم الذي ابتعث الله له النبيين، ولو تركت لعطلت النبوة، واضمحلت الديانة، وعمت الفتنة، وفشت الضلالة، وشاعت الجهالة، وخربت البلاد، وهلك العباد،