ثالثاً : حق الجليس
إنَّ للجلوس آداباً وأحكاماً ، وللجليس حقوقاً وعليه التزامات . ولما كان الاِنسان يتأثر بجليسه سلباً أو ايجاباً ، ويكتسب من أخلاقه ، ويكون وسطاً ناقلاً لآراءه ، إهتم الاِسلام بموضوع الجليس ، فقد روي عن الاِمام علي عليه السلام انه كان يقول : «جليس الخير نعمة ، وجليس الشرّ نقمة» (2).وعلى العموم توصي مدرسة أهل البيت عليهم السلام بمجالسة العلماء ، ومزاحمتهم بالرّكب ، ومجالسة الحلماء لكي يزداد الاِنسان حلماً ، ومجالسة الاَبرار الذين إذا فعلت خيراً حمدوك ، وإنْ أخطأت لم يعنّفوك ، وكذلك مجالسة الحكماء ؛ لما فيها من حياة للعقول ، وشفاء للنّفوس . وأيضاً مجالسة الفقراء ؛ لكي يزداد الاِنسان شكراً . كما نجد نهياً عن مجالسة الاَغنياء الذين أطغاهم الغنى فأصبحوا أمواتاً وهم أحياء ، ونهياً عن مجالسة الجهلاء ، وأهل البدع والاَهواء ، وضرورة الفرار منهم كما يُفر من المجذوم.ومن الطبيعي أن للجليس الصالح حقوقاً ، يغلب عليها الطابع المعنوي، وهي عبارة عن آداب العشرة الحسنة معه ، أدرجها الاِمام السجاد عليه السلام في رسالة الحقوق وهي : «وحقّ جليسك أن تلين له جانبك ، وتنصفه في مجاراة اللفظ ، ولا تقوم من مجلسك إلاّ بإذنه ، ومن تجلس إليه يجوز له القيام عنك بغير اذنك ، وتنس زلاّته ، وتحفظ خيراته ،(1) بحار الانوار 75 : 117 .(2) ميزان الحكمة 2 : 60 .