فوكفت دموع معاوية على لحيته ما يملكها، وجعل ينشفها بكمه، وقد اختنق
القوم بالبكاء، فقال: كذا كان أبو الحسن رحمه الله (1).ودخل أبو جعفر (عليه السلام) على أبيه (عليه السلام) فإذا هو قد بلغ من العبادة ما لم يبلغه أحد، وقد
اصفر لونه من السهر، ورمضت عيناه من البكاء، ودبرت جبهته وانخرم أنفه من
السجود، وورم ساقاه وقدماه من القيام في الصلاة، قال أبو جعفر (عليه السلام): فلم أملك
حين رأيته بتلك الحال البكاء، فبكيت رحمة له، وإذا هو يفكر، فالتفت إلي بعد هنيئة بعد دخولي،
وقال: يا بني أعطني بعض تلك الصحف التي فيها عبادة علي بن أبي طالب، فأعطيته فقرأ منها
شيئا يسيرا، ثم تركها من يده تضجرا، وقال: من يقوى على عبادة علي بن أبي طالب (2)؟!
شجاعته (عليه السلام)
شجاعته (عليه السلام) أظهر من الشمس، هو الذي قتل في بدر ستة وثلاثين من أبطالالمشركين، (3) وأخذ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من يده قبضة من حصباء الوادي ورمى بها
في وجوه المشركين، وقال: شاهت الوجوه، فنزلت {وما رميت إذ رميت ولكن
الله رمى} (4)
(1) حلية الأولياء ج 1 ص 84، ذخائر العقبى ص 100، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 18
ص 225، نظم درر السمطين ص 135، الاستيعاب لابن عبد البر ج 3 ص 1108، تاريخ مدينة دمشق
ج 24 ص 401، ينابيع المودة ج 2 ص 189 ومصادر أخرى للعامة.خصائص الأئمة ص 71، مناقب أمير المؤمنين (عليه السلام) ج 2 ص 52، شرح الأخبار ج 2 ص 391، كنز
الفوائد ص 270، كشف الغمة ج 1 ص 77، العمدة ص 16 بتفاوت يسير ومصادر أخرى للخاصة.(2) مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 194، الإرشاد ج 2 ص 142، مكارم الأخلاق ص 318، الخرائج
والجرائج ج 2 ص 891، كشف الغمة ج 2 ص 297، إعلام الورى بأعلام الهدى ج 1 ص 487.(3) ينابيع المودة ج 1 ص 451، بحار الأنوار ج 41 ص 65، مناقب آل أبى طالب ج 2 ص 82 ومصادر أخرى.(4) سورة الأنفال: 17.