منهاج الصالحين (جزء 1 ) نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
كما بين (عليه السلام) الدليل على لزوم المعجزة لإثبات النبوة بقوله: " يكون معه علم يدل على
صدق مقالته وجواز عدالته "، وبما أن منشأ النبوة حكمة الحكيم على الإطلاق، وثمرتها
الحكمة أيضا {قال قد جئتكم بالحكمة} (1)، {أدع إلى سبيل ربك بالحكمة} (2) فقد
اهتم (عليه السلام) بامتياز حكمة الأنبياء النظرية والعملية عن الحكمة البشرية الناتجة عن
الفكر الإنساني، وأن حكمتهم بما أنها تعبير عنه تعالى، بمقتضى قوله (عليه السلام): (ويعبرون
عنه) وأنها (من عند الحكيم العليم) فهي صافية من كدورة الأوهام، وأن النبي سراج
منير لم يتخذ نور علمه من التعليم والتربية البشرية، بل بارتباطه بنور السماوات
والأرض {يكاد زيتها يضىء ولو لم تمسسه نار} (3).قال (عليه السلام): " حكماء مؤدبين بالحكمة "، ثم بعد فصل قليل قال: " مؤيدين من عند الحكيم العليم
بالحكمة " ليبين (عليه السلام) أن حكمة الأنبياء - حدوثا وبقاء - من عند العليم الذي أحاط بكل
شئ والحكيم الذي أتقن صنع كل شئ، وأنها تمتاز عن الفكر البشري امتياز
ما عند الله تعالى على ما عند الناس.ويظهر من جملة " وكان ذلك الصانع حكيما " ومن وصف الأنبياء بأنهم " حكماء مؤدبين
بالحكمة مبعوثين بها " أن العلة الفاعلية والعلة الغائية للنبوة هي الحكمة، والحد الوسط
بين المبدأ والمنتهى أيضا هي الحكمة {يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض
الملك القدوس العزيز الحكيم *