حتى يعرض في معرض الامتان. و لذلك سمى ضدإدراكه عمى، فقال تعالى فَإِنَّها لاتَعْمَى الْأَبْصارُ وَ لكِنْ تَعْمَىالْقُلُوبُ الَّتِي في الصُّدُورِ
و قال تعالى وَ من كانَ في هذِهِ أَعْمىفَهُوَ في الْآخِرَةِ أَعْمى وَ أَضَلُّسَبِيلًا
فهذا بيان العلم العقلي
أما العلوم الدينية.
فهي المأخوذة بطريق التقليد من الأنبياءصلوات الله عليهم و سلامه.
و ذلك يحصل بالتعلم لكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلّى الله عليه وسلّم، و فهممعانيهما بعد السماع. و به كمال صفة القلب،و سلامته عن الادواء و الأمراض، فالعلومالعقلية غير كافية في سلامة القلب، و إنكان محتاجا إليها. كما أن العقل غير كاف فياستدامة صحة أسباب البدن، بل يحتاج إلىمعرفة خواص الأدوية و العقاقير بطريقالتعلم من الأطباء. إذ مجرد العقل لا يهتدىإليه، و لكن لا يمكن فهمه بعد سماعه إلابالعقل، فلا غنى بالعقل عن السماع، و لاغنى بالسماع عن العقل. فالداعى إلى محضالتقليد مع عزل العقل بالكلية جاهل، والمكتفي بمجرد العقل عن أنوار القرءان والسنة مغرور. فإياك أن تكون من أحدالفريقين، و كن جامعا بين الأصلين، فإنالعلوم العقلية كالأغذية، و العلومالشرعية كالأدوية. و الشخص المريض يستضربالغذاء متى فاته الدواء. فكذلك أمراضالقلوب لا يمكن علاجها إلا بالأدويةالمستفادة من الشريعة، و هي وظائفالعبادات و الأعمال التي ركبها الأنبياءصلوات الله عليهم لإصلاح القلوب. فمن لايداوي قلبه المريض بمعالجات العبادةالشرعية، و اكتفى بالعلوم العقلية، استضربها كما يستضر المريض بالغذاء و ظن من يظنأن العلوم العقلية مناقضة العلومالشرعية، و أن الجمع بينهما غير ممكن، هوظن صادر عن عمى في عين البصيرة، نعوذباللّه منه. بل هذا القائل ربما يناقض عندهبعض العلوم الشرعية لبعض، فيعجز عن الجمعبينهما، فيظن أنه تناقض في الدين، فيتحيربه، فينسل من الدين انسلال الشعرة منالعجين. و انما ذلك لأن عجزه في نفسه خيلإليه نقضا في الدين، و هيهات. و إنما مثالهمثال الأعمى الذي دخل دار قوم، فتعثر فيهابأوانى الدار، فقال لهم ما بال هذهالأواني تركت على الطريق؟ لم لا ترد إلىموضعها؟ فقالوا له تلك الأواني