التي تحصل في الخيال من إشراق عالمالملكوت على باطن سر القلوب، فلا تكون إلامحاكية للصفة و موافقة لها، لأن الصورة فيعالم الملكوت تابعة للصفة و موافقة لها.فلا جرم لا يرى المعنى القبيح إلا بصورةقبيحة. فيرى الشيطان في صورة كلب و ضفدع وخنزير و غيرها، و يرى الملك في صورة جميلة،فتكون تلك الصورة عنوان المعاني، و محاكيةلها بالصدق.
و لذلك يدل القرد و الخنزير في النوم علىإنسان خبيث، و تدل الشاة على إنسان سليمالصدر و هكذا جميع أبواب الرؤيا و التعبير:و هذه أسرار عجيبة، و هي من أسرار عجائبالقلب و لا يليق ذكرها بعلم المعاملة، وإنما المقصود أن تصدق بأن الشيطان ينكشفلأرباب القلوب، و كذلك الملك، تارة بطريقالتمثيل و المحاكاة كما يكون ذلك فيالنوم، و تارة بطريق الحقيقة. و الأكثر هوالتمثيل بصورة محاكية للمعنى، هو مثالالمعنى، لا عين المعنى إلا أنه يشاهدبالعين مشاهدة محققة و ينفرد بمشاهدتهالمكاشف دون من حوله كالنائم
بيان ما يؤاخذ به العبد من وساوس القلوب وهمها و خواطرها و قصودها و ما يعفى عنه و لايؤاخذ به
اعلم أن هذا أمر غامض. و قد وردت فيه آيات وأخبار متعارضة، يلتبس طريق الجمع بينها،إلا على سماسرة العلماء بالشرع. فقد روى عنالنبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال[1]«عفى عن أمّتى ما حدّثت به نفوسها ما لمتتكلّم به أو تعمل به» و قال أبو هريرة قالرسول الله صلّى الله عليه وسلّم[2] «إنّالله تعالى يقول للحفظة إذا همّ عبديبسيّئة فلا تكتبوها فإن عملها فاكتبوهاسيّئة و إذا همّ بحسنة لم يعملها فاكتبوهاحسنة فإن عملها فاكتبوها عشرا» و قد خرجهالبخاري و مسلم في الصحيحين. و هو دليل علىالعفو عن عمل القلب و همه بالسيئة. و في لفظآخر، «من همّ بحسنة فلم يعملها كتبت لهحسنة»
[1] حديث عفى لأمتي عما حدثت به نفوسها:متفق عليه من حديث أبي هريرة ان الله تجاوزلأمتي عما حدثت به أنفسها- الحديث
[2] حديث أبي هريرة يقول الله إذا هم عبديبسيئة فلا تكتبوها عليه- الحديث: قالالمصنف أخرجه م خ في الصحيحين قلت هو كماقال و اللفظ لمسلم فلهذا و الله أعلم قدمهفي الذكر