قال عبد الله بن مسعود رضى الله عنه[1] خطلنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوماخطا و قال «هذا سبيل الله» ثم خط خطوطا عنيمين الخط و عن شماله، ثم قال «هذه سبل علىكلّ سبيل منها شيطان يدعو إليه» ثم تلا وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماًفَاتَّبِعُوهُ وَ لا تَتَّبِعُواالسُّبُلَ
لتلك الخطوط فبين صلّى الله عليه وسلّمكثرة طرقه
و قد ذكرنا مثالا للطريق الغامض منطرقه.
و هو الذي يخدع به العلماء، و العبادالمالكين لشهواتهم، الكافين عن المعاصيالظاهرة. فلنذكر مثالا لطريقه الواضح الذيلا يخفى إلا أن يضطر الآدمي إلى سلوكه. وذلك ما روى عن النبي صلّى الله عليه وسلّمأنه قال[2] «كان راهب في بني إسرائيل فعمدالشّيطان إلى جارية فخنقها و ألقى في قلوبأهلها أنّ دواءها عند الرّاهب فأتوا بهاإليه فأبى أن يقبلها فلم يزالوا به حتّىقبلها فلمّا كانت عنده ليعالجها أتاهالشّيطان فزيّن له مقاربتها و لم يزل بهحتّى واقعها فحملت منه فوسوس إليه و قالالآن تفتضح يأتيك أهلها فاقتلها فإن سألوكفقل ماتت فقتلها و دفنها فأتى الشّيطانأهلها فوسوس إليهم و ألقى في قلوبهم أنّهأحبلها ثمّ قتلها و دفنها فأتاه أهلهافسألوه عنها فقال ماتت فأخذوه ليقتلوه بهافأتاه الشّيطان فقال أنا الّذي خنقتها وأنا الّذي ألقيت في قلوب أهلها فأطعنى تنجو أخلّصك منهم قال بما ذا قال اسجد ليسجدتين فسجد له سجدتين فقال له الشّيطانإنّى بريء منك فهو الّذي قال الله تعالىفيه» كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَلِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَقالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ
فانظر الآن إلى حيله و اضطراره الراهب إلىهذه الكبائر. و كل ذلك لطاعته له في قبولالجارية للمعالجة، و هو أمر هين، و ربمايظن صاحبه أنه خير و حسنة، فيحسن ذلك فيقلبه بخفي الهوى، فيقدم عليه كالراغب فيالخير، فيخرج الأمر بعد ذلك عن اختياره،
[1] حديث ابن مسعود خط لنا رسول الله صلّىالله عليه وسلّم خطا فقال هذا سبيل الله-الحديث: ن في الكبرى و ك و قال صحيح الاسناد
[2] حديث كان راهب في بني إسرائيل فأخذالشيطان جارية فخنقها و ألقى في قلوبأهلها ان دواءها عند الراهب- الحديث: بطولهفي تأويل قوله تعالى كمثل الشيطان إذ قالللانسان اكفر. ابن أبي الدنيا في مكايدالشيطان و ابن مردويه في تفسيره في حديثعبيد بن أبي رفاعة مرسلا و للحاكم نحوهموقوفا على علي بن أبي طالب و قال صحيحالأسناد و وصله بطين في مسنده من حديثعلي