التقيّة في الفقه الظاهري
التقية في الفقه الطبريشهد القرن الرابع الهجري تطوّراً عظيماً في الفقه الإسلامي، حيث نشأت في ذلك العصر مذاهب فقهيّة كثيرة، وما لبث بعضها ان أصبح في خبر كان لانقراض أتباعه بعد حين.ومن هذه المذاهب هو المذهب الطبري - نسبة إلى أبي جعفر محمّد بن جرير الطبري (ت / 310ه) - الذي لم يبق من مؤلّفات هذا المذهب سوى كتب الطبري، وأهمّها تفسيره.وقد مرّ في الفصل الأوّل ما يثبت انّ الطبري من القائلين بجواز التقيّة عند الإكراه، ولا داعي لإعادة ما ذُكر من أقواله هناك، أو ما نقله هو عن كبار الصحابة والتابعين في مشروعيّة التقية في الإسلام.التقية في فقه الخوارج الإباضية
التقيّة في الفقه الظاهريومن عداد المذاهب الفقهية المنقرضة هو المذهب الظاهري نسبة إلى أبي سليمان داود بن علي بن داود الأصفهاني (ت / 270ه).وهو أوّل من استعمل قول الظاهر، وأخذ بالكتاب والسُنّة، وألغى ما سوى ذلك من الرأي والقياس، وقد نشر فقهه من بعده ولده محمّد بن داود (ت / 297ه) الذي ترك بعض المصنّفات في فقه أبيه منها : كتاب الانذار، وكتاب الأعذار، ثمّ جاء بعده ابن المغلّس أبو الحسن عبد اللّه بن أحمد بن محمّد (ت / 324ه) الذي انتهت إليه رئاسة المذهب الظاهري في عصره، وقد ترك عدّة كتب على طريقة أهل الظاهر(1).وقد قدّر لهذا المذهب أن يمتد به العمر زمناً حتّى كان من أبرز أنصاره فيما بعد ابن حزم الظاهري (ت / 456ه) الذي يعدّ كتابه «المحلّى» من أهم ما وصل إلينا من كتب هذا المذهب الفقهيّة، ولهذا سنعتمد ما في هذا الكتاب لبيان حقيقة التقية وواقعها في فقه المذهب الظاهري، فنقول :(1) فهرست ابن النديم : 305 - 306.