مبسوط جلد 9

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مبسوط - جلد 9

شمس الدین السرخسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


(84)

ربا أو شارب خمر أو انه استؤجر على هذه الشهادة و جاء على ذلك ببينة لم تقبل بينته الاعلى قول ابن أبى ليلي رحمه الله تعالى فانه يقول هذا جرح في الشاهد فيمكن إثباته بالبينة كما لو ادعي أنه عبد أو محدود في قذف و الدليل عليه ان المشهود له لو أقر بهذا أو الشاهد أقربه امتنع القضاء بشهادته فكذلك إذا أثبته الخصم بالبينة لان الثابت بالبينة كالثابت بإقرار الخصم و لكنا نقول المشهود عليه بهذه البينة ليس يثبت شيئا انما ينفي شهادته و الشهادة علي النفي لا تقبل كما لو قامت البينة على رجل بالغصب أو بالقتل في مكان في يوم فأقام البينة على انه لم يحضر ذلك المكان في ذلك اليوم لم تقبل هذه البينة و في الكتاب أشار إلى التهاتر فقال لو قبلت هذا لم تجز شهادة أحد فان المشهود عليه بذلك يأتى بالبينة على الذين شهدوا عليه انهم كذلك فهذا لا ينقطع بخلاف ما لو أقام البينة على انه عبد أو محدود في قذف فان ذلك إثبات وصف لازم فيه لان كونه محدودا لازم مبطل لشهادته على التأبيد و قبول تلك البينة لا يؤدى إلى التهاتر لان القاضي يسألهم من حده و ما لم يثبتوا أن قاضى بلدة كذا حده لم تقبل شهادتهم و مثل هذا لا يجده كل خصم و هذا مما يمكن إثباته بالبينة أيضا أن تكون الشهادة في مال فيجئ بالبينة أن الشاهد شريك فيه قد ادعى شركته أو يقول أخذ مني كذا من المال رشوة لكيلا يشهد على الباطل فانه تقبل بينته على ذلك لانه يدعى استرداد ذلك المال فتقبل بينته لذلك ثم يظهر به فسق الشاهد ( قال ) فان أقام البينة أن الشاهد محدود في قذف حده فلان قاضى بلد كذا و قال المشهود عليه أنا آتيك بالبينة على اقرار ذلك القاضي أنه لم يحدنى أو على موته قبل ذلك الوقت الذي شهد هؤلاء انه حدنى فيه لا يقبل ذلك منه لانه لا يثبت بهذا شيئا انما ينفي شهادة الذين شهدوا عليه و كذلك ان قال أنا آتى بالبينة أنى كنت غائبا ذلك اليوم في أرض كذا لم يقبل ذلك منه الا أن يجئ من ذلك بأمر مشهور فيقبل ذلك في الحدود و القصاص و الاموال و غير ذلك لان الشهرة في النفي حجة كما في الاثبات و إذا كان ذلك أمرا مشهورا فالقاضي عالم بكذب الشهود و إذا لم يجز له القضاء بشهادتهم عند تمكن تهمة الكذب فعند العلم بكذبهم أولى ( قال ) أربعة شهدوا على رجل بالزنا فأراد الامام أن يحده فافترى رجل من الشهود على بعضهم فخاف المقذوف ان طلب بحقه في القذف أن تبطل شهادتهم فلم يطالب قال تجوز شهادتهم على الزنا و يحد المشهود عليه و ليست هذه شبهة لان القذف خبر فنفسه لا يكون جريمة و ربما يكون حسنة إذا علم إصراره و له أربعة من الشهود

(85)

و انما الجريمة في هتك ستر العفة و إشاعة الفاحشة من فائدة فلا يظهر ذلك الا بعجزه عن اقامة أربعة من الشهداء و انما يتم ذلك بإقامة الحد عليه فلهذا لا يكون مجرد القذف عندنا شبهة مانعة من القضاء بشهادته ( قال ) و إذا حكم الحاكم بالرجم عليه ثم عزل قبل أن يرجمه و ولى آخر لم يحكم عليه بذلك لان الاستيفاء في الحدود من تتمة القضاء فهو كنفس القضاء في سائر الحقوق و اذا عزل القاضي بعد سماع البينة قبل القضاء في سائر الحقوق فليس الذي ولي بعده أن يفضى بتلك البينة قال و انما هذا مثل قاض قضى على رجل بالرجم ثم انه أتى به قاض آخر فقامت عليه البينة عند ذلك القاضي أن فلانا قضى عليه بالرجم فان القاضي لا ينفذ ذلك و كذلك كتاب القاضي إلى القاضي في الحدود لا يكون حجة للعمل به فكذلك هنا ( قال ) و ان شهد الشهود على رجل فقالوا نشهد أنه وطي هذه المرأة و لم يقولوا زني بها فشهادتهم باطلة لان سبب الحد الزنا و لا يثبت بهذا اللفظ فالوطي قد يكون حراما و قد يكون حلالا بشبهة و غير شبهة و الزنا نوع مخصوص من الوطء و باللفظ العام لا يثبت ما هو خاص و كذلك لو شهدوا أنه جامعها أو باضعها و لاحد على الشهود لتكامل عددهم و لانهم ما صرحوا بنسبته إلى الزنا ( قال ) و إذا زني الذمي فقال عندي هذا حلال لم يدرأ عنه الحد لانا علمنا بكذبه فالزنا حرام في الاديان كلها و لأَنا ما أعطيناه الذمة على استحلال الزنا بخلاف شرب الخمر فذلك معروف من أصل اعتقادهم فأما استحلال الزنا فسق منهم فيما يعتقدون كاستحلال الربا و قد بينا أنهم يمنعون من الربا و لا يعتبر استحلالهم لذلك فكذلك الزنا ( قال ) و إذا شهد أربعة من أهل الذمة على ذمى أنه زنى بهذه المسلمة فشادتهم باطلة لانه لا شهادة للذمي على المسلمة فكانوا قاذفين لها فيحدون حد القذف و تبطل شهادتهم على الرجل إما لاقامة حد القذف عليهم أو لان الزنا لا يتصور بدون المحل و لم يثبت بشهادتهم كون المسلمة محلا لذلك ( قال ) رجل تزوج إمرأة ممن لا يحل له نكاحها فدخل بها لاحد عليه سواء كان عالما بذلك عالم في قول أبى حنيفة رحمه الله تعالى و لكنه يوجع عقوبة إذا كان عالما بذلك و عند أبى يوسف و محمد رحمهما الله تعالى إذا كان عالما بذلك فعليه الحد في ذوات المحارم و كل إمرأة إذا كانت ذات زوج أو محرمة عليه على التأبيد ( و حجتهما ) في ذلك أن فعله هذا زنا قال الله تعالى و لا تنكحوا ما نكح آباؤكم و كما في قوله تعالى انه كان فاحشة و الفاحشة اسم الزنا و في حديث البراء بن عازب مربى خالى أبو بردة بن نيار و معه

(86)

لواء فقال بعثني رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى رجل نكح منكوحة أبيه و أمرني أن أقتله و الدليل عليه أن العقد لا يتصور انعقاده بدون المحل و محل النكاح هو الحل لانه مشروع لملك الحل فالمحرمية على التأبيد لا تكون محلا للحل و إذا لم ينعقد العقد لا تحل له لانه لم يصادف محله فكان لغوا كما يلغوا إضافة النكاح إلى الذكور و البيع إلى الميتة و الدم و الدليل عليه أن العقد المنعقد لو ارتفع بالطلاق قبل الدخول لم يبق شبهة مسقطة للحد فالذي لم ينعقد أصلا أولى وجه قول أبى حنيفة رحمه الله تعالى قوله صلى الله عليه و سلم ايما إمرأة نكحت بغير اذن وليها فنكاحها باطل فان دخل بها فلما المهر بما استحل من فرجها فمع الحكم ببطلان النكاح أسقط الحد به فهو دليل على أن صورة العقد مسقطة للحد و ان كان باطلا شرعا و اختلف عمر و على رضى الله عنهما في المعتدة إذا تزوجت بزوج آخر و دخل بها الزوج فقال على رضى الله عنه المهر لها و قال عمر رضى الله عنه بيت المال و هذا اتفاق منهما على سقوط الحد و لان هذا الفعل ليس بزنا لغة لما بينا ان أهل اللغة لا يفصلون بين الزنا و غيره الا بالعقد و هم لا يعرفون الحل و الحرمة شرعا فعرفنا ان الوطء المترتب على عقد لا يكون زنا لغة فكذلك شرعا لان هذا الفعل كان حلالا في شريعة من قبلنا و الزنا ما كان حلالا قط و كذلك أهل الذمة يقرون على هذا و لا يقرون علي الزنا بل يحدون عليه و كذلك لا ينسب أولادهم إلى أولاد الزنا فعرفنا ان هذا الفعل ليس بزنا وحد الزنا لا يجب بغير الزنا لانه لو وجب انما يجب بالقياس و لا مدخل للقياس في الحد ثم هذا العقد مضاف إلى محله في الجملة لان المرأة بصفة الانوثة محل للنكاح و لكن امتنع ثبوت حكمه في حقه لما بين الحل و الحرمة من المنافاة فيصير ذلك شبهة في إسقاط الحد كما لو اشترى جارية بخمر فان الخمر ليس بمال عندنا و لكن لما كانت ما لا في حق أهل الذمة جعل ذلك معتبرا في حق انعقاد العقد به فهذه هى التي محل في حق غيره من المسلمين لان يعتبر ذلك في ايراث الشبهة في حقه أولى و الدليل عليه ملك اليمين فان من وطي أمته التي هى أخته من الرضاع لا يلزمه الحد و النكاح في كونه مشروعا للحل أقوى من ملك اليمين ثم ملك اليمين في محل لا يوجب الحل بحال يصير شبهة في إسقاط الحد فعقد النكاح أولى و شبهة العقد انما تعتبر بعد العقد لابعد الرفع و الطلاق رافع للعقد و قد بينا ان اسم الفاحشة لا تختص بالزنا بل هو اسم لجميع ما هو حرام قال تعالى و لا تقربوا الفواحش ما ظهر و ما بطن و تأويل حديث أبى بردة

(87)

ابن نيار رحمه الله تعالى أن الرجل استحل ذلك الفعل فكان مرتدا ألا ترى أنه قال و أمرني ان أ خمس ماله ( قال ) رجل تزوج إمرأة فزفت اليه أخرى فوطئها لاحد عليه لانه وطء بشبهة و فيه قضى على رضى الله عنه بسقوط الحد و وجوب المهر و العدة و لاحد على قاذفة أيضا لانه وطي وطءا حراما غير مملوك له و ذلك مسقط إحصانه إلا في رواية عن أبى يوسف رحمه الله تعالى فانه يقول بني الحكم على الظاهر فقد كان هذا الوطء حلالا له في الظاهر فلا يسقط إحصانه به و لكنا نقول لما تبين الامر بخلاف الظاهر فانما يبقي اعتبار الظاهر في إيراث الشبهة و بالشبهة يسقط الحد و لكن لا يقام الحد ( قال ) و لو فجر بإمرأة فقال حسبتها إمرأتي فعليه الحد لان الحسبان و الظن ليس بدليل شرعي له أن يعتمده في الاقدام على الوطء بخلاف الزفاف و خبر المخبر أنها إمرأته فانه دليل يجوز اعتماده في الاقدام على الوطء فيكون مورثا شبهة ( قال ) رجل زنى بأمة ثم قال اشتريتها شراءا فاسدا أو على أن للبائع خيارا فيه أو ادعى صدقة أوهبة و كذبه صاحبها و لم يكن له بينة درئ الحد عنه لان ما ادعاه لو كان ثابتا لكان مسقطا للحد عنه فكذلك إذا ادعى ذلك كما لو ادعى نكاحا أو شراء صحيحا و هذا لانه لو أقام علي ذلك شاهدا أو استحلف مولى الامة فأبى أن يحلف يدرأ الحد عنه لان انعقاد السبب مورث شبهة و ان امتنع ثبوت الحكم لمانع فكذلك إذا قال لا بينة لي لانه متي آل الامر إلى الخصومة و الاستحلاف سقط حد الزنا و كذلك لو شهد عليه الشهود بالزنا و شهدوا أنه أقر بذلك فقال لست أملك الجارية ثم ادعى عند القاضي هبة أو بيعا درئ عنه الحد لما قلنا ( قال ) و من وطي جارية له شقص فيها لاحد عليه و ان كان يعلم حرمتها عليه لان ملكه فيها كان مبيحا للوطء فوجود جزء منها يكون مسقطا للحد ألا ترى أنه لو جاءت بولد فادعي نسبه ثبت النسب منه و صارت هى أم ولد له فكيف يلزمه الحد بمثل هذا الفعل و لكن عليه حصة شريكه من العقر إذا لم تلد ( قال ) و من أعتق أمة بينه و بين آخر و هو معسر فقضى عليها بالسعاية لشريكه فوطئها الشريك فلا حد عليه لانها بمنزلة المكاتبة و ان كان المعتق موسرا فوقع عليها الآخر قبل أن يضمن شريكه فلا حد عليه لانه يملك نصفها و لو ضمن شريكه ثم وطئها المعتق فلا حد عليه لانه يستسعيها فيما ضمن فتكون كالمكاتبة له و ان وطئها الشريك يعد ما ضمن شريكه فعليه الحد لانها مكاتبة غيره و زعم بعض المتأخرين أن هذا قول أبى حنيفة رحمه الله تعالى و أما عندهما

(88)

يجب الحد على من وطئها المعتق و الساكت فيه سواء بناء على أصلهما أن العتق لا يتجزى و لكن الاصح أن هذا قولهم جميعا لان الاخبار متعارضة في تجزي العتق و بين الصحابة فيه اختلاف ظاهر فيصير ذلك شبهة في إسقاط الحد و لكن يسقط به إحصان الواطي حتى لا يحد قاذفه لانه وطي وطء مملوك فان ثبوت ملك الواطي باعتبار كمال ملك الرقبة و ذلك موجود ( قال ) رجل طلق إمرأته ثلاثا أو خالعها ثم وقع عليها في عدتها فان ظننت أنها تحل ؟ لي فلا حد عليه و ان قال علمت أنها على حرام فعليه الحد و في الاصل أو طلقها واحدة بائنة و المراد الخلع فاما ما يكون بلفظ البينونة قد ذكر بعد هذا انه لاحد عليه على كل حال و المعنى أن بعد الخلع والطلقات الثلاث هى معتدة و بسبب العدة له عليها ملك اليد و قد بينا أن ملك اليد معتبر في الاشتباه فان اشتبه عليه سقط الحد و الا فلا ( فان قيل ) بين الناس اختلاف ان من طلق إمرأته ثلاثا جملة هل يقع الثلاث أم لا فينبغي أن يصير شبهة في إسقاط الحد ( قلنا ) هذا خلاف غير معتد به حتى لا يسع القاضي ان يقضى به و لو قضى لا ينفذ قضاؤه أ رأيت لو وطئها بعد انقضاء العدة أ كنا نسقط الحد بقول من يقول اذا طلقها ثلاثا جملة لا يقع شيء و كذلك لو أعتق أم ولده ثم وطئها في العدة لانها معتدته عن فراش صحيح بعد زوال الملك كالمطلقة ثلاثا و المختلعة و لاحد على قاذفه في الوجهين لارتكابه وطءا حراما مملوك ( قال ) و إذا حرمت المرأة على زوجها بردتها أو مطاوعتها لابنه أو جماعه مع أمها ثم جامعها و هو يعلم انها عليه حرام ففي القياس أنه يلزمه الحد لان ارتفاع النكاح بهذه الاسباب أبلغ منه بالخلع ألا ترى انها صارت محرمة على التأبيد و لكنه استحسن فدرأ عنه الحد لان العلماء يختلفون في عدتها و منهم من يقول يتوقف زوال الملك بالردة على انقضاء العدة و كذلك يختلفون في ثبوت حرمة المصاهرة بالوطء الحرام و من لا يثبت ؟ ذلك يعتمد ظاهر قوله صلى الله عليه و سلم لا يحرم الحلال الحرام و هذا خلاف ظاهر لو قضي به القاضي نفذ قضاؤه فيصير شبهة في درء الحد و كذلك ان أبانها بقوله أنت خلية أو برية أو بائن أو بتة أو حرام و قال أردت بذلك ثلاث تطليقات ثم جامعها ثم قال علمت انها على حرام فلا حد عليه لان بين الصحابة و أهل العلم رضى الله عنهم في هذا اختلاف ظاهر و كان عمر رضى الله عنه يقول هى واحدة رجعية فيصير ذلك شبهة حكمية في درء الحد و كذلك لو قال أمرك بيدك فطلقت نفسها ثلاثا و الزوج ينوي ذلك لان عمر و ابن مسعود رضي الله عنهما قالا في

(89)

ذلك هي واحدة رجعية فيصير ذلك شبهة في إسقاط الحد عنهم و الحاصل أن الشبهة الحكمية مسقطة في حق من يعلم بالحرمة أولا يعلم كالأَب إذا وطي جارية ابنه و شبهة الاشتباه تكون معتبرة في حق من اشتبه عليه دون من لم يشتبه عليه ( قال ) و ان شهد الشهود عليه أنه زنى بإمرأة لم يعرفوها فلا حد عليه لان شهادتهم عليها معتبرة إذا لم يعرفوها و الزنا من الرجل بدون المحل لا يتحقق و لان من الجائز أن تلك المرأة التي رأوها يفعل بها زوجته أو أمته فانهم لا يفصلون بين زوجته و أمته الا بالمعرفة فإذا لم يعرفوها لا يمكن اقامة الحد بشهادتهم و ان قال المشهود عليه التي رأوها معي ليست لي بإمرأة و لا خادم لم يحد أيضا لان الشهادة قد بطلت حين لم يبينوا الشهادة فهذه اللفظة منه ليس بإقرار بالزنا و لو كان إقررا فحد الزنا لا يقام بالاقرار مرة و ان أقر ؟ بالزنا بإمرأة معروفة فعليه الحد إذا أقر أربع مرات لان الانسان يعرف زوجته و أمته و يعلم أن فعله بها لا يكون زنا فلما أقر بالزنا فهذا تصريح منه بفعل الزنا في محله و انه لا ملك له في تلك المرأة فيقام الحد عليه لذلك ( قال ) أربعة عدول شهدوا على رجل بالزنا فلا حد عليه و لا عليهم أما عليه فلان ظهور الزنا لا يكون الا بعد قبول شهادتهم و شهادة الفساق غير مقبولة لانا أمرنا فيها بالتوقف بالنص و أما عليهم فلا يقام الحد عندنا خلافا للشافعي رحمه الله تعالى و هذا بناء على أن الفاسق له شهادة عندنا حتى أن القاضي لو قضى بشهادته نفذ قضاؤه فيكون كلامهم شهادة مانعة من وجوب الحد عليهم و عند الشافعي رحمه الله تعالى ليس للفاسق شهادة و هي مسألة كتاب الشهادات و على هذا لو أقام القاذف أربعة من الفساق على صدق مقالته يسقط به الحد عندنا لان الله تعالى قال ثم لم يأتوا بأربعة شهداء و هذا قد أتى بأربعة شهداء و ان لم تكن شهادتهم مقبولة فلا يلزمه الحد لانعدام الشرط و عند الشافعي رحمه الله تعالى لا شهادة لهم بل يجب الحد عليهم و على القاذف بقذفه و ان كانوا عميانا أو محدودين في قذف أو عبيدا حدوا جميعا لان العبيد لا شهادة لهم فكان كلامهم قذفا في الاصل و المحدود في القذف ليس له شهادة الاداء لان الشرع أبطل شهادته و حكم بكذبه و العميان لا شهادة لهم في الزنا لان الشهادة على الزنا لا تكون الابعد الرؤية كالميل في المكحلة و ليس للاعمى هذه الآلة فكان كلامهم قذفا من الاصل و لو كان الشهود أربعة أحدهم زوج المشهود عليها بالزنا فهذه الشهادة تقبل عندنا خلافا للشافعي رحمه الله تعالى و قد بينا هذا في باب اللعان فإذا كانت الثلاثة كفارا ؟ و الزوج

(90)

مسلما فلا شهادة للكفار على المسلمة فيحدون حد القذف و يلاعن الزوج إمرأته لانه قذفها بالزنا و قذف الزوج موجب للعان ( قال ) و ان جاء شهود الزنا فشهدوا به متفرقين في مجالس مختلفة لم تقبل شهادتهم و يحدون حد القذف عندنا و قال الشافعي رحمه الله تعالى تقبل شهادتهم و يقام الحد على المشهود عليه و اعتبر هذا بالشهادة على سائر الحقوق فان اختلاف المجالس لا يمنع العمل بالشهادة في شيء من الحقوق و ما يندرئ بالشبهات و ما لا يندرئ بالشبهات فيه سواء فكذلك الزنا و هذا لان الثابت بالنص عدد الاربعة في الشهود فاشتراط اتحاد المجلس يكون زيادة على النص ( و حجتنا ) في ذلك ما روينا أن الثلاثة لما شهدوا على المغيرة بن شعبة بالزنا بين يدي عمر رضى الله عنهما و امتنع زياد أقام الحد على الثلاثة و لم ينتظر مجئ رابع ليشهد عليه بالزنا فلو كان اختلاف المجلس مؤثر في هذه الشهادة لانتظر مجئ رابع ليدرأ به الحد عن الثلاثة و في الكتاب ذكر عن الشعبي رحمه الله تعالى قال لو جاء مثل ربيعة و مضر فرادى حددتهم و المعنى فيه ان الشهادة على الزنا قذف في الحقيقة و لكن بتكامل العدد يتغير حكمها فيصير حجة للحد فيخرج من أن يكون قذفا به و في مثل هذا المغير يعتبر وجوده في المجلس كالقبول مع الايجاب فان الايجاب ليس بعقد فإذا انضم اليه القبول يصير عقدا فيعتبر وجود القبول في المجلس ليصير الايجاب به عقدا و هذا لان كلامهم من حيث أنه قذف مفترق و من حيث أنه حجة كشيء واحد و لاتحاد المجلس تأثير في جمع ما تفرق من الكلام فإذا كان المجلس واحدا جعل كلامهم كشيء واحد بخلاف ما إذا تفرقت المجالس و ان كانوا في مقعد واحد على باب القاضي فقام إلى القاضي واحد بعد واحد و شهدوا عليه بالزنا ففي القياس لا تقبل شهادتهم أيضا و هو رواية عن محمد رحمه الله تعالى لان اتحاد المجلس بهذا لا يحصل انما يحصل بأن يجلسوا جميعا بين يدى القاضي فيشهدوا واحدا بعد واحد و لكنه استحسن فقال تقبل الشهادة هنا لان الشهادات اجتمعت في مجلس واحد و هذا من القاضي مبالغة في الاحتياط لينظر انهم هل يتفقون على لفظ واحد إذا لم يسمع بعضهم كلام بعض فلا يوجب ذلك قدحا في شهادتهم فانا لو اعتبرنا هذا القدر من التفرق وجب اعتبار تفرق الاداء و ان جلسوا جميعا بين يدى القاضي و لا يتصور اداؤهم جملة لان القاضي لا يتمكن من سماع كلام الجماعة و ان قال اثنان زنى بها في دار فلان آخر فقد بينا ان هذه الشهادة لا تقبل في إيجاب الحد على المشهود عليه و لكن لاحد




/ 31