على الشهود لاجتماع الاربعة على الشهادة بالزنا عليهما ( قال ) و إذا شهد أربعة نصارى على نصرانيين بالزنا فقضى القاضي بشهادتهم ثم أسلم الرجل أو المرأة قال يبطل الحد عنهما جميعا لما بينا ان الطاري من اسلام أحدهما بعد القضاء قبل الاستيفاء كالمقارن للسبب و لان شهادة الكافر ليست بحجة على المسلم فيصير ذلك شبهة في حق الآخر فان أسلم الشهود بعد ذلك لم ينفع أعادوا الشهادة أو لم يعيدوها لان الحاكم أبطلها حين درأ الحد عنهما فلا يعمل بها بعد ذلك ( قال ) و ان كانوا شهدوا على رجلين و إمرأتين بالزنا فلما حكم الحاكم بذلك أسلم أحد الرجلين أو احدى المرأتين درئ الحد عن الذي أسلم و عن صاحبه و لا يدرأ عن الآخرين لانهم شهدوا على كل رجل و إمرأة كانهم تفردوا بالشهادة عليهما و الله أعلم بالصواب ( باب الاقرار بالزنا ) ( قال ) رضى الله عنه حد الزنا لا يقام بالاقرار الا بالاقرار أربع مرات في أربعة مجالس عندنا و قال الشافعي رحمه الله تعالى يقام بالاقرار مرة واحدة و قال ابن ليلي رحمه الله تعالى يقام بالاقرار أربع مرات و ان كان في مجلس واحد و احتج الشافعي بقوله صلى الله عليه و سلم أغد يا أنيس إلى إمرأة هذا فان اعترفت فارجمها و ان الغامدية لما جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم و قالت ان بي حبلا من الزنا قال اذهبي حتى تضعى حملك ثم رجمها و لم يشترط الاقارير الاربعة و اعتبر هذا الحق بسائر الحقوق فما يندرئ بالشبهات و ما لا يندرئ بالشبهات يثبت بالاقرار الواحد و بهذا تبين أن الاقرار معتبر بالشهادة في العدد فان في سائر الحقوق العدد معتبر في الشهادة دون الاقرار و كذلك في هذا الموضع العدالة تعتبر في الشهادة دون الاقرار و كذلك في هذا الموضع الذكورة و لفظ الشهادة يعتبر في الشهادة دون الاقرار و هذا لان زيادة طمأنينة القلب تحصل بزيادة العدد و لا يحصل ذلك بتكرار الكلام من واحد و فى أحد الحكمين و هو سقوط الحد عن القاذف يعتبر عدد الاربعة في الشهادة دون الاقرار فكذلك في الحكم الآخر و ابن أبى ليلي رحمه الله تعالى اعتبر الاقرار بالشهادة بعلة انه أحد حجتي الزنا ثم في الشهادة المعتبر عدد الاربعة دون اختلاف المجالس فكذلك في الاقرار ( و حجتنا ) فيه
(92)
حديث ماعز بن مالك رحمه الله تعالى فانه جاء إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال زنيت فطهرني فأعرض عنه فجاء إلى الجانب الآخر فقال مثل ذلك فأعرض عنه فجاء إلى الجانب الثالث و قال مثل ذلك فأعرض عنه فجاء إلى الجانب الرابع و قال مثل ذلك و في رواية قال في كل مرة و أن هذا للآخر فلما كان في المرأة الرابعة قال صلى الله عليه و سلم الآن أقررت أربعا فبمن زنيت و في رواية الآن شهدت على نفسك أربعا فبمن زنيت قال بفلانة قال لعلك قبلتها أو لمستها بشهوة لعلك باشرتها فأبى الا أن يقر بصريح الزنا فقال ابك خبل أبك جنون و فى رواية بعث إلى أهله هل ينكرون من عقله شيئا فقالوا لا فسأل عن إحصانه فوجده محصنا فأمر برجمه فالنبي صلى الله عليه و سلم أعرض عنه في المرأة الاولى و الثانية و الثالثة و حكم بالرابعة و لو لم يكن العدد من شرطه لم يسعه الاعراض عنه على ما قاله صلى الله عليه و سلم لا ينبغي لوال عنده حد من حدود الله الا يقيمة ألا ترى أنه في المرة الرابعة لما تمت الحجة كيف لم يعرض عنه و لكنه قال الآن أقررت أربعا و اشتغل بطلب ما يدرأ عنه الحد فحين لم يجد ذلك اشتغل بالاقامة و لا يقال انما أعرض عنه لانه أحس به الجنون على ما روى أنه جاء أشعث أغبر ثائر الرأس و اليه أشار في قوله أبك خيل ثم لما رأى إصراره على كلام واحد علم أنه ليس به جنون و هذا لانه قال الآن أقررت أربعا و في هذا تنصيص أن الاعراض قبل هذا لعدم قيام الحجة و قد جاء نائبا مستسلما مؤثرا عقوبة الدنيا على الآخرة فكيف يكون هذا دليل جنونه و انما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم لطلب ما يدرأ به عنه الحد كما لقن المقر الرجوع بقوله أ سرقت ما أخاله سرق أ سرقت قولى لا و انما كان أشعث أغبر لانه جاء من البادية و قد جعل رسول الله صلى الله عليه و سلم هذا علامة الابرار فقال رب أشعث أغبر ذي طعمرين لا يؤبه به لو أقسم على الله لابره و ابن أبى ليلي رحمه الله تعالى يستدل بهذا الحديث أيضا و يقول المذكور عدد الاقادير دون اختلاف المجالس و لكنا نقول قد وجد اختلاف مجالس المقر على ما روى ان رسول الله صلى الله عليه و سلم طرده في كل مرة حتى توارى بحيطان المدينة ثم رجع و في رواية قال اذهب ويلك فاستغفر الله فذهب حتى غاب عن بصر رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم رجع فالمعتبر اختلاف مجالس المقر دون القاضي حتى إذا غاب عن بصر القاضي في كل مرة يكفي هذا الاختلاف المجالس و الذى روى انه أقر خمس مرات فانما يحمل ذلك على اقرارين كانا منه في مجلس واحد فكانا
(93)
كإقرار واحد و روى ان أبا بكر رضى الله عنه قال له أقررت ثلاث مرات ان أقررت الرابعة رجمك رسول الله صلى الله عليه و سلم و فى رواية قال إياك و الرابعة فانها موجبة و عن بريدة الاسلمي فان كنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم نتحدث ان ماعزا لو جلس في بيته بعد ما أقر ثلاثا ما بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم اليه من يرجمه فدل على ان اشتراط عدد الاقارير كان معروفا فيما بينهم و ان المراد من قوله فان اعترفت فارجمها الاعتراف المعروف في الزنا و هو أربع مرات و الصحيح من حديث الغامدية انها أقرت أربع مرات هكذا ذكر الطحاوي رحمه الله تعالى الا ان الاقارير منها كانت في أوقات مختلفة قبل الوضع و بعد الوضع و بعد ما طهرت من نفاسها و بعد ما فطمت ولدها و لهذا لم تتفق الرواية على نقل الاقارير الاربعة في حديثها و الذى روى انها قالت ا تريد ان ترددني كما رددت ماعزا لا يكاد يصح لان ترديد ماعز كان حكما شرعيا فلا يظن بها انها جاءت لطلب التطهير ثم تعترض على رسول الله صلى الله عليه و سلم فيما هو حكم شرعي و اعتبار هذا الحق بسائر الحقوق باطل فقد ظهر فيها من التغليظ ما لم يظهر في سائر الاشياء من ذلك ان النسبة إلى هذا الفعل موجب للحد بخلاف سائر الافعال و موجب للعان إذا حصل من الزوج في زوجته بخلاف سائر الافعال و يشترط في احدي الحجتين من العدد مالايشترط في سائرها و كل ذلك للتغليظ فكذلك اعتبار عدد الاقرار الا ان العدد في الشهادة يثبت حقيقة و حكما بدون اختلاف المجالس و لا يثبت في الاقرار حكما الا باختلاف المجالس لان الكلام إذا تكرر من واحد في مجلس واحد بطريق الاخبار يجعل ككلام واحد و انما يتحقق معنى التغليظ باشتراط العدد في الاقرار الموجب للحد لافي الاقرار المسقط للحد عن القاذف ألا ترى ان التصريح بلفظ الزنا يعتبر في الاقرار الموجب للحد دون المسقط و كذلك عدد الاربعة بالشهود حتى إذا قذف إمرأة بالزنا فشهد عليها شاهدان أنها اكرهت علي الزنا سقط الحد عن القاذف إذا عرفنا هذا فنقول ينبغى للامام أن يرد المعترف بالزنا في المرة الاولى و الثانية و الثالثة لحديث عمر رضى الله عنه قال اطردوا المعترفين بالزنا فإذا عاد الرابعة فأقر عنده سأله عن الزنا ما هو و كيف هو و بمن زنى و أين زنى لما بينا في الشهادة الا ان في الاقرار لا يسأله متى زنا لان حد الزنا يقام بالاقرار بعد التقادم و انما لا يقام بالبينة فلهذا يسأل الشهود متى زنى و لا يسأل المقر عن ذلك فإذا وصفه وأثبته قال له فلعلك تزوجتها أو وطئتها
(94)
بشبهة و هذا في ؟ معنى تلقين الرجوع و الامام مندوب اليه و هو نظير ما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لماعز لعلك قبلتها فان قال لانظر في عقله و سأل أهله عن ذلك كما فعله رسول الله صلى الله عليه و سلم في ماعز و هذا لان الاقرار من المجنون و المعتوه هدر و العقل ليس بمعاين فالابد للامام من ان يتأمل في ذلك فإذا علم انه صحيح العقل يسأل عن الاحصان لان ما يلزمه من العقوبة يختلف باحصانه و عدم إحصانه و سأله عن ذلك فعسى يقربه و لا يطول الامر على القاضي في طلب البينة على إحصانه فإذا قال أحصنت استفسره في ذلك لان اسم الاحصان ينطلق على خصال و ربما لا يعرف المقر بعضها فيسأله لهذا فإذا فسره أمر برجمه فإذا رجم غسل و كفن و حنط وصلى عليه لانه مقتول بحق فيصنع به مايصنع بالموتى و قد سألوا رسول الله صلى الله عليه و سلم عن غسل ماعز و تكفينه و الصلاة عليه فقال اصنعوا به ما تصنعون بموتاكم زاد في رواية و لقد تاب توبة لو قسمت توبته على أهل الحجاز لوسعتهم و فى رواية على أهل الارض و قد رأيته ينغمس في أنهار الجنة و روى أن رجلين من الصحابة قالا فيما بينهما ما ركنت نفسه حتى جاء و اعترف فقتل كما يقتل الكلاب فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم و سكت حتى مروا بحمار ميت فقال للرجلين أنزلا فكلا فقالا انها ميتة فقال تناولكما من عرض أخيكما أعظم من ذلك ( قال ) فان أمر برجمه فرجع عن قوله درئ الحد عنه عندنا و قال ابن أبى ليلي رحمه الله تعالى لا يدرأ عنه الحد برجوعه و كذلك الخلاف في كل حد هو خالص حق الله تعالى و اعتبر هذا الاقرار بسائر الحقوق مما لا يندرئ بالشبهات أو يندرئ بالشبهات كالقصاص وحد القذف فالرجوع عن الاقرار باطل في هذا كله ( و حجتنا ) فيه أن النبي صلى الله عليه و سلم لقن المقر بالسرقة الرجوع فلو لم يصح رجوعه لمالقنه ذلك فقد روينا أن ماعزا رضى الله عنه لما هرب انطلق المسلمون في أثره فرجموه فقال النبي صلى الله عليه و سلم هلا خليتم سبيله و لان الرجوع بعد الاقرار انما لا يصح في حقوق العباد لوجود خصم يصدقه في الاقرار و يكذبه في الرجوع و ذلك موجود فيما هو خالص حق الله تعالى فيتعارض كلاماه الاقرار و الرجوع و كل واحد منهما متمثل بين الصدق و الكذب و الشبهة تثبت بالمعارضة ( قال ) و إذا أقر أربع مرات في أربعة مجالس و أنكر الاحصان و شهد الشهود عليه بالاحصان يرجم لان الثابت بالبينة أقوى من الثابت بالاقرار و لا يجعل إنكاره للاحصان رجوعا منه عن
(95)
الاقرار بالزنا لانه مصر على الاقرار بالزنا و التزام العقوبة مع إنكار الاحصان و انما أنكر الاحصان و قد ثبت بالبينة و لو أقر بالاحصان بعد إنكاره كان يرجم فكذلك إذا ثبت بالبينة ( قال ) فان كانت المرأة التي أقرانه زنى بها غائبة فالقياس أن لا يحد الرجل لانها لو حضرت ربما ادعت شبهة نكاح مسقطة للحد عنها فلا يقام الحد في موضع الشبهة و قيل هذا قياس قول أبى حنيفة رحمه الله تعالى على قياس مسألة السرقة إذا قال سرقت أنا و فلان مال فلان و فى الاستحسان يقام عليه الحد لحديث ماعز رضى الله تعالى عنه فان رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يحضر المرأة التي أقرانه زنى بها و لكن أمر برجمه و في حديث العسيف أوجب الجلد على ابن الرجل ثم قال اغد يا أنيس إلى إمرأة هذا فان اعترفت فارجمها فدل ان حضور المرأة ليس بشرط و هذا لان مأمن شبهة تدعيها إذا حضرت فالرجل متمكن من أن يدعى ذلك و توهم ان تحضر فتدعى الشبهة كتوهم ان يرجع المقر عن إقراره فكما لا يمتنع اقامة الحد على المقر لتوهم ان يرجع عنه فكذلك هذا و ان جاءت المرأة بعد ما حد الرجل فادعت النكاح و طلبت المهر لم يكن لها المهر لان القاضي حكم بان فعله كان زنا بها حين أقام عليه الحد و الزنا لا يوجب المهر و هي تدعى إبطال حكم الحاكم بقولها ( قال ) أربعة فساق شهدوا على رجل بالزنا و أقر هو مرة واحدة فلا حد عليه لعدم الحجة فان الحجة الاقارير الاربعة أو شهادة أربعة عدول و لا يقال إقراره مرة واحدة تعديل منه للشهود و تصديق لهم فينبغي ان يلتحقوا بالعدول في هذه الحادثة لان القاضي لا يقضى بشهادة الفساق و ان رضى به الخصم فان التوقف في خبر الفاسق واجب بالنص فلا يتغير ذلك بإقراره ثم إقراره مانع من القضاء بالشهادة لان الشهادة تكون حجة على المنكر دون المقر الا انه إذا كان الشهود عدولا يجعل الاقرار الواحد كالمعدوم لما لم يتبين به سبب الحد فيتبين ذلك بالبينة و ان كان الشهود عدولا لم يذكر في الاصل و ذكر في رواية الاصول انه لا يحد عند أبي يوسف رحمه الله تعالى لان الشهادة قد بطلت بإقراره لكونه حجة على المنكر لاعلى المقر و عند محمد رحمه الله تعالى يحد لان الشهود عدول فاستغني عن إقراره فبطل الاقرار و لا يوجد ذلك في شهادة الفاسق ( فان قيل ) فبالاقرار الواحد إذا لم يثبت الحد يثبت الوطء الموجب للمهر فينبغي أن لا يعتبر ذلك و ان كرر الاقرار لانه قصد بذلك إسقاط المهر عن نفسه فيكون متهما و هو نظير ما قلتم في الاستدلال على قول أبى يوسف في السرقة
(96)
أنه إذا لم يثبت الحد فبالاقرار الواحد يجب الضمان فلا يعتبر إقراره بعد ذلك في إسقاط الضمان و هذا لان حكم إقراره بالزنا مراعى من حيث أن الزنا موجب للمهر فان تم عدد الاربعة تبين أنه لم يكن موجبا للمهر و ان لم يتم كان موجبا للمهر كما أنه بعد تمام الاقرار ان رجع تبين أن الواجب لم يكن عليه الحد بخلاف السرقة فان نفس الاخذ موجب للضمان و انما سقط الضمان لضرورة استيفاء القطع حقا لله تعالى على ما نبينه ( قال ) و إذا وطي الرجل جارية ولده و قال علمت أنها علي حرام لا يحد للشبهة الحكمية التي تمكنت في الموطوءة بقوله صلى الله عليه و سلم أنت و مالك لابيك و كيف يجب الحد و لو جاءت بولد فادعاه ثبت النسب و صارت أم ولد له و ان وطي جارية أحد أبويه أو امرأته فان اتفقا على أنهما كانا يعلمان بحرمة الفعل فعليهما الحد لانه لا شبهة هنا في المحل و انما الشبهة من حيث الاشتباه فلا يكون معتبرا إذا لم يشتبه فأما إذا قال الواطي ظننت أنها تحل لي أو قالت الجارية ظننت أنه يحل لي لاحد على واحد منهما لان شبهة الاشتباه عند الاشتباه معتبر بالشبهة الحكمية و دعوى الشبهة الحكمية من أحدهما يسقط الحد عنهما فكذلك شبهة الاشتباه و حكى عن ابن أبى ليلي انه أقر عنده رجل أنه وطي جارية أمه فقال له أوطأتها ؟ قال نعم حتى قال أربع مرات فأمر بضربه الحد و خطأه أبو حنيفة رحمه الله تعالى في هذا القضاء من أوجه أحدها ان بإقراره بلفظ الوطء لا يلزمه الحد ما لم يقر بصريح الزنا و الثاني و هو ان القاضي ليس له أن يطلب الاقرار في هذا الباب بقوله أفعلت بل هو مندوب إلى تلقين الرجوع و الثالث أنه لم يسأله عن علمه بحرمتها و ينبغي له أن يسأله عن ذلك و ليس له أن يقيم الحد ما لم يعلم علمه بحرمة ذلك الفعل ( قال ) و لو وطي جارية أخيه أو أخته و قال ظننت أنها تحل لي فعليه الحد لان هذا ليس بموضع الاشتباه و ان كل واحد منهما في حكم الملك كالأَجنبي ( قال ) في الاصل و لم يجعل هذا كالسرقة يعنى إذا سرق مال أخيه أو أخته لا يقطع ثم أجاب و قال ألا ترى أنه لو زنى بأخته و عمته حددته و لو سرق من واحدة منهما لم أقطعه و انما أشار بهذا إلى أن في حد السرقة لابد من هتك الحرز و الاحراز لا يتم في حق ذي الرحم المحرم لان بعضهم يدخل بيت يعض من استئذان و حشمة بخلاف حد الزنا ( قال ) و ان وطي جارية ولد ولده فجاءت بولد فادعاه فان كان الاب حيا لم تثبت دعوة الجد إذا كذبه ولد الولد لان صحة الاستيلاد تنبني على ولاية نقل الجارية إلى نفسه و ليس للجد ولاية ذلك في حياة لاب و لكن
(97)
ان أقربه ولد الوالد عتق بإقراره لانه زعم أنه ثابت النسب من الجد و انه عمه فيعتق عليه بالقرابة و لا شيء على الجد من قيمة الامة لانه لم يتملكها و عليه العقر لان الوطء قد ثبت بإقراره و سقط الحد للشبهة الحكمية و هو البنوة فيجب العقر و كذلك ان كانت ولدته بعد موت الاب لاقل من ستة أشهر لانا علمنا ان العلوق كان في حياة الاب و انه لم يكن للجد عند ذلك ولاية نقلها إلى نفسه و ان كانت ولدته بعد موته لستة أشهر فهو مصدق في الدعوة صدقه ابن الاب أو كذبه لان العلوق به انما حصل بعد موت الاب و الجد عند عدم الاب بمنزلة الاب في الولاية فله أن ينقلها إلى نفسه بدعوة الاستيلاد ( قال ) و إذا شهد الشهود على زنا قديم لم أحد بشهادتهم المشهود عليه و قد بينا هذا و لم أحدهم أيضا لان عددهم متكامل و الاهلية للشهادة موجودة و ذلك يمنع أن يكون كلامهم قذفا و ان أقر بزنا قديم أربع مرات أقيم عليه الحد عندنا و قال زفر رحمه الله تعالى لا يقام اعتبارا لحجة الاقرار بحجه البينة فان الشهود كما ندبوا إلى الستر فالمرتكب للفاحشة أيضا مندوب الي الستر على نفسه قال صلى الله عليه و سلم من أصاب من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله و لكنا نستدل بآخر الحديث حيث قال و من أبدي لنا صفحته أقمنا عليه حد الله و هذا قد أبدى صفحته بإقراره و ان كان تقادم العهد و المعنى فيه أن التهمة تنتفي عن إقراره و ان كان بعد تقادم العهد فان الانسان لا يعادى نفسه على وجه يحمله ذلك على هتك ستره بل انما يحمله على ذلك الندم و إيثار عقوبة الدنيا على الآخرة بخلاف الشهادة فبتقادم العهد هناك تتمكن التهمة من حيث أن العداوة حملتهم على أداء الشهادة بعد ما اختاروا الستر عليه وهنا كان إصراره يمنعه عن الاقرار ثم الندم و التوبة حمله على الاقرار بعد تقادم العهد ( قال ) و الذمى و العبد في الاقرار بالزنا كالحر المسلم و أما الذمي فحرمة الزنا ثابت في حقه كما هو ثابت في حق المسلم و إقراره ملزم أيضا كإقرار المسلم فأما العبد فإقراره بالزنا يصح عندنا موجبا للحد عليه مأذونا كان أو محجورا و عند زفر رحمه الله تعالى لا يصح لان نفسه مملوكة للمولى و بهذا الاقرار يتضرر المولى من حيث أنه تنتقص ماليته بإقامة الحد عليه و لهذا لا يصح إقراره على نفسه بالمال إذا كان محجورا فكذلك بالحد و لكنا نقول ما لا يملكه المولى على عبده فالعبد فيه ينزل منزلة الحر كطلاق زوجته بخلاف الاقرار بالمال فان المولى يملكه عليه ثم وجوب الحد على العبد باعتبار أنه نفس مخاطبة و فيما يرجع إلى ذلك هو كالحر و لانه متهم بالاقرار على