بواعث الجهـاد - وجیز فی الفقه الاسلامی: فقه الجهاد و احکام القتال نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

وجیز فی الفقه الاسلامی: فقه الجهاد و احکام القتال - نسخه متنی

سید محمد تقی مدرسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

بواعث الجهـاد



القرآن الكريم:



1/ « إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ» (الحجرات/15)



2/ « يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ » (المائدة/35)



3/ « يَآ أَيُّهَــا الَّذِيــنَ ءَامَنُوا هَلْ أَدُلُّكُـمْ عَلَى تِجَـارَةٍ تُنجِيكُم مِـنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُـونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِــدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ » (الصف/10-11)



4/ « يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَآءَ عَلى النَّاسِ فَاَقِيمُوا الصَّلاَةَ وءَاتُواْ الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاَكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ» (الحج/77-78)



السنة الشريفة :



1- قـال أمير المؤمنـين عليـه السلام : "فرض الله الايمان تطهيـراً من الشرك ، والصلاة تنزيهاً عن الكبر ، والزكاة تسبيباً للرزق ، والصيام ابتلاءً لاخلاص الخلق ، والحج تقربة للدين ، والجهاد عزاً للاسلام .." ([224])



تفصيل القول :



بالتأمل في هذه الآيات والروايات نستبصر ان من اسمى غايات الجهاد بكل آفاقه ، وبالذات حينما يتحول الى قتال ؛ تطهير النفس من الريب ، وابتغاء الوسيلة الى الله ، والنجاة من النار ، وان يكون الانسان شهيداً (على الناس) ومجتبى (بين الناس) .



ولاستجلاء هذه الغايـات ، نستوحي بصائر من الآيات التي سبقت :



ألف : الجهاد دليل صدق الايمان. وإذا أدّعى المرء الايمان ثم تقاعس عن خوض غمار الصراع مع اعداء الدين ، فانه لايزال يتردد في ريبه . اما إذا اقتحم الصراع ، فانه قد تغلّب على وساوس نفسه بصورة عملية. وبالصراع يزداد ايمانه جلاءً ، وقلبه طهراً ، ويمحص تمحيصاً .



وهكذا يكون الجهاد شاهداً على صدق الايمان ، ووسيلة لزيادته في ذات الوقت . ومن ذلك نستلهم الاحكام التالية :



أولاً : إذا شعرت بضعف في ايمانك ، وتردد في يقينك ، فاختر الجهاد وسيلة لنمو الايمان واليقين ، وابدء بأصعب حلقات الجهاد عليك ، ولا تنتظر قوة ايمانك وزيادة يقينك حتى تنشط في سوح الجهاد ، بل جاهد في سبيل الله يزدك ربك ايماناً بفضله .



ومن هنا فان الله سبحانه أمر المؤمنين في كتابه بالتقوى وابتغاء الوسيلة اليه . وبالجهاد في سبيله (المائدة/35) . مما يدل على أن الجهاد من ابرز الوسائل الى الله ، حيث جاء في حديث شريف مروي عن أمير المؤمنين عليه السلام : " أفضل ما توسل به المتوسلون ؛ الايمان بالله ورسوله ، والجهاد في سبيل الله". ([225])



ثانياً : إذا أحس القائد الرسالي ضعف ايمان التجمع الاسلامي أو المجتمع المسلم ، فما عليه إلاّ ان يخوض بهم غمار الجهاد ، فإنه وسيلة مناسبة لمواجهة الضعف ، وازدياد السكينة بإذن الله سبحانه .



ان القيادات التي تنتظر قوة ايمان التجمع حتى تبدء بالتحرك ضد الاعداء ، انهم يختارون سبلاً بعيدة ، وقد لا يدركون اهدافهم .



ثالثاً : الجهاد يكون من أقرب نقطة اليك ؛ من اسرتك وعشيرتك، من جيرتك وزملائك ، من اقرب الانظمة اليك .. فإن ترك الاقرب والاهتمام بالأبعد قد يكون نوعاً من الوسوسة الدالة على ضعف الايمان .



باء : للتقوى وجهان ؛ فمن جهة تتمثل التقوى في الكف عن محارم الله سبحانه ، مما يسمى ايضاً بالورع ، وهي - من جهة ثانية - تتمثــل فـي العمـل بمـا أمـر الله . وقد أمر الله سبحـانـه بالتقـوى (المائدة /35) ، وقـرن الأمر بها بفرض ابتغـاء الوسيلـة ، مما يهدينـا الى ضرورة السعـي الدائب فيما يقرّبنـا الى الله من مختلف الوسائل ؛ مثل طاعة اولياء الله، والمسارعة في الخيرات ، والدعاء رغبـاً ورهبـاً .



ثم أمر بالجهاد ومقارعة اعداء الله والكفاح الدائب ضدهم ، وهو وسيلة قريبة الى الله تعالى . ومن هنا فعلينا الحذر من النظرة السلبية الى التقوى ، والزعم بأن أشد الناس تقوى هم أكثرهم جموداً وسكوناً وانطواءً . كلاّ ؛ انما التقوى الالتزام بكل ما جاء في الدين من أمر ونهي ؛ من صلاة وصيام وجهاد وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر ..



جيم : الايمان درجة رفيعة لا يبلغها كل انسان ، انما يختار الله من عباده من يعرف منه صدق النية ، وحسن الانتخاب ، فيلقي في روحه سكينة الايمان . فاذا اجتباه للايمان فقد حمّله مسؤولية الدفاع عنه بالجهاد . وهذا ما نستوحيه من قوله سبحانه :
« يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَآءَ عَلى النَّاسِ فَاَقِيمُوا الصَّلاَةَ وءَاتُواْ الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاَكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ » (الحج / 77-78)



وقد جاء في حديث شريف عن أمير المؤمنين عليه السلام: " الجهاد عماد الدين ، ومنهاج السعداء ". ([226])



ونستوحي من هذه البصيرة ؛ ان الأمة الاسلامية لا تعيش لمصالحها الخاصة فقط ، وانما هي تعمل لاشاعة الخير واقامة العدل ونشر راية السلام في العالم .. ولا يتسنى لها ذلك إلاّ بالجهاد . وهذه من أبعاد اجتبائها وجعلها شاهدة على الناس، حيث قال سبحانه :
« وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ اُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَآءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً » (البقرة / 143)



والشهادة تعني القيمومة على الحق والعدل ، حيث يقول سبحانه في آية كريمة :
« يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَآءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيرَاً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَن تَعْدِلُوا وإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً» (النساء/135)



فاقامة القسط ، والتصدي للظالم ، والدفاع عن المظلوم ، من أبعاد الشهـادة على الناس. وقد أمر الله سبحانه بالقتال من أجل المستضعفين ، فقال تعالـى : « وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَآءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِن لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِن لَدُنكَ نَصِيراً » (النساء/75)



وقوام الشهادة الجهاد في سبيل الله ، وهو لايتحقق إلاّ بما يلي :



أولاً : التعبئة الروحية ، لكي يتجاوز كل فرد واقعه الشخصي وواقع طائفته وأمته ليصل الى مستوى الاهتمام بالناس جميعاً . وهكذا يستعد للتضحية بمصالحه ومصالح امته ، من اجل اقامة القسط والسلام في العالم .



ثانيـاً : الاعداد المستمر الذي أمر بـه الله سبحانـه ، حيث قـال :
« وَأَعِدُّوا لَهُم مَااسْتَطَعْتُم مِن قُوَّةٍ وَمِن رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وءَاخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاتَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاتُظْلَمُونَ » (الانفال / 60)



فالأمة المقتدرة اقتصادياً ، والمجهزة تسليحياً ، والمعدة تدريباً ، والمرابطة على خط المواجهة ، هي التي تستطيع ان تتصدى للشهادة على اقامة العدالة في الأرض .



ثالثـاً : الوحدة الواعية القائمة على اساس الاحساس بالمسؤولية ، والاعتصام بالله ، والتمحور حول كتاب الله وحول رسول الله وخلفائه بالحق ؛ انها شرط لاحتمال مسؤولية الدفاع عن دين الله ، وعن العدل في الأرض .



دال : تحيط بكل ابن انثى النار مالم يتق ويخلصه الله بفضله من العذاب ؛ وبالذات اولئك الذين عاشوا فترة من عمرهم في الضلال ، وارتكبوا الخطايا ، وأيّدوا الظلمة ، وكانوا وقوداً لفتنة الطغاة . فكيف نسعى لنجاة انفسنا من النار ؟ لقد دلّنا ربنا الرحمن الى تجارة تنجينا من عذاب أليم ؛ هي الايمان بالله والرسول والجهاد في سبيل الله بالمال والنفس . من هنا ترى المؤمنين الصادقين يشتاقون الى الجهاد لكي ينجّيهم الرب من العذاب ، ولعله تختم لهم بالشهادة. وقد قال الامام أمير المؤمنين عليه السلام : " أما بعد ؛ فان الجهاد باب من أبواب الجنة فتحه الله لخاصة اوليائه ، وهو لباس التقوى ، ودرع الله الحصينة ، وجنته الوثيقة . ([227])



حـق الجهـاد



القرآن الكريم :



1- « وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَآءَ عَلى النَّاسِ فَاَقِيمُوا الصَّلاَةَ وءَاتُواْ الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاَكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَـى وَنِعْمَ النَّصِيرُ » (الحج/78)



2- « فَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِيـنَ وَجَاهِـدْهُـم بِهِ جِهَاداً كَبِيراً » (الفرقان/52)



السنة الشريفة :



1- قال الامام الصادق عليه السلام : " الجهـاد أفضل الاشيـاء بعـد



الفرائـض". ([228])



2- ان رجلاً أتى جبلاً ليعبد الله فيه، فجاء به اهله الى الرسول صلى الله عليه وآله فنهاه عن ذلك، وقال: "ان صبر المسلم في بعض مواطن الجهاد يوماً واحداً خير له من عبادة اربعين سنة". ([229])



3- سئل أمير المؤمنين علي عليه السلام عن النفقة في الجهاد اذا لزم او استحب . فقال : " أما إذا لزم الجهاد بأن لايكون بازاء الكافرين من ينوب عن ساير المسلمين ، فالنفقة هناك الدرهم بسبعمائة ألف . فأما المستحب الذي هو قصد الرجل وقد ناب عليه من سبعة واستغنى عنه فالدرهم بسبعمائة حسنة ، كل حسنة خير من الدنيا وما فيها مأة ألف مرة ". ([230])



تفصيل القول :



الجهاد في سبيل الله حق جهاده ، وجهاد الكفار والمنافقين جهاداً كبيراً ، والصبر على الجهاد ؛ كل هذه فرائض في القرآن، فماذا تعني ؟



ألف : في الانسان طاقات شتى ، وقد فضّل الرب سبحانه كل انسان بطاقات وكفاءات خاصة ، وهو بصير بنفسه . فاذا استفرغ جهده وفجر طاقاته ، فانه قد جاهد في الله حق جهـاده ، لان الله سبحانه قال - بعد ان أمر بالجهاد كل الجهاد - :
« هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ » (الحج/78) . مما يـدل على ان حد حق الجهاد هو بلوغ حالة الحرج .



وقال سبحانه :
« لا يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ » (البقرة/286)



ان الجهاد مواجهة وصراع مع طرف ، ولاريب ان كل من يدخل الصراع يبذل قصارى جهده ليكسب الجولة . فعلى المؤمـن ان يبذل - هو الآخر - قصارى الجهد في ذلك .



بـاء : القرآن كتاب جهاد ، لانه منهج شامل للحياة ، وهو يفيض قوة وحكمة وتحدياً للمناهج الجاهلية . وحينما يحمل المؤمنون القرآن يجاهدون به الأعداء جهاداً كبيراً وشاملاً ؛ جهاداً بالكلمة الطيبة ، وبالكلمة الصاعقة ، وبالعمل الدائب ، وبالاعداد الشامل ، وبالصراع المسلح .. إنه جهاد كبير .



ونستوحي من هذه البصيرة ما يلي :



أولاً : ضرورة شمولية الرؤية عند المجاهد ، فلا يرى جانباً دون آخر من آفاق الصراع ، فالصراع الثقافي والاعلامي ، الى جنب الكفاح السياسي والاجتماعي ، الى جنب النضال المسلح بكل أبعاده .. كل ذلك يجب ان يكون ضمن خطط المجاهد .



ثانيـاً : ضرورة الاهتداء بالوحـي ، واستنطاق آيـات الذكر في كـل



أبعـاد الصراع ، حتى لايفسق المجاهد عن حدود الدين ، ولا يشط عن سبيل الهدى .



ثالثـاً : لان أبعاد الجهاد مختلفة ، فان المؤمن يجاهـد بكل ما أوتي من طاقة ؛ جهـاداً بالتفكر المنهجي وابداع الخطط السليمة ، جهاداً ببذل المال والانفاق مما لديه ، جهاداً بالكلمة والقلم وسائر وسائل الاعلام ، جهـاداً بالعلاقـات الاجتماعية ، وحتى يجاهد بدمه فإنه فوق كل بـر .



أوليـاء اللـه



القرآن الكريم:



1- « وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِى مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ » (لقمان/15)



2- « وَالَّذِينَ ءَامَنُوا مِن بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَاُوْلَئِكَ مِنكُمْ وأُوْلُواْ الاَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ » (الانفال/75)



3- « يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ



مَن يَشَآءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ » (المائدة/54)



4- « وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ ءَاوَوْا وَنَصَرُوا اُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُم مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ » (الانفال/74) فقه الآيات :



نستوحـي من هذه الآيات انه لكي تنتظم صفوف المجاهدين وتتلاحم فئـاتهم ، حتى يحظوا بحب الله سبحانه القائل :
« إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ » (الصف/4) . لابد ان يتدرج المؤمنون عبر درجات متسامية ، درجة فوق درجة ، حتى يشكلوا - في نهاية المطاف - حزب الله وجنده واولياءه الذين وعدهم بالنصر والفوز والفلاح . وفيما يلي اجمال هذا التدرج ، ثم تفصيله :



أ - الانتماء الى سبيل من أناب الى الله ، بعيداً عن علاقات الاسرة والعشيرة .



ب - الهجرة الى صفوف المجاهدين ، بعيداً عن علاقات القوم والوطن.



ج - البراءة من اعداء الدين ، واعلان ذلك صراحة.



د - التزيل عن الخوالف (ذوي الطول) ، وعن المغرورين باعمالهم الظاهرية (مثل عمارة المساجد وسقاية الناس).



هـ - التمايز عن القاعدين - غير أولي الضرر-.



ز - الانصهار في بوتقة حزب الله بعلاقة الحب الالهي ، والتشاور والتباشر ، ثم التواصي والتلاحم معهم.



وفيما يلي نستعرض بعض أحكام هذه البصائر القرآنية انشاء الله .



تفصيل القول :



يتدرج بعض المؤمنين في معارج الكمال والتقرب الى الله سبحانه عبر درجات متسامية هي التالية :

ألف : الانتماء الأول



أول الانتماء الى خط الجهاد ، الابتعاد عن تأثيرات المحيط العائلي . فمن كان حبه لوالديه وابنائه ، واخوانه وزوجته .. اعظم من حبه لله وانتمائه الى دينه ، ومن ايمانه بالرسول ، ومن الجهاد في سبيل الله ، فعليه ان يتربص حتى يأتي الله بأمره .



ومن هنا فإن الله سبحانه يأمر المؤمن باتباع سبيل من أناب الى الله، بعد ان ينهاه عـن الاستسلام لضغط العائلة ، فيقول سبحانه :
« وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِى مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ » (لقمان / 15)



ومن أنـاب الى الله ؛ هم الذين عادوا الى حظيرة الايمان بعد ابتعادهم - هم ومجتمعهم واسرهم - عنها . وانما الاتباع لسبيلهم هو القبول بنهجهم المغاير لمناهج المجتمع الجاهلي . ومنهجهم هو البراءة من الطاغوت ومؤيديه ، ومن ثقافته وانظمته ، واتخاذ نهج المواجهة ضده بدل الاستسلام له .



وهذا الانتماء لا ينتزع المجاهد من محيطه العائلي انتزاعاً كلياً ، ( إلاّ في ظروف المواجهة الحادة ) ، بل يجعل ارتباطه بالمحور الجهادي هو الأصل ، فمنه يستمد ثقافته ويستلم قراراته . بينما يظل عضواً في عائلته نافعـاً ، يحسن اليهم ، ويتعاون معهم في أمورهم الحياتية ، مالم يتناقض مع منهجه الجهادي .



بل يسعى لاقناعهم بالانتماء الى النهج الجهادي ، ولا ييأس من ذلك ، فعسى الله ان يهديهم الى السبيل الصحيح .



ويجدر بنا ان نستمع هنا الى حديث شريف مأثور عن الامام الصادق جعفر بن محمد عليه السلام ، حيث قال : " برّ الوالدين من حسن معرفة العبد بالله ، إذ لا عبادة اسرع بلوغـاً بصاحبها الى رضا الله تعالى من حرمة الوالدين المسلمين لوجه الله ، لان حق الوالدين مشتق من حق الله تعالى إذا كانا على منهاج الدين والسنة . ولا يكونان يمنعان الولد من طاعة الله الى معصيته ، ومن اليقين الى الشك، ومن الزهد الى الدنيا ، ولا يدعوانه الى خلاف ذلك . فاذا كانا كذلك فمعصيتهمـا طاعـة ، وطاعتهما معصية . ([231])

باء : الهجرة والنصرة



دار الاسلام هي التي يجتمع فيها المسلمون من أهلها ومن المهاجرين اليها ، وحقوقهم فيها متساوية . فهم أمة واحدة ، وكيان سياسي واحد . وليس لسائر المسلمين المتناثرين في آفاق الأرض حق في هذا الكيان ، حتى يهاجروا الى دار الاسلام . فان هاجروا بعد تكونها ، وجاهدوا مع المسلمين فيها ، فهم والسابقون اليها سواء في حقوقهم . وللسابقين فضل المبادرة .



وهذا الانتماء الديني يشكل هوية المسلم السياسية ، التي تتقدم على انتماءاته العرقية والقومية والاقليمية جميعاً . يقول ربنا سبحانه :
« إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِاَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ ءَاوَوْا وَنَصَرُوا اُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِن وَلاَيَتِهِم مِن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِيثَاقٌ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ » (الانفال / 72)



وعند التدبر في كلمة « اُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ » نفقه عمق العلاقة التي تتكون في دار الاسلام بين أهل الدار والمهاجرين ، شريطة الايواء والنصرة من قبل أهل الدار ، كما الهجرة من قبل سائـر المسلمين . أما إذا لم يهاجر المسلم فلا ولاية له ، ولا حقوق سياسية او اقتصادية .



بلى ؛ باعتباره مسلماً ينبغي ان يُنصر إذا استنصر اخوانه في الدين لكي يدرؤوا عنه الأخطار المتوجهة إليه بسبب انتمائه الديني . ولكن مصالح الأمة الاسلامية المتواجدة في دار الاسلام هي الأهم . فلو أبرم المسلمون ميثاقاً مع دولة أخرى وفقاً لمصالح الأمة ، ثم تعرض المسلمون في تلك الدولة الى مضايقات ، واستنصروا المسلمين ، فلا ينبغي نقض الميثاق والتورط في حرب مع تلك الدولة ، مما يعرض كيان الأمة الى خطر .



ونتلو في آية كريمة قوله سبحانه :
« وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوْا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّآ أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ » (الحشر/9)



ونستوحي من هذه الآية ؛ وجوب الاندماج الروحي بين أهل الدار وبين المهاجرين ، لتكوين نواة الأمة الاسلامية الواحدة التي تتجاوز الفوارق العرقية والقومية وما أشبه .



بلى ؛ في إطار الأمة الواحدة تبقى للرحم ولايته ، حيث ان اولي الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله .



ويحذر ربنا سبحانه من أي انتماء آخر موازٍ للانتماء الرسالي ، فيقول ربنا سبحانه :
« أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَــدُوا مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِن دُونِ اللّهِ وَلا رَسُولِـهِ وَلا الْمُؤْمِنِـينَ



وَلِيجَةً وَاللّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ » (التوبة / 16)



وهكذا لا يجوز أن يتخذ المسلم أية وليجة ، (ولاية دخيلة وغريبة عن الولاء الأصلي) . فالولاء الاصلي يجب ان يكون لله وللرسول وللمؤمنين ، وليس لجهة قومية أو اقليمية او فئوية معارضة .

جيم : البراءة من الأعداء



البراءة من اعداء الله ، شرط الولاية لله وللرسـول . فالقلب لايحتمل ولاءين ، وليس لكل انسان إلاّ قلب واحد . قال الله سبحانـه :
« لاَ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الأَخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا ءَابَآءَهُمْ أَوْ أَبْنَآءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِروحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الاَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ اَلآ إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ » (المجادلة / 22)



وهكذا يقتضي الانتماء الى خط الرسالة تطهير القلب من سائر الوان الانتماء ، حتى الانتماء الأسري المعارض لولاية الله سبحانه .



وقد نهى القرآن اتخاذ اعداء الله واعداء الرسول اولياء والقاء المودة اليهم ، لانهم كفروا بما جاء المؤمنين من الحق ، ولانهـم اخرجوهم من بلادهم . فالعدو هو المخالف لقيمك ولمصالحك ، قال الله سبحانه :
« يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوْا بِمَا جَآءَكُم مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُم خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَآءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَاْ أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَآ أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ السَّبِيلِ » (الممتحنة/1)



وهكذا تعتبر ازدواجية الولاء من أخطر أمراض المجتمع . وعلينا محاربتها بكل قوة . وهي محور النفاق ، وجذر الفساد السياسـي ، وعلة الضعف .

دال : الانفصال عن المتخلفين



المتخلف عن الجهاد هو المعارض للخط الجهادي وقد يكون هو الذي يعتمد على ثروتـه ، ويبرر تقاعسه ببعض الأعمال الظاهرية ، ويحاول ان يخدع الناس بان دوره هو دور قيادي بسبب تلك الأعمــال .



وقد كان فريق من المسلمين على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله قد قعدوا عن الجهاد خلاف رسول الله ، (الذي أمرهم بالجهاد وجاهد بنفسه) . وكانت علة تخلفهم ، كراهية الجهاد بالمال والنفس في سبيل الله . وقد اشاعوا تبريراً لفعلهم ، فنهوا الناس عن القتال بزعم شدة الحرّ .



وكان من المسلمين ايضاً طائفة من الاثرياء ، كانوا يستأذنون رسول الله بان يسمح لهم بالقعود مع النساء .



ومثل هذه الجماعات المتقاعسة عن الجهاد ، هم - في الواقع - عقبة في طريق النهضة . وعلى المجاهدين ان يتزيّلوا عنهم ، بالاّ يسمعوا لأعذارهم التي يحاولون بها منعهم عن مواصلة المسيرة .



وهناك الكثير من المتقاعسين في الأمة يبررون واقعهم باشاعة الأفكار السلبية حول الجهاد والمجاهدين ، وقد أشارت الآيات القرآنية الى بعضها ، مثل قوله تعالى :
« فَرِحَ الْمُـخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللّهِ وَكَرِهُوا أَن يُجَاهِدُوا بِاَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَالُوا لاتَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ » (التوبة /81) او قوله :
« وَإِذْ قَالَتْ اُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ » (الاعراف/164) او قوله سبحانه :
« وَقَالُوا إِن نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَآ أَوَلَمْ نُمَكِّن لَهُمْ حَرَماً ءَامِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِن لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ » (القصص /57) و :
« قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الاَرْذَلُونَ » (الشعراء /111) وايضاً :
« الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنْتُمْ صَادِقِــينَ » . (آل عمران / 168)



ومن هـذه الافكار التبريرية ذات الأثر السلبي الكبير ، مباهات هؤلاء (وكثير منهم مترفون) ببعض الخدمات الاجتماعية الظاهرة ؛ مثل عمارة المساجد وسقاية الناس ، حيث يقول سبحانه :
« أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَآجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ ءَامَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَيَسْتَوُونَ عِندَ اللّهِ وَاللّهُ لايَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ ءَامَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَــدَوا فِي سَبِيلِ اللّهِ بِاَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللّهِ وَاُوْلَئِكَ هُمُ الْفَآئـزُونَ » (التوبة/19-20)



وقد جاء في الحديث الشريف ؛ ان علياً عليه السلام قال للعباس : يا عم ألا تهاجر ؟ ألا تلحق برسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فقال : ألست في اعظم من الهجرة ؟ أعمّر المسجد الحرام وأسقي حاج بيت الله .. فنزلت الآية : « أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَآجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ ءَامَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ » ([232])



الجهـاد هو المعيار الصادق ، لان فيه تحديـاً كبيراً للارادة ومواجهة للشهـوات والاهواء . أما بناء مسجد هنا او مستوصف هناك ، فانه يكون من أسهــل الأمور لمـن يملك الملاييـن او يتسلط على امكانات الدولة . وهكذا طبع نسخ من القرآن ، او اعطاء بضعة دراهم للفقــراء ..



من هنـا ينبغـي ان نميّز ابـداً بين المجاهديـن ، وبين المرائين والمتكلفين والمتخلفين عـن الجهـاد الواجب .

هاء : التمايز عن القاعدين



والقاعدون - بدورهم - فئتان ؛ فئة هم اولوا الضرر ، كالأعمى والمريض . اما الفئة الثانية فهم الذين يشتغلون في سائر أمور البلاد ، كالفـلاح في أرضه ، والمحترف في محله ، والعامل في مصنعه ، والمهندس والطبيب ومن أشبه .. وقـد فضّل الله سبحانه المجاهدين على القاعدين ، إذ قال تعالى :
« لاّيَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ اُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُـجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِاَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُـجَاهِدِينَ بِاَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُـجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرَاً عَظِيماً » (النساء / 95)



في ظل العزة والكرامة والاستقلال تكون لكل انسان قيمته ، اما عند فقدها فلا قيمة لأحد . ومن هنا فان الدفاع أهم من كل شيء ، وأسمى من كل قيمة .



فاذا كان النظام السياسي فاسـداً او محكومــاً بقوة اجنبيـة ، فـان كل حركة وكل فرد وكل خيرات الأمة تكـون في خدمـة ذلك النظـام الفاسد ، أو لاأقل تكون غير مفيدة . وهكذا جاء في الحديث المعروف : إذا فسـد السلطـان فسـد الزمـان . وقـال الله سبحانه :
« وَإِذَا أَرَدْنَآ أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً » (الاسراء / 16)



وقد فسرت هذه الآية بقيادة المترفين ، التي تنتهي الى عذاب الله .



ومن هنا فان الذين يجاهدون من اجل انقاذ الأمة من النظام الفاسد، او الذين يحافظون على النظام السياسي الصالح ، انهم يحافظون على كل قيم المجتمع ، وعلى حرمات الناس جميعاً .. وفي ظلهم يكون كل جهد نافعاً ومفيداً .



وهكذا تجد كل فرد يعمل من أجل نفسه ، بينما المجاهد يسعى من أجل الآخرين .



وهكذا فضل الله المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً .



ومن هذه البصيرة ، نستوحي الحقائق التالية :



1- على المجتمع ان يخدم المجاهدين ، وان يفضلهم على سائر الناس في القضايا السياسية . فاذا اراد الناس اختيار شخص لادارة البلد ، فان الافضل انتخابه من صفوف المجاهدين .



2- على الدولة تخصيص جزء هام من موارد البلاد الاقتصادية للمجاهدين . وقد عدد في القرآن مصارف الحقوق الشرعية ، وجاء في مقدمتها : "سبيل الله" . واظهر مصاديق هذه الكلمة ، القضايا الجهادية .



3- وعلى الدولة سن تشريعات خاصة بالمجاهدين ؛ مثلاً تقديمهم على سائر الناس في الحياة السياسية ، وتخصيصهم لميزات اقتصادية حسب الظروف المحيطة بالبلد .



4- كما ينبغي ان يحترم المجتمع المجاهدين في سائر الشؤون الاجتماعية ؛ مثل تقديم الدعم لهم عند الحاجة ، وتفضيلهم في الضمان الاجتماعي ، وفي التزاوج ، وحتى في المجالس ، وما أشبه ..



5- على المجاهدين انفسهم المحافظة على وحدتهم ، وألاّ يسمحوا للخلافات الاجتماعية ان تخترق صفوفهم وتقسمهم على بعضهم ، فتسقط هيبتهم وتذهب ريحهم وعزتهم .

واو : الصف الجهادي



الانصهار في بوتقة الجهاد ، هو الشرط الأهم لتشكيل وحدة الصف الجهادي ، وتسامي المجاهدين الى درجة الانتماء الى حزب الله، حيث أسمى درجات التكامل في التجمع الايماني والجهادي . قال الله سبحانه :
« يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ » (المائدة / 54)



إن المجتمع المسلم قد يتعرض لفتن كبيرة ، وينهار امامها في وادي الارتداد عن قيم الوحي ، وتعاليم الكتاب والسنة . وهناك تقتضي المشيئة الالهية تكون حزب الله ، من قوم يتسمون بالصفات التالية :



أولاً : ان الله يحبهم . ولا يحب الله الشخص لذاته ، بل لتكامل الصفات الحسنة فيه من الايمـان والعمل الصالح .. وحين يحب الله احداً ، تحبه ملائكته وأولياؤه ، ويسخّر له ما في السماء والأرض لانها مطيعة لله .



ثانيـاً : وهم يحبون الله ، ويشعرون بان الله متفضل عليهم ، وان عليهم شكر ربهم بالعطاء وبالصلاة والزكاة والجهاد . وحين يصلون ويزكون ويجاهدون ، فان عطاءهم هذا ليس جبراً عليهم وإكراهاً ، بل طوعـاً واختياراً ، لانه نابع من حبهم لله .



ثالثـاً : ولان علاقتهم بالله هي علاقة حب ، وهي ارفع درجات الانسجام والتوافق ، فانهم يحبون بعضهم ويتساهلون في علاقاتهم ؛ حتى يزعم الناظر اليهم من بعيد ان الواحد منهم عبد للاخرين في علاقة التواضع والايثار والابتعاد عن الذاتيات. فهم أذلة على المؤمنين.



رابعـاً : اما علاقتهم مع الكفار ، فهي علاقة المنعة والتحدي . فهم أعزة عليهم ، صامدون أمامهم ، غير متأثرين بافكارهم ، وغير خائفـين منهم .



خامساً : ونشاط المجتمع المسلم مكثف ، ويتحدى الصعوبات الداخلية والخارجية . فهم ابداً يجاهدون في سبيل الله ضد سلبياتهم الداخليـة ، وضد الاعداء الخارجـين .



سادسـاً : ان سلوكهم لا يتأثر بما يقوله الآخرون ، بل بما تمليه عليهم افكارهم السليمة وبصائرهم النافذة. لذلك فان الاشاعات لاتنال من جهادهم .

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر



وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر



القرآن الكريم :



1 - « كُنْتُمْ خَيْرَ اُمَّةٍ اُخْرِجَتْ لِلْنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ ءَامَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرَهُمُ الْفَاسِقُونَ » (آل عمران/110)



2 - « يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَـوْنَ عَـنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِــينَ » (آل عمران/114)



3 - « وَلْتَكُن مِنكُمْ اُمَّـةٌ يَدْعُـونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ » (آل عمران/104)



4 - « إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِاَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ



يُقَاتِـلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْءانِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * التَّآئِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الأَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ » (التوبة/111-112)



5 - « الَّذِينَ إِن مَكَّنَّاهُمْ فِي الاَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وءَاتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الاُمُورِ » (الحج/41)



6 - « وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَولِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ اُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ » (التوبة/71)



7 - « يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَآ أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ » (لقمان/17)

فقه الآيات:



1 / الامر بالمعروف والنهي عن المنكر من صفات الامة الاسلامية ومن اسباب رقيها، وبلوغها درجة "خير امة اخرجت للناس" . كما انهما كانا من صفات الصالحين من اهل الكتاب .



ومن هذه الامة طائفة فرض عليهم واجب الامر والنهي أشد من غيرهم؛ كالفقهاء والربانيين والمجاهدين والقوامين لله الذين اشترى الله منهم انفسهم واموالهـم، وبالذات الذين مكنهم الله في الارض .



2 / والامر والنهي دليل ولاية الله سبحانه التي جعلها بين المؤمنين ، ووسيلة رحمته. فمن حق المؤمن على أخيه ان يأمره بالمعروف وان ينهاه عن المنكر ، ومن واجب المؤمن ان يستجيب لاخيه اذا امره ونهاه .



3 / والامر والنهي من عزم الامور، كما اقامة الصلاة والصبر على البلاء ، وعلينا ان نعقد العزم عليهما ونتوكل على الله فيهما ، فلا نسمح للوهن ان يتخذ الى قلوبنا سبيلا، ولا الحزن والتردد .



4 / والظاهر من الامر والنهي التبعير عنهما بالقول ؛ لساناً او قلماً ، او بتغيير الملامح، او بفعل يظهر الامر والنهي كالاشارة باليد ، او ترك مجالسة فاعل المنكر وما اشبه .



5 / وقال بعض الفقهاء: ان المراد من الامر حمل الاخر على فعل ، والمراد من النهي ردعه عنه. وهكذا ينتظم في اطار الامر بالمعروف اقامة المشاريع الخيرية ، وفي اطار النهي عن المنكر هدم بنى الفسق ، وما ذكره هذا الفقيه هو الاحوط ، ولكن الاقوى ان الامر والنهي يقتصران على ما سبق من اظهار الرغبة الشديدة في الفعل والترك بالامر والنهي قولا او ما يشبه القول .



السنة الشريفة :



1 - روي عن العالم عليه السلام، انه قال: انما هلك من كان قبلكم بما عملوا (من المعاصي) ولم ينههم الربانيون والاحبار عن ذلك.



وروي: ان رجلاً جاء الى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: اخبرني



ما افضل الاعمال؟ فقال: الايمان بالله، قال: ثم ماذا؟ قال: صلة الرحم، قال: ثم مـاذا؟ قال: الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.



وروي أيضاً : ان صبيين توثبا على ديك فنتفاه فلم يدعا عليه ريشه، وشيخ قائم يصلي لا يأمرهم ولا ينهاهم، قال: فأمر الله الارض فابتلعته.



وروي عن العالم عليه السلام، انه قال: "ويل للذين يجتلبون الدنيا بالدين، وويل للذين يقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس" . ([233])



2- روى جابر، عن ابي جعفر عليه السلام، قال: "من مشى الى سلطان جائر فأمره بتقوى الله ووعظه وخوّفه، كان له مثل اجر الثقلين من الجن والانس، ومثل اجورهم" . ([234])



3- جاء في مواعظ المسيح عليه السلام انه قال: "بحق اقول لكم: ان الحريق ليقع في البيت الواحد، فلا يزال ينتقل من بيت الى بيت حتى تحترق بيوت كثيرة، الا ان يستدرك البيت الاول، فيهدم من قواعده فلا تجد فيه النار معملا، وكذلك الظالم الاول لو يؤخذ على يديه، لم يوجد من بعده امام ظالم فيأتمون به، كما لو لم تجد النار في البيت الاول خشباً وألواحاً لم تحرق شيئـاً.



بحق اقول لكم: من نظر الى الحيّة تؤم اخاه لتلدغه ولم يحذّره حتى قتلته، فلا يأمن ان يكون قد شرك في دمه، وكذلك من نظر الى أخيه يعمل الخطيئة ولم يحذره عاقبتها حتى احاطت به، فلا يأمن ان يكون قد شرك في اثمه.



ومن قدر على ان يغيّر الظلم ثم لم يغيّره فهو كفاعله، وكيف يهاب الظالم وقد أمن بين أظهركم!؟ لا ينهى، ولا يُغير عليه، ولا يؤخذ على يديه، فمن أين يقصر الظالمون؟ أم كيف لا يغترون؟ فحسب احدكم ان يقول لا اظلم ، ومن شاء فليظلم، ويرى الظلم فلا يغيره، فلو كان الامر على ما تقولون، لم تعاقبوا مع الظالمين الذين لم تعملوا باعمالهم حين تنزل بهم العثرة في الدنيا" . ([235])



4- روى أبو سعيد الخدري، ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال : "لا يحقرن احدكم نفسه اذا رأى امراً لله عز وجل فيه حق الا ان يقول فيه، لئلا يقفه الله عز وجل يوم القيامة فيقول له: ما منعك إذ رأيت كذا وكذا ان تقول فيه؟ فيقول: رب خفت، فيقول الله عز وجل: أنا كنت احق ان تخاف" . ([236])



5- وروي عن امير المؤمنين عليه السلام في قوله تعالى:
« وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللّهِ » انه قال: ان المراد بالآية، الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.



وعن النبي صلى الله عليه وآله قال: "من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر،



فهو خليفة الله في الارض وخليفة رسوله". ([237])



6- وجاء عن شهر ابن حوشب، ان علياً عليه السلام قال لهم: "انه لم يهلك من كان قبلكم من الامم، الا بحيث ما أتوا من المعاصي، ولم ينههم الربانيون والاحبار، فلما تمادوا في المعاصي، ولم ينههم الربانيون والاحبار، عمهم الله بعقوبة. فأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، قبل ان ينزل بكم مثل الذي نزل بهم، واعلموا ان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقربان من اجل، ولا ينقصان من رزق، فان الامر ينزل من السماء الى الارض كقطر المطر، الى كل نفس او اهل او مال" . ([238])



7- وروي عن موسى بن جعفر الامام الكاظم عن آبائه عن علي بن ابي طالب عليهم السلام أنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وآله يأتي اهل الصفة، وكانوا ضيفان رسول الله صلى الله عليه وآله.. الى ان قال: فقام سعد بن اشج فقال: اني أشهد الله، وأشهد رسول الله صلى الله عليه وآله، ومن حضرني، ان نوم الليل عليّ حرام، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لم تصنع شيئاً، كيف تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر إذا لم تخالط الناس؟ وسكون البرية بعد الحضر كفر للنعمة - الى ان قال - ثم قال صلى الله عليه وآله: بئس القوم قوم لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر، بئس القوم قوم يقذفون الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، بئس القوم قوم لا يقومون لله تعالى بالقسط، بئس القـوم قـوم يقتلون الذين يأمـرون الناس بالقسط في النـاس" . ([239])



8- وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله انه قال: " رأيت رجلاً من امتي في المنام، قد اخذته الزبانية من كل مكان، فجاءه امره بالمعروف ونهيه عن المنكر فخلصاه من بينهم، وجعلاه مع الملائكة" . ([240])



/ 9