مهمات مشبوهة فی الدیار المقدسة (3) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مهمات مشبوهة فی الدیار المقدسة (3) - نسخه متنی

حسن السعید

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید





سيتزن أو الحاج موسى



أمّا
الرحّالة الثاني الذي قام بمهمّة مشابهة ، فهو الألماني «الريخ
سيتزن» ، غير أنّ المعلومات عنه شحيحة جدّاً ، ولا ترقى المصادر
المتوفّرة (لدينا في أقل التقادير) إلى عدد أصابع اليد الواحدة ، وحتى
هذه المصادر تذكره بإيجاز شديد .


يعرّفه
الدكتور عبدالرحمن بدوي بأنّه «مستشرق ورحالة ألماني»; ولهذا صنّفه ضمن
موسوعته الشهيرة عن المستشرقين45 . ولد عام 1767م . ونجهل الكثير عن
نشأته وحياته ، وكلّ ما نعرفه; أنّه قضى عشرين سنة يدرّس ويتأهّب لرحلته
إلى الشرق . فجاء سوريا سنة 1805 وأقام فيها بضع سنين ، وكتب في
رحلته كتاباً قيّماً باللغة الألمانية46 .


جاء إلى
مصر في 1807 م ، فأقام بها طوال عامين . وكان يلبس الزي
الإسلامي47 .


وكان قد
تعرّف إلى المستشرق النمساوي «همّر پورجشتال» [1774 ـ 1856م] وفي اسطنبول عام
1802م ، وتبودلت بينهما الرسائل بعد ذلك ، فكان سيتزن يصف لهمّر ما
يشاهده في رحلاته في سوريا وفلسطين وشرقي الأردن وبلاد العرب ومصر السفلى
والفيّوم . وفي مصر جمع مخطوطات عربيّة وآثاراً مصرية قديمة ، وقد
اقتنى هذه المخطوطات لصالح المكتبة الدوقيّة في جوتا48 .


سافر إلى
الحجاز ، في زيّ درويش اسمه «الحاج موسى» فدخل مكّة حاجّاً سنة
1810م . . وهناك قابل الأمير سعود ، وكان قد ارتاب بقيافته
وإسلامه ، ولكن كبير الوهابيين يومئذ لم يمانع العالِم الافرنجي في
تجواله49 ولا ندري ما هو السرّ
وراء هذا التساهل الوهابي ، مع المشكوك في أمرهم إسلامياً ، قبال
تشدّدهم المعهود مع بعض المسلمين ، الذين لا يتوانون عن إلصاق تهمة
«الشرك» بهم ، بمناسبة وفي غير مناسبة؟!


وعلى أيّة
حال ، فإنّ سيتزن المسكين ـ كما يصفه برينث ـ تلك الشخصية
الواعدة
التي قتلتها الخرافات والطمع ، قبل أن تستطيع تقديم أيّ شيء ذي
بال ، فقد سافر في هذه الفترة من الزمن عبر ذلك المسرح العريض لشبه
الجزيرة العربية; وتجوّل خلال المدن العربية القديمة التي أصبحت خرائب
وأطلالاً مثل البتراء . وقد أعلن إسلامه وأدّى فريضة الحجّ في مكة50 .


وفي صيف
عام 1810 قصد سيتزن اليمن ، وطوّف فيها فعثر على النقوش ، التي
أشار إليها نيبور بالقرب من المدينة الحميرية ذمار ، فنسخ الكتابات
العربية الجنوبية الاُولى ، وهي عبارة عن خمس قطع صغيرة51 .


وفي رسائله
إلى المستشرق همّر تحدّث له أيضاً عن جنوب الجزيرة العربية ، وعن
البربر ، وأرسل إليه رسوماً لنقوش من جنوب الجزيرة العربية ، ومن
سيناء ، وتحدّث عمّن لقيهم من الرجال ، فقد التقى بالشيخ عبدالرحمن
الجبرتي [1754 ـ 1822م] ، وبالترجمان الفرنسي «Asselin de
Cherville»ـ[1772ـ 1822م ]الذي قال له : إنّ قصص ألف ليلة وليلة نشأت في
عصر متأخّر ، وهذا هو ما هيّأ لهمّر الفرصة كي يكون أوّل من يحيل إلى
الموضع المشهور في «مروج الذهب» للمسعودي ، حول هذا الموضوع52 .


وكان
في نيّة «سيتزن» أن يجتاز الجزيرة العربية إلى الخليج
الفارسي; ليسوح في الشرق الأوسط ، فعاد من عدن ووجهته الجبال53 وعندما بلغ مخا اعتقد القوم أنّه
ساحر ، فما ترك ، وقافلته المحملة بمجموعاته ، مخا حتى
اختفى . فمن قائل : إنّ العرب قتلوه بالقرب من مدينة تعز54 بعد أن رابهم أمره ، خاصّة أنّ
هذا المستعرب الألماني لم يكن ـ على ما يظهر ـ مثل علي بك العباسي بارعاً في
التنكّر55 ومن قائل : إنّ
الإمام أمر بدسّ السمّ له في صنعاء ، وهناك لقي حتفه56 عام 1811م ، إذ لم يكن الإمام يقيم وزناً
لذلك الأوروپي الوحيد الذي لم يرافقه أحد ، وعندما فتحت حقائبه وجدوا
فيها بعض النباتات المجفّفة ، وأكياساً تحوي بعض البذور والحشرات
المحفوظة ، وبعض الأدوات الفلكية ، والدفاتر المملوءة بالكتابات
غير المفهومة ، وصوراً وخرائط أماكن بعيدة ، ومبلغاً زهيداً من
المال57 ، فيما ترك اختفاء
سيتزن أثراً سيئاً في نفوس الرحالة فأحجموا عن جنوب بلاد العرب سنوات58 .


يقول
عنه «هوغارث» : «كان سيتزن نباتيّاً مشهوراً في أوروپا ، وهو من
العلماء الأفاضل ، له نظرات ثاقبة صائبة في الأشياء وفي الناس» وإنّ من
يقرأ كتبه عن بعض الحكّام في سوريا ، وبعض النباتات والصناعات في
لبنان ، ليتأكّد من ذلك ، ويأسف جدّاً ، لأنّ كتبه ومذكّراته
فقدت بعد موته في اليمن ، فحرمنا رأيه في الوهابيين وأميرهم الأكبر
سعود ، كما يقول الريحاني59 .


وتبقى
مغامرات "سيتزن" ومخاطراته الواسعة المتنوّعة ، بما في ذلك تظاهره
بالإسلام ، ولبس زي الدراويش ، وحجّه إلى مكّة ، وذهابه إلى
اليمن ، فضلاً عن مكوثه في الشام ومن ثم في مصر . . كلّ ذلك
يبقى مثار علامات استفهام حول حقيقة المهمّة ، التي كانت موكلة إلى هذا
الشاب ، الذي لقي حتفه ، وهو في غمرة انهماكه بمهمّته
السرّية . . والمشبوهة تلك . .


/ 15