اسكتلان أميراً للمدينة المنوّرة
ثمّة
مغامران آخران استطلعا الحجاز في العقد الثاني من القرن التاسع عشر ، أي
بعد سنوات قليلة جدّاً من أداء «علي بك العباسي» و «سيتزن» (أو الحاج موسى)
الحج إلى مكّة المكرّمة . وهما السكوتلاندي «توماس كيث» ،
والايطالي «جيوفاني فيناتي» .
وقد
زار الحجاز عدد آخر من الاوروپيين الرحالة بعد ذلك ، ولا سيما خلال
القرن التاسع عشر ، منذ بدايته حتى نهايته . وقد كانت حملة الخديوي
محمد علي باشا على الحجاز ، بأمر من الباب العالي في اسطنبول; لانقاذها
من الوهابيين ، سبباً في دخول عدد من الاوروپيين مع الجيوش المصرية إلى
الأراضي المقدّسة ، وزيارتهم مكة والمدينة ، كما فعل
الرحالة «بورخارت» ، كما حصل للجندي السكوتلاندي المغامر «توماس
كيث» .
فقد
كان «توماس كيث» اغا من أغوات المماليك العاملين في جيوش محمّد علي
باشا ، باسم «ابراهيم أغا»60 . وكان طوسون الشاب مثل أبيه وأخيه ابراهيم
متساهلا في دينه ، عاملاً بتساهله في أمور شتّى سياسية وغير
سياسية ، وكان يميل خصوصاً إلى الاوروپيين ، ويحب الانتفاع بعلومهم
واختراعاتهم . وقد ضمّ الجيش المصري أولئك المجازفين منهم
والمسترزقين61 وقد كتب لإبراهيم
أغا هذا (توماس كيث) أن يشارك في حملة طوسون بن محمد علي باشا ، التي
سيقت على المدينة المنوّرة سنة 1812م ، فكان أوّل الداخلين إليها ،
ثم وجد نفسه يشغل أغرب وظيفة في حياته ، لفترة قصيرة من الزمن ،
وهي وظيفة حاكم عسكري للمدينة المنوّرة ، على ما يقول هوغارث62 وهذا ممّا يدلّل على التساهل الذي كان
يبديه محمد علي باشا الكبير وأولاده .