مهمات مشبوهة فی الدیار المقدسة (3) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مهمات مشبوهة فی الدیار المقدسة (3) - نسخه متنی

حسن السعید

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید





التظاهر بأنّه من أشراف المسلمين



إذن ، هذا اليهودي
الذي تزيّا بزي المسلمين ، وسمّى نفسه «علي بك العباسي» كان مكلّفاً
بمهام خاصّة من قبل الحكومة الفرنسية12 وعندما وصل إلى بلاد العرب لم يكن هذا الذي وصل
إلى الشواطئ العربية رحالة أو عالماً أسبانياً ، بل كان رجلاً
مسلماً ، ومن أشراف المسلمين . .!! ، إذ اختار لنفسه
اسماً مرموقاً وأجداداً ممتازين ، كما يقول
«يرينث» .


ولكي يدلّل على مصداقيته
وليبعد الشبهات عنه ، اعتاد الخدم من حاشيته
وضع سجادته
المخصصة لصلاته خلف سجادة الإمام مباشرة . وقد وصل علي بك إلى مكّة
وهناك استقبله شريف مكة . وإذا كان هناك مجال للتساؤل حول عبقريته فقد
زالت هذه الشكوك الآن . إذ إنّ «علي بك» كان يجيد اللغة الفرنسية
والأسبانية والايطالية ، ولكنّه كان حريصاً على تكلّم اللغة العربية
بطلاقة وسهولة أزالت كلّ الشكوك حول أصله ومحتده . ولو كان هناك أدنى شك
في هذه القضية ، لكان المسوؤل عن بئر زمزم ، والذي كان يقدّم ذلك
الماء المقدّس للأشراف والنبلاء ويدس السم ـ على حدّ زعم برينث ـ لمن تحوم
حولهم الشكوك ، لكان هذا قد نفّذ فعلته بالنسبة لعلي
بك .


دخل «علي بك» مكّة متحديّاً
العادات والتقاليد ، فقد كان راكباً بعيره ، وقد سُمح له بذلك
لإصابته أثناء الرحلة . وعند دخوله مكّة اتّجه إلى الكعبة مع بقيّة
الحجّاج مباشرة ، وكان اثنان من خدمه يدعمانه ويساعدانه على السير
والطواف .


ويقول «علي بك» في
مذكّراته : «إنّ الخدم الذين أحاطوا بي داخل الرواق المعمد الممتد على
مدى البصر ، وساحة (المعبد) الهائلة ، وبيت الله المغطّى من قمّته
لأسفله بالقماش الأسود ، والمحاط بحلقة من المصابيح ، وتأخّر الوقت
وسكون الليل ، ومرشدنا الذي كان يتفوّه بكلمات كما لو أنّه يتلو شيئاً
قد اُوحي إليه ، كلّ هذه الأشياء قد شكّلت صورة مؤثّرة لا يمكن أن تنمحي
من ذاكرتي أبداً» .


وعلى الرغم من هذا
التأثّر ، إلاّ أنّ «علي بك» كان يتوخّى الدقّة في أوصافه طيلة مدّة
إقامته . فهو يصف بالتفصيل الأروقة المعمدة والقباب والمآذن في المسجد
العظيم ، ويخبرنا عن الأماكن المبلّطة والأماكن ذات الأرض
الرملية . ويميّز الأمكنة التي تخصّ أتباع كلّ مذهب من المذاهب،
فالمالكية هنا ، والحنفية هناك ، والشافعية من جهة ،
والحنابلة وهم مؤسسو المذهب الوهابي من جهة اُخرى . وقد سُمح لعلي بك
بصفته من الزوّار ذوي الأهمّية بالاشتراك في غسل الكعبة ، وهكذا فإنّ
علي بك هو أوّل زائر عُرف عنه أنّه قام بمثل هذا العمل13 .


وبذا ، يكون علي بك
ثاني رحالة أجنبي يقدّم للغرب وصفاً عن مكّة المكرّمة ، بعد «جوزيف
بيتز» (الذي تحدّثنا عنه بشيء من التفصيل في العدد الماضي) في كتابه الذي
وضعه في أواخر القرن السابع عشر ، تحت عنوان «وصف أمين لديانة وأخلاق
المحمديين» . إلاّ أنّ سرد علي بك أكثر دقةً وشمولا ، فهو يصف
المدينة والحرم الشريف بصورة شاملة ، ويقدّم التخطيطات والرسومات ،
ويتناول أوضاع الأهالي ، والظروف السياسية والتجارية ، والأسواق
والبضائع ، والمباني ، والفنون ، والعلوم ، والحيوانات
والزراعة . . والأهم من كلّ ذلك أنّه كان أوّل من حدّد موقع
المدينة الحقيقي14 .


/ 15