مهمات مشبوهة فی الدیار المقدسة (3) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مهمات مشبوهة فی الدیار المقدسة (3) - نسخه متنی

حسن السعید

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



مشاهدات عن الوهابيين


وإذا صرفنا النظر عن مهمّة
علي بك السياسية ، فإنّه أوّل أوروپي شاهد جموع الوهابيين في
مكّة ، وحجّ معهم واعتمر ، إذ كان الأمير سعود وأبو نقطة يتقدّمان
الحجّاج إلى عرفات ، وهم خمسة وأربعون ألفاً ، ومعهم علي بك22 .

ومن طريف ما يذكره «علي بك
العبّاسي» هذا ، الذي أصبح كتابه مرجعاً مهمّاً للغربيين عن مكّة ،
وصفه لجماعة من البدو الوهابيين الذين جاءوا إلى الحجّ في مكّة سنة 1807م
بصفته شاهد عيان23 ، وقد سنحت
له الفرصة لرؤية الجيش الوهابي ، وهو يدخل مكة في صباح أحد أيام شباط
(فبراير) عام 1807م ، عندما رأى حشداً من الرجال يكادون يكونون
عراة ، وهم متنكّبون البنادق ، والسيوف في أحزمتهم24 .

يقول علي بك :
« . . وسرعان ما دخل البلدة جمهور من الرجال العراة ، الذين
لم يكونوا يلبسون شيئاً إلاّ الأسمال التي كانت تستر عوراتهم . وكان عدد
قليل منهم يضعون بالإضافة إلى ذلك شيئاً فوق أكتافهم ، كما كان قسم آخر
منهم عراة بالكلية ، لكن الجميع كانوا مسلّحين إمّا بالبنادق أو
بالخناجر . وحالما وقعت أعين المكّيين على هذا السيل من العراة
المسلّحين ، هرعوا إلى البيوت كلّهم ، واختفوا عن الأنظار .
وكان البعض من هؤلاء يركبون الخيول ، مع عريهم وتسلّحهم بالرماح ،
ويرتلون أدعيتهم وجملهم الدينية بصوت مرتفع كلّ بالطريقة التي يختارها ،
ومن دون خشوع أو انتظام . وقد تولّى أطفال مكّة ، وهم الأدلاّء على
الدوام ، إرشادهم والطواف بهم; لأنّ الكبار قد تلاشوا عن الأنظار .
ولذلك أخذوا يمرّون في داخل البيت الحرام ، ويقبّلون الحجر
الأسود ، وكأنّهم مجموعة محتشدة من الزنابير25 .

ويشير علي بك إلى أنّ الناس
عندما رأوا هذا السيل من الرجال المسلّحين العراة هربوا وأخلوا الشوارع
لهم . وهكذا ملأ هؤلاء الشارع تماماً . أما أنا ـ يقول علي بك ـ
فقد بقيت في مكاني ، ثم تسلّقت كومة من القمامة حتى أستطيع الرؤية بشكل
أفضل ، راقبت مرور جيش مؤلف من خمسة أو ستّة آلاف رجل ، وكان
أمامهم ثلاثة أو أربعة فرسان يركبون الخيول والجمال وفي أيديهم حراب
كالسابقين ، ولكنّهم لم يحملوا أعلاماً أو طبولا أو أيّة إشارة تشير إلى
النصر العسكري ، وفي أثناء سيرهم أطلق بعضهم أصواتاً تدل على الحماس
الديني ، وآخرون كانوا يتلون بعض الصلوات بشكل مرتفع كلّ حسب
طريقته»26 .

أما الشريف غالب فقد
كان ، خلال ذلك ، يشاهد الوهابيين من قصره القائم فوق السفح ،
بعد أن أوعز إلى جنده من العبيد والأتراك بأن لا يغادروا مقرّاتهم ،
بينما كان هذا المد القادم من البادية يكتسح مكة ، وينحسر عنها دون وقوع
حادث يُذكر27 .

وقد أدرك «علي بك» فيما بعد
أنّ ذلك الحماس المتوقّد ، الذي ظهر لدى الوهابيين ، كان بسبب
شعورهم بقوّتهم الساحقة . فهو يقول : إنّه لدى نزوله من جبل عرفات
استطاع رؤية جيشهم جميعه وهو يقدّر بـ (45) ألف مقاتل ، جميعهم
تقريباً يركبون الجمال ، ومعهم حوالى ألف جمل لحمل الماء والخيام وخشب
الوقود والتبن والعلف لجمال رُؤسائهم . وكان في مؤخرتهم شرذمة من الجنود
يحملون أعلاماً ذات ألوان مختلفة مرفوعة على رماحهم . وهو يستنتج بحق
أنّه بعد النظرة الاُولى ، ورؤية هذا الحشد من الرجال المسلّحين
العراة ، الذين ليس لديهم أيّة فكرة عن الحضارة أو المدنية ،
ويتكلّمون لغة بربرية ، هذه النظرة تسبّب الفزع والحذر ، ومع ذلك
فقد وجد فيهم بعض صفات الفضيلة ، فهم لا يسرقون ولا ينهبون بالقوّة أو
الحيلة إلاّ إذا كانوا على يقين من أنّ ما يستولون عليه يخصّ الأعداء أو
الكفّار . وكانوا يدفعون ثمن كلّ ما يشترونه أو أجرة أيّة خدمة تُقدّم
لهم من
أموالهم الخاصّة ، وهم يتبعون قوادهم ويطيعونهم طاعة عمياء ،
ويتحمّلون جميع أصناف الشقاء والمشقّة ، ويتّبعون شيوخهم إلى أقصى
المعمورة28 .

ورغم هذا ، فإنّ علي
بك لا ينسى إبداء اندهاشه; لأنّ أهالي مكة وبقيّة الحجّاج لم يوافقوه على بعض
آرائه الايجابية بالنسبة لهؤلاء القادمين الجدد ، ولكنّه يسجّل أنّ
الوهابيين قد دمّروا وهدّموا جميع المساجد التي خُصصت لذكرى الرسول(صلى الله
عليه وآله وسلم)وأهل بيته . وقد هدّم سعود قبور الأولياء والصالحين من
الصحابة وأبطال الإسلام الذين كان الناس يحترمونهم ، وهدّم قصر السلطان
الشريف أيضاً ، ولم يُبقِ من تلك الأبنية إلاّ الخرائب والأطلال29 .

أمّا في المدينة المنوّرة
فقد علم علي بك أنّ جميع الزخارف ، التي أحاطت بقبر النبي(صلى الله عليه
وآله وسلم) قد أتلفت ، خلال نوبات من الحماس المتزمّت ، حتى لم يبق
شيء من ألوانها الزاهية الفخمة30 .

أمّا في الشؤون الدينية فقد
ألغيت وحُرّمت التقاليد القديمة ، التي كان الحجّاج يتقيّدون بهاجيلاً
بعدجيل بإخلاصوتفان، ومُنعت زيارة القبور . وفي جدّة ظهرت قوّة جديدة من
الشرطة ، وهم مسؤولون عن تذكير الناس بالصلوات الخمس وإجبارهم على
أدائها ، وكانوا عراة الأجسام ، وفي يد كلّ منهم عصاً غليظة ،
وقد أمروا أن يصرخوا ويوبخوا الناس ، ويسحبوهم قسراً من أكتافهم ،
حتّى يشتركوا في الصلوات العامة خمس مرّات في اليوم ، وقد تولّى رجال
مسلّحون حراسة أماكن قبور الأولياء والصالحين ، ومنع الناس من الدخول
إليها31

/ 15