احادیث ام المومنین عائشه جلد 2

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

احادیث ام المومنین عائشه - جلد 2

سید مرتضی العسکری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


ان حديث عمر هذا يناقض بعضه بعضا, ويخالف حديث ام المؤمنين عائشة , ويزيد في الامر غموضا عـلـى غـمـوض , فـان كـان سـبـب نـزول آيـات الـتـحريم ما ذكره من ان نساء النبي (ص ) كن
يراجعنه ((147)) طوال النهار ويضايقنه , وانه راجع في ذلك ام سلمة فردته , فما وجه تخصيص
ع ئشـة وحفصة من بينهن باللوم والتقريع في قوله تعالى :(وان تظاهرا عليه ) الايات ؟ كما صرح به
هـو مع اشتراك غيرهما معهما في تلك المراجعة والطلب الملح , وهذا يخالف ما ذكرته ام المؤمنين
فـي احـاديـثـها من ان سبب نزول الايات تحريم النبي (ص ) العسل على نفسه ف قصة قد ذكرتها,
والخليفة بعد هذا لم يذكر ما حرمه الرسول (ص ) على نفسه ابتغاء مرضاة ازواجه ولم يبين السر
الذي اذاعته زوج الرسول (ص ) وزاد غموضا في الامر ما ذكر عمر في حديثه عن التحريم : من
ايلاء النبي (ص ) ازواجه تسعا وعشرين ليلة وتخييره اياهن , وهذا ما دعا مسلما ان يجعل التحريم
والايلاء والمظاهرة امرا واحدا في صحيحه حيث قال : باب في الايلاء واعتزال النساء وتخييرهن
وقـولـه تـعالى : (وان تظاهرا عليه ) ((148)) وشوش على ابن سعد فذكر التخيير في بابين من
طبقاته فقال : باب ذكر المراتين اللتين تظاهرت على رسول اللّه وتخييره نساءه ((149)) وقال في
باب آخر: ذكر ما هجر فيه رسول اللّه (ص ) نساءه وتخييره اياهن ((150)) .

هذه الاحاديث الى عشرات من امثالها في قصة التحريم والتخيير, الواردة في كتب الصحاح والسنن
والـسـيـر والـمـسانيد تولد للباحث دوارا شديدا في محاولته معرفة الواقع التاريخي , كما تربك
المؤرخ فيما اذا اراد الرجوع الى اصح كتب الحديث لكتابة سيرة النبي (ص ) وت وش على المفسر
فـي محاولته تفسير آي الذكر الحكيم على ضوء الحديث النبوي الشريف , وتضيع على الفقيه جهده
في استنباطه الاحكام استنادا على السيرة النبوية , الا فيما اذا كان كل منهم يدرس موضوعه دراسة
سطحية , ويعتمد على اول حديث يصادفه في احدى امهات ك ب الصحاح والمسانيد, ويصدر حكمه
القطعي استنادا الى ما صادفه من حديث دونما تتبع وتنقيب عن غيره من الاحاديث المتناقضة في هذا
الباب .

ولـعل المستشرق الاجنبي ابعد من كل هؤلاء عن فهم الواقع من حياة النبي (ص ) وماذا عساه ان يفهم
من الرجوع الى هذه الاحاديث ؟ لقد وجدنا ام المؤمنين في احاديثها الاولى عن التحريم تذكر ان سبب نزولها مراجعة نساء النبي اياه ,
ونـجد ام المؤمنين تذكر في احاديثها الاخيرة ان النبي هجر نساءه شهرا لان زينب ردت عليه ما كان
قـد بـعـثه اليها, فقالت عائشة : لقد اقمات وجهك ان تردعليك , فغضب الرسول من ذلك وقال : (انتن
اهـون على اللّه من ان تقمئنني لا ادخل عليكن شهرا) وليت شعري ما ذنب سائر امهات المؤمنين ان
يهجرهن الرسول (ص ) شهرا لما قامت به ام المؤمنين .

عائشة وام المؤمنين زينب , وقد قال تعالى : (ولا تزر وازرة وزر اخرى )؟.

اضـف الـى هـذا انها قالت : ان الرسول (ص ) امرها ان تراجع ابويها في التخيير, وكان التخيير في
الـسنة الثامنة بينما امها كانت قد توفيت في السنة الرابعة او الخامسة او السادسة من الهجرة , وبعد
كل هذه هل ان قصة التخيير والمظاهرة هما قصة واحدة ام انهما قصتان ؟.

امـا الـقـرآن الكريم فاذا رجعنا اليه وحده - دون الاستئناس الى الاحاديث المذكورة - فنجد امر
التخيير مذكورا في الايات الاتية من سورة الاحزاب كالاتي :.

(يـا ايـهـا الـنـبي قل لازواجك ان كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين امتعكن واسرحكن سراحا
جـمـيلا وان كنتن تردن اللّه ورسوله والدار الاخرة فان اللّه اعد للمحسنات منكن اجرا عظيما)
(الايـة : 28 و 29) نـجـد الخطاب في هذه اايات الى قوله تعالى : (واذكرن ما يتلى في بيوتكن من
آيات اللّه والحكمة ان اللّه كان لطيفا خبيرا) (الاية : 34) موجها الى جميع زوجات الرسول وليس
فـيـه تـهـديـد ووعـيد وانما تخيير بين الحياة الدنيا فيسرحهن سراحا جميلا, وبين اختيار اللّه
ورسول والدار الاخرة فيعد اللّه لهن اجرا حسنا.

بـيـنـمـا الـخطاب في سورة التحريم موجه الى اثنتين فقط حيث قال : (ان تتوبا الى اللّه فقد صغت
قـلـوبكما وان تظاهرا عليه فان اللّه هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير
عـسـى ربـه ان طـلقكن ان يبدله ازواجا خيرا منكن) الى آخرالسورة , بما فيها من وعيد وتهديد,
واجـمـل مـا فـيـهـا مـن التمثيل بامراتين وامراتين , كل ذلك يدل على ان قصة التخيير غير قصة
المظاهرة .

والتي جاء كل منهما في سورة على حدة .

.

كـان كـل ذلـكم في ما روي عن ام المؤمنين عائشة والخليفة الصحابي عمر بن الخطاب في قصتي
التحريم والتخيير.

واذا رجعنا الى ما روي عن غيرهما من الصحابة وجدنا:.

اولا- قصة التخيير:.

روى ابـن سعد في باب (ذكر ما هجر فيه رسول اللّه (ص ) نساءه وتخييره اياهن ): عن جارية بن
ابي عمران قال : سمعت ابا سلمة الحضرمي يقول :.

جـلـست مع ابي سعيد الخدري وجابر بن عبد اللّه وهما يتحدثان وقد ذهب بصر جابر فجاء رجل
فـسـلـم ثـم جلس فقال : يا ابا عبد اللّه ارسلني اليك عروة ابن الزبير اسالك فيم هجر رسول اللّه
(ص ) نساءه ؟ فقال جابر: تركنا رسول اللّه يوما وليلة لم يخرج الى الصلاة فاخذنا ماتقدم وما تاخر,
فـاجـتـمعنا ببابه نتكلم ليسمع كلامنا ويعلم مكاننا, فاطلنا الوقوف فلم ياذن لنا ولم يخرج الينا قال :
فـقلنا: قد علم رسول اللّه مكانكم ولو اراد ان ياذن لكم لاذن , فتفرقوا لا تؤذوه فتقرق الناس غير
عـمـر بـن الخطاب يتنحنح ويتكلم ويستاذن حتى اذن له رسول اللّه , قال عمر: فدخلت عليه وهو
واضع يده على خده اعرف به الكبة , فقلت : اي نبي اللّه بابي انت وامي ما الذي رابك ؟.

ومـا لـقي الناس بعدك من فقدهم لرؤيتك ؟ فقال : يا عمر يسالنني اولاء ما ليس عندي , -يعني نساءه -
فـذاك الـذي بـلـغ مني ما ترى فقلت : يا نبي اللّه قد صككت ((151)) جميلة بنت ثابت صكة الصقت
خدها منها بالارض لانها سالتني ما لا اقدر عليه , وانت يا رسول على موعد من رب ك وهو جاعل بعد
العسر يسرا.

قال : فلم ازل اكلمه حتى رايت رسول اللّه قد تحلل عنه بعض ذلك قال :.

فـخـرجـت فـلقيت ابا بكر الصديق فحدثته الحديث فدخل ابو بكر على عائشة فقال : قد علمت ان
رسـول اللّه لا يـدخر عنكن شيئا فلا تسالنه ما لا يجد, انظري حاجتك فاطلبيها الي وانطلق عمر
الى حفصة فذكر لها مثل ذلك , ثم اتبعا امهات المؤمنين فجعلا يذكران لهن مثل ذلك حتى دخلا على ام
سـلـمـة فذكرا لها مثل ذلك , فقالت لهما ام سلمة : ما لكما ولما ها هنا رسول اللّه (ص ), اعلم بامرنا
عـيـنـا ولـو اراد ان ينهانا لنهانا, فمن نسال اذا لم نسال رسول اللّه ؟ هل يدخل بينكما وبين اهليكما
احد؟ فما نكلفكما هذا فخرجا من عندها, فقال ازواج النبي (ص ) لام سلمة : جزاك اللّه خيرا حين
فعلت ما فعلت , ما قدرنا ان نرد عليهما شيئا ثم قال جابر لابي سعيد: الم يكن الحديث هكذا؟ قال : بلى
وقد بقيت منه بقية قال جابر: فانا آتي على ذلك ان شاء اللّه , ثم قال : فانزل اللّه في ذلك : (يا ايها النبي
قـل ل زواجـك ان كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين امتعكن واسرحكن سراحا جميلا) يعني
مـتـعـة الـطلاق , ويعني بتسريحهن تطليقهن طلاقا جميلا (وان كنتن تردن اللّه ورسوله والدار
الاخرة ) تخترن اللّه ورسوله فلا تنكحن بعده احدا فانطلق رسول الل فبدا بعائشة فقال : ان اللّه قد
امرني ان اخيركن بين ان تخترن اللّه ورسوله والدار الاخرة وبين ان تخترن الدنيا وزينتها, وقد
بـدات بـك فانا اخيرك قالت : اي نبي اللّه وهل بدات باحد منهن قبلي ؟ قال : لا قالت : فاني اختار اللّه
ورسـولـه والـدار الاخـرة فـاكتم على ولا تخبر بذاك نساءك قال رسول اللّه (ص ): بل اخبرهن
فاخبرهن .

رسول اللّه (ص ) جميعا فاخترن اللّه ورسوله والدار الاخرة , وكان خياره بين الدنيا والاخرة ان
يخترن الاخرة او الدنيا قال : (وان كنتن تردن اللّه ورسوله والدار الاخرة فان اللّه اعد للمحسنات
منكن اجرا عظيما) فاخترن ان لا يتزوجن بعده ثم قال : (يا ن اء النبي من يات منكن بفاحشة مبينة -
يـعني الزنى - يضاعف لها العذاب ضعفين - يعني في الاخرة - وكان ذلك على اللّه يسيرا ومن يقنت
مـنكن للّه ورسوله - يعني تطع اللّه ورسوله (ص ) - وتعمل صالحا نؤتها اجرها مرتين - مضاعفا
لـها في الاخرة وكذلك العذا - واعتدنا لها رزقا كريما يا نساء النبي لستن كاحد من النساء ان اتقيتن
فـلا تـخـضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض - يقول : فجور - وقلن قولا معروفا وقرن في
بـيـوتـكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الاولى ), يقول : لا تخرجن من بيوتكن ولا تبرجن ,يعني القاء
القناع فعل اهل الجاهلية الاولى فقال ابو سعيد: هذا الحديث على وجهه ((152)) .

كـانـت تـلـكـم قـصة التخيير, حدث عنها صحابيان ممن ادركا الواقعة بتفصيل واف , وبينا موقف
الـشيخين المشرف من ابنتهما, وليس فيه ذكر للّه جر والتحريم والطلاق مما لا مبرر للقيام به في
هذه الواقعة , والتي تنتهي في يومين وليس في شهر وان ما ذكراه يتناسب وسياق آيات التخيير.

ثانيا- قصة المظاهرة والتحريم :.

واما قصة المظاهرة والتحريم , فكالاتي بيانه :.

اخـرج ابن سعد في باب (ذكر المراتين اللتين تظاهرتا على رسول اللّه (ص ) وتخييره نساءه ) من
طـبـقاته بسنده الى عروة بن الزبير قال : انطلقت حفصة الى ابيها تحدث عنده , وارسل رسول اللّه
(ص ) الى مارية فظل معها في بيت حفصة وضاجعها, فرجعت حفصة من عند ابيها وابصرتهمافغارت
غـيـرة شـديدة , ثم ان رسول اللّه (ص ) اخرج سريته فدخلت حفصة فقالت : قد رايت ما كان عندك
وقد واللّه سؤتني فقال النبي (ص ): فاني واللّه لارضينك , اني مسر اليك سرا فاخفيه لي , فقالت : ما
هو قال : اشهدك ان سريتي علي حرام - يريد بذلك رضا حفصة -الحديث ((153)) .

واخرج ((154)) عن ابن عباس يقول :.

خـرجـت حفصة من بيتها, وكان يوم عائشة , فدخل رسول اللّه (ص ) بجاريته وهي مخمر وجهها
فقالت حفصة لرسول اللّه (ص ): اما اني قد رايت ما صنعت , فقال لها رسول اللّه (ص ): فاكتمي عني
وهـي حـرام , فـانطلقت حفصة الى عائشة فاخبرتها وبشرتها بتحريم القبطية , فقالت له عائشة اما
يـومـي فـتـعرس فيه بالقبطية , واما سائر نسائك فتسلم لهن ايامهن بـعض ازواجه حديثا - لحفصة - فلما نبات به واظهره اللّه عليه عرف بعضه واعرض عن بعض
فـلـما نباها به قالت من انباك هذا قال نباني العليم الخبير ان تتوبا الى اللّه فقد صغت قلوبكما - يعني
عـائشة وحفصة - وان تظاهرا عليه - يعني حفصة وعائشة - فان اللّه هو مولاه وجبريل وصالح
الـمـؤمـنـين والملائكة بعد ذلك ظهير عسى ربه ان طلقكن) الاية فتركهن رسول اللّه (ص ) تسعا
وعـشـرين ليلة ثم نزل : (يا اى ها النبي لم تحرم ما احل اللّه لك تبتغي مرضاة ازواجك واللّه غفور
رحيم ) فامر فكفر يمينه وحبس نساءه عليه .

وعن جبير بن مطعم قريبا من هذا ((155)) .

وعن قاسم بن محمد ايضا باختصار ((156)) .

وعـن زيد بن اسلم ان النبي حرم ام ابراهيم فقال : (هي علي حرام , قال : واللّه لا اقربها), قال : فنزل
(قد فرض اللّه لكم تحلة ايمانكم ) الحديث ((157)) .

وعن مسروق قال : آلى رسول اللّه من امته وحرمها فانزل اللّه في الايلاء (قد فرض اللّه لكم تحلة
ايـمـانـكـم ) وانزل اللّه : (يا ايها النبي لم تحرم ما احل اللّه لك تبتغي مرضاة ازواجك ) فالحرام هنا
حلال ((158)) .

واما, من هجرهن رسول (ص ), هل انه هجر جميع نسائه تسعا وعشرين يوما؟ او هجر بعضهن ؟.

ففي حديث ام سلمة بيان ذلك فيما اخرجه احمد في مسنده ومسلم في صحيحه واللفظ للاول :.

عـن عـكرمة بن عبد الرحمن بن الحارث ان ام سلمة اخبرته ان رسول اللّه (ص ) حلف ان لا يدخل
على بعض اهله شهرا, فلما مضى تسعة وعشرون يوما غدا عليهم (او راح ).

فقيل له : حلفت يا نبي اللّه ان لا تدخل علينا شهرا فقال : ان الشهر تسعة وعشرون يوما ((159)) .

وفي سنن ابن ماجة وصحيح البخاري واللفظ للاول :.

عـن امـ سلمة ان رسول اللّه (ص ) آلى من بعض نساءه شهرا فلما كان تسعة وعشرون يوما راح او
غدا.

فقيل : يا رسول اللّه انما مضى تسع وعشرون .

فقال : الشهر تسع وعشرون ((160)) .

وهـذا يتناسب واصل الواقعة من قيام بعض امهات المؤمنين بما سبب التحريم فهجر الرسول (ص )
تلكم البعض فحسب .

اذن فهؤلاء الرواة يحدثون ان النبي (ص ) كان قد وطا سريته مارية في بيت حفصة , فاستاءت من ذلك
فحرمها على نفسه ابتغاء مرضاتها, واسر ذلك الى حفصة فاذاعته الى عائشة .

وفـي بـعـض الـروايات ان ذلك كان في يوم عائشة , وغير بعيد هذا القول لان النبي (ص ) كان قد
خصص لكل واحدة من زوجاته يوما وليلة , اما السرية فلم يكن لها يوم مخصوص ليقضي معها الرسول
(ص ) فـلابـد انه كان يطؤها في يوم بعض ازواجه , ولما صادف ذلك في بيت حفصة ويوم عائشة ,
وكـانتا متصافيتين فيما بينهما متظاهرتين على غيرهما, راجعتا النبي (ص ) بذلك بشدة فحرم النبي
(ص ) السرية على نفسه , كل ذلك جائز والعقل يستسيغه ويؤيد ذلك ان النبي (ص ) لما هجرهن تسعا
وعـشـريـن لـيلة مكث في العلية التي كان اسكنها م رية , والتي سميت بعد ذلك بمشربة ام ابراهيم
يومين , كل ذلك جائز.

واما انه كيف كان تظاهرهما الذي ذكره القرآن حين قال : (وان تظاهرا عليه فان اللّه هو مولاه ) وما
هـو الامر الذي اعرض عن ذكره الرسول (ص ) تكرما فلا نطمئن الى شي ء مما حدثته الرواة في
ذلك , فان كان الرسول اعرض عن ذكره تكرما ولم يجبهم به , وانهماومن كان معهما لم يحدثوا ذلك
لاحد فمن اين عرفه الرواة ؟.

فقد وجدنا الخليفة عمر وام المؤمنين عائشة لم يريا من الحكمة بيان ذلك في ما حدثوا عنه .

امـا ما قاله الرواة في ذلك فقد رووا عن ابن عباس انه قال في قوله تعالى : (واذ اسر النبي الى بعض
ازواجه حديثا).

قـال : اطـلـعـت حفصة على النبي (ص ) مع ام ابراهيم فقال : (لا تخبري عائشة ) وقال لها: (ان اباك
واباها سيملكان او سيليان بعدي فلا تخبري عائشة ).

قـال : فـانـطلقت حفصة فاخبرت عائشة , فاظهره اللّه عليه فعرف بعضه واعرض عن بعض (فلما
نـبـات بـه ) اي اخـبرت به عائشة لمصافاة كانت بينهما, وكانت متظاهرتين على نساء النبي (ص )
(واظهره اللّه عليه ) اي اطلعه اليه واعرض عن بعض تكرما ((161)) .

عـن الـضـحـاك في قوله : (يا ايها النبي لم تحرم ) كانت لرسول اللّه (ص ) فتاة فغشيها فبصرت به
حفصة , وكان اليوم يوم عائشة وكانتا متظاهرتين , فقال رسول اللّه (ص ): (اكتمي علي ولا تذكري
لـعـائشـة ما رايت ) فذكرت حفصة لعائشة فغضبت عائشة فلم تزل بنبي اللّه (ص ) حتى حلف ان لا
يقربها ابدا فانزل اللّه هذه الاية , وامره ان يكفر يمينه وياتي جاريته ((162)) .

عـن ابـن عـباس قوله : (يا ايها النبي لم تحرم ما احل اللّه لك ) الى قوله : (وهو العليم الحكيم ) قال :
كانت عائشة وحفصة متحابتين , وكانتا زوجتي النبي (ص ), فذهبت حفصة الى ابيها فتحدثت عنده ,
فارسل النبي (ص ) الى جاريته فظلت معه في بيت حفصة , وكان اليوم الذي ياتي فيه عائشة , فرجعت
حفصة فوجدتهما في بيتها فجعلت تنتظر خروجهما وغارت غيرة شديدة فاخرج رسول اللّه (ص )
جاريته , ودخلت حفصة فقالت : قد رايت من كان عندك , واللّه لقد سؤتني فقال النبي (ص ): لارضينك
فاني مسر اليك سرا فاحفظيه قالت : ما هو؟ قال : اني اش دك ان سريتي هذه علي حرام رضا لك .

الحديث ((163)) .

عن ابن عباس قال : قلت لعمر بن الخطاب من المراتان اللتان تظاهرتا؟.

قال : عائشة وحفصة , وكان بدء الحديث في شان مارية ام ابراهيم القبطية , اصابها النبي (ص ) في بيت
حفصة في يومها فوجدت حفصة فقالت : يا نبي اللّه لقد جئت الي شيئا ما جئته الى احد من ازواجك في
يومي وفي دوري على فراشي قال : الا ترضين ان احرمها فلا اقربها؟قالت : بلى , فحرمها وقال : لا
تـذكري ذلك لاحد, فذكرته لعائشة فاظهره اللّه عز وجل عليه فانزل اللّه : (يا ايها النبي لم تحرم
ما احل اللّه لك تبتغي مرضاة ازواجك ) الايات كلها, فبلغنا.

ان رسول اللّه (ص ) كفر عن يمينه واصاب جاريته ((164)) .

وفي تفسير سورة التحريم من القرطبي ((165)) .

روى الـدارقطني عن ابن عباس , عن عمر: دخل رسول اللّه (ص ) بام ولده مارية في بيت حفصة ,
فـوجدته حفصة معها - وكانت حفصة غابت الى بيت ابيها - فقالت له : تدخلها بيتي مـن بين نسائك الا من هواني عليك , فقال لها: (لا تذكري هذا لعائشة فهي علي حرام ان قربتها) قالت
حفصة : وكيف تحرم عليك وهي جاريتك ؟ فحلف لها الا يقربها, فقال النبي(ص ): (لا تذكريه لاحد)
فذكرته لعائشة فلى لا يدخل على نسائه شهرا فاعتزلهن تسعا وعشرين ليلة , فانزل اللّه عز وجل:
(لم تحرم ما احل اللّه لك )الاية .

وفي رواية ابن عباس بكنز العمال : حتى اذا كان يوم حفصة قالت : يا رسول ان لي حاجة الى ابي فاذن
لـي آتـيـه , فـاذن لـها, ثم ارسل الى مارية جاريته فادخلها بيت حفصة , فوقع عليها, فقالت حفصة :
فـوجـدت الباب مغلقا فجلست عند الباب فخرج رسول اللّه (ص ) وهو فزع ووجهه ي طر عرقا
وحفصة تبكي , فقال : (ما يبكيك )؟.

قـالـت : انما اذنت لي من اجل هذا ادخلت امتك بيتي , ثم وقعت عليها على فراشي , ما كنت تصنع هذا
بامراة منهن , اما واللّه لا يحل لك هذا يا رسول اللّه فـقال : (واللّه ما صدقت , اليس هي جاريتي وقد احلها اللّه لي ؟ اشهدك انها علي حرام التمس رضاك ,
لا تـخـبري بهذا امراة منهن , فهي عندك امانة ) فلما خرج رسول اللّه (ص ) قرعت حفصة الجدار
الذي بينها وبين عائشة , فقالت : الا ابشرك ان رسول اللّه (ص ) قد حرم عليه امته وقد اراحنا اللّه
تعالى منها, فانزل اللّه الحديث ((166)) .

عـن زيـد بن اسلم ((167)) ان رسول اللّه (ص ) اصاب ام ولده ابراهيم في بيت بعض نسائه قال :
فقالت : اي رسول اللّه في بيتي وعلى فراشي فـقـالت : يا رسول اللّه كيف تحرم عليك الحلال ؟ فحلف لها باللّه لا يصيبها فانزل اللّه عز وجل: (يا
ايها النبي ) الاية قال زيد: فقوله : انت علي حرام لغو ((168)) .

قـال ابـن زيـد فـي قـوله : (يا ايها النبي لم تحرم ) قال : انه وجدت امراة من نساء رسول اللّه (ص )
ورسـول اللّه مـع جاريته في بيتها, فقالت : يا رسول اللّه انى كان هذا الامر, وكنت اهونهن عليك ؟
فقال لها رسول اللّه (ص ):.

(اسـكتي لا تذكري هذا لاحد, هي علي حرام ان قربتها بعد هذا ابدا), فقالت : يا رسول اللّه وكيف
تحرم عليك ما احل اللّه لك حين تقول : هي علي حرام ابدا؟.

فقال : (واللّه لا اتيها ابدا) الحديث .

خلاصة بحثي التحريم والتخيير ونتيجتهما.

ا- قصة التحريم :.

نـزلـت سـورة الـتحريم في شان امي المؤمنين عائشة وحفصة بسبب ان رسول اللّه (ص ) اصاب
جـاريته مارية في يوم عائشة وبيت حفصة فتالمت حفصة من ذلك فحرم الرسول (ص ) مارية على
نـفـسـه تطييبا لخاطرها, واستكتمها الخبر فانبات ام المؤمنين عائشة بذلك وتظاهرتا على رسول
اللّه (ص ) فـانـباه اللّه على ما تظاهرتا عليه , فانبا الرسول حفصة ببعض ماتظاهرتا عليه واعرض
عـن ذكـر بعض ما انباه اللّه لها تكرما, ثم خاطبهما اللّه وقال : (ان تتوبا الى اللّه فقد صغت قلوبكما
وان تظاهرا عليه فان اللّه هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعدذلك ظهير) ثم تهديد
بـالتطليق في الدنيا وبعد ذلك تهديد بعذاب الاخرة , ودعوة ثانية لعامة المؤمنين بالتوبة النصوح اي
الـخـالـصة من التردد وبتخويف وتهديد بعذاب الاخرة , وذكر لحال النبي (ص ) والذين آمنوا معه
يومذاك , ثم ضرب مثلا بسوء عاقبة زوجتي رسولين خانتا زويهما في مقابل حسن عاقبة مؤمنتين .

كـان ذلـكـم خلاصة ما جاء في سورة التحريم , واجمعت الروايات وتواترت عن غير ام المؤمنين
عائشة ان المتظاهرين على رسول اللّه (ص ) هما ام المؤمنين عائشة وام المؤمنين حفصة واختلفت
روايـات ام المؤمنين عائشة في ذكر المتظاهرة الثانية معها, وذكرت ان الذي حره الرسول (ص )
عـلـى نـفسه هو العسل , ولا يليق بعظمة الباري جل اسمه وحكمته ان يجيش لهذا الامر ملائكته
وصالح المؤمنين .

ولا يـتـفق محتوى الايات والتنصيص على ان المتظاهرتين كانتا اثنتين مع رواية الخليفة عمر بان
الـرسـول (ص ) طلق جميع ازواجه بسبب مطالبتهن الرسول (ص ) باكثر مما يتيسر له من النفقة ,
وانـمـا يـنـاسـب ذلـك آيات التخيير التي امر اللّه جل اسمه رسوله (ص ) ان يخير ازواجه بين
ان يـمـتعهن ويسرحهن سراحا جميلا ان اردن الدنيا وزينتها وبين ان يخترن اللّه ورسوله والدار
الاخرة التي اعد للمحسنات منهن فيها اجرا عظيما.

ب - قصة التخيير:.

نعرف حقيقة قصة التخيير مما ذكره الصحابي جابر في الامر ان الرسول (ص ) لم يحضر لصلاة
الـجـمـاعـة في مسجده يوما وليلة وان الخليفة عمر استاذن النبي (ص ) فدخل واخبره النبي بان
ازواجه يطالبنه من النفقة ما ليس عنده , وانه وابا بكر طلبا من ابنتيهما ان لا تطالبا ارسول (ص ) ما
لا يـتـيـسر له انفاقه عليهما, بعدها يخاطبان سائر ازواج الرسول (ص ) بذلك فجابهتهما ام سلمة
بـقـولـها: ما لكما ولما ها هنا رسول اللّه (ص ) اعلى بامرنا الحديث فانزل اللّه تعالى في هذا الشان
قـولـه الـكـريـم : (يـا ايها النبي قل لازواجك ان كنتن تردن الحي ة الدنيا وزينتها فتعالين امتعكن
واسـرحكن سراحا جميلا - يعني متعة الطلاق - وان كنتن تردن اللّه ورسوله والدار الاخرة )
الاية فبدا بعائشة فقال : ان اللّه امرني ان اخيركن بين ان تخترن اللّه ورسوله والدار الاخرة وبين
ان تـخترن الدنيا وزينتها وقد بدات ب فانا اخيرك فقالت : فاني اختار اللّه ورسوله والدار الاخرة
اكـتـم عـلـي ولا تـخبر بذلك نساءك قال : (بل اخبرهن ) واخبرهن واخترن جميعا اللّه ورسوله
والدار الاخرة , ولم يمتد زمان هذه الواقعة اكثر من يوم وليلة , ولم يشتهر فيها انه طلق نساءه فيها
وانـما الطلاق ين سب شان المتظاهرتين عليه , وفيها قال اللّه تعالى : (عسى ربه ان طلقكن ان يبدله
ازواجـا خـيرا منكن ) فحلف الرسول (ص ) ان لا يدخل عليهما شهرا تاديبا لهما, ولعله كان يذهب
فـي نـوبـتهما الى مشربة مارية ولما تم تسع وعشرون ليلة دخل في نوبتهما في بيتيهما وكان غاية
الـدعـايـة في خلط القصتين في بعض الروايات الدفاع عن حرمة ام المؤمنين عائشة وام المؤمنين
حفصة .

ج - روايات المسابقة والتيمم والافك .

قال المقريزي في غزوة المريسيع :.

كان حديث الافك , وذلك ان رسول اللّه (ص ) نزل منزلا ليس معه ماء وسقط عقد عائشة (رض ) من
عنقها, فاقام (ص ) بالناس حتى اصبحوا وضجر الناس وقالوا: حبستنا عائشة , فضاق بذلك ابو بكر
وعاتب عائشة عتابا شديدا, ونزلت آية التيمم .

ثم ساروا ونزلوا موضعا دمثا طيبا ذا اراك فقال رسول اللّه (ص ): (يا عائشة قـالـت : نـعم , فتحزمت ثيابها وفعل ذلك رسول اللّه (ص ), ثم استبقا, فسبق (ص ) عائشة (رض ),
فقال : (هذه بتلك السبقة التي كنت سبقتني ).

وكان جاء الى منزل ابي بكر, ومع عائشة شي ء فقال : (هلميه ) فابت وسعت وسعى في اثرها فسبقته
وكـان يـرحـل بـعـيـر عـائشـة ابـو مـويهبة ورجل آخر وكانت تقعد في هودج ثم ذكر قصة
الافك ((169)) .

وقال ابن سعد بعد ايراده خبر غزوة بني المصطلق :.

وفـي هذه الغزاة سقط عقد لعائشة فاحتبسوا على طلبه , فنزلت آية التيمم , فقال اسيد بن الحضير:
ما هي باول بركتكم يا آل ابي بكر.

وفي هذه الغزاة كان حديث عائشة وقول اهل الافك فيها.

قال : وانزل اللّه تبارك وتعالى براءتها.

وغـاب رسـول اللّه (ص ) فـي غـزاتـه هـذه ثـمـانـية وعشرين يوما وقدم المدينة لهلال شهر
رمضان ((170)) .

وتفصيل الاخبار في كتب الحديث كالاتي بيانها باذنه تعالى :.


اولا - حديث المسابقة .

اخرج احمد حديث المسابقة باربعة اسانيد في مسنده ((171)) .
عـن هشام , عن ابيه , عن عائشة قالت : خرجت مع النبي (ص ) في بعض اسفاره وانا جارية لم احمل
اللحم ولم ابدن , فقال الناس : تقدموا, فتقدموا, ثم قال لي :.

تـعالي حتى اسابقك , فسابقته فسبقته فسكت عني حتى اذا حملت اللحم وبدنت ونسيت , خرجت معه
في بعض اسفاره فقال الناس : تقدموا, فتقدموا ثم قال :.

تعالي حتى اسابقك فسابقته فسبقني , فجعل يضحك وهو يقول : هذه بتلك .

عن ابي سلمة مثله ((172)) .

وعن هشام , عن ابيه ايضا قريبا منه ((173)) .

وعن القاسم بن محمد, عن عائشة باختصار ((174)) .

كانت تلكم احاديث المسابقة في مسند احمد وفي ما ياتي حديث التيمم باذنه تعالى .


ثانيا - حديث التيمم :

.
في صحيح البخاري ومسلم وسنن النسائي وسنن الدارمي وسنن ابن ماجة وموطا مالك ومسند احمد وابي عوانة واللفظ للاول :.

عـن عـائشـة انها استعارت من اسماء قلادة فهلكت , فارسل رسول اللّه (ص ) ناسا من اصحابه في
طـلبها فادركتهم الصلاة فصلوا بغير وضوء فلما اتوا النبي (ص ) شكوا ذلك اليه فنزلت آية التيمم
فقال اسيد بن حضير: جزاك اللّه خيرا فواللّه ما نزل بك امر قط الا جعل اللّه لك منه مخرجا وجعل
للمسلمين فيه بركة ((175)) .

وفي مسند احمد: عن عبد اللّه بن الزبير, عن عائشة زوج النبي (ص ) اقبلنا مع رسول اللّه (ص )
في بعض اسفاره حتى اذا كنا بتربان بلد بينه وبين المدينة بريد واميال وهو بلد لا ماء به الحديث .

وفـيه ان اباها قال لها: واللّه ما علمت يا بنية انك لمباركة , ماذا جعل اللّه للمسلمين في حبسك اياهم
من البركة واليسر ((176)) .


ثالثا - حديث الافك .

ا - فـي صحيح البخاري ومسلم ومسند احمد ((177)) واللفظ للاول : عن ام المؤمنين عائشة انها
قالت :.

كـان رسـول اللّه (ص ) اذا اراد ان يخرج اقرع بين ازواجه فايتهن خرج سهمها خرج بها رسول
اللّه (ص ) مـعـه قالت عائشة : فاقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج سهمي فخرجت مع رسول اللّه
(ص ) بـعـد مـا نـزل الحجاب فانا احمل في هودجي وانزل فيه , فسرنا حتى اذا فرغ رسول اللّه
(ص ) مـن غ وتـه تلك وقفل ودنونا من المدينة قافلين آذن ليلة بالرحيل , فقمت حين آذنوا بالرحيل
فـمـشـيـت حـتـى جـاوزت الـجـيـش , فلما قضيت شاني اقبلت الى رحلي فاذا عقد لي من جزع
ظفار ((178)) قد انقطع فالتمست عقدي وحبسني ابتغاؤه , واقبل .

الـرهـط الـذيـن كـانوا يرحلون لي فاحتملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت ركبت وهم
يحسبون اني فيه , وكان النساء اذ ذاك خفافا لم يثقلهن اللحم انما تاكل العلقة ((179)) من الطعام فلم
يـسـتـنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه وكنت جارية حديثة السن فبعثوا الجمل وساروا, فودت
عقدي بعدما استمر الجيش فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب , فاقمت في منزلي الذي كنت به
وظننت انهم سيفقدوني فيرجعون الي , فبينما انا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت وكان صفوان
بـن الـمـعـطل السلمي ثم الزكواني - عرس - ((180)) من وراء الجيش فادلج فاصبح عند م زلي
فـراى سـواد انـسـان نـائم , فـاتـانـي فـعرفني حين رآني وكان يراني قبل الحجاب , فاستيقظت
بـاسترجاعه حين عرفني فخمرت وجهي بجلبابي واللّه ما كلمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير
اسـتـرجـاعـه , حـتـى اناخ راحلته فوطئ على يديها فركبتها فانطلق يقود بي الراحلة حتى اتينا
الـجـيـش بـعد ما نزلوا موغرين في نحر الظهيرة ((181)) فهلك من هلك وكان الذي تولى الافك
عبداللّه بن ابي بن سلول فقدمنا المدينة فاشتكيت حين قدمت شهرا والناس يفيضون في قول اصحاب
الافك لا اشعر بشي ء من ذلك وهو يريبني في وجعي اني لا اعرف من رسول اللّه (ص ) اللطف الذي
كنت ارى منه حين اشتكي , انما يدخل علي رسول اللّه (ص ) فيسلم ثم يقول :.

كـيـف تـيـكم ؟ ثم ينصرف فذاك الذي يريبني ولا اشعر, حتى خرجت بعدما نقهت فخرجت معي ام
مـسـطـح قبل المناصع ((182)) وهو متبرزنا, وكنا لا نخرج الاليلا الى ليل , وذلك قبل ان نتخذ
الكنف قريبا من بيوتنا, وامرنا امر العرب الاول في التبرز قبل الغائط, فكنا نتاذى بالكنف ان نتخذها
عند بيوتنا.

فـانـطـلقت انا وام مسطح وهي ابنة ابي رهم بن عبد مناف وامها بنت صخر بن عامر خالة ابي بكر
الـصديق وابنها مسطح بن اثاثة , فاقبلت انا وام مسطح قبل بيتي قد فرغنا من شاننا فعثرت ام مسطح
في مرطها فقالت : تعس مسطح .

فقلت لها: بئس ما قلت اتسبين رجلا شهد بدرا؟.

قالت : اي هنتاه ((183)) او لم تسمعي ما قال ؟.

قلت : وما قال ؟.

قالت : فاخبرتني بقول اهل الافك فازددت مرضا على مرضي , قالت : فلما رجعت الى بيتي ودخل علي
رسول اللّه (ص ) - تعني سلم - ثم قال : كيف تيكم ؟.

فقلت : اتاذن لي ان آتي ابوي؟ قالت : وانا حينئذ اريد ان استيقن الخبر من قبلهما, قالت : فاذن لي رسول
اللّه (ص ) فـجـئت ابوي فقلت لامي : يا امتاه ما يتحدث الناس ؟ قالت : يا بنية هوني عليك فواللّه لقلما
كـانت امراة قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر الا كثرن عليها, قالت : فقلت : سبحان اللّه ولقد
تـحـدث الـنـاس بـهذا؟ قالت : فبكيت تلك الليلة حتى اصبحت لا يرقا لي دمع ولا اكتحل بنوم حتى
اصبحت ابكي , فدعا رسول اللّه (ص ) علي بن ابي طالب .

واسامة بن زيد رضي اللّه عنهما حين استلبث الوحي يستامرهما فراق اهله , قالت : فاما اسامة بن زيد
فـاشـار على رسول اللّه (ص ) بالذي يعلم من براءة اهله وبالذي يعلم لهم في نفسه من الود فقال : يا
رسـول اللّه اهـلك وما نعلم الا خيرا, واما علي بن ابي طالب فقال : يا رسو اللّه لم يضيق اللّه عليك
والنساء سواها كثير, تسال الجارية تصدقك , قالت : فدعا رسول اللّه (ص ) بريرة , فقال : اي بريرة
هـل رايـت شي ء يريبك ؟ قالت بريرة : لا والذي بعثك بالحق ان رايت عليها امرا اغمصه ((184))
عـلـيـها اكثر من انها جارية حديثة السن تنام عن عجين اهله فتاتي الداجن ((185)) فتاكله , فقام
رسـول اللّه (ص ) فـاسـتـعـذر يومئذ عبداللّه بن ابي ابن سلول , قالت : فقال رسول اللّه وهو على
الـمـنـبر: يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني اذاه في اهل بيتي , فواللّه ما علمت على
اهـلـي الا خـيرا ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه الا خيرا وما كان يدخل على اهلي الا معي , فقام
سـعد بن معاذ الانصاري فقال : يا رسول اللّه انا اعذرك منه ان كان من الاوس ضربت عنقه وان كان
من اخواننا من الخزرج امرتنا ففعلنا امرك .

قالت : فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج وكان قبل ذلك رجلا صالحا, ولكن احتملته الحمية فقال
لـسـعـد: كذبت لعمر اللّه لا تقتله ولا تقدر على قتله , فقام اسيد بن حضير وهو ابن عم سعد فقال
لـسـعـد بـن عـبادة : كذبت لعمر اللّه لنقتلنه فانك منافق تجادل عن المنافقين , فتثار الحيان الاوس
والـخـزرج حـتى هموا ان يقتتلوا ورسول اللّه (ص ) قائم على المنبر فلم يزل رسول اللّه (ص )
يخفضهم حتى سكتوا وسكت , قالت : فمكثت يومي ذلك لا يرقا لي دمع ولا اكتحل بنوم , قالت : فاصبح
ابـواي عـنـدي وقد بكيت ليلتين ويوما لا اكتحل بنوم ولا يرقا لي دمع يظان ان البكاء فالق كبدي ,
قـالت : فبينما هما جالسان عندي وانا ابكي فاستاذنت علي امراة من الانصار فاذنت لها فجلست تبكي
معي , قالت : فبينا نحن على ذلك دخل علينا رسول اللّه (ص ) فسلم ثم جلس , قالت : ولم يجلس عندي
مـنذ قيل لي ما قيل قبلها وقد لبث شهرا لا يوحى اليه في شاني , قالت : فتشهد رسول اللّه (ص ) حين
جلس ثم قال : اما بعد يا عائشة فانه قد بلغني عنك كذا وكذا فان كنت بريئة فسيبرئك اللّه وان كنت
الممت بذنب فاستغفري اللّه وتوبي اليه فان العبد اذا اعترف بذنبه .

ثـم تـاب الى اللّه تاب اللّه عليه , قالت : فلما قضى رسول اللّه (ص ) مقالته قلص دمعي حتى ما احس
منه قطرة فقلت لابي : اجب رسول اللّه (ص ) فيما قال :.

قال : واللّه ما ادري ما اقول لرسول اللّه (ص ) فقلت لامي : اجيبي رسول اللّه (ص ) قالت : ما ادري ما
اقول لرسول اللّه (ص ) قالت : فقلت وانا جارية حديثة السن لا اقرا كثيرا من القرآن : اني واللّه لقد
عـلـمت لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في انفسكم وصدقتم به , فلئن ق ت لكم اني بريئة واللّه
يـعـلـم انـي بـريـئة لا تصدقوني واللّه ما اجد لكم مثلا الا قول ابي يوسف : (فصبر جميل واللّه
الـمـسـتعان على ما تصفون ) قالت : ثم تحولت فاضطجعت على فراشي , قالت : وانا حينئذ اعلم اني
بـريـئة وان اللّه مبرئني ببراءتي ولكن واللّه ما كنت اظن ا اللّه ينزل في شاني وحيا يتلى , ولشاني
فـي نفسي كان احقر من ان يتكلم اللّه في بامر يتلى , ولكن كنت ارجو ان يرى رسول اللّه (ص ) في
الـنوم رؤيا يبرئني اللّه بها, قالت : فواللّه ما قام رسول اللّه (ص ) ولا خرج احد من اهل البيت حتى
انزل عليه فاخذه ما كان ياخذه من البرحاء ((186)) حتى انه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق وهو
في يوم شات من ثقل القول الذي ينزل عليه قالت : فلما سري عن رسول اللّه (ص ) وسري عنه وهو
يضحك فكانت اول كلمة تكلم بها: يا عائشة اما اللّه عز وجل فقد براك , فقالت امي :.

قومي اليه , قالت : فقلت : واللّه لا اقوم اليه ولا احمد الا اللّه عز وجل وانزل اللّه :.

(ان الذين جاءوا بالافك عصبة منكم ) العشر الايات كلها, فلما انزل اللّه هذا في براءتي قال ابو بكر
الصديق - وكان ينفق على مسطح بن اثاثة لقرابته منه وفقره -: واللّه لا انفق على مسطح شيئا ابدا
بـعـد الـذي قال لعائشة ما قال فانزل اللّه : (ولا ياتل اولو الفضل م كم والسعة ان يؤتوا اولي القربى
والـمساكين والمهاجرين في سبيل اللّه وليعفوا وليصفحوا الا تحبون ان يغفر اللّه لكم واللّه غفور
رحيم ) قال ابو بكر: بلى واللّه اني احب ان يغفر اللّه لي فرجع الى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه
وقـال : واللّه لا انـزعـهـا منه ابدا, قالت عائشة : وكان رسول اللّه (ص ) سال زينب بنت جحش عن
امري فقال لزينب :.

مـاذا عـلـمت او رايت ؟ فقالت : يا رسول اللّه احمي سمعي وبصري , واللّه ما علمت الا خيرا, قالت
عـائشـة : وهي التي كانت تساميني من ازواج النبي (ص ) فعصمها اللّه بالورع , قالت : وطفقت اختها
حمنة تحارب لها فهلكت في من هلك من اصحاب الافك .

ب - واخرج البخاري ((187)) ومسلم في قصة الافك ايضا عن هشام بن عروة قال : اخبرني ابي
عـن عائشة قالت : لما ذكر من شاني الذي ذكر وما علمت به قام رسول اللّه (ص ) في الناس خطيبا
ثم قال : فقام سعد بن معاذ فقال : ائذن لي يا رسول اللّه ان نضرب اعناقهم , وقام رجل من بني الخزرج
وكـانـت ام حسان بن ثابت من رهط ذلك الرجل فقال : كذبت ولما كان مساء ذلك اليوم خرجت لبعض
حـاجـتي ومعي ام مسطح فعثرت فقالت : تعس مسطح ثم عثرت الثالثة فقالت : تعس مسطح فانتهرتها
فقالت : واللّه ما اسبه الا فيك .

قلت : في اي شاني ؟ فبقرت ((188)) لي الحديث , فرجعت الى بيتي كان الذي خرجت لا اجد منه لا
قليلا ولا كثيرا ووعكت فقلت لرسول اللّه : ارسلني الى بيت ابي فارسل معي الغلام فسمع ابو بكر
صوتي وهو فوق البيت يقرا فنزل قال : اقسمت عليك اي بنية الا رجعت الى بيتك فرجعت ولغ الامر
الـى ذلـك الـرجـل الذي قيل له , فقال : سبحان اللّه , واللّه ما كشفت كنف ((189)) انثى قط, قالت
عـائشـة : فـقـتل شهيدا في سبيل اللّه , قالت : واصبح ابواي عندي فلم يزالا حتى دخل رسول اللّه
(ص ) فـحمد ثم قال : اما بعد يا عائشة ان كنت قارفت سوءا او ظلمت فتوبي قالت :وقد جاءت امراة
مـن الانصار فهي جالسة بالباب , فقلت : الا تستحي ((190)) من هذه المراة ؟ تشهدت فحمدت اللّه
واثنيت عليه بما هو اهله ثم قلت : اما بعد وانزل على رسول اللّه (ص ).

الـى قـولـها: وكان الذي يتكلم فيه مسطح وحسان بن ثابت والمنافق عبداللّه بن ابي وهو الذي كان
يستوشيه ((191)) ويجمعه وهو الذي تولى كبره منهم هو وحمنة الحديث .

يـخـتلف هذا الحديث عن الذي قبله من وجوه منها انه جاء في الحديث الاول قصة خروجها للتبرز
وكـلام ام مسطح معها بعد المرض , وفي الحديث الثاني ذكر ان مرضها كان بعد اخبار ام مسطح لها,
ويظهر من هذا وغيره مما ينتبه اليه القارئ فيما اذا قارن بين الحديثين من وجوه الاختلاف ومضافا
الى هذين الحديثين , قد جاء في مسند احمد ((192)) طرف من حديث الافك بسند.

ابنه عبداللّه الى عمر عن ابيه عن عائشة .

ج - فـي صحيح البخاري بسنده عن الزهري : قال لي الوليد بن عبد الملك : ابلغك ان عليا كان فيمن
قـذف عائشة ؟ قلت : لا ولكن قد اخبرني رجلان من قومك ابو سلمة بن عبد الرحمن وابو بكر بن
عبد الرحمن بن الحارث ان عائشة قالت لهما: كان علي مسلما في شانها ((193)) .

د - فـي صحيح البخاري عن هشام بن عروة عن ابيه , عن ام المؤمنين عائشة قالت : فقام رسول اللّه
(ص ) فاستعذر يومئذ من عبداللّه بن ابي بن سلول .

قالت : فقال رسول اللّه (ص ) وهو على المنبر: يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني اذاه
فـي اهـل بيتي فواللّه ما علمت على اهلي الا خيرا, ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه الا خيرا وما
كان يدخل على اهلي الا معي فقام سعد بن معاذ الانصاري فقال : يا رسول اللّه اا اعذرك منه ان كان من
الاوس ضـربـت عنقه وان كان من اخواننا من الخزرج امرتنا ففعلنا امرك قالت : فقام سعد بن عبادة
وهو سيد الخزرج وكان قبل ذلك رجلا صالحا ولكن احتملته .

الـحمية فقال لسعد: كذبت لعمر اللّه لا تقتله ولا تقدر على قتله , فقام اسيد بن حضير وهو ابن عم
سـعـد فقال لسعد بن عبادة : كذبت لعمر اللّه لنقتلنه فانك منافق تجادل عن المنافقين , فتثاور الحيان
الاوس والـخـزرج حتى هموا ان يقتتلوا ورسول اللّه (ص ) قائم على المنبر فل يزل رسول اللّه
(ص ) يخفضهم حتى سكتوا وسكت ((194)) .

هـ - فـي سـنـن ابـن ماجة وابي داود والترمذي ومسند احمد واللفظ للاول : عن عمرة بنت عبد
الـرحـمـن , عـن عائشة قالت : لما نزل عذري , قام رسول اللّه (ص ) على المنبر فذكر ذلك وتلا
القرآن فلما نزل امر برجلين وامراة فضربوا حدهم ((195)) .

وفـي سـنـن ابي داود بسنده : فامر برجلين وامراة ممن تكلم بالفاحشة حسان ابن ثابت ومسطح بن
اثاثة , قال النفيلي : ويقولون المراة حمنة بنت جحش .

وفي سنن الترمذي عن عروة عن عائشة مثله .

/ 17