في صحيح مسلم وسنن ابن ماجة ومسند احمد واللفظ للاول بسندهم عن انس بن مالك وام المؤمنين عائشة : ان النبي (ص ) مر بقوم يلقحون فقال : لو لم تفعلوا لصلح , قال : فخرج شيصا, فمر بهم فقال : ما
لنخلكم ؟ قالوا: كذا وكذا, قال : انتم اعلم بامر دنياكم ((407)) .وفي صحيح مسلم ومسند احمد وسنن ابن ماجة واللفظ للاول بسنده عن طلحة عن ابيه قال : مررت
مع رسول اللّه (ص ) بقوم على رؤوس النخل فقال : ما يصنع هؤلاء ؟ فقالوا: يلقحونه يجعلون الذكر
فـى الانـثى فيتلقح فقال رسول اللّه (ص ): ما اظن يغني ذلك شيئا قال فاخبروا بذلك فتركوه فاخبر
رسـول اللّه (ص ) بـذلـك فقال : ان كان ينفعهم ذلك فليصنعوه , فاني انما ظننت ظنا, فلا تؤاخذوني
بالظن, ولكن اذا حدثتكم عن اللّه شيئا فخذوا به .فاني لن اكذب على اللّه عز وجل ((408)) .دراسة الرواية :.كل من يسكن بلادا يزرع فيها النخل يعلم ان للنخل ذكرا وانثى ويلقح طلع نخل الانثى بطلع النخل
الـذكـر لـتثمر, والا يصبح تمره شيصا لا يشتد نواه , واذا جف تمره اصبح حشفا لا يصلح للطعام ,
فـكـيـف خفي هذا الامر على رسول اللّه (ص ) وهو من سكان الجزيرة العربية , واشهراشجارها
النخيل ؟ واذا كان الرسول (ص ) لم يعلم ذلك كيف لم يخبره الانصار في المدينة بذلك ؟ والصحيح
في الامر ان الغاية من اسناد هذا الخبر الى الرسول (ص ) ليسند اليه انه قال :.(انـتـم اعلم بامر دنياكم ) ويروى عنه ان غيره من البشر اعلم بامور الدنيا من رسول اللّه (ص )
ومـغـزى هـذه الـروايـة والروايات الاخرى معها فصل امور الدنيا عن امور الدين , وفقا للمقولة
الـمـشـهـورة ( دع مـا لقيصر لقيصر وما للّه للّه ) وان يبطل جميع سنة الرسول (ص ) في ماعدا
العبادات
ثالثا - روايات نسيان النبي (ص ) آي من القرآن الكريم .
فـي صحيحي البخاري ومسلم بسندهما عن ام المؤمنين عائشة قالت : كان النبي (ص ) يستمع قراءة رجل في المسجد فقال : رحمه اللّه لقد اذكرني آية كنت نسيتها.وفـي لـفظ آخر: يرحمه اللّه لقد اذكرني كذا وكذا آية كنت قد اسقطتها من سورة كذ وكذا وفي
لفظ البخاري : انسيتها من سورة كذا وكذا ((409)) .دراسة الرواية :.لست ادري كيف يقول الرسول (ص ) ذلك ؟ وقد جاء في صحيحي .الـبـخاري ومسلم بسندهما عن ابن مسعود انه قال : بئسما لاحدهم يقول : نسيت آية كيت وكيت , بل
هو نسي , استذكروا القرآن فلهو اشد تفصيا من صدور الرجال من النعم بعقلها ((410)) .وكيف نسي الرسول (ص ) آيات من القرآن ؟ وقد قال سبحانه :.ا - في سورة الاعلى : (سنقرئك فلا تنسى ) [الاية : 7].ب - فـي سـورة الـقـيامة : (لا تحرك به لسانك لتعجل به ان علينا جمعه وقرآنه فاذا قراناه فاتبع
قرآنه ثم ان علينا بيانه ) [الايات : 16 - 19].ج - في سورة طه : (ولا تعجل بالقرآن من قبل ان يقضى اليك وحيه )[الاية : 114].وجاء في تفسير الايات : كان النبي (ص ) اذا نزل عليه جبرائيل (ع ).بـالوحي يقراه مخافة ان ينساه , فكان لا يفرغ جبرائيل (ع ) من آخر الوحي حتى يتكلم هو باوله ,
فلما نزلت هذه الاية لم ينس بعد ذلك شيئا ((411)) .وكيف ينسى الرسول (ص ) آيات من القرآن الكريم ؟ وقد جاء في صحيح البخاري وسنن ابن ماجة
ومـسـنـد ابـن حـنبل عن فاطمة عليها السلام انها قالت : اسر الي النبي (ص ) ان جبريل يعارضني
بالقرآن كل سنة وانه عارضني العام مرتين ولا اراه الا حضور اجلي ((412)) .كيف ينسى الرسول (ص ) آيات من القرآن الكريم وجبرائيل يعارضه القرآن في كل سنة مرة وكيف ينسى الرسول (ص ) آيات القرآن الكريم وكان اذا نزل عليه .شـي ء من القرآن يدعو بعض من يكتب عنده فيقول : ضعوا هذه الاية في السورة التي يذكر فيها كذا
وكذا ؟ وكان ذلك القرآن في بيته واوصى ابن عمه عليا ان يجمعه بعد وفاته ففعل .وكـيـف يـسـقط الرسول (ص ) آيات من القرآن وكان كل صحابي يمارس الكتابة يكتب ما نزل من
الـقـرآن ؟ فـقد كان خباب بن الارت يقرئ بمكة اخت عمر بن الخطاب وختنه القرآن ((413))
وكـان عـند امهات المؤمنين عائشة وحفصة وام سلمة وعبداللّه بن مسعود وابي وغيرهم مصاحف
مكتوبة ((44)) .
رابعا - روايات من لعنه النبي (ص ) وسبه كان له رحمة وطهورا.
نورد روايات هذا الباب حسب سياق مسلم في صحيحه ((415)) قال :.باب من لعنه النبي (ص ) او سبه او دعا عليه , وليس هو اهلا لذلك , كان له زكاة واجرا ورحمة .وروى بسنده :.1 - عـن عـائشـة قالت : دخل على رسول اللّه (ص ) رجلان فكلماه بشي لا ادري ما هو فاغضباه ,
فـلـعـنهما وسبهما فلما خرجا قلت : يا رسول اللّه ذاك ؟ قالت : قلت : لعنتهما وسببتهما قال : او ما علمت ما شارطت عليه رب ي ؟ قلت : اللّه م انما انا بشر
فاي المسلمين لعنته او سببته فاجعله له زكاة واجرا.وفي لفظ آخر: ( فخلوا به , فسبهما ولعنهما واخرجهما ) الحديث .2 - عـن ابي هريرة قال : قال رسول اللّه (ص ): اللّه م انما انا بشر, فايما رجل من المسلمين سببته
او لعنته او جلدته فاجعلها له زكاة ورحمة .3 - عن جابر, عن النبي (ص ) مثله الا ان فيه : زكاة واجرا.قال المؤلف : مثله اي مثل حديث ابي هريرة السابق .4 - عـن ابـي هريرة انه سمع رسول اللّه (ص ) يقول : اللّه م فايما عبد مؤمن سببته فاجعل ذلك له
قربة اليك يوم القيامة .5 - عـن ابـي هـريـرة انه قال : سمعت رسول اللّه (ص ) يقول : اللّه م تخلفنيه , فايما مؤمن سببته او جلدته فاجعل ذلك كفارة له يوم القيامة .6 - عـن جـابر بن عبداللّه يقول : سمعت رسول اللّه (ص ) يقول : انما انا بشر واني اشترطت على
ربي عز وجل, اي عبد من المسلمين سببته او شتمته , ان يكون ذلك له زكاة واجرا.7 - عن انس بن مالك قال : كانت عند ام سليم يتيمة وهي ام انس ((416)) .فـراى رسـول اللّه (ص ) الـيـتيمة فقال : انت هيه ((417)) ؟ لقد كبرت لا كبر سنك , فرجعت
الـيتيمة الى ام سليم تبكي , فقالت ام سليم : ما لك يا بنية ؟ قالت الجارية : دعا علي نبي اللّه (ص ) ان لا
خـمـارهـا ((رني (418)) فخرجت ام سليم مستعجلة تلوث
فقالت : يا نبي اللّه ادعوت على يتيمتي ؟ قال : وما ذاك يا ام سليم ؟ قالت : زعمت انك دعوت ان لا يكبر
سنها ولا يكبر ق نها قال : فضحك رسول اللّه (ص ) ثم قال : يا ام سليم انـي اشترطت على ربي فقلت : انما انا بشر, ارضى كما يرضى البشر, واغضب كما يغضب البشر,
فايما احد دعوت عليه من امتي بدعوة ليس لها باهل ان يجعلها ل طهورا وزكاة وقربة يقربه بها منه
يوم القيامة .8 - عن ابن عباس قال : كنت العب مع الصبيان , فجاء رسول اللّه (ص ) فتواريت خلف باب , قال : فجاء
فـحـطاني حطاة ((420)) وقال : اذهب وادع لي معاوية قال : فجئت فقلت : هو ياكل قال : ثم قال لي :
اذهب فادع لي معاوية قال : فجئت فقلت : هو ياكل فقال : ل اشبع اللّه بطنه .وفي لفظ آخر: فجاء رسول اللّه (ص ) فاختبات منه .بالاضافة الى ما رواه مسلم في هذا الباب في مسند احمد.9 - عـن عـائشـة قـالـت : ان امـداد الـعرب كثروا على رسول اللّه (ص ) حتى غموه , وقام اليه
الـمهاجرون يفرجون عنه , حتى قام على عتبة عائشة فرهقوه , فاسلم رداءه في ايديهم ووثب على
الـعتبة فدخل وقال : اللّه م العنهم , فقالت عائشة : يا رسول اللّه هلك القوم بـكـر, لقد اشترطت على ربي عز وجل شرطا لا خلف له , فقلت : انما انا بشر اضيق كما يضيق به
البشر, فاي المؤمنين بدرت اليه مني بادرة فاجعلها له كفارة ((421)) .وفـي لـفـظ آخـر: لقد اشترطت على ربي شرطا لا خلف له , فقلت : اللّه م انما انا بشر اغضب كما
يـغـضـبون , واجد كما يجدون , فاي المسلمين ضربت او سببت او لعنت او آذيت فاجعلها له مغفرة
ورحمة وقربة تقربه بها يوم القيامة ((422)) .وفي رواية اخرى : يا عائشة اما شعرت ما عاهدت عليه ربي فيما بيني وبينه ؟ قلت : يا رب اني بشر
اغضب كما يغضب البشر, فاي المسلمين دعوت عليه فاجعله عليه صلاة ((423)) .وفي رواية اخرى : اما علمت يا عائشة اني قلت لربي فيما بيني وبينه انما انا بشر اغضب فاي دعوة
دعـوت بها على غضب على احد من امتي او احد من اهل بيتي او احد من ازواجي فاجعلها له بركة
ومغفرة ورحمة وطهورا ((424)) ؟.10 - عن عائشة قالت : كان رسول اللّه (ص ) يرفع يديه يدعو حتى اسمع :.اللّه م انما انا بشر فلا تعاقبني بشتم رجل من المسلمين ان آذيته ((425)) .11 - عـن عـائشة ((426)) قالت : دخل علي رسول اللّه (ص ) في بيتي في ازار ورداء فاستقبل
القبلة وبسط يديه وقال : اللّه م انما انا بشر فاي عبد من عبادك ضربت او آذيت فلا تعاقبني فيه .وفي رواية ((427)) ايما رجل من المؤمنين آذيته وشتمته فلا تعاقبني فيه .وفي رواية يرفع يديه يدعو حتى لاسام له مما يرفعهما يدعو: اللّه م فانما انا بشر فلا تعذبني بشتم
رجل شتمته او آذيته ((428)) .12 - عـن عـائشة قالت : دخل علي النبي (ص ) باسير فلهوت عنه فذهب فجاء النبي (ص ) فقال : ما
فـعـل الاسير قالت : لهوت عنه مع النسوة فخرج فقال : ما لك قطع اللّه يدك او يديك فخرج فذن به
الـناس فطلبوه فجاءوا به فدخل علي وانا اقلب يدي فقال : ما لك اجننت ؟ قلت : دعوت علي فانا اقلب
يـدي انـظـر ايهما يقطعان فحمد اللّه واثنى عليه ورفع يديه مدا وقال : اللّه م اني بشر اغضب كما
يغضب البشر فايما مؤمن او مؤمنة دعوت عليه فاجعله له زكاة وطهور ((429)) .دراسة الروايات :.لست ادري كيف تصح هذه الروايات وقد قال اللّه سبحانه في نعت .رسوله (ص ):.ا - في سورة القلم : (ن والقلم وما يسطرون ما انت بنعمة ربك .بمجنون وان لك لاجرا غير ممنون وانك لعلى خلق عظيم ) [الاية : 1 - 4].ب - فـي سـورة آل عـمران : (فبما رحمة من اللّه لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لا نفضوا من
حولك ) [الاية : 159].ج - في سورة التوبة : (لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين
رؤوف رحيم ) [الاية : 128].كيف تصح تلكم الروايات وقد قال رسول اللّه (ص ): بعثت لاتمم حسن الاخلاق ((430)) .وقال انس : كان النبي (ص ) احسن الناس خلقا ((431)) .وكـيـف تـصح تلكم الروايات ؟ وجاء ان الصحابي عياض بن حماد سال الرسول (ص ) بعد ان اسلم
فقال :.يا نبي اللّه الرجل من قومي من اسفل مني يشتمني , افانتصر منه ؟.فقال (ص ): المستبان شيطانان يتكاذبان ((432)) .وعـنـه ايـضـا - ان رسـول اللّه (ص ) قـال : اثـم الـمـسـتـبـين ما قالا على البادئ حتى يعتدي
المظلوم ((433)) .وعن ثابت بن الضحاك - وك -ان من اصحاب الشج -رة - ان رسول .اللّه (ص ) قال : وم -ن لعن مؤمنا فهو كقتله وم -ن قذف مؤمنا بكفر فهو كقتله ((434)) .وف -ي حديث ابن عباس ان رج -لا نازعته الريح رداءه ف -لعنها ف -قال .النبي (ص ): لا تلعنها من لعن شيئا ليس ل -ه باهل رجعت اللعنة عليه ((435)) .وفـي حـديـث ابن مسعود - وكان قد خرج من دار لعنوا جارية لهم تاخرت في حاجتهم - ان النبي
(ص ) قـال : ان الـلعنة الى من وجهت اليه فان اصابت اليه سبيلا والا فيقال لها: ارجعي من حيث اتيت
الحديث ((436)) .وعـن ابـن مـسـعـود ايـضـا قـال رسـول اللّه (ص ): لـيس المؤمن بطعان ولا بلعان ولا بالفاحش
البذي ء ((437)) .وعن ابي الدرداء, قال رسول اللّه (ص ): لا يكون اللعانون شفعاء.ولا شهداء ((438)) .وقال : انهاك ان تكون لعانا ((439)) .وقال : لعن المؤمن كقتله ((440)) .وقال : لا ينبغي للمؤمن ان يكون لعانا ((441)) .وقال : لا يجتمع ان يكونوا لعانين صديقين ((442)) .وقال : يا ابا بكر لعانين وصديقين لا ورب الكعبة .وفي حديث ام المؤمنين عائشة انها كانت مع النبي (ص ) فلعنت بعيرا لها فامر به النبي (ص ) ان يرد
وقال : لا يصحبني شي ء ملعون ((443)) .وفي رواية انها ركبت جملا فلعنته , فقال لها: ( لا تركبيه ) ((444)) .وفي صحيح مسلم ان امراة من الانصار لعنت ناقتها, فقال رسول اللّه (ص ):.خذوا ما عليها ودعوها فانها ملعونة ((445)) .كـيف كان النبي (ص ) يضيق صدره فيلعن المؤمنين ؟ وقد قال : سباب المسلم فسوق , وقال : من لعن
مؤمنا فهو كقتله , وقال : من لعن شيئا ليس له باهل رجعت اللعنة اليه .كـيـف كان النبي (ص ) يضيق صدره فيلعن هذا وذاك ؟ وقد قالت عائشة : ما لعن رسول اللّه (ص )
مسلما من لعنة تذكر, ولا انتقم لنفسه شيئا يؤتى اليه الاان تنتهك حرمات اللّه عز وجل , ولا ضرب
بـيـده شيئا قط الا اني ضرب بها في سبيل اللّه , وما سئل شيئا قط فمنعه الا ان يسال ماثما, فانه كان
ابعد الناس منه , ولا خير بين امرين قط الا اختار ايسرهما ((446)) .وقالت : ما ضرب رسول اللّه (ص ) خادما له قط ولا امراة له قط, ولا ضرب بيده الا ان يجاهد في
سـبـيل اللّه , وما نيل منه شي ء فانتقمه من صاحبه الا ان تنتهك محارم اللّه عز وجل فينتقم للّه عز
وجل , وما عرض عليه امران احدهما ايسر من الاخر الا اخذ بايسرهما, الا ان يكون ماثما فان كان
ماثما كان ابعد الناس منه ((447)) .وفـي صـحـيـح البخاري عن عائشة : ان يهودا اتوا النبي (ص ) فقالوا: السام عليكم , فقالت عائشة :
عليكم ولعنكم اللّه وغضب عليكم فقال النبي (ص ):.مهلا يا عائشة عليك بالرفق واياك والعنف والفحش الحديث ((448)) .ولا بد للنبي الذي يقول : بعثت لاتمم مكارم الاخلاق ان يكون لينا عف اللسان ولو كان فظا غليظ القلب
لانفضوا من حوله .عـجـيب امر هذه الاحاديث التي تحط من قدر النبي العظيم (ص ) وتزيل كل ثقة به وبلعنه ودعائه
وحـديـثـه ولـيـس هو اهلا لذلك كان له زكاة واجرا ورحمة ) فان مسلم قد فتح هذا الباب بحديث ام امؤمنين
عـائشـة وقولها: دخل على رسول اللّه رجلان - الى قولها -: انما انا بشر فاي المسلمين لعنته او
سـببته فاجعله له زكاة واجرا ((449)) وختمه بحديث ابن عباس : ان الرسول ارسله الى معاوية
وقال له : اذهب فادع لي معاوية قال : فجئت فقلت :.هـو يـاكـل فـقـال : لااشبع اللّه بطنه اذن فهذا الدعاء من النبي على معاوية زكاة له واجر ورحمة
وطـهـور لمعاوية ولابيه ابي سفيان حينما قال رسول اللّه (ص ) فيه وهو يقود اباه ابا سفيان : لعن
اللّه القائد والمقود, ويل لامتي من معاوية ذي الاشباه ((450)) .وما جاء من لعن النبي (ص ) للحكم وما ولد, فيما اورده من حديث .زكاة لهم واجر ورحمة وطهور ومـنها ما رواه عبد الرحمن بن عوف قال : كان لا يولد لاحد مولود الا اتي به النبي (ص ) فدعا له ,
فادخل عليه مروان بن الحكم فقال : هو الوزغ ابن الوزغ الملعون ابن الملعون ((451)) .ومـا رواه عـمـرو بن مرة الجهني قال : استاذن الحكم بن ابي العاص على النبي (ص ) فعرف صوته
فقال : ائذنوا له حية او ولد حية عليه لعنة اللّه وعلى كل من يخرج من صلبه الا المؤمن منهم , وقليل
مـا هم , يشرفون في الدنيا ويوضعون في الاخرة , ذوو مكر وخديعة يعظمون في الدنياوما لهم في
الاخرة من خلاق ((452)) .وما جاء في حديث ابن عمر: بينما النبي (ص ) يساره - يعني يسار عليا- اذ رفع راسه كالفزع قال :
فـدع بـسـيـفه الباب فقال لعلي : اذهب فقده كما تقاد الشاة الى حالبها, فاذا علي يدخل الحكم بن ابي
الـعـاص آخـذا بـاذنـه ولـهـا زنـمـة حتى اوقفه بين يدي النبي (ص ) فلعنه نبي اله (ص ) ثلاثا
الحديث ((453)) .ومـا روتـه عائشة قالت : كان النبي (ص ) في حجرته فسمع حسا فاستنكره , فذهبوا فنظروا فاذا
الحكم كان يطلع على النبي (ص ) فلعنه النبي (ص ) وما في صلبه ونفاه عاما ((454)) .ومـا رواه مـحـمـد بـن كـعـب الـقـرظي قال : اشهد لقد سمعت رسول اللّه (ص ) يلعن الحكم وما
ولد ((455)) .ومـا ورد عـن عـبـداللّه بـن الـزبـيـر قـال : اشهد لسمعت من رسول اللّه (ص ) يلعن الحكم وما
ولد ((456)) .وقال وهو يطوف بالكعبة : ورب هذه البنية للعن رسول اللّه (ص ) الحكم وما ولد ((457)) .وقـال وهـو عـلـى الـمنبر: ورب هذا البيت الحرام والبلد الحرام ان الحكم بن ابي العاص وولده
ملعونون على لسان محمد (ص ) ((458)) .وما قاله الحسن لمروان حين قال مروان للحسن والحسين : اهل بيت .مـلعونون , فغضب الحسن وقال : اقلت اهل بيت ملعونون ؟ فواللّه لقد لعنك اللّه على لسان نبيه (ص )
وانت في صلب ابيك ((459)) .قـال ابـن اسـحـاق : ولـما فرغ رسول اللّه (ص ) من رد سبايا حنين الى اهلها ركب , واتبعه الناس
يـقـولـون : يـا رسول اللّه رداءه , فقال : ردوا علي ردائي ايها الناس ثم ما لقيتموني بخيلا ولاجبانا ولا كذوبا الحديث ((460)) .ولـم نـقل ما قلنا اعتباطا وانما عرفنا ذلك مما قاله الذهبي ( ت 748 ه ) حيث قال : قلت : لعل هذه
منقبة لمعاوية لقول النبي (ص ): اللّه م من لعنته او شتمته فاجعل ذلك له زكاة ورحمة ((461)) .وجاء بعده ابن كثير ( ت 774 ه ) وقال دونه : انتفع معاوية بهذه .الـدعوة في دنياه واخراه وهذا لفظ ابن كثير: عن ابن عباس , قال : كنت العب مع الغلمان فاذا رسول
اللّه (ص ) قـد جـاء, فقلت : ما جاء الا الي , فاختبات على باب فجاءني فخطاني خطاة او خطاتين ثم
قـال : اذهـب فـادع لي معاوية - وكان يكتب الوحي - قال : فذهبت فدعوته له , فقيل انه ياكل فاتيت
رسـول اللّه (ص ) فـقلت : انه ياكل , فقال : اذهب فادعه , فاتيته الثانية فقيل : انه ياكل , فاخبرته , فقال
في الثالثة : لا اشبع اللّه بطنه قال : فما شبع بعدها وقد انتفع معاوية بهذه الدعوة في دنياه واخراه اما
فـي دنـيـاه , فانه لما صار الى الشام اميراكان ياكل في اليوم سبع مرات يجاء بقصعة فيها لحم كثير
وبصل فياكل منها, وياكل في اليوم سبع اكلات بلحم , ومن الحلوى .والـفـاكهة شيئا كثيرا, ويقول : واللّه ما اشبع وانما اعيا, وهذه نعمة ومعدة يرغب فيها كل الملوك
وامـا فـي الاخرة فقد اتبع مسلم هذا الحديث بالحديث الذي رواه البخاري وغيرهما من غير وجه
عـن جماعة من الصحابة , ان رسول اللّه (ص ) قال : اللّه م انما انا بشر فايما ع د سببته او جلدته او
دعوت عليه , وليس لذلك اهلا, فاجعل ذلك كفارة وقربة تقربه بها عندك يوم القيامة فركب مسلم من
الحديث الاول وهذا الحديث فضيلة لمعاوية , ولم يورد له غير ذلك ((462)) انتهى كلام ابن كثير.واراد بـمـا قال : ان دعاء الرسول (ص ) على معاوية دعاء له في الدنيا والاخرة , اما في الدنيا فبما
ذكـره مـن مزية كثرة الاكل للملوك , واما في الاخرة فاعتمد الاحاديث التي نسبت الى رسول اللّه
(ص ) انـه كان يلعن المؤمنين - معاذ اللّه - ودعا ان يكون لهم زكاة وطه را, وان مسلما حين اورد
هذا الحديث في آخر هذا الباب اثبت لمعاوية رضوانا وتقربا الى اللّه يوم القيامة .ومـمـا قاله ابن حجر الهيتمي في كتابه الصواعق المحرقة : ولعنته (ص ) للحكم وابنه لا تضرهما
لانـه (ص ) تـدارك ذلك بقوله مما بينه في الحديث الاخر: انه بشر يغضب كما يغضب البشر, وانه
سال ربه ان من سبه ولعنه , او دعا عليه ان يكون ذلك رحمة وزكاة وكفارة وطهارة ((63)) .كان ذلكم ما جاء في روايات مصادر مدرسة الخلفاء من صفات .الرسول (ص ) وسلوكه .وفـي ما ياتي نذكر ما جاء في مصادر مدرسة اهل البيت عن ائمة اهل البيت في صفات النبي (ص ),
واهل البيت ادرى بما فيه :.صفات النبي (ص ) في روايات اهل البيت :.في معاني الاخبار للصدوق بسنده عن ابن ابي هالة التميمي , عن الحسن بن علي (ع ) وبطريق آخر
عـن الرضا, عن آبائه , عن علي بن الحسين , عن الحسن ابن علي (ع ) وبطريق آخر عن رجل من
ولـد ابي هالة , عن ابيه , عن الحسن ابن علي (ع ) قال : سالت خالي ( هند بن ابي هالة ) وكان وصافا
للنبي (ص ), وانا اشتهي ان يصف لي منه شيئا لعلي اتعلق به فقال :.كـان رسـول اللّه (ص ) فـخـمـا مفخما, يتلالا وجهه تلالؤ القمر ليلة البدر, اطول من المربوع ,
واقـصر من المشذب , عظيم الهامة , رجل الشعر, ان انفرقت عقيصته فرق , والا فلا يجاوز شعره
شـحمة اذنيه اذا هو وفره , ازهر اللون , واسع الجبين , ازج الحواجب , سوابغ في غير قرن بينهما
عرق يدره الغضب , اقنى العرنين , له نور يعلوه , يحسبه من لم يتامله اشم كث اللحية , سهل الخدين ,
ضليع الفم , اشنب , مفلج الاسنان , دقيق المسربة , كان عنقه جيد دمية في صفاء الفضة , معتدل الخلق ,
بـادنـا متماسكا, سواء البطن والصدر, بعيد ما بين المنكبين , ض م الكراديس , عريض الصدر, انور
المتجرد, موصول ما بين اللبة والسرة بشعر يجري كالخط, عاري الثديين والبطن مما سوى ذلك .اشعر الذراعين والمنكبين واعلى الصدر, طويل الزندين , رحب الراحة , شثن الكفين والقدمين سائل
الاطـراف , سـبـط القصب , خمصان الاخمصين , مسيح القدمين , ينبو عنهما الماء, اذا زال زال قلعا,
يـخـطو تكفؤا, ويمشي هونا, ذريع المشية , اذا مشى كانما ينحط في صبب , واذا التف التفت جميعا
خافض الطرف , نظره الى الارض اطول من نظره الى السماء, جل نظره الملاحظة , يبدر من .لقيه بالسلام .قـال (ع ): فقلت له : صف لي منطقه فقال : كان (ص ) متواصل الاحزان دائم الفكر, له راحة , طويل
الـسـكـت , لا يـتكلم في غير حاجة , يفتتح الكلام ويختمه باشداقه , يتكلم بجوامع الكلام فصلا لا
فضول فيه ولا تقصير, دمثا, ليس بالجافي ولا بالمهين , تعظم عنده النعمة وان دقت لايذم منها شيئا,
غـيـر انـه كان لا يذم ذواقا ولا يمدحه ولا تغضبه الدنيا وما كان لها, فاذا تعوطي الحق لم يعرفه
احد, ولم يقم لغضبه شي ء حتى ينتصر له , اذا اشار اشار بكفه كلها,.واذا تـعـجب قلبها, واذا تحدث اتصل بها, فضرب براحته اليمنى باطن ابهامه اليسرى , واذا غضب
اعرض واشاح , واذا فرح غض طرفه جل ضحكه التبسم , يفتر عن مثل حب الغمام ((464)) .قال الصدوق : الى هنا رواية القاسم بن المنيع , عن اسماعيل بن محمد بن اسحاق بن جعفر بن محمد,
والباقي رواية عبد الرحمن الى آخره .قـال الـحـسن (ع ): وكتمتها الحسين (ع ) زمانا ثم حدثته به فوجدته قد سبقني اليه , فسالته عنه
فوجدته قد سال اباه عن مدخل النبي (ص ) ومخرجه , ومجلسه , وشكله , فلم يدع منه شيئا.قال الحسين (ع ): سالت ابي عن مدخل رسول اللّه (ص ), فقال : كان دخوله لنفسه ماذونا له في ذلك ,
فاذا آوى الى منزله جزء دخوله ثلاثة اجزاء: جزء للّه , وجزء لاهله , وجزء لنفسه ثم جزء.جزاه بينه وبين الناس فيرد ذلك بالخاصة على العامة ولا يدخر عنهم منه شيئا, وكان من سيرته في
جزء الامة ايثار اهل الفضل باذنه , وقسمه على قدر فضلهم في الدين , فمنهم ذو الحاجة , ومنهم ذو
الـحـاجـتـيـن , ومـنـهم ذو الحوائج , فيتشاغل بهم ويشغلهم فيما اصلحهم والامة من مسالته عنهم
وبـاخـبارهم بالذي ينبغي , ويقول : ليبلغ الشاهد منكم الغائب , وابلغوني حاجة من لا يقدر على ابلاغ
حاجته , فانه من ابلغ سلطانا حاجة من لا يقدر على ابلاغها ثبت اللّه قدميه يوم القيامة , لا يذكر عنده
الاذلك , ولا يقبل من احد عثرة , يدخلون روادا وا يفترقون الا عن ذواق ويخرجون ادلة .قـال : فـسالته (ع ), عن مخرج رسول اللّه (ص ) كيف كان يصنع فيه ؟ فقال (ص ): كان رسول اللّه
(ص ) يـخـزن لسانه الا عما كان يعنيه , ويؤلفهم ولاينفرهم , ويكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم ,
ويـحـذر الـناس ويحترس منهم من غير ان يطوي عن احد بشره ولا خلقه , ويتفقد اصحابه وي ال
الـنـاس عـما في الناس , ويحسن الحسن ويقويه , ويقبح القبيح ويوهنه معتدل الامر غير مختلف , لا
يـغـفـل مـخافة ان يغفلوا ويميلوا, ولا يقصر عن الحق ولا يجوزه , الذين يلونه من الناس خيارهم ,
افضلهم عنده اعمهم نصيحة للمسلمين , واعظمهم عنده منزلة احسنهم مؤاساة وموازرة .قـال : فسالته (ع ) عن مجلسه , فقال : كان لا يجلس ولا يقوم الا على ذكر, لايوطن الاماكن , وينهى
عـن ايـطـانـهـا, واذا انتهى الى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ويامر بذلك ويعطي كل جلسائه
نـصـيـبـه , ولا يـحـسـب احـد من جلسائه ان احدا اكرم عليه منه , من جالسه صابره حتى يكون
هـوالـمـنـصرف عنه , من ساله حاجة لم يرجع الا بها او ميسور من القول قد وسع الناس منه خلقه
وصار لهم ابا وصاروا عنده في الخلق سواء, مجلسه مجلس حلم وحياء, وصدق وامانة ولاترفع فيه
الاصـوات , ولا تـؤبـن فـيـه الـحـرم ولا تـنـثـى فـلـتـاته ((465)) , متعادلين متواصلين فيه
بالتقوى ,متواضعين , يوقرون الكبير ويرحمون الصغير, ويؤثرون ذا الحاجة ويحفظون الغريب .فقلت : كيف كان سيرته في جلسائه ؟ فقال (ع ): كان دائم البشر, سهل الخلق , لين الجانب , ليس بفظ
ولا غليظ ولا ضحاك ولا فحاش ولا عياب ولامداح يتغافل عما لا يشتهي فلا يؤيس منه , ولا يخيب
فيه مؤمليه قد ترك نفسه من ثلاث : المراء, والاكثار, وما لا يعنيه وترك اناس من ثلاث : كان لايذم
احـدا ولا يـعـيـره , ولا يطلب عثراته ولا عورته , ولا يتكلم الا فيما رجا ثوابه , اذا تكلم اطرق
جـلساؤه كان على رؤوسهم الطير, فاذا سكت تكلموا, ولايتنازعون عنده الحديث من تكلم انصتوا
لـه , حـتـى يـفرغ حديثهم عنده حديث اولهم , يضحك مما ي حكون منه , ويتعجب مما يتعجبون منه ,
ويصبر للغريب على الجفوة في مسالته ومنطقه , حتى ان كان اصحابه يستجلبونهم , ويقول : اذا رايتم
طـالـب الحاجة يطلبها فارفدوه ولا يقبل الثناء الا من مكافئ , ولا يقطع على احد كلامه حتى يجوز
فيقطعه بنهي او قيام .قـال : فـسـالـته (ع ) عن سكوت رسول اللّه (ص ), فقال (ع ): كان سكوته على اربع : على الحلم ,
والحذر, والتقدير, والتفكير فاما التقدير ففي تسوية النظر والاستماع بين الناس واما تفكره ففيما
يـبـقى ويفنى , وجمع له الحلم والصبر, فكان لايغضبه شي ء ولا يستفزه , وجمع له ال ذر في اربع :
اخـذه بـالحسن ليقتدى به , وتركه القبيح لينتهى عنه , واجتهاده الراي في صلاح امته , والقيام فيما
جمع له خير الدنيا والاخرة ((466)) .كـان ذلـكـم ما روي عن ائمة اهل البيت في سيرة الرسول (ص ) وصفاته في مقابل ما روي عن ام
المؤمنين عائشة فيهما.وفـي ما ياتي ندرس ما روي في سيرة الرسول (ص ) عن ام المؤمنين عائشة وغيرها من الصحابة ,
ونرى ان تلكم الروايات افتري عليهم روايتها.الباب الرابع .
ما افتري به على ام المؤمنين عائشة وغيرها من الصحابة .
ت ا - روايات بدء نزول الوحي .ت ب - روايات ب -دء ال -دع -وة .ت ج - روايات اسطورة الغرانيق .
اولا - روايات بدء نزول الوحي .
ا - عن ام المؤمنين عائشة :.فـي صـحيحي البخاري ومسلم ومسند احمد وتفاسير الطبري والقرطبي وابن كثير والسيوطي
وسيرة ابن هشام وتاريخ الطبري واللفظ للاول بسنده عن عروة بن الزبير, عن عائشة ام المؤمنين
انها قالت : اول ما بدئ به رسول اللّه (ص ) من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم , ف ان لا يرى رؤيا الا
جـاءت مـثـل فلق الصبح , ثم حبب اليه الخلاء وكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه - وهو التعبد في
الليالي ذوات العدد - قبل ان ينزع الى اهله ويتزود لذلك ,.ثـمـ يرجع الى خديجة فيتزود لمثلها حتى جاءه الحق وهو في غار حراء, فجاءه الملك فقال : اقرا,
قال : ما انا بقارئ , قال : فاخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد, ثم ارسلني فقال : اقرا قلت : ما انا بقارئ ,
فـاخـذنـي فـغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد, ث م ارسلني فقال : اقرا, فقلت : ما انا بقارئ , فاخذني
فـغـطـنـي الـثالثة , ثم ارسلني فقال : (اقرا باسم ربك الذي خلق خلق الانسان من علق اقرا وربك
الاكرم ) فرجع بها رسول اللّه (ص ) يرجف فؤاده , فدخل على خديجة بنت خويلد رضي اللّه عنها,
فـقـال : زملوني زم لوني , فزملوه حتى ذهب عنه الروع , فقال لخديجة واخبرها الخبر: لقد خشيت
عـلـى نـفسي , فقالت خديجة : كلا واللّه ما يخزيك اللّه ابدا, انك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب
الـمـعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق, فانطلقت به خديجة حتى اتت به ورة ابن نوفل بن
اسـد بـن عبد العزى ابن عم خديجة , وكان امرءا تنصر في الجاهلية وكان يكتب الكتاب العبراني ,
فيكتب من الانجيل بالعبرانية ما شاء اللّه ان يكتب , وكان شيخا كبيرا قد عمي , فقالت له خديجة : يابن
عم اسمع من ابن اخيك , فقال له ورقة : ي بن اخي ماذا ترى ؟ فاخبره رسول اللّه (ص ) خبر ما راى ,
فـقـال لـه ورقـة : هـذا الـناموس الذي نزل اللّه على موسى يا ليتني فيها جذعا, ليتني اكون حيا اذ
يـخرجك قومك , فقال رسول اللّه (ص ): او مخرجي هم ؟ قال : نعم لم يات رجل قط بمثل ما جئت به
الاعـودي , وان يـدركـنـي يـومـك انـصـرك نـصـرا مؤزرا, ثم لم ينشب ورقة ان توفي وفتر
الوحي ((467)) .ب - عن ابن عباس :.فـي طـبـقـات ابن سعد بسنده عن ابن عباس ان النبي (ص ) قال : يا خديجة اني اسمع صوتا وارى
ضـوءا, واني اخشى ان يكون في جنن , فقالت : لم يكن اللّه ليفعل بك ذلك يابن عبداللّه , ثم اتت ورقة
بن نوفل فذكرت له ذلك , فقال :.ان يـك صـادقـا فـهـذا نـامـوس مـثل ناموس موسى , فان يبعث وانا حي فساعزره وانصره واومن
به ((468)) .وفـي روايـة ثـانـيـة بسنده عن عكرمة , عن ابن عباس قال : فبينا رسول اللّه (ص ) على ذلك وهو
باجياد, اذ راى ملكا واضعا احدى رجليه على الاخرى في افق السماء يصيح : يا محمد, انا جبريل , يا
محمد, انا جبريل , فذعر رسول اللّه (ص ) من ذلك , وجعل يراه كلما رفع راسه الى السماء فرجع
سريعا الى خديجة فاخبرها خبره وقال : يا خديجة واللّه ما ابغضت بغض هذه الاصنام شيئا قط ولا
الـكهان , واني لاخشى ان اك -ون كاهنا, قال -ت : كلا يابن ع -م لا تقل ذلك , فان اللّه لا يفعل ذلك بك
ابـدا, انك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتؤدي الامانة وان خل قك لكريم , ثم انطلقت الى ورقة بن
نـوفل , وهي اول مرة اتته , فاخبرته ما اخبرها به رسول اللّه (ص ) فقال ورقة : واللّه ان ابن عمك
لـصـادق , وان هـذا لـبـدء نـبـوة , وانـه لـيـاتـيـه الناموس الاكبر, فمريه ان لا يجعل في نفسه
الاخ -ي -را ((469)) .ج - عن عروة بن الزبير:.فـي طـبقات ابن سعد بسنده عن عروة ان رسول اللّه (ص ) قال : يا خديجة اني ارى ضوءا واسمع
صـوتا, لقد خشيت ان اكون كاهنا, فقالت : ان اللّه لايفعل ب -ك ذلك يابن عبداللّه , انك تصدق الحديث
وتؤدي الامانة وتصل ال -رح -م ((470)) .د - عن عبداللّه بن شداد:.في تفسير الطبري وتاريخه : عن عبداللّه بن شداد قال : اتى جبريل .محمدا(ص ) فقال : يا محمد اقرا, فقال : ما اقرا ؟ قال : فضمه , ثم قال : يا محمد, اقرا, قال : ما اقرا ؟
قال : فضمه , ثم قال : يا محمد, اقرا, قال : وما اقرا ؟ قال :.(اقـرا باسم ربك الذي خلق خلق الانسان من علق ) حتى بلغ : (علم الانسان ما لم يعلم ), قال : فجاء
الى خديجة فقال : يا خديجة , ما اراني الاقد عرض لي , قالت : كلا واللّه ما كان ربك يفعل ذلك بك , ما
اتيت فاحشة قط, قال : فاتت خديجة ورقة بن نوفل فاخبرته الخبر, فقال : لئن كنت صادقة ان زوجك
لنبي , وليلقين من امته شدة , ولئن ادركته لاومنن به .قـال : ثـم ابطا عليه جبريل , فقالت له خديجة : ما ارى ربك الا قد قلاك , قال : فانزل اللّه عزوجل :
(والضحى والليل اذا سجى ما ودعك ربك وما قلى ) ((471)) .ه - عبيد بن عمير الليثي :.نـجـد هـذه الاخبار مجموعة في رواية قاص اهل مكة عبيد بن عمير الليثي كما رواه كل من ابن
هـشام والطبري بسندهما عن وهب بن كيسان مولى آل الزبير قال : سمعت عبداللّه بن الزبير وهو
يقول لعبيد بن عمير بن قتادة الليثي :.حـدثـنـا ياعبيد كيف كان بدء ما ابتدئ به رسول اللّه (ص ) من النبوة حين جاء جبريل (ع ) ؟ فقال
عبيد - وانا حاضر يحدث عبداللّه بن الزبير ومن عنده من الناس -: كان رسول اللّه (ص ) يجاور
فـي حراء من كل سنة شهرا, وكان ذلك مما تحنث به قريش في الجاهلية - واتحنث : التبرر - وقال
ابو طالب :.وراق ليرقى في حراء ونازل .فكان رسول اللّه (ص ) يجاور ذلك الشه -ر من ك -ل سنة , يطعم من .جـاءه مـن المساكين , فاذا قضى رسول اللّه (ص ) جواره من شهره ذلك , كان اول ما يبدا ب -ه - اذا
انـصـرف من جواره - الكعبة قبل ان يدخل بيته , فيطوف بها سبعا, او ما شاء اللّه من ذلك , ثم يرجع
الى بيته , حتى اذا كان الشهر الذي اراد اللّه عز وجل فيه ما اراد من كرامته من السنة التي بعثه فيها
, وذلك في شهر رمضان , خرج رسول اللّه (ص ) الى حراء - كما كان يخرج لجواره - معه اهله ,
حـتـى اذا كـانـت الليلة التي اكرمه اللّه فيها برسالته ورحم العباد بها, جاءه جبريل بامر اللّه فقال
رسـول اللّه (ص ): فـجاءني وانا نائم بنمط من ديباج فيه كتاب , فقال : اقرا, فقلت : ما اقرا ؟ فغتني
حـتـى ظـننت انه الموت , ثم ارسلني فقال : اقرا , فقلت : ماذا اقرا ؟ وما اقول ذلك الا افتداء منه ان
يعود الي بمثل ما صنع بي , قال : (اقرا باسم ربك الذي خلق ) الى قوله :.( عـلـم الانسان ما لم يعلم ), قال : فقراته , قال : ثم انتهى , ثم انصرف عني وهببت من نومي , وكانما
كتب في قلبي كتابا.قـال : ولم يكن من خلق اللّه احد ابغض الي من شاعر او مجنون , كنت لا اطيق ان انظر اليهما, قال :
قلت : ان الابعد - يعني نفسه - لشاعر او مجنون , لا تحدث بها عني قريش ابدا من الجبل فلاطرحن نفسي منه فلاقتلنها فلاستريحن .قال : فخرجت اريد ذلك , حتى اذا كنت في وسط من الجبل , سمعت صوتا من السماء يقول : يا محمد,
انـت رسـول اللّه , وانا جبريل , قال : فرفعت راسي الى السماء , فاذا جبرئيل في صورة رجل صاف
قدميه في افق السماء, يقول : يا محمد , انت رسول اللّه وانا جبرئيل قال : فوقفت انظر اليه , وشغلني
ذلـك عـمـا اردت , فما اتقدم وما اتاخر , وجعلت اصرف وجهي عنه في آفاق السماء فلا انظر في
نـاحـيـة مـنها الا رايته كذلك , فما زلت واقفا ما اتقدم امامي ولا ارجع ورائي , حتى بعثت خديجة
رسـلـهـا فـي طلبي , حتى بلغوا مكة ورجعوا اليها وانا واف في مكاني ثم انصرف عني وانصرفت
راجـعـا الى اهلي , حتى اتيت خديجة فجلست الى فخذها مضيفا ((472)) فقالت : يا ابا القاسم , اين
كنت ؟ فواللّه لقد بعثت رسلي في طلبك , حتى بلغوا مكة ورجعوا الي قال : قلت لها: ان الابعد لشاعر
او مـجـنـون , فقالت : اعيذك باللّه من ذل يا ابا القاسم صدق حديثك , وعظم امانتك , وحسن خلقك , وصلة رحمك فـقـلـت لها: نعم ثم حدثتها بالذي رايت , فقالت : ابشر يابن عم واثبت , فوالذي نفس خديجة بيده اني
لارجو ان تكون نبي هذه الامة , ثم قامت فجمعت عليها ثيابها, ثم انطلقت الى ورقة بن نوفل بن اسد -
وهو ابن عمها, وكان ورقة قد تنصر وقرا الكتب , وسمع من اهل التوراة والانجيل - فاخبرته بما
اخبرها به رسول اللّه (ص ) انه راى وسمع , فقال ورقة : قدوس , قدوس لـئن كـنت صدقتني يا خديجة لقد جاءه الناموس ((473)) الاكبر - يعني بالناموس جبرئيل (ع ),
الـذي كـان يـاتـي موسى - وانه لنبي هذه الامة , فقولي له فليث ت فرجعت خديجة الى رسول اللّه
(ص ), فاخبرته بقول ورقة , فسهل ذلك عليه بعض ما هو فيه من الهم , فلما قضى رسول اللّه (ص )
جواره وانصرف صنع كما كان يصنع , وبدا بالكعبة فطاف بها فلقيه ورقة بن نوفل وهو يطوف .بـالـبـيـت , فقال : يابن اخي , اخبرني بما رايت او سمعت , فاخبره رسول اللّه (ص ) فقال له ورقة :
والـذي نـفسي بيده انك لنبي هذه الامة , ولقد جاءك الناموس الاكبر الذي جاء الى موسى , ولتكذبنه
ولتؤذينه , ولتخرجنه , ولتقاتلنه , ولئن انا ادركت ذلك لانصرن اللّه نصر يعلمه ثم ادنى راسه فقبل
يافوخه , ثم انصرف رسول اللّه (ص ) الى منزله .وقد زاده ذلك من قول ورقة ثباتا, وخفف عنه بعض ما كان فيه من الهم .فحدثنا ابن حميد, قال : حدثنا سلمة , قال : حدثني محمد بن اسحاق , عن اسماعيل بن ابي حكيم مولى
آل الـزبـيـر, انه حدث عن خديجة انها قالت لرسول اللّه (ص ) فيما يثبته فيما اكرمه اللّه به من
نـبوته : يابن عم اتستطيع ان تخبرني بصاحبك هذا الذي ياتيك اذا جاءك ؟ قال :نعم , قالت : فاذا جاءك
فـاخـبرني به , فجاءه جبرئيل (ع ) كما كان ياتيه , فقال رسول اللّه (ص ) لخديجة : يا خديجة هذا
جـبـرئيل قد جاءني , فقالت : نعم , فقم يابن عم , فاجلس على فخذي اليسرى , فقام رسول اللّه (ص )
فجلس عليها, قالت :.