اتجاه الدلالات في المناسك - تأملات جمالیة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تأملات جمالیة - نسخه متنی

عرفان الفهدی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

اتجاه الدلالات في المناسك


:

الذي يستنطق النصوص والأحكام التي
تتعلق بالحج وشؤونه لا يمكن ـ إذا أراد أن يكون صورة عامة عن دلالاته
وانحلالها في الساحة الاجتماعية ـ أن يقرأها آيةً آيةً، أو حكماً حكماً أو
مقطعاً مقطعاً; وإنما حتى تترشح وحدة مفهومية ذات طاقة عملية، عليه أن يتوقف
عند مفردات النصوص والأحكام كأجزاء يُراد منها أن تؤسس لصيغة عامة ضابطة
ومنظمة لكلّ الأبعاد من الداخل والخارج.

ولما كان الحج بإجماع علماء
المسلمين23 هو ما
يجب على المكلف المستطيع مرة
واحدة في العمر فإن ترميز (مرة واحدة في عمر المكلف) تحرّك لنا إجماع النصوص
والأحكام وتقودها نحو مصبٍّ واحد هو باختصار; المطلب الأعلى لعملية الحج
بكاملها. وبقدر ما تندمج العناصر العبادية مع الاجتماعية والسياسية
والوجدانية في عملية الحج فإن لمدلول الحج حين يكون مرة واحدة في العمر صورة
مكثفة تحتشد فيها حزمة من الرموز معبأة بإمكانية السيطرة على مساحة الاجتماع
البشري وليس الإسلامي فقط {وأذّن في النَّاس
بالحجِّ}24.

التأمل في الصورة العامة للحج في
كيفيتيّ الإحرام داخل البيت الحرام وخارجه يقرّب لنا نظاماً خاصاً في الربط
بين الدلالات الماثلة في أداء فريضة الحج، ويمكن تصنيف الدلالات
إلى:

1 - الدلالات الرمزية.

2 - دلالات البعد الطبيعي (المكان +
الزمان).

3 - الدلالات الوجدانية.

تتسع عمارات النصوص المتعلقة بالحج
لاستيعاب هذه الدلالات الثلاث. ولا يمكن الانتقال إلى تطبيق حرفية النص أو
الحكم دون ربط الدلالات السابقة بفعلية الحج الواقعية العملية الكبرى. إذ ليس
بمقدور قراءة الأحكام وحدها أن تؤسس لهذه الأبعاد والدلالات مالم نعتقد أولا
بجملة مفاهيم، وبمنتظم متسلسل من المعطيات القرآنية الممتدة
العامة.

فالحج المحمدي يتحرك بضوء ثنائية
المفاهيم/المعطيات ومتى ما أتقن الحاج وعي العلاقة بين الاثنين، وترتيب
الآثار تنبع على الأثر القيمة الاجتماعية كإنعكاس حتمي للمطلب الأعلى، بيْدَ
أن هناك تخليطاً أُستدرِج اليه المتحمسون يفيد أن مجرد التجمع
الإسلامي الذي هو (معطى طبيعي) والذي تؤكده مسيرة الحج التاريخية منذ
بداية التشريع وحتى الآن سوف يحرر لنا المضمون الاجتماعي الحقيقي لفلسفة
الحج. وبالتأمل، فإن الوقفات السنوية الموسمية للحجاج يبقى كصيغة اجتماعية
على مسافة بعيدة عن وحدوية الهدف القرآني للحج. فليس فقط الطقوسية والتجارية
أو طغيان الذهنية الفردية، أو الانسجام مع ثقافة الأنظمة السياسية الحاكمة في
بلاد المسلمين هي وحدها الأسباب التي أدّت إلى أن تكون شخصية الحج التاريخية
محمّلة بالتراكمات والسلبيات، بل ادعى إلى ذلك أن تكون هذه الأسباب ظواهر
ومظاهر لسبب أعمق يغور بحجم تأثير الزمن الذي غلّف مسارات أداء الحج وهو;
الفصل بين المفاهيم (الحج كمطلب أعلى من عامة النصوص يلم بالدلالات الثلاث
السابقة) وبين المعطيات التاريخية، ومع الاتجاه فإن الفصل ناتج من عدم وعي
العلاقة بين مفاهيم الحج ومعطياته، بل إن الاندفاع في هذا الاتجاه سوّغَ
للبعض أن يضع ويركز على إحلال المعطيات محل المفاهيم، فأحدث هذا على المدى
إرباكاً في الأداء الديني والاجتماعي للحج على صعيديّ الجماعة والفرد، ويضطر
الحاج أن يكون منساقاً وراء العروض الطقوسية للفريضة، متنازلا عن المكاسب
التي تماثلت أمامه في حضرة الأداء، وهكذا يكون ضحيةً في عصر يُراد منه أن
يكون متمثلا روحية الحج وجماعته الإسلامية التي تهيكلت على شكل رسوم وخطوط
بقوة ومن حوله وفيه في دائرة المشاهد المقدسة.

الطبيعة العبادية في فريضة الحج أقرب
من غيرها إلى معطيات الطبيعة والتكوين، ومن واقع تجربة يطالع فيها العبد
الحاج حسيّة الجماعة التي تختلف عنه بمعظمها عن لسانه وعاداته ولونه وانتمائه
القبلي، وإلى حدٍّ ما يتقارب مع التفاوت المذهبي، وبلحاظ هذا التطلع والتقارب
بين الطبيعة والحج تتضحّ لنا الإثارات التي يثيرها القرآن الكريم والسنة
الطاهرة بخصوص تعلق أغلب عناوين المناسك بموجودات طبيعية وأرضية معينة
ومحددة، والتي تواصلت قوة وضعفاً منذ أن أمر الله سبحانه خليله إبراهيم (عليه
السلام) بإرساء قواعد البيت الآمن.

مجموعات كبيرة من الرموز المكانية
والزمانية في سياقات النص القرآني والسنة المطهّرة تصلح أن تترافد كاشفةً عن
المحتوى الجمالي لأداء المناسك وعن أصل هذا النوع من الجمال.

ولأن كلّ مفردة في النص قابلة
للالتحام مع وحدوية مضمون السياق، ولأن كلّ نص يتواشج مع آخر في إطار
الاندماج الموضوعي، فإن تياراً عنيفاً يصرف الذهن والخيال إلى معان جليلة
مقدسة، إذ الإنسان في الحج وانطلاقاً من مكانية (الميقات) وبقدر ما يقصي عن
طبيعته الآدمية التي خُلق بها كلّ المضافات الترابية، ويتجرد بكلِّ توّهج
فإنه من جهة يخلعُ عليه حُلةً ماديةً بيضاء (لباس الإحرام) إنما يتجلى عن
صورة أمثل ليكون معرباً عن خروجه من عقده وحالِه ليندمج في عقيدة وساحة أخرى
في ذات المكان والزمان الدنيوي; هي تلك رمزية تفيد استتلاء المضمون السليم إذ
يصبح الحاج وهو يرتدي الإحرام ومعه الحجاج الآخرون بلون الفضاء الممتد بين
تخوم الأرض وعنان السماء (فالكعبة ليست البناء الخاص المحدّد بل هي الفضاء
الخاص الممتد من تخوم الأرض إلى عنان السماء)25.

إن القرية الكونية التي يضع الجمال
الكوني مفاتيحها بيد الحاج لهي الساحة التي تنشرح أفقياً أمامه، وتتمحور حول
شاقول يشق أحشاء الكون، فالصورة إذن لم تكن هدفاً بلا وسيلة، ولا هي بلا قوة
في التوظيف، ولا قوة بلا فعلية متجسدة في الواقع ... وعليه فمن أين تبدأ
الفعلية المتجسدة؟ إنها تماماً من نفس بؤرة الميقات، وتمتد رجوعاً على هدى
خطّ أفقي إلى بلدة الحاج ووجوده الاجتماعي المباشر المتصل.

المفتاح الرئيس لصور الجمال المكاني
في الحج هو مفتاح الميقات بوصفه أو لكونه البؤرة التي تتلاحم فيه عناصر
المكان والزمان، ومنه يصلح انفكاك زمان الحج ومكانه .. ويحمل هذا الميقات
إشارة للدخول في عالم الحج الخاص ألا وهي إشارة (الإحرام) التي ينطلق لسان
التلبية للتعبير عن محتواها الداخلي .. وإذن فهناك صور كثيرة تدل على جمالية
أداء المناسك نقتصر على صورتين منها:

/ 9