لمحة عن الحج و مناسکه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

لمحة عن الحج و مناسکه - نسخه متنی

محمدجواد حجتی کرمانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




التقصير


هو أحد
مناسك عمرة الحجّ، وبه تختم العمرة، فهو خاتمة مقطع من الحجّ، ويؤدّى بأخذ
مقدار من شعر الرأس، أو اللحية والشارب، أو تقليم الأظفار.

ويحل
لك ـ بعد التقصير ـ كثير من محرّمات الإحرام، ولكنّك
لستَ محلا بالكامل بعدُ، ولا تزال غير قادر على الاستجابة لكلّ غرائزك
الشهوانيّة الأساسيّة، إذ إنّ حرمة التعطّر والجماع مستمرّة إلى ما
بعد التقصير في مقطع من الحجّ.

ويمكن أن
يكون التقصير علامة على أنّك وفّقت ـ إلى حدّ ما ـ في
مرحلة تطهير الجسد والروح، وها أنت يجب عليك ـ لتنجح نجاحاً
كاملا ـ أن تؤدّي قسماً آخر من المناسك في منى، ومكّة أيضاً.
إذن ، فإنّ للأمل والرجاء ـ هنا في منى ـ تجلّياً
خاصّاً، فهل ـ تُرى ـ سمّيت منى بمنى لهذا
السبب؟!

أورد كلّ
من محمّد الغزالي في إحياء
علوم الدين، والفيض الكاشاني في المحجّة البيضاء بعض المطالب، وإليك منتخباً
ممّا تحتويه

الطواف
صلاة. احفظ مراتب التعظيم والتكريم والخوف والرجاء والمحبّة. ها أنت
كالملائكة الذين يطوفون بالعرش الإلهيّ، ولا تحسب أنّ المقصود طواف بدنك في
أطراف البيت، بل المقصود طواف قلبك بذكر صاحب البيت، فلا تبدأ ذكراً ولا
تختمه إلاّ باسمه، كما أنّ الطواف يبدأ من البيت وينتهي إلى البيت واعلم أنّ
جوهر الطواف طواف القلب بالحضرة الإلهيّة، وما البيت إلاّ مثال ظاهريّ في
عالم الملك للحضرة الربوبية التي لا ترى بهذه العين، كما أنّ الجسد مثال
ظاهري للقلب6 في
عالم الشهود، ولابدّ من معرفة
أن عالم الملك والشهود العالم الحسي يرقى درجة بعد درجة لمن فتحت له
الباب.

وما ورد في
الأخبار من أنّ في السماء بيتاً وضع قبالة الكعبة، يسمّى بالبيت المعمور،
تطوف حوله الملائكة كما يطوف الناس حول الكعبة، فيه إشارة إلى هذه الموازنة والمسانخة بين
عالم الملك والملكوت.

وبما أنّ
أكثر الناس قاصرون عن الوصول إلى هذه المرتبة من الطواف، فقد أُمروا بالتشبّه
ما وسعهم ذلك. (إلى هنا ينتهي ما انتخبناه من محتوى كلام
الغزالي).

فالطواف هو
بيت القصيد الرقيق والمتغلغل إلى أعماق القلب، من ملحمة الحجّ
الرائعة.

الطواف
تبلور لمقام القرب والوصال بين العابد والمعبود، وينفرد الطواف مع صلاته عن
بقيّة المناسك باشتراط الطهارة فيهما، فلا يجب على الحاجّ الوضوء أو الغسل
(إذا صدر منه أحد موجباته) لسائر أعمال الحجّ الأُخرى، كما لا تشترط الطهارة
من الحيض في المرأة ـ لغير الطواف وصلاته.

الطواف حول
البيت عدل وموازن للصلاة، فالصلاة هي الطواف بصورته الساكنة مقابل الكعبة،
والطواف هو
الصلاة ـ بصورتها المتحرّكة ـ حول البيت.

وتقريب هذه
الصورة أكثر، افترض أنّ الكعبة مركز لدوائر كثيرة يحيط بعضها بالبعض الآخر،
أوّلها المطاف ـ وهو أقرب وأصغر دائرة ترسم بالطواف حول
البيت ـ وآخرها ما يستدير في أقصى نقاط الأرض المختلفة، وتتشكّل
هذه الدوائر من المصلّين الذين يتوجّهون من جهات هذا العالم الأربعة إلى
الكعبة المكرّمة، ولو أنّك أمعنت النظر في دائرة من هذه الدوائر، لرأيت أنّ
المصلّين في حالة من الطواف، غير أنه طواف ساكن بصورة الصلاة.

ومن جهة
أخرى فإن الطائفين حول البيت يشكّلون دائرة بالطواف أيضاً، وهم بهذا الطواف
يقومون بتصوير وعرض كلّ الدوائر التي يرسمها المصلّون في أرجاء الأرض وكلّ
واحد من المصلّين ـ في أيّ قوس، ومن أيّ دائرة ـ ما هو
إلاّ ممثّل لطواف الطائفين بالبيت، كما أنّ الطائفين بالبيت يمثّلون بطوافهم صلاة المصلّين في
جميع أرجاء الأرض.

فأنت ـ أينما ومتى وقفت
للصلاة ـ قوس من دائرة أقواسها الأخرى في شعاعك، وهذه
الدائرة ـ حتّى في أبعد فاصلة من الكعبة ـ ما هي إلاّ
تمثيل لدائرة الطواف الصغيرة بمقياس أوسع وأكبر.

والطائفون المتحرّكون الحاضرون
في المسجد الحرام، هم ـ أيضاً ـ المجسّدون للدوائر
الكثيرة المتكررة من الطائفين الساكنين، والمنبثّين في أرجاء العالم،
الغائبين عن البيت.

يتّضح بهذا
أنّ الطواف حول البيت ليس أمراً ينفرد به حجاج البيت; فالمصلون أينما
وقفوا ـ في أي شعاع، وأيّ دائرة، صغيرة كانت أو
كبيرة ـ كأنّهم يطوفون بالبيت طوافاً ساكناً في صورة
الصلاة.

وباختصار:
فإنّ الطواف صلاة متحرّكة، والصلاة طواف ساكن. والصلاة والطواف عبادة واحدة
تؤدّى بشكلين، أو هما روح
واحدة في بدنين.

ويمكننا
القول ـ زيادة في التوضيح ـ إنّ الانجذاب والعشق يتجلّيان في أفعال
العاشق بصورتين مختلفتين: فطوراً بالهدوء والتأمّل والانفراد والترنّم بأسرار
الحبّ، وطوراً بالنهوض والحركة والعجز عن امتلاك زمام النفس، التجلّي الأوّل
هو الصلاة، والتجلّي الثاني هو الطواف.

الطواف
والصلاة مظهران لأطهر وأقدس وأروع حالات الإنسان، وأكثرها جذباً وروحانية
وملكوتية، (الصلاة معراج المؤمن).

وليست هناك
حالة أُخرى ينتفع فيها الإنسان إلى هذا الحدّ بالوصال والقرب التام من سرّ
الخلق، وكنه الوجود، ومعشوق العالم، ومعبود الكلّ.

الطواف ـ من زاوية
أُخرى ـ تصوير للسير الدائري لكلّ نظام الخليقة على محور الخالق الذي
منه يبدأون وإليه ينتهون. الطواف تجسيد للسير الدائري ـ المحيِّر،
والحائر ـ لكلّ ذرّات عالم الوجود.

والطواف ـ في الوقت
نفسه ـ بدايةٌ لدوران جديد، وعثورٌ جديد على المحور، يعيد حياة الإنسان
المنفصل عن الحقيقة والدائر على محاور الدنيا الباطلة، إلى الدوران على محور
الحقّ والعدل والطهارة. وإذا ما كان المحور الذي تدور عليه حركتنا وأعمالنا
هو الحرص والطمع ، وهذه الأهداف الدنيوية الفانية المادّية، فإنّ الطواف
هو المغيّر لهذا المحور الذي تدور عليه حياتنا.

وفي الطواف
رمز آخر، وهو أنّهُ يدعو الإنسان ذا الأُفق الضيّق والبعد الواحد إلى النظر
من جميع الجوانب، ويجلب انتباهه إلى جميع الجهات.

الطواف سير
في اللانهاية، ودوران من الحقّ إلى الحقّ، وأنت تصبح بهذا السير إنساناً لا
يهدف إلاّ إلى الحقّ، ولا يدور إلاّ على محور الحقّ يفضل الطواف كالصلاة
معراج للمؤمن. الطواف الصلاة في عرضه للحركة وعدم الاستقرار، والصلاة
تفضله بتجسيدها للهدوء
والتأمّل.

/ 15