لمحة عن الحج و مناسکه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

لمحة عن الحج و مناسکه - نسخه متنی

محمدجواد حجتی کرمانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




الإحرام


من جملة الأفعال الواجبة لدخول الحرم،
الإحرامُ، وما أَروع اتّحاد مادّة (الحرم) و(الإحرام)، ويمكننا
القول ـ بتعبير أدقّ ـ إنّ الإحرام يُعدّ تمثيلا للحرم في وجود
المحرِم; فكأنّ الحاجّ الذي يلبس ثوبي الإحرام يجسّد
الحرم الإلهيّ الآمن في وجوده، ويعلن أنّ حدود وجوده منطقة محرّمة، منطقة صلح
وسلام وأمن وأمان.

وهذا هو واقع الأمر; إذ يحرم على
الحاجّ ـ بعد الإحرام ـ ارتكاب أربعة وعشرين شيئاً، فلا
يجوز له حتّى قطع شعرة من شعره، ولا يجوز له قلع واحد من أسنانه، ولا إخراج
الدم من بدنه وبدن غيره، وليس له الحقّ في أن يتعرضّ لحيوان في الحرم ولو كان
حشرة استقرّت على بدنه أو ثيابه، ويحرم عليه أن يجادل أحداً بقول:
«بلى والله ، ولا والله»
ولو كان غير حاجّ، إلى غير ذلك.

ولا يحقّ له ـ من ناحية
أخرى ـ أن يدور على محور الشهوة، بل ليس له الحقّ في أن يحوم حول
مقدّماتها; كالخطبة لنفسه وغيره، وإجراء العقد كذلك، فلا يجوز له النظر
بشهوة، ولا العمل الشهوانيّ (ولو كان محلّلا قبل الإحرام)، بل يمنع حتّى من
التعطّر، وشمّ الروائح الطيّبة، وسدّ أنفه عن الروائح
المنتنة، والاستظلال من الشمس، وتغطية رأسه، و...

وليس المقصود أن نقوم بتعداد كلّ
محرّمات الإحرام، ولكنّا نريد من وراء ذلك تجسيد تلك الحالة المفعمة
بالروحانيّة والتنزّه التي تستغرق كيان المحرم، فتجعل من وجوده حرماً
إلهيّاً آمناً.

ونقول باختصار: إنّ
الحاجّ ـ بعد الإحرام ـ يجد نفسه ملائكيّ الصفات، طاهراً
من شوائب المادّة، من الشهوة والغضب، ومن كلّ ما يمثّل حيوانيته.

ومثل هذه الحالة لا يعفوها النسيان،
بل تبقى ملازمة لذاكرة الإنسان، منبعاً للمُثُل ومصدراً للموعظة، في جميع
مستقبله، ولابدّ لتربية الإنسان ـ من سلوك طريقة تبقى حيّة في
ذاكرته على الدوام، ولهذا أُمر الحاجّ بمفارقة لباسه المخيط، حيث يخلع عن
بدنه لباسه المعتاد، ويكتفي بقطعتين من لباس أبيض بسيط، علامةً على مفارقته
لكلّ العلائق والروابط، وإعراضه عن كلّ مظاهر الامتياز
والتعالي والتفاخر، وهو بذلك يضع ـ تحت قدميه ـ كلّ
الامتيازات التي أضفاها مصمّموا الأزياء والخيّاطون على آلاف من أنواع
الملابس العسكريّة والدينيّة والعرقيّة والطائفيّة، وعلى أنواع ثياب الملوك
المتكبّرين، وأصحاب المناصب المدّعين.

وإذا بهذه الأُمم المختلفة، وهؤلاء
الأفراد المختلفين، شؤوناً ومناصب، حكّاماً ومحكومين، ينصهرون في وحدة خالصة
مُخْلَصة من كلّ غلّ وغشّ، ويظهرون بمظهر الاتّحاد والأُخوّة والمساواة، في
شكل واحد ظاهر وطاهر، أبيض نورانيّ، إلهيّ، ومعرض هذه الوحدة صحراء أرض
التوحيد المترامية الأطراف، والحرم الإلهيّ المقدّس.

ويظلّ هذا العرض ـ إلى
الأبد ـ عالقاً في ذاكرة كل فرد من الحجّاج الذين حضروا هذا
المشهد، كما يظلّ عالقاً في ذاكرة المجتمع الإسلامي، وذاكرة كلِّ المجتمع
البشريّ أيضاً، بوصفه لوحة رائعة منقطعة النظير، ملهمة
للأجيال، ومشحونة بالدعوة إلى الصلح والسلام، والمعنويّة، والإخلاص، وعبادة
الواحد الأحد.

/ 15