2 ـ لمحة عن مناسك الحج
نقصد في
هذا القسم من المقالة تطبيق ما عرضناه في القسم الأوّل منها وبشكل كلّي على
كلّ منسك من مناسك الحجّ.
فلابدّ ـ إذن ـ من أن نبدأ بالكعبةالبيت الذي عبّر عنه القرآن أنّهُ
{ أوّل بيت وضع للناس}1 بيت حجريّ بسيط، بني بهندسة
معماريّة بدائيّة، تفتقد كلّ أنواع المظاهر والزينة ومع هذا كلّه فهو رمز
للوحدة البشريّة، وشعار للأمن والأمان في المجتمع الإنسانيّ. هذا البيت
العتيق ـ الذي هو أقدم معبد على وجه الأرض، وقد أُعيد بناؤه على يد إبراهيم الخليل ـ هو الحمى،
والملجأ الدينيّ والكهف الاجتماعيّ الحصين لجميع الناس.
ولا يوجد في أيّ نقطة من هذا
العالم ـ لقوم، أو قبيلة، أو عرق، أو طائفة ـ مركز فيه
هذه المميّزات مع ما فيه من الجاذبية والمعنوية والحرمة والقدسيّة لهذا
البيت.
ومراكز الأمن (الدول المحايدة) التي
تُعدُّ ملجأً للمظلومين وحتّى المجرمين، ما هي إلاّ من الإبداعات الحديثة في
القرون المتأخّرة، وكما قال الطنطاوي: إنّ الله ألهم الناس أن يقوموا بعمل
أوحاه إلى نبيّه إبراهيم(عليه السلام).