الأمور هي:
1ـ فهم روح الإسلام، وهو في اعتقادي أمرمهم، ويحصل الإنسان عليه إثر الإحاطةالدقيقة بالآيات القرآنية والضرورياتالدينية والمسلمات الإسلامية والأولياتالفقهية، والإلمام الكامل بما نفذه النبيالأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم)والأئمة الأطهار (عليهم السلام)، وخصوصاًمعرفة واسعة بحياة النبي والإمام علي بنأبي طالب حيث كانا مبسوطي اليد ومسؤولينعن الحكومة حتى نعرف كيفية تطبيق الأحكامالإسلامية وتنفيذها، ولا بد من معرفةدقيقة بسيرة النبي وأهل بيته والأئمةالأطهار لتحديد الأمور التي كانوايولونها اهتمامهم والأمور التي لايولونها الاهتمام، فمن مجموع هذه المواقفيستطيع الإنسان أن يدرك القضايا المهمة فيالإسلام والأولويات فيه.
وفي اعتقادي أن هذا الأمر كان مما امتازبه الإمام الخميني، حيث كان له في هذهالقضية إدراك جيد ودقيق، وبسببه انطلق(رضوان الله تعالى عليه) من بحث بسيط جداًفي المكاسب(1) وهو أن ولاية الفقيه علىأموال الأيتام والقاصرين والمحجور عليهم،مثل ولاية الأب والجد، انطلق (رحمه الله)إلى الحكومة الإسلامية. ولولا ذلك الفهملواقع الإسلام وحقيقته، وأن النبيوالأئمة الأطهار المعصومين إنما بُعِثُوالأجل إقامة الحكومة، وجاهدوا واستشهدوالأجل تشييدها ولولا فهم روح الإسلام ولولااستيعاب الدقائق والرقائق الأخرى منالآيات والروايات وحياة النبي والأئمةالأطهار وحركة النبي وأهل بيته لما انطلقمن تلك المسألة البسيطة إلى استنباط تلكالمسألة المهمة واستخراجها.
إن أعلمية الإمام تأثرت بمجموع ما تقدم،إنها لم تأتِ بسند جديد للمكاتبة، ولمتأتِ لها بدلالة أخرى ولكن عندما درس تلكالمكاتبة على ضوء تلك النظرات الثاقبةوتلك الاستنتاجات وتلك الادراكات، تغيرالتفسير لها والاستظهار منها وأوجب فهماًجديداً.
لا بد من أن يكون الاستظهار من الرواياتمن خلال القرائن اللبية واللفظيةوالتاريخية وعصر الصدور والمعصوم الذيتحدث والظروف التي كانت سائدة، فإذا كانالاستظهار كذلك كان سليماً وصحيحاً، وإلاكان استظهار خاطئاً استظهاراً ميتاًاستظهاراً لا روح فيه، استظهاراً بعيداًعن واقع الحكم الشرعي الإلهي، رغم كون علمأصول فقه هذا المستظهر المجتهد جيداً، فأيأعلمية هذه عندما يكون الاستنباطوالاستظهار كذلك؟ وعليه تكون هذه القضية(معرفة روح الإسلام من خلال معرفة الظروفوالقرائن) ذات تأثير في الأعلمية.
(1). كتاب المكاسب للشيخ مرتضى الأنصاري،المتوفى عام1281هـ/1864م. في النجف الاشرف.