لقد كانت مدرسة المحقق الوحيد البهبهانيتعترض وتناقش المحقق الاردبيلي بأنه بدأحياته العلمية بدراسة الفلسفة ثم عرج علىدراسة الفقه، فتكون مناقشاته ـ المحققالأردبيلي ـ للأحاديث الفقهية منبعثة منالخلفية الفلسفية، فتصدى المقدس الوحيدالبهبهاني لمعالجة تلك المناقشات، وبذلجهداً كبيراً للإجابة عن الاعتراضات التيأوردها المحقق الأردبيلي في القضاياالفقهية، وتكون إجابات الوحيد البهبهانيأولاً حسب المنهج العلمي العقلي، وثانياًعلى ضوء ما استفاده من الروايات واستظهرهمن بطن الفقه لأن المنهج الوحيد الذي كانيعتمد عليه هو الركون إلى الرواياتوالاستظهار منها، كما هو ديدن الفقهاءأيضاً. ولا بد من الإشارة إلى هذا الأمر فيتاريخ الفقه.
فما يتخيله بعض الفقهاء، بعد أن يدرسالأصول والفلسفة ويتعمق فيها، بأنه أصبحأكثر علماً في مقدمات الاجتهاد وأنه أكثرشخص بذل جهده فيها فيكون استنباطه أفضل،إن هذا التخيل خاطىء في كثير من الأحيان؛إذ قد يصير اجتهاده أبعد عن الواقع نتيجةتأثره الذهني المسبق.
وعليه لا بد من ملاحظة كل هذه الأمور ثمصياغة تعريف دقيق جداً للأعلمية علىضوئها.
ولا بد من التنبيه إلى أن القائد (آية اللهالسيد علي الخامنئي) يتمتع بشكل واسع بهذهالخصوصية ويلتزم في الاجتهاد باستنباطالأحكام الفقهية من باطن الفقه، وإلى أنهلا يتأثر بالعوامل الخارجية. وهذه منمميزاته ولهذا ترون أنّ فتاواه غالباًتتطابق مع فتاوى المشهور من العلماء؛ حيثيتلقى أقوال العلماء؛ الكبار بكل عظمةواحترام وتقدير ثم يدخل في البحث. وهذاالأمر من الأمور المهمة في الأعلمية وفيالاقتراب من الحقيقة والواقع.
وعليه فما يقال من الكلمات حول السيدالقائد المعظم غير صحيح.
وعلى أي حال، هذه الأعلمية التي ثبتت منخلال سيرة العقلاء، وأفتى بعضهمبالاحتياط الوجوبي لتقليد الأعلم، هيالأعلمية الحاصلة من خلال مجموع ما ذكرنا،لا المعنى التقليدي الذي انطلق منه بعضهموأثار اللغط والفتنة.
ولو انتبه هؤلاء (مثيرو الشغب والفتنة)إلى ما ذكرنا من العوامل والمؤثرات ذاتالانعكاس الشديد في الاستنباط والاجتهاد،لما بقي لأحاديثهم محل ولا معنى.
الأمر الثاني: المرجعية
هل أن المرجعية، فضلاً عن القيادة، منوطةبعلمي الأصول والفقه فقط؟ أو أنها ترتبطبقضايا أخرى؟
إن ارتباط القيادة بأمور أخرى ـ عداالأبحاث العلمية الفنية الفقهيةوالأصولية ـ واضح جداً ولكن هل أنالأعلمية في مرجعية التقليد ذات بعد واحدوجهة واحدة، أو لا بد من توفر شروط أخرىمضافة إلى ذلك؟