هل معرفة الامام عند عموم الشيعة؟
الذي يظهر من بعض الروايات أنّ الموقفيحتّم على الامام كتمان أمره ولو استلزم
ذلك عدم معرفة الشيعة به، وهذا ما صرّح به
الامام موسى بن جعفر (عليه السلام) عندما
سأله أحد أصحابه، قال له: جُعلت فداك،
شيعتك وشيعة أبيك ضلاّل ـ أي لا يعرفونك ـ
فألقي إليه وأدعهم إليك، فقد أخذت عليَّ
بالكتمان، قال (عليه السلام): "من آنست منهم
رشداً فألقِ عليه وخذ عليه بالكتمان، فإن
أذاعوا فهو الذبح، فإن أذاعوا فهو
الذبح"(1).والجوّ الحاكم في هذه الرواية هو جوّ
الارهاب السائد في عصر الامام موسى بن
جعفر، وصرّح الكليني واصفاً هذا الارهاب
(إنّ أبا جعفر المنصور كان له بالمدينة
جواسيس ينظرون إلى من اتفقت شيعة جعفر
(عليه السلام) فيضربون عنقه)(2).فالامام في الرواية أعلاه قسّم شيعته إلى
قسمين:
الاوّل
من آنست منه رشداً.الثاني
من لم تؤنس منهم رشداً.أمّا القسم الاوّل، فاُولئك صرّح لهمالائمة بهويّة الامام اللاحق، وبعض
الاُمور الاُخرى التي يتحمّلونها بأمانة
من دون شكّ، وكلّ الروايات التي تنصّ على
الائمة والصحيحة تدلّ على أنّ ذلك الرجل
الذي تحمّل هذا النص هو من اُولئك الذين
آنس منهم رشداً، ولهذا نجد أنّ الائمّة
يصرّحون بهويّة الامام اللاحق للبعض، مثل
قول الباقر (عليه السلام) لاصحابه: "هذا خير
البريّة"، وأشار إلى الصادق (عليه السلام)
(3).وهذا القسم كان يعرف الامام جيّداً، ولكن
في بعض الحالات يشتبه عليه بداية إمامة
اللاحق بعد وفاة السابق، وسبب هذا
الاشتباه بُعدُه عن محل إقامة الامام
السابق الذي تُوفّي، وهذا ما نصّ عليه
الصادق (عليه السلام) عندما سأله أحد
أصحابه: أفيسع
الناس إذا مات العالم ألاّ يعرفوا الذي
بعده؟
(1) معجم رجال الحديث: ج 19، ص 299 ـ 300.(2) الكافي: ج 1، ص 413، ح 7.(3) الكافي: ج 1، ص 367، باب 7، ح 5.