ابن دهيش نسباً واُسرةً
وجدير بنا ونحن نقرأ
هذا الأثر القيّم أن نعرج على مؤلّفه ، لنلقي نظرة عليه أسرةً وعلماً
وأنشطةً .
إذن تعالوا لنقرأ معاً
ما ذكر عن أسرته موطناً ونشأةً ; قديماً وحديثاً وعن مؤلّفاته وأنشطته
والوظائف التي تقلّدها . فهو : معالي الدكتور عبد الملك ابن عبدالله بن
عمر بن دهيش ، من مواليد مدينة حائل ، التي تقع في شمال المملكة العربية
السعودية .
فقد كان موطن هذه
الاُسرة قديماً يقع بجبلي أجا وسلمى ، ويعرفان الآن بـ (حائل) ، وقد
انتقل مؤسّسها عبدالله الشمري إلى منطقة سدير سنة 820هـ .
وفي هذه السنة عمرت
بلدة المجمعة المعروفة ، عمّرها عبدالله الشمري ، من آل ويبار من عبدة ، من شمّر ، وكان
عبدالله المذكور من المقرّبين عند حسين بن مدلج بن حسين الوائلي ـ رئيس بلدة
التويم ، فلمّا مات حسين ، قدم عبدالله الشمري المذكور على ابنه إبراهيم
بن حسين في بلدة حرمة1،
فطلب منه قطعة من الأرض ، لينزلها ويغرسها هو وأولاده ، فأشار أولاد
إبراهيم على أبيهم أن يجعله أعلى الوادي ، لئلاّ يحول بينهم وبين سعة الفلاة
والمرعى ، فأعطاه موضع بلد المجمعة، وصار كلّما حضر أحد من بني وائل، وطلب من
إبراهيم ابن حسين ومن أولاده النزول عندهم، أمروه أن ينزل عند عبدالله الشمّري،
طلباً للسعة ، وخوفاً من التضييق عليهم في منزل وحرث وفلاة2.
وقد ذكر محمّد العثمان
القاضي في روضة الناظر : أنّ عبدالله الشمري كان أمير المجمعة وقاضيها والتفّ
إليه من الحاضرة والبوادي من حولها حتّى أصبحت عاصمة سدير3.
ونقل الشيخ حمد الجاسر
عن بن لعبون في تاريخه كلامه عن نسب آل مدلج4.
وذكر ابن بسّام5 : أنّ عبدالله الشمري
من ويبار أحد بطون طيّ6
من عبدة من شمّر ، وأولاده ثلاثة هم : سيف ، ودهيش ، وحمد7.
ودهيش له عدّة أولاد
دبّ الخلاف بينهم وبين بني عمّهم سيف منذ سنة 914هـ وتحوّل إلى معارك هدرت فيها
الدماء من الطرفين من أجل رئاسة بلدة المجمعة .
وكان أهل حرمة قد
وعدوا آل دهيش النصرة ، فيما بادر جماعة من أهل المجمعة وأصلحوا بينهم8.
ومع هذا ظلّ الخلاف
والصلح يتناوبان بينهما حتّى ارتحل آل دهيش إلى مرات ، التي تبعد حوالى 145كم
في الشمال الغربي لمدينة الرياض في منطقة الوشم ، ومرات هذه مدينة قديمة سُكنت
قبل الإسلام ولا تزال مسكونة منذ ذلك الحين ، وهي بلدة امرئ القيس9، بعد أن لم يجد آل دهيش
بدّاً من الرحيل من المجمعة وحرمة إلى مكان يجدون فيه الطمأنينة والاستقرار ،
وقد ملكوا عدّة عقارات بمرات وذلك في أوائل القرن الثالث عشر الهجري ، ولهم
حائط باسم (حويط دهيش) على يمين المتّجه شرقاً ، ولا يزال قائماً حتّى
الآن ، وبقي أفراد هذه الاُسرة في هذه المدينة يعملون بالتجارة حتى سنة
1236هـ ، فساعدوا عبدالله بن حمد الجبري ، الذي تأمّر على بلدة مرات في
زمن تركي بن عبدالله بن محمّد بن سعود ، مؤسّس الدولة السعودية الثانية10.
وبعد أن قامت الدولة
السعودية الثانية ، وخلال الفترة الثانية من حكم فيصل بن تركي الذي عيّن دخيل
الله بن دهيش أميراً على بلدة مرات سنة 1267هـ/1850م تقريباً . فاستمرّ دخيل
الله أميراً لهذه البلدة طوال فترة حكم فيصل بن تركي وحتّى وفاته في عام
1282هـ . فرحل عنها سنة 1283 مع أسرته إلى الاحساء وبقي فيها يعمل
بالتجارة .
ولمّا ضمّت الأحساء
إلى السعودية على يد الملك عبد العزيز آل سعود عام 1331 أصبح عمر بن عبدالله
بن دخيل الله بن دهيش وهو جدّ الدكتور عبدالملك صاحب هذا الكتاب ، من
المقرّبين لأمير الأحساء عبدالله بن جلوي ، لفراسته وذكائه ، وهو لم ينجب
سوى والد الدكتور عبد الملك ، فضيلة الشيخ عبدالله بن عمر بن دهيش ، وقد
تولّى عدّة مناصب في سلك القضاء ، تولّى آخرها وهو رئاسة المحاكم الشرعية
بمكّة المكرّمة بناءً على الأمر الملكي بتاريخ 17 /
9/1371هـ .
وكان لفضيلته الكثير
من المؤلّفات والمحقّقات بلغت أكثر من عشرين كتاباً ، وله مكتبة عامرة تضمّ
كثيراً من المطبوعات والمخطوطات ، ما زالت بحوزة ابنه فضيلة الدكتور عبد الملك
بعد أن توسّعت بفضل ما ضمّه الدكتور إليها ممّا لديه من كتب
ومخطوطات .