تعریف بکتاب «الحرم المکی» (1) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تعریف بکتاب «الحرم المکی» (1) - نسخه متنی

تقدیم و تعریف: محسن الأسدی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید







تمهيد




إنّ ممّا لا يختلف فيه
اثنان أنّ الحديث أو الكتابة أو البحث عن الحرمين المباركين ، الحرم
المكّي ، الحرم المدني ، له من جلال الشأن وعلوّ القدر ما لا يضاهيه شيء
أبداً ، خاصّة إذا كان الباحث ممّن يرجو الله واليوم الآخر ، فيدفعه هذا
الاهتمام الدقيق بهما ، وتقصّي كلّ شؤونهما ، وما يتضمّناه من تاريخ طويل
ضارب في عمق التاريخ ، وما يستوحيه الإنسان من خلال تواجده فيهما من مفاهيم
إيمانية وأخرى أخلاقية وسياسيّة واجتماعية . . . ويستحضر تلك
المواقف الجليلة لأولئك الأفذاذ ، الذين قدّموا كلّ غالٍ في سبيل المحافظة
عليهما ورعايتهما وإيصالهما للآتي من الأجيال . .


ولئن كان الحرم المكّي قد
تظافرت عليه جهود أنبياء ثلاثة (إبراهيم وإسماعيل ومن ثمّ رسول الله(صلى الله عليه
وآله)) حتّى صار بالصورة ، التي أرادتها السماء {مُبَارَكاً وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ} و
{قِيَاماً لِلنَّاسِ} و {حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ
ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ} وليكون مكاناً لعبادة الله تعالى
{وَللهِِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ
الْبَيْتِ . . .} {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا
اسْمَ اللهِ فِى أَيَّامٍ مَعْلُومَات . . .}
و . .


فإنّ الحرم المدني كان
مديناً لرسول الله(صلى الله عليه وآله) فقط وفقط ، الذي ما إن وطأت قدماه
المباركتان تراب يثرب ، وما إن ضمّ ترابها جسده الشريف حتّى صارت المدينة
حرماً آمناً بعد مكّة في المنزلة ، تشتاق إليها ـ كمكّة ـ الأرواح وتهفو إليها
الأفئدة ، ويتسابق إلى زيارتها جيل بعد جيل منذ أكثر من ألف وأربعمائة
سنة ، فلا نرى حاجّاً لمكّة أو معتمراً إلاّ وقد أكمل حجّه أو عمرته بزيارة
المدينة المنوّرة حيث المرقد الطاهر المبارك لرسول الله(صلى الله عليه وآله) ،
وحيث المراقد المباركة لأئمّة أهل البيت(عليهم السلام) ، وللشهداء والصحابة
رضوان الله عليهم ، وحيث المعالم المباركة وآثار الرسالة
الخالدة . . .


* *
*


والكتاب الذي بين
أيدينا واحد من تلك البحوث والمؤلّفات ، إنّه «الحرم المكّي الشريف والاعلام
المحيطة به» ، وهو دراسة ميدانية ، تاريخية ، فقهية ، كانت
أُطروحةً نال بها المؤلّف شهادة الدكتوراه ، كتاب قيّم جدّاً ،
ومهمّ ، لايستغني عنه أيّ باحث أو متتبّع للحرم المكّي تأريخيّاً
وفقهيّاً . . فأهمّيته الكبيرة وقيمته العلمية العالية يكتسبها هذا
الكتاب من كونه دراسة خارج المكاتب المتعارفة للكتابة والتأليف ، فهو أي
المؤلّف لا يكتفي بأن ينزوي هنا أو هناك في زاوية من زوايا مكتبته أو مكتبة أخرى
يراجع كتاباً أو يتصفّح مصدراً ، ليتّخذه مدركاً لرأي رآه ، أو قولٍ
ذكره ، أو شيء آخر لابدّ له من توثيقه ، وإلاّ كان كلاماً أو شيئاً لا
يتّصف بالعلمية والدقّة . . فهو إضافة إلى هذا الذي تعارف عليه الكتّاب
والمؤلّفون والمحقّقون . . . راح يتسلّق تلّةً أو جبلاً ويهبط
وادياً . . يستقبله قوم ، ويتركه آخرون ، يستضيفونه
تارةً ، وقد يبخلون عليه أخرى ، يأمنون به مرّةً ، ليحذروه
أخرى . .
أسئلته التي يحملها في ذهنه ، قد تتعبهم إجاباتها ، وقد لا يحيطون إلاّ
بشيء يسير لا يغني ولا يسمن ، إن لم يكن يجهلونها . . فصحيح هم من
أهل هذه المنطقة ، إلاّ أنّهم ليسوا بالضرورة يحيطون بعلمٍ عنها أو بإثارةٍ
منها . . فيقبض على ما ينفعه . .


إنّها دراسة
ميدانية ، مصادرها مواضع منبثّة هناك بعيداً لا تصلها إلاّ بشقّ الأنفس ،
وأخرى أبعد منها ، الوصول إليها أمر يحتاج إلى صبر ومصابرة ، بل ومرابطة
تكلّف الباحث جهوداً كبيرة وآلاماً كثيرة ، والعجيب في الأمر أنّ هذا الرجل
الصالح الصابر المثابر الدؤوب ، لم يتهيّب ذلك ، ولم ينكل عن مهمّته التي
عاشها حلماً سنين طويلة ، وهاهي الآن أمامه واقعاً وإن كان مرّاً ، إلاّ
أنّه سيترك له بضاعة كبيرة ، وثماراً يانعةً ، ونتائج جميلة ، يزول
بسببها كلّ ألم ومعاناة ، بل وينسى عثراتٍ وصعاباً وإن كانت عظاماً ،
مقابل ما جناه من ثمارٍ وما حصل عليه من منافع . .


* *
*


/ 15