عبارات فريق من فقهاء أهل السنّة في معنى الجمرة
أشرنا من قبل إلى
أنّ كثيراً من الفقهاء ، قد التزموا الصمت إزاء معنى الجمرة ; لكنّ
فريقاً منهم لهم تعابير تدلّ على أنّ الجمرة هي الأرض المحيطة بالأعمدة ،
ونورد هنا أقوالاً من أربعة عشر كتاباً (سبعة كتب لفقهاء أهل السنّة ، وسبعة
كتب لفقهاء الشيعة) تشير إلى أنّ الجمرة في تلك العصور هي قطعة الأرض التي تُرمى
بالحصى ، وتعابير بعض فقهاء أهل السنّة شاهدة على أنّه ما كان في عصرهم وجود
لعمود وأنّ الجمرة هي قطعة الأرض التي تقذف بالحصى .
1 ـ يقول الشافعي
أحد أئمّة أهل السنّة الأربعة «فإنْ رمى بحصاة فأصابت إنساناً أو
محملاً ، ثمّ استنت حتّى أصابت موضع الحصى من الجمرة أجزأت عنه»1.
وهنا نرى بجلاء
أنّه يتحدّث عن مسألة تدحرج الحصاة على الأرض وإصابتها موضع الحصى ، ويرى ذلك
مُجزياً . وفي هذا دلالة على عدم وجود عمود .
2 ـ وفي هذا
السياق يقول أحد أئمّة أهل السنّة المعروفين «وإن وقعت في موضع حصى الجمرة ،
وإن لم تبلغ الرأس أجزأ»2.
ومن البيّن أنّ
المراد بـ «الرأس» : رأس الحصى ، أي أعلاه .
3 ـ يقول محيي
الدِّين النّوَوي من فقهاء العامّة في كتاب «روضة
الطالبين» «ولا يُشترط كونُ الرامي خارج
الجمرة ، فلو وقف في الطرف ورمى إلى الطرف الآخر جاز»3.
وهذا التعبير
يدلّ بوضوح على أنّ الجمرة هي الدائرة التي يُرمى فيها الحصى ، ولا يرى من
اللاّزم أن يقف المرء خارج هذه الدائرة ، بل يجزيه أن يقف في طرف من الدائرة
ويرمي الحصاة إلى الطرف الآخر .
4 ـ ويقول
النَّووي أيضاً في كتابه الآخر «المجموع» «والمراد
(من الجمرة) مجتمع الحصى في موضعه المعروف ، وهو الذي كان في زمان رسول
الله(صلى الله عليه وآله) . . . ولو نُحّي من موضعه الشرعي ،
ورمى إلى «نفس الأرض» أجزأ ; لأنّه رمى في موضع الرمي . هذا الذي ذكرته
هو المشهور ، وهو الثواب»4.
إنّ
هذه العبارات تصرّح تصريحاً جليّاً أنّ الجمرة هي هذه القطعة من الأرض،
حتّى أنّها تدّعي الشهرة وتقول : إنّها هي
التي كانت على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله) .
5 ـ يقول شهاب
الدِّين أحمد بن إدريس ، وهو فقيه آخر من فقهاء
العامّة «فإنْ رمى بحصاة . . .
وقعت دون الجمرة وتدحرجَت إليها ، أجزأ»5.
6 ـ جاء في كتاب
«عمدة القاري في شرح صحيح البخاري» «والجمرة اسم لمجتمع الحصى ،
سُمّيت بذلك لاجتماع الناس بها»6.
وفي هذا الكلام
تصريح كذلك بأنّ الجمرة هي موضع تجمّع الحصى .
7 ـ وورد في كتاب
«الفقه على المذاهب الأربعة» «الحنابلة قالوا : ولو رمى
حصاة ، ووقعت خارج المرمى ، ثمّ تدحرجت حتّى سقطت فيه أجزأته، وكذا إنْ
رماها فوقعت على ثوب إنسان فسقطت في المرمى»7.
* *
*