يثبت مقصورا على الحال و لكن بذلك السبب فلا يبطل به ملك المدفوع اليه العبد بذلك في شيء من العبد و لكنه في الخيار يقوم مقام المولى باعتبار ملكه فان شاء دفع اليه نصفه و ان شاء فداه بالدية و لو وقع في البئر أولا إنسان فمات فدفعه ثم قتل قتيلا خطأ فدفعه المدفوع اليه ثم وقع في البئر آخر فان ولي القتيل يدفع ثلثه إلى الواقع في البئر آخرا أو يفديه بالدية لان العبد في الحاصل قاتل ثلاثة نفر اثنان في البئر و واحد بيده و قد صار حصة صاحب البئر الاول للذي قتله بيده مع حصته و ذلك ثلثان من العبد و الثلث منه حق ولي الواقع في البئر آخرا و قد قام المدفوع اليه مقام المالك فيه فيتخير بين أن يدفع الثلث أو يفديه بالدية و إذا حفر المدبر أو أم الولد بئرا في الطريق و قيمته ألف درهم فوقع فيها إنسان فمات فعلى المولى قيمته لان جنايته بالحفر عند اتصال الوقوع به كجنايته بيده و جناية المدبر وأم الولد توجب القيمة على المولى به قضى أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه حين كان أميرا بالشام و كان ذلك بمحضر من الصحابة و لم ينكر عليه أحد و هذا لان المولى بالتدبير السابق صار مانعا دفع الرقبة بالجناية على وجه لم يصر مختارا فيكون ضامنا قيمة لو فعل ذلك بعد الجناية و هو لا يعلم بها فان وقع فيها واحد بعد واحد فماتوا و قد تغيرت قيمته فيما بين ذلك إلى زيادة أو نقصان لم يكن على المولى الا قيمة ألف درهم يوم حفر بينهم جميعا بالسوية لانه ما منع الا رقبة واحدة فلا يغرم الا قيمة واحدة و الجناية من المدبر سببها كان هو الحفر فيعتبر قيمته عند ذلك ( ألا ترى ) ان في الجناية بيده يعتبر قيمته حين جنى و كذلك لو مات قبل ان يقع فيها إنسان أو أعتقه أو كاتبه أو فعل شيأ من ذلك بعد ما وقع فيها بعضهم ثم وقع فيها إنسان فمات فعلى المولى قيمته لان جناية المدبر لا تتعلق برقبته فانه ليس بمحل الدفع و انما تجب القيمة على المولى ابتداء فموت المدبر و حياته و عتقه في ذلك سواء و كذلك لو جنى جناية بيده شارك أهلها في تلك القيمة لان المولى ما منع الا رقبة واحدة الا انه إذا كانت قيمته يوم جنى بيده ألفين فعلى المولى ألف درهم لهذا خاصة لان على المولى قيمته وقت جنايته فانه عند ذلك صار مانعا دفعه بالتدبير السابق و هذه الجناية الثانية وجدت منه ألان فعليه لصاحبها قيمته ألفان و قد غرم مرة ألفا فيغرم لهذا ألفا أخرى ثم يضرب هو في القيمة الاولى مع أهلها بتسعة آلاف لانه وصل اليه مقدار ألف فينتقص من حقه ذلك القدر و يضرب كل واحد من أصحاب البئر بعشرة آلاف فتكون القيمة بينهم على ذلك قال و إذا استأجر أربعة رهط مدبرا و مكاتبا و عبدا و حرا يحفرون له بئر
(50)
فوقعت عليهم من حفرهم فماتوا و لم يؤن للمدبر و لا للعبد في العمل فيقول كل واحد منهم تلف بفعله و فعل أصحابه فيهدر ربع نفسه و تعتبر جناية أصحابه عليه في ثلاثة أرباع نفسه ثم على المستأجر قيمة العبد و المدبر لمولاه لانه صارغا صبا لها بالاستعمال و المدبر يضمن بالغصب كالقن ثم لورثة الحر ربع دية الحر في رقبة كل إنسان منهم و لولى المكاتب ربع قيمة المكاتب في رقبة كل منهما فيضرب في هاتين القيمتين ودية الحر بنصف دية الحر و ورثة المكاتب بنصف المكاتب فيقسمان ذلك على هذا ثم يرجع مولاهما بذلك على المتسأجر لان المقبوض استحق بجناية قيمة كانت منهما في يد المستأجر فيثبت لهما حق الرجوع عليه في رقبة العبد ثم للمستأجر على عاقلة الحر ربع قيمة كل واحد منهما لانه ملك العبد بالضمان و قد صار بمنزلة المالك للمدبر باستحقاق بدل نفسه بعد ما ضمن قيمته فلهذا رجع على عاقلة الحر بربع قيمة كل واحد منها و له في رقبة المكاتب ربع قيمة كل واحد منهما و قد كان للمكاتب في رقبة كل واحد منهما ربع قيمته من القيمة التي أخلفها كل واحد منهما فيكون بعضه قصاصا من بعض و يترادان الفضل و لو مع قيمة المكاتب على عاقلة الحر لان الحر أتلف ربع المكاتب ثم يأخذ ذلك ورثة الحر باعتبار جناية المكاتب على ربع الحر الا أن يكون لهم أكثر من ربع الدية فيأخذون ربع الدية و يردون الفضل على مولى المكاتب و لكن هذا انما يستقيم على قول من يقول قيمة المملوك في الجناية بالغة ما بلغت و لكل واحد من العبدين يعنى المدبر و العبد ربع قيمته في قيمة الاخر و لكن ذلك على المستأجر له فلا يفيد اعتباره فان كان العبد ان مأذونا لهما في العمل فلا ضمان على المستأجر لانعدام الغصب و ربع قيمة كل واحد منهما على عاقلة الحر و كذلك ربع قيمة المكاتب على عاقلة الحر و ثلاثة أرباع دية الحر في أعناقهم في عنق كل واحد منهم ربع فإذا عقلت عاقلة الحر ربع قيمة كل واحد منهما و أخذ ذلك كل واحد منهم قلنا يؤخذ من مولى المدبر قيمة كاملة لانه صار مانعا بالتدبير السابق فيكون موجب جنايات المدبر القيمة عليه بعد أن يكون القيمة مثل ما عليه من ذلك أو أقل فيقسم ذلك بينهم بضرب فيه ورثة الحر بربع الدية و مولى العبد بربع القيمة و مولى المكاتب بربع القيمة و ان كان المكاتب ترك وفاء أخذ من تركته تمام قيمته ان كانت قيمته أقل مما عليه من ذلك لان جنايات المكاتب إذا اجتمعت لا توجب الا قيمة واحدة في كسبه ثم يضرب فيها ولي الحر بربع الدية و مولى العبد بربع القيمة و مولى المدبر بربع القيمة ثم يؤخذ من مولى العبد جميع ما أخذ من ذلك
(51)
لان المأخوذ بدل عبده و أولياء جناية العبد أحق بذلك من مولاه فيضرب في ذلك ورثة الحر بربع دية الحر و مولى المدبر بربع قيمة المدبر و مولى المكاتب بربع قيمة المدبر و مولى المكاتب بربع قيمة المكاتب لان العبد كان جنى على ربع كل واحد منهم فلهذا كانت قيمة بدله بينهم ( باب الجنايات بالكنيف و الميزاب ) ( قال رحمه الله ) و إذا أخرج الرجل كنيفا شارعا من داره على الطريق أو ميزابا أو مصبا أو صلاية من حائط فما أصاب من ذلك إنسانا فقتله فعلى عاقلة الذي أخرجه ديته لانه متعد في تسببه حتى شغل طريق المسليمن بما أحدثه فيه اما في رقبة الطريق أو في هواه فكل واحد منهما يحول بين المارة و بين المرور في الطريق و في الميزاب إذا أصاب الذي في الحائط لا ضمان عليه فيه لانه متعد في وضع هذا الطرف في ملكه و قد بينا تفصيل هذه المسألة و لو وضع خشبة على الطريق فتعقل به رجل فهو ضامن له لانه شغل رقبة الطريق بالخشبة التي وضعها فيه فهو بمنزلة ما لو بني في الطريق دكانا أو جلس فيه بنفسه أو وضع ظله على الطريق فان وطي المار على الخشبة و وقع فمات كان ضامنا له بعد أن لا يتعمد الزلق قال و هذا إذا كانت الخشبة كبيرة يوطأ على مثلها فان كانت صغيرة لا يوطأ على مثلها فلا ضمان على الذي وضعها لان وطأه على مثلها على هذه الخشبة بمنزلة تعمد الزلق أو بمنزلة التعقل بالحجر الموضوع على الطريق عمدا و ذلك لا يوجب الضمان على واضع الحجر فطريان المباشرة على التسبيب بمنزلة ما لو حفر بئرا في الطريق فألقى إنسان نفسه فيها عمدا فان قال واضع الحجر ذلك انه تعمد التعقل به و كذبه الولي فهو على الخلاف الذي بيناه في البئر و في قول أبي يوسف الاول القول قول الولي و في قوله الاخر و هو قول محمد قول الواضع و هذا بخلاف واضع الجارح إذا ادعى أن المجروح مات بسبب آخر لان الجرح علة موجبة للضمان فبعد وجود العلة لا تقبل دعوى العارض المسقط و هاهنا الواضع و الحافر يدعي صلاحية العلة لاضافة الحكم اليه فانما يضاف الحكم إلى الشرط عند عدم صلاحية العلة لذلك و الاصل هو الصلاحية فكان هو متمسكا بالاصل معنى منكر السبب الضمان فلهذا كان القول قوله و إذا تعقل الرجل بحجر فوقع على حجر و مات فان الضمان على واضع الحجر الاول لانه دافع له بحجره على الحجر الثاني فكأنه دفعه بيده و ان لم يكن له واضع فهو على واضع الحجر لان وضع الحجر الثاني سبب و هو التعدي
(52)
و إذا تعذر اضافة القتل إلى ما دفعه عليه يجعل مضافا إلى الحجر الثاني واحد من هؤلاء يلزمه الكفارة و لا يحرم الميراث لانه سبب الكفارة و حرمان الميراث مباشرة قتل محظور ( باب الغصب في الرقيق مع الجناية ) قال رحمه الله و إذا غصب الرجل من رجل عبدا فقل العبد عنده قتيلا خطأ ثم اختصموا فان العبد يرد إلى مولاه لان الغصب حرام مستحق الفسخ و فسخه بالرد على مولاه و لان موجب الجناية تخيير المالك بين الدفع و الفداء و المالك هو المغصوب منه فهو المتمكن من دفعه بها دون الغاصب فيردها اليه ثم يقال له ادفعه أو افده أي ذلك فعل يرجع على الغاصب بالاقل من قيمته و مما فداه به لان الرد لم يسلم له حين استحق من يده بجناية عند الغاصب فكأنه هلك في يد الغاصب و لان فسخ فعل الغاصب انما يحصل برده كما قبضه و لم يوجد لانه قبضه فارغا ورده مشغولا بالجناية فإذا لم ينفسخ حكم فعله كان ضامنا قيمته لمولاه الا أنه يعتبر الاقل لان المولى يتخلص بالاقل منهما فهو في التزام الزيادة مختار فحق الرجوع انهما يثبت له بما تتحقق فيه الضرورة دون ما هو مختار له و ذلك في مقدار الاقل و إذا كانت قيمة العبد أقل فانما يرجع بقيمته يوم غصبه حتى ان كان زاد عنده خيرا فليس عليه من الزيادة شيء لان الرد لما لم يسلم له جعل كالهالك في يد الغاصب فانما يضمن قيمته يوم غصبه و ان حدث فيه عيب قبل الجناية فهو ضامن ذلك للمولى لانه فات جرء منه و حق ولي الجناية في العبد على ما هو عليه عند الجناية فما وجب من الضمان على الغاصب قبل الجناية يسلم للمولى لفراغه عن حق ولي الجناية و ان كانت عينه ذهبت عند الغاصب بعد الجناية و اختار دفعه بالجناية فدفعه رجع على الغاصب بقيمته يوم غصبه و يدفع نصفها إلى ولي الجناية لان حق ولي الجناية كان في العين الذي ذهبت عند الغاصب و العين من الادمي نصفه فلهذا دفع اليه نصف القيمة و النصف الاخر للمولى و يرجع المولى على الغاصب بالنصف الذي دفعه إلى ولي الجناية لان ذلك استحق من يده بالجناية التي كانت عند الغاصب و ان كان أعور قبل الجناية كان نصف القيمة للمولى لان حق ولي الجناية لم يثبت في هذه العين و يرجع المولى على الغاصب بقيمته أعور لانه دفع العبد بالجناية التي كانت عند الغاصب و هو أعور فيرجع بتلك القيمة على الغاصب و إذا غصب الرجل عبدا فهو ضامن له و لما جنى عبده من جناية أو لحقه من دين ما بينه و بين قيمته و لا يضمن
(53)
أكثر من ذلك من نفسه و ما ليته استحقت بما حدث عند الغاصب و لكن هذا لاستحقاق انما يتقدر في مقدار قيمته و لان المولى كان يمنعه من هذه الاسباب لو كان العبد في يده قائما يكن منه بأن لم يمنعه الغاصب من ذلك فلهذا كان الضمان على ألغاصب و إذا غصب عبدا فقتل عده قتيلا ثم مات العبد فعلى الغاصب قيمته لانه تعذر رد عينه بالهلاك في يده ثم يدفع المولى هذه القيمة إلى ولي الجناية لان بنيته كانت مستحقة لولي الجناية و قد فاتت و أخلفت هذا البدل و حكم البدل حكم الاصل ثم يرجع المولى بقيمة أخرى على الغاصب لان القيمة الاولى استحقت بجناية كانت عند الغاصب و لو استحق عين العبد من يده بتلك الجناية رجع على الغاصب بقيمته فكذلك إذا استحقت القيمة يرجع على الغاصب بقيمة اخرى حتى تخلص له قيمته قائمة مقام عبده و لو لم يمت العبد و لكن ذهبت عينه فدفعه إلى المولى أعور فقتل عنده قتيلا آخر ثم اجتمعوا فدفعه المولى بجنايته فانه يأخذ نصف قيمته من الغاصب باعتبار عينه التي فاتت عنده فيدفعها الى الاول لان حق الاول كان ثبت في حق العين لقيامها عند جنايته و حق الثاني ما ثبت في تلك العين فإذا سلم نصف القيمة للاول ضرب هو في العبد المدفوع بالدية الا ما أخذ لان القدر المأخوذ سالم له فلا يضرب به و انما يضرب بما بقي من حقه و يضرب الاخر بالدية ثم يرجع المولى على الغاصب بنصف القيمة التي أخذت منه لان ذلك استحق من يده بجناية كانت عند الغاصب و يرجع عليه أيضا بما أصاب الاول من قيمة العبد أعور لان استحقاق ذلك القدر من العبد بجناية كانت عند الغاصب و لا يرجع عليه بقيمة ما أصاب الباقي لان الجناية الثانية من العبد كانت عند المولى ثم يرجع أوليآء الاول فيما أخذ المولى من ذلك بتمام قيمة العبد إلى ما في يده لان حقه ثبت في عبد صحيح فارغ فما لم يسلم له كمال حقه لا يسلم شيء من بدل العبد للمولى و هذا ينبغى أن يكون على قول أبي حنيفة و أبي يوسف خاصة على ما نبيته في المسألة الثانية ثم يرجع المولى على الغاصب بمثل ما أخذ منه لان الذي أخذه منه الاول استحقه بجناية كانت عند الغاصب فيكون قرار ذلك على الغاصب فيكون قرار ذلك على الغاصب و لو غصب عبدا فقتل عنده قتيلا خطأ بأمره أو بغير أمره ثم رده إلى المولى فقتل عنده آخر خطأ فاختار المولى دفعه بهما فانه يكون بينهما نصفين لاستواء حقهما في رقبته ثم أخذ المولى من الغاصب نصف قيمة العبد استحق قبل الجناية الاولى بجناية كانت من العبد عند الغاصب ثم يدفع هذا النصف إلى ولي قتيل الاول و يرجع بمثله أيضا على الغاصب فيكون للمولى و هذا
(54)
قول أبي حنيفة و أبي يوسف قال محمد و زفر يأخذ المولى نصف القيمة من الغاصب فيسلم له و لا يدفعه إلى الاول و القياس هذا لانه انما يرجع على الغاصب بقيمة نصف المدفوع إلى ولي الجناية الاولى فلو أمر بدفع ذلك النصف اليه اجتمع البدل و المبدل في ملك شخص واحد و ذلك لا يجوز هذا و لان المصير الي القيمة عند عدم سلامة العين لتقوم القيمة مقام العين و ذلك النصف سالم لولي الجناية الاولى فلا حق له في بدلها و النصف الذي أخذه ولي الجناية الثانية فات و لم يخلف بدلا لان استحقاق ذلك النصف بجناية كانت عند المولى فلا يكون لولي الجناية الاولى ان يرجع على المولى بشيء و أبو حنيفة و أبو يوسف قالا حق ولي الجناية الاولى ثبت في جميع العبد فارغا و انما سلم له نصف العبد فلا يجوز أن يسلم للمولى شيء من قيمة العبد مع بقاء نصف حق ولي الجناية الاولى و لكن يدفع اليه هذا النصف من القيمة حتى يسلم له كمال حقه و نصف العبد و نصف قيمته بمنزلة ما لو كانت الجانية الاولى عند المولى و الجناية الثانية عند الغاصب فدفعه المولى بهما فانه يرجع بنصف القيمة على الغاصب فيدفعه إلى ولي الجناية الاولى بالاتفاق الا أن محمدا رحمه الله يفرق بما ذكرنا أن رجوع الولي هناك بقسمة نصف المدفوع إلى ولي الجناية الثانية لان تلك الجناية كانت عند الغاصب و قد كان حق ولي الجناية الاولى ثابتا فيه و هاهنا رجوعه بقيمة النصف المدفوع إلى ولي الجناية الاولى و لكنهما يقولان هذا في ما بين الغاصب و المولى بدل عن النصف المدفوع إلى ولي الجناية الاولى فاما في حق ولي الجناية الاولى فلا يكون بدلا عن ذلك و لكنه يجعل بدلا عن النصف المدفوع إلى ولي الجناية الثاينة لان ذلك لم يسلم له بعد ما ثبت حقه فيه أوما يأخذه ولي الجناية الاولى من القيمة لا يستحقه باعتبار انه بدل عن النصف الاول أو عن النصف الثاني و انما يستحقه باعتبار الجناية الحاصلة من البعد على وليه حال فراغه عن كل حق و صيرورته مقدما على المولى في استحقاق جميع العبد به و هو بمنزلة الذمي يبيع خمرا يقضى بالثمن دين المسلم فان المقبوض يطيب للمسلم لانه في حق البائع المقبوض ثمن الخمر و في حق المسلم انما يأخذ ما يأخذه باعتبار دينه لا باعتبار انه بدل الخمر فيطيب له ذلك ثم ذكر الفصل الثاني ان العبد لو كان جنى الجناية الاول عند المولي و الثانية عند الغاصب فدفعه المولى بهما فانهما يقتسمان العبد نصفين ثم يرجع المولى على الغاصب بنصف القيمة و هو بدل ما استحقه ولي الجناية الثانية فيدفعه إلى الاول ثم لا يرجع المولى بشيء من ذلك على الغاصب لان استحقاق هذا النصف من القيمة كان بجناية
(55)
من العبد عند المولى و الغاصب غصب العبد مشغولا بالجناية الاولى ثم رد نصف القيمة كذلك مشغولا بالجناية و لو رد جميع القيمة فاستحقها ولي الجناية الاولى بعد هلك العبد عنده لم يرجع المولى عليه بشيء و كذلك إذا رد النصف القيمة فاستحقه ولي الجناية الاولى ثم بني المسائل إلى آخر الباب بعد هذا على فصل مختلف فيه و هو ان جناية العبد المغصوب على المغصوب منه أو على ماله معتبره في قول أبي حنيفه رحمه الله و في قول صاحبيه هدر و أما جنايته على الغاصب أو على مال الغاصب فهدر في قول أبي حنيفة رحمه الله و في قولهما معتبر وجه قولهما ان العبد بعد الغصب باق على ملك المغصوب منه و الغاصب منه كالأَجنبي بدليل ان التصرفات المختصة بالملك تنفذ فيه من المولى دون الغاصب و كذلك في حكم الجناية حتى لو جنى على أجنبي كان المولى هو المخاطب بالدفع أو الفداء دون الغاصب ثم رجوع المولى الغاصب يكون بسبب الغصب لا بسبب الجناية و ذلك انه يقرر ملك المولى اذ ثبت هذا فنقول جناية المملوك على مال مالكه أو على نفسه فيما يكون خطأ هدار مالان المستحق بهذه الجناية من مملوك له على نفسه في نفسه أو ماليته و المالك لا يستحق ملكه لنفسه على نفسه أو لان جناية المملوك فيما يكون موجبا للمال كجنايه المالك و جنايته على نفسه و على مال نفسه هدر فكذلك جناية مملوكه عليه يدل عليه ان بسبب الملك تهدر جناية المولى على مملوكه و جناية المملوك على مولاه فيما يكون موجبا للمال ثم في أحد الحكمين المغصوب كغيره حتى ان المغصوب منه إذا قتل العبد المغصوب كان ذلك هدرا و إذا قتله الغاصب كان معتبرا فكذلك في الحكم الاخر قلنا تهدر جناية العبد على المغصوب منه فيعتبر جنايته على الغاصب لان الغاصب من ملك الرقبة كاجنبي فلهذا تعتبر جنايته على العبد و كذلك تعتبر جناية العبد عليه بمنزلة ما لو كان العبد في جنايته وديعة أو عارية و بان كان مغصوبا على الغاصب فكذلك لا يدل اعتبار جنايته على مولاه كالعبد المرهون إذا جنى على الراهن لا تعتبر جنايته و ان كان مضمونا على المرتهن بالقبض يوضحه أن في اعتبار جنايته على الغاصب فائدة و هو ان يتملك الغاصب رقبته على المولى بسبب الجناية و ما ثبت له هذا الحق بسبب الغصب بل كان عليه رد العين و للانسان في ملك الغير غرض فينبغي أن تعتبر جنايته عليه ليتملك به العبد و ان كان المولى يرجع عليه بقيمته إذا دفعه اليه بالجناية و أبو حنيفة رحمه الله يقول الغاصب في حكم جناية المغصوب كالمالك باعتبار المال و المغصوب منه بمنزلة الاجنبي الدليل عليه أنه لو على أجنبي آخر كان قرار ضمان الجناية على الغاصب