الفصل السادس علماء المسلمين الأعلام الذين أخرجوا أحاديث المهدي - حقیقة الاعتقاد بالإمام المهدی المنتظر نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حقیقة الاعتقاد بالإمام المهدی المنتظر - نسخه متنی

أحمد حسین یعقوب اردنی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

يكرههم أحد على ذلك، ثم إنهم لا يعرفون شخص المهدي المنتظر على وجه
اليقين ليكذبوا من أجله أو ليطمعوا بثواب عاجل منه لهذا الكذب.

من هم رواة الأحاديث المتعلقة بالمهدي المنتظر

1 - أهل بيت النبوة وآل محمد:

فعلي بن أبي طالب والسيدة فاطمة بنت
محمد الزهراء والسبط الإمام الحسن، والسبط الثاني الإمام الحسين قد أجمعوا
جميعا بأنهم قد سمعوا رسول الله يحدث بالأحاديث المتعلقة بالمهدي المنتظر،
وهؤلاء الأربعة هم أبناء النبي، ونساء النبي، ونفس النبي كما هو ثابت من آية
المباهلة. وهم آل محمد، الذين لا تجوز صلاة مسلم إن لم يصل عليهم، وهم
أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، ولو لم يكن للأحاديث
المتعلقة بالمهدي المنتظر غير هؤلاء الرواة لكان فيهم الكفاية، ولتحقق بهم
اليقين. ثم إن الأئمة الطاهرين الثمانية الذين آلت إليهم الإمامة بعد الإمام الحسين
قد رووا هذه الأحاديث، وقدموها لاتباعهم وللأمة كجزء لا يتجزأ من علمي النبوة
والكتاب.

2 - من بني هاشم أيضا:

كان الهاشميون أكثر الناس التصاقا بالنبي والتفافا
حوله، وجهادا معه، ودفاعا عنه، وبلاء في سبيله وقد وعى الكثير منهم ما صدر
عن النبي من قول أو فعل أو تقرير، ونذكر من الرواة الهاشميين الذين رووا
أحاديث متعلقة بالمهدي المنتظر:

1 - العباس بن عبد المطلب عم النبي.

2 - وعبد الله بن العباس.

3 - وعبد الله بن جعفر الطيار.

3 - الصحابة الأبرار:

ومن الذين رووا الأحاديث المتعلقة بالمهدي المنتظر
طائفة من الصحابة الأبرار الذين ثبتوا على الولاء لله وللرسول ولأهل بيت النبوة،
واجتازوا المحن والبلاء بنفوس مطمئنة، وفارقوا الدنيا دون أن يغيروا ويبدلوا أو
ينقلبوا على أعقابهم منهم سلمان الفارسي، وأبو ذر الغفاري، وعمار بن ياسر،.

وجابر الأنصاري وحذيفة بن اليمان.

4 - خلفاء ومرشحون للخلافة

وممن روى الأحاديث المتعلقة بالمهدي
المنتظر خلفاء، كعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، أو ممن ترشحوا للخلافة
كعبد الرحمن بن عوف، وطلحة بن عبيد الله، وعبد الله بن عمر بن الخطاب،
وعبد الله بن عمرو بن العاص.

6 - من زوجات النبي:

وروى أحاديث متعلقة بالمهدي المنتظر بعض
زوجات النبي كأم سلمة، وعائشة، وأم حبيبة.

7 - طائفة من الصحابة الكرام:

وروى جانبا من الأحاديث المتعلقة بالمهدي
المنتظر طائفة من أجلاء الصحابة منهم أبو أيوب الأنصاري، وزيد بن أرقم،
وأبو سعيد الخدري، وسهل بن سعد الساعدي، وحذيفة بن أسيد، ومعاذ بن
جبل.

8 - مثلما روتها طائفة أخرى من الصحابة:

كأبي هريرة، وعبد الله بن
عمرو بن العاص وعمران بن حصين، وأنس بن مالك، وزيد بن ثابت. (راجع
المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي، مركز الرسالة ص 28، وما فوق: و (إبراز
الوهم المكنون من كلام ابن خلدون) أبو الفيض الغماري ص 437، (ومعجم
أحاديث الإمام المهدي)، خمسة مجلدات مؤسسة المعارف الإسلامية بإشراف
الشيخ علي الكوراني)..

الفصل السادس علماء المسلمين الأعلام الذين أخرجوا أحاديث المهدي

أخرج علماء المسلمين الأعلام الأحاديث المتعلقة بالمهدي المنتظر ودونوها
في صحاحهم ومسانيدهم ومؤلفاتهم، مسلمين بصحتها وتواترها.

1 - علماء المسلمين الأعلام الذين تخرجوا من مدرسة أهل البيت

علماء المسلمين الأعلام الذين والوا أهل بيت النبوة، وقالوا بحقهم الشرعي
برئاسة الأمة من الناحيتين الروحية والزمنية ونقصد بهم علماء الشيعة: كالكليني،
والصدوق، والمجلسي، والعاملي وغيرهم ممن دونوا الأحاديث والموسوعات
الدينية، أخرجوا أحاديث المهدي المنتظر وتعاملوا معها كحقائق إسلامية ثابتة
لديهم، واعتبروها معارف ومعلومات دينية وصلت إليهم من رسول الله، مثلما
اعتبروها من أصول الدين وأساسياته، لأن الاعتقاد بالمهدي المنتظر واعتباره ثاني
عشر الأئمة الشرعيين من المسائل الأصولية والأساسية عندهم.

2 - علماء المسلمين الأعلام الذين تخرجوا من مدرسة دولة الخلافة

وأخرج أحاديث المهدي المنتظر العلماء المسلمين الأعلام الذين والوا دولة
الخلافة التاريخية رغبة أو رهبة، وتخرجوا من مدرستها وهم من الكثرة والشهرة
ومؤلفاتهم من التعدد بحيث يستحيل تواطؤهم على الاتفاق بإخراجها، ومع ذلك
فقد أجمعوا على إخراج الأحاديث المتعلقة بالمهدي المنتظر، لأن هذه الأحاديث.

كانت من الثبوت والشيوع والقوة، بحيث أنها قد فرضت نفسها فرضا على دولة
الخلافة وعلى كافة علمائها، وتعذر تجاهلها أو إنكارها، لأنها شقت طريقها بيسر
وسهولة إلى أسماع المسلمين وقلوبهم، ولم يكن بوسع دولة الخلافة، ولا بوسع
علمائها أن يتجاهلوا قوة هذا التيار الغلاب، فأذعنوا أمام قوة الحقيقة الدينية،
وأخرجوا الأحاديث المتعلقة بالمهدي المنتظر، ودونوها في صحاحهم ومسانيدهم
ومؤلفاتهم، واعتبروها معلومات عن الغيب، وحقائق دينية صادرة بالفعل عن
الصادق المجرب الذي لا ينطق عن الهوى.

ممن أخرج الأحاديث المتعلقة بالمهدي

1 - أصحاب كتب الحديث المعروفة بالصحاح الستة: البخاري، ذكر
المهدي بالوصف لا بالاسم، وأخرج الأحاديث المتعلقة بعلامات الظهور، وبنزول
السيد المسيح، وظهور المسيح الدجال، وأخرج الحديث الذي يؤكد بأن إمام
الأمة هو الذي سيؤم المسيح ابن مريم عند نزوله، وشراح صحيح البخاري أعلنوا
بصراحة بأن الإمام الذي عناه البخاري هو المهدي المنتظر. (راجع فتح الباري
ج 6 ص 383 - 385، وعمدة القاري ج 16 ص 39 - 40 المجلد الثامن،
وفيض الباري ج 4 ص 44 - 47، وحاشية البدر الساري ج 4 ص 33 - 47،
والمهدي المنتظر في الفكر الإسلامي 140 - 143).

ويبدو أن البخاري قد تحاشى ذكر المهدي بالاسم لأنه عندما وضع
صحيحه، كانت فرائص الدولة ترتجف رعبا من هذا المهدي، وتبحث عنه بعد أن
تأكدت مخابراتها بأنه قد ولد بالفعل.

كذلك ذكر مسلم في صحيحه المهدي بالوصف لا بالاسم، لأن مسلم قد
وضع صحيحه بنفس الفترة الزمنية، ومع هذا فقد ذكر ابن حجر الهيثمي، (راجع
في الصواعق المحرقة الفصل 11، والمتقي الهندي في كنز العمال ج 14
ص 264، حديث 38662، ومحمد علي الصبان في إسعاف الراغبين ص 145،
والشيخ حسن العدوي المالكي في مشارق الأنوار)، أن مسلم قد ذكر في صحيحه.

المهدي بالاسم وبالوصف معا لكن الاسم قد حذف، وبقي الوصف، وليس أدل
على ذلك من أن مسلم قد أخرج حديث الخليفة الذي يحثي المال حثيا، ولا يعده
عدا. (راجع صحيح مسلم بشرح النووي ج 18 ص 38، وأخرج حديث خسف
البيداء ج 18 ص 4 - 7 من صحيح مسلم بشرح النووي وكلاهما من الظواهر
الخاصة بالمهدي المنتظر، التي لا تنطبق على غيره، ولم تحدث مع غيره. وأخرج
أحاديث المهدي المنتظر ابن ماجة ت 273 ه، وأبو داود ا 275 ه، والترمذي
المتوفى 279 ه، وهؤلاء هم أصحاب الصحاح عند أهل السنة).

2 - وأخرج أحاديث المهدي كل علماء دولة الخلافة الأعلام الذين تألقوا
خلال الفترة الزمنية الواقعة ما بين 100 ه 975 ه، وقد ورد ذكرهم في كتاب
المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي ص 26 - 29 إصدار مركز الرسالة منهم ابن
سعد صاحب الطبقات الكبرى، وابن أبي شيبة ت 235 ه، وأحمد بن حنبل
ت 241 ه، وأبو بكر الإسكافي ت 260 ه، وابن قتيبة الدينوري ت 276 ه،
والبزار ت 292 ه، وأبو يعلى الموصلي ت 307 ه والطبري ت 310 ه
والعقيلي ت 322، ونعيم بن حماد ت 328، وشيخ الحنابلة البربهاري ت 329
وابن حبان البستي ت 354، والمقدسي ت 355، والطبراني ت 360،
وأبو الحسن الأبري ت 363، والدارقطني 385، والخطابي ت 388، والحاكم
النيسابوري ت 405، وأبو نعيم الإصبهاني ت 430، وأبو عمرو الداني ت 444،
والبيهقي ت 458، والخطيب البغدادي ت 463، وابن عبد البر المالكي
ت 463، والديلمي ت 509 ه والبغوي ت 510، والقاضي عياض ت 544،
والخوارزمي الحنفي ت 568، وابن عساكر ت 571، وابن الجوزي ت 597،
وابن الجزري ت 606 وابن العربي ت 638، ومحمد بن طلحة الشافعي ت 652،
والسبط بن الجوزي ت 654 وابن أبي الحديد المعتزلي الحنفي ت 655،
والقرطبي المالكي ت 671، والكنجي الشافعي ت 658، وابن خلكان ت 681،
ومحب الدين الطبري ت 694، والعلامة ابن منصور في مادة هدى من لسان
العرب وهو متوفى عام 711 ه، وابن تيمية ت 728، والجويني ت 730،
والذهبي ت 748، وابن الوردي ت 749، والزرندي الحنفي ت 750، وابن القيم.

الجوزي 751، وابن كثير ت 774 ه، وابن خلدون المغربي ت 808 ه. إلخ.

هؤلاء هم العلماء الأفذاذ الذين تألقوا في سماء دولة الخلافة وعرفتهم
الخاصة والعامة، وكلهم قد أجمعوا على إخراج الأحاديث النبوية المتعلقة
بالمهدي المنتظر.

ويمكنك القول وبكل ارتياح، أنه ما من محدث إسلامي على الإطلاق، إلا
وقد أخرج الأحاديث المبشرة بظهور المهدي في آخر الزمان أو أخرج بعضها، أو
أخرج أحاديث عن علامات الظهور أو مشاهد من عصر الظهور.

عدد الأحاديث المتعلقة بالمهدي المنتظر

بالرجوع إلى معجم أحاديث المهدي الذي ألفته مؤسسة المعارف الإسلامية
والواقع في خمسة مجلدات والمطبوع في قم الطبعة الأولى نجد أن: -
1 - المجلد الأول والثاني قد اشتملا على 560 حديثا من الأحاديث المروية
بطرق السنة والشيعة معا والمسندة جميعها إلى النبي.

2 - المجلد الثالث والرابع قد اشتملا على 876 حديثا مسندة إلى أئمة أهل
البيت، واشترك أهل السنة برواية الكثير منها مع الشيعة الإمامية.

3 - أما المجلد الخامس فقد اشتمل على 505 أحاديث وكلها من الأحاديث
المفسرة لآيات قرآنية، وقد غطت هذه الأحاديث ما أورده المفسرون من أهل السنة
والشيعة.

4 - وعلى هذا تكون مجموع الأحاديث المسندة إلى النبي وأئمة أهل البيت
1436 حديثا، فإذا أضفنا لها محتويات المجلد الخامس المشتمل على الأحاديث
المفسرة يكون مجموع الأحاديث المتعلقة بالمهدي المنتظر 1941 حديثا. (راجع
المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي إصدار مؤسسة الرسالة ص 149.)

أحاديث المهدي المنتظر بموازين علماء الحديث

1 - صحة أحاديث المهدي المنتظر

1 - قال الترمذي في سننه ج 4 ص 505 الأحاديث أرقام 2230 و 2231.

و ج 4 ص 506 الحديث رقم 2233 عن كل واحد من الأحاديث الثلاثة المذكورة
هذا حديث حسن صحيح. وقال في ج 4 ص 506 من سننه عن الحديث رقم
2232: (هذا حديث حسن).

2 - قال أبو جعفر العقيلي ت 322: (وفي المهدي أحاديث جياد) الضعفاء
الكبير للعقيلي ج 3 ص 253 الحديث رقم 1257 في ترجمة علي بن نفيل
الحراني.

3 - قال الحاكم النيسابوري ت 405 ه في المستدرك ج 4 ص 429 و 465
و 553 و 558 عن كل واحد من الأحاديث الأربعة التي أخرجها: (هذا حديث
صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وفي ج 4 ح 450 و 557 و 558 قال عن كل واحد
من هذه الأحاديث الثلاثة: (هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم
يخرجاه) وفي ج 4 ص 429 و 442 و 457 و 464 و 502 و 554 و 557،
قال عن كل واحد من الأحاديث الثمانية: (هذا حديث صحيح الإسناد على شرط
الشيخين ولم يخرجاه).

4 - قال البيهقي ت 458 ه في الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد
ص 127: (والأحاديث على خروج المهدي أصح إسنادا).

5 - وفي كتاب مصابيح السنة للبغوي ص 488، 491 أخرج حديثا للمهدي
في فصل الصحاح وفي ص 492 - 493 أخرج خمسة أحاديث للمهدي في فصل
الحسان.

6 - قال ابن الأثير ت 606 ه في النهاية مادة (هدا) وبه سمي المهدي الذي
بشر به رسول الله أنه يجئ في آخر الزمان، (راجع النهاية في غريب الحديث
والأثر لابن الأثير ج 5 ص 254). وهذا لا يصدر إلا على من يقول بالصحة.

7 - قال القرطبي في التذكرة ص 704 باب ما جاء في المهدي عن حديث
ابن ماجة في المهدي إسناده صحيح.

8 - قال ابن تيمية في منهاج السنة: (إن الأحاديث التي يحتج بها الحلي على
خروج المهدي أحاديث صحيحة) منهاج السنة ج 4 ص 211..

9 - سكت الذهبي على ما صححه الحاكم في مستدركه من أحاديث المهدي
وصرح بصحة حديثين، (راجع تلخيص المستدرك ج 4 ص 553 و 558 مطبوع
بهامش المستدرك).

10 - قال الكنجي الشافعي في كتابه: (البيان في أخبار صاحب الزمان عن
حديث أخرجه الترمذي في سننه ج 4 ص 505 وصححه هذا حديث صحيح،
وقال عن آخر هذا حديث حسن صحيح).

11 - اعترف ابن القيم الجوزي في المنار المنيف ص 130 - 135 حديث
326 و 327 و 329 و 331 بحسن بعض أحاديث المهدي وصحة بعضها الآخر.

12 - قال ابن كثير عن سند حديث في المهدي، وهذا إسناد قوي صحيح،
ثم نقل حديثا عن ابن ماجة وقال: هذا حديث حسن، وقد روي من غير وجه عن
النبي). (راجع النهاية في الفتن والملاحم ج 1 ص 55 و 56 لابن كثير).

13 - قال التفتازاني عن خروج المهدي في آخر الزمان: (وقد ورد في هذا
الباب أخبار صحاح). (راجع شرح المقاصد للتفتازاني ج 5 ص 312).

14 - قال نور الدين الهيثمي في مجمع الزوائد ج 7 ص 313 - 314 عن
أحد حديثين واردين في المهدي المنتظر رواه الترمذي وغيره، ورواه أحمد،
وأبو يعلى ورجالهما ثقات، وقال عن آخر ج 7 ص 115: رواه الطبراني في
الأوسط ورجاله رجال الصحيح، وفي ج 7 ص 116 قال عن ثالث: ورجاله
ثقات وفي ج 7 ص 117 قال عن رابع: رواه البزار ورجاله رجال صحيح، وفي
ص 117 أيضا قال عن خامس: رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات.

15 - وفي الجامع الصغير للسيوطي ج 2 ص 672 رمز لبعض الأحاديث
المتعلقة بالمهدي المنتظر بعلامة (صح) أي صحيح ولبعضها الآخر بعلامة (ح) أي
حسن.

16 - نقل القنوجي عن الشوكاني قوله بصحة أحاديث الإمام المهدي
وتواترها.

17 - قال ناصر الدين الألباني في مقال له بمجلة التمدن الإسلامي

دمشق / 22 ذي العقدة 1371: (أما مسألة المهدي المنتظر فليعلم أن في خروجه
أحاديث صحيحة قسم كبير منها له أسانيد صحيحة). (راجع المهدي المنتظر في
الفكر الإسلامي إصدار مركز الرسالة ص 34 - 38).

2 - تواتر الأحاديث المتعلقة بالمهدي المنتظر

لا خلاف بين اثنين من أئمة أهل البيت أو من أوليائهم بأن الأحاديث
المتعلقة بالمهدي المنتظر قد صدرت عن رسول الله بالفعل، ونقلها عنه جمع كبير
من المسلمين يمتنع عقلا وبكل الموازين اجتماعهم على الكذب، وأن هذه
الأحاديث كانت معلومة بين الناس أثناء حياة الرسول وبعد وفاته، وأنها قد تواترت
واستقرت في القلوب والأذهان، وما كانت حركة التدوين والرواية إلا كشفا
وتأكيدا لحقائق ثابتة ومستقرة.

كذلك فإن علماء دولة الخلافة قد توصلوا عمليا لهذه النتيجة وصرحوا بتواتر
الأحاديث المتعلقة بالمهدي المنتظر، وصدر هذا التصريح عن غير واحد منهم
كالسيوطي، راجع إبراز الوهم المكنون لأبي الفيض ص 436، والهيثمي، راجع
الصواعق المحرقة 162 - 167 فصل 1 باب 11 والمتقي الهندي، راجع البرهان
على علامات مهدي آخر الزمان 178 - 183، والبرزنجي، راجع الإشاعة لأشراط
الساعة ص 87، وابن حجر العسقلاني، راجع تهذيب التهذيب ج 9
ص 125 / 201 واحتج القرطبي بقول الحافظ الحاكم النيسابوري (والأحاديث عن
النبي في التنصيص على خروج المهدي من عترته من ولد فاطمة ثابتة) التذكرة
ج 1 ص 701. راجع المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي / إصدار مركز الرسالة
ص 38 - 43.

الفصل السابع التشكك بأحاديث المهدي بعد التيقن منها

حصول اليقين فيها

رأينا أن أحاديث المهدي المنتظر، قد رواها أهل بيت النبوة عن رسول الله،
وقد شهدوا أنهم قد سمعوا رسول الله يحدث بها، ويبشر المؤمنين بالمهدي
المنتظر، وعلى ذلك قد أجمعوا، وتناقل أهل بيت النبوة هذا الإجماع جيلا بعد
جيل. فلو لم يرويها من الأمة غيرهم لكانت رواية أهل بيت النبوة كافية، ولكانت
شهادتهم صادقة، ولكان إجماعهم حجة على المسلمين أجمعين، لأنهم الأبناء
والنساء والأنفس المنوه عنهم بآية المباهلة، ولأن الله قد شهد لهم بالطهارة، ولأن
الصلاة عليهم ركن من أركان الصلاة المفروضة على العباد، ثم لأنهم أحد
الثقلين.

وبعد مائة سنة من منع كتابة ورواية الأحاديث النبوية، والتزام دولة الخلافة
ورعاياها بهذا القانون العجيب اكتشفوا خطورة هذا القانون وكم ضيعوا في جنب
الله، فانطلقوا يروون ويكتبون أحاديث نبيهم بعد مائة عام من صدورها، وأوجدوا
موازين الرواية والدراية وتوصلوا وفق هذه الموازين إلى نتيجة مفادها أن أكثر من
خمسين صحابيا قد سمعوا رسول الله يحدث بأحاديث المهدي المنتظر، ويبشر
المؤمنين به.

وكان الأخوان الذين سبقونا بالإيمان قد سمعوا رسول الله يحدث بها، ويبشر

بالمهدي فنقلوا ما سمعوه لأبنائهم، وصدق الناس لأن هذه من أنباء الغيب التي لا
مجال للاجتهاد فيها.

وتضافر إجماع أهل بيت النبوة، مع شهادة الخمسين صحابيا مع القناعة
العامة التي تولدت عند المسلمين وتوارثوها جيلا بعد جيل، فصار الاعتقاد
بالمهدي المنتظر وعلامات ظهوره، وملامح عهد الظهور عقيدة عند المسلمين تقرأ
تماما مع عقيدتهم الدينية.

وعلى هذا الأساس وبعد التحري والاثبات قام علماء الحديث الأعلام
بإخراج أحاديث المهدي المنتظر، وحكموا بصحتها وفق الموازين العامة التي
أوجدوها، وقالوا بتواترها، وأخرجها المؤرخون وعلماء التفسير وأصحاب السير،
وأفرد لها رجال الفكر والسياسة بحوثا خاصة، وتكونت لدى المسلمين مع
اختلاف منابتهم وأصولهم ومذاهبهم وتوجهاتهم عقيدة الاعتقاد بالمهدي المنتظر
الواحدة. وهكذا تحقق اليقين بكل صوره وتصوراته القطعية.

2 - أوهام الشك بعد حصول اليقين

بعد أن حصل اليقين بعقيدة المهدي المنتظر، وبعد أن عرف المسلمون
إجماع أهل بيت النبوة على صحة هذا الاعتقاد، وبعد أن أدلى خمسون صحابيا
بشهادتهم على أنهم سمعوا الرسول يبشر بالمهدي المنتظر ويحدث بأحاديثه، وبعد
أن أخرج العلماء الأعلام هذه الأحاديث وحكموا بصحتها وتواترها كما أسلفنا،
وبعد أن صار الاعتقاد بالمهدي المنتظر عقيدة لكل المسلمين، وصار انتظاره فرجا
ومخرجا وعبادة، بدأت أوهام الشك تتجدد بعد حصول اليقين تراود أذهان
البعض، ثم صرحوا بها مع علمهم بكل ما أسلفنا، وأخذوا يشككون بصحة
الاعتقاد بالمهدي المنتظر.

الأسباب المعلنة للشك بعد اليقين والرد عليها

الذين أبدوا شكوكهم بفكرة الاعتقاد بالمهدي المنتظر، وبالأحاديث النبوية
الواردة فيه، أعلنوا بأن شكوكهم لم تنطلق من فراغ، ولا هي من قبيل التشهي بل

تستند إلى أسباب معقولة منها:

1 - أن البخاري ومسلم لم يرويا أي حديث صريح بالمهدي المنتظر

الرد على هذا السبب:

أ - لم يقل أحد من علماء الحديث أن كل ما لم يروه البخاري ومسلم غير صحيح.

ب - صحيحا البخاري ومسلم لم يشتملا على كافة الأحاديث الصحيحة
بدليل قول البخاري عن كتابه الصحيح: (أخرجت هذا الكتاب من مائة ألف حديث
صحيح، أو من مائتي ألف حديث صحيح، فما أعلن البخاري صحته يزيد عما
أخرجه في صحيحه بعشرات الأضعاف).

ج - إن البخاري ومسلم قد كتبا صحيحيهما بتاريخ ولادة المهدي المنتظر
وكان مجرد ذكر المهدي المنتظر يثير الرعب في أوصال أركان الدولة العباسية،
فكانت مخابراتها وعيونها تتحرى عن كل المواليد في ذلك التاريخ، فمن غير المعقول بهذه الظروف أن يخاطر الشيخان بذكر لفظ المهدي المنتظر، فلو فعلا
ذلك لواجها دولة لا طاقة لهما بمواجهتها والاهم أن الدولة يمكن أن تتلف
صحيحيهما.

ومع هذا فقد تطرق الشيخان إلى الأحاديث الواردة بخروج الدجال،
وأحاديث نزول عيسى، وإمامة أمير المسلمين لعيسى، فهما يعبران عن وجود
الإمام المهدي: (بكلمة أمير) أو الإمام مطلقا ثم إن شراح صحيح البخاري متفقون
على أن البخاري قد قصد بلفظ الإمام: (الإمام المهدي). (راجع عمدة القاري
بشرح صحيح البخاري ج 16 ص 39 - 40 المجلد الثامن. وفتح الباري ج 6
ص 383 - 385، وإرشاد الساري ج 5 ص 419).

ذ - أما مسلم فقد ذكر حديث عن خليفة يحثي المال حثيا ولا يعده عدا،
وذكر حديث الخسف، وهذه أوصاف وأحداث لا تنطبق إلا على الإمام المهدي
وعلامات ظهوره.

ر - ثم إن الأحاديث التي أخرجها أصحاب الصحاح الأخرى تتكامل إلى.

درجة التطابق مع ما ذكره البخاري ومسلم، مما يؤكد تحاشي الشيخين المتعمد
لإغفال الإمام المهدي خشية سطوة الدولة التي كانت معبأة بالكامل ضد شبح
المهدي، وخوفا على كتابيهما.

ز - لقد تعارف علماء دولة الخلافة على أن كتب الأحاديث المشهورة عندهم
هي ستة كتب، وسموها بالصحاح ومنها صحيح البخاري ومسلم، والكتب الأربعة
الأخرى التي تحمل صفة الصحاح أخرجت أحاديث المهدي المنتظر بمعنى أن
اثنين من أصحاب الصحاح قد أخرجا أحاديث المهدي المنتظر بالوصف دون أن
يصرحا باسمه، بينما أخرج أربعة من أصحاب الصحاح أحاديث المهدي المنتظر
وصرحوا باسمه ووصفه معا.

س - ثم إن البخاري ومسلم لم يخرجا كل الأحاديث المتفقة مع الشروط
التي وضعاها فطالما كرر الحاكم النيسابوري جملة: (هذا الحديث صحيح على
شروط الشيخين ولم يخرجاه).

ش - لم يرد في القرآن ولا في السنة، ولا أجمع المسلمون بأن البخاري
ومسلم معصومان، وأن قولهما هو القول الفصل، فقد عاش المسلمون قرابة قرنين
ونصف بدون البخاري ومسلم وتدبروا أمورهم!!

ص - ثم ما هي قيمة قولي البخاري ومسلم أمام إجماع أهل بيت النبوة
أعدال الكتاب والمشهور لهم بالطهارة إلهيا، والمفروضة مودتهم على العباد!!

ض - ثم إن البخاري ومسلم ليسوا أكثر من عالمين فاضلين من علماء
الحديث من جملة مئات علماء الحديث الذين تألقوا في سماء العالم الإسلامي،
ولهما شيوخ وأساتذة، كلهم أخرجوا أحاديث المهدي المنتظر وقالوا بصحتها
وتواترها.

ط - ثم إنه ليس منطقيا أن نوقف أو أن نتجاهل حركة الأحداث الربانية لأن
صحيحي البخاري ومسلم لم يشتملا عليها!!

ظ - من المؤكد أن البخاري ومسلم لم يخرجا في صحيحيهما بأن الشمس
تطلع من المشرق، وتغيب من المغرب، فهل نتجاهل هذين الحدثين وننكرهما أو.

نتنكر لهما بحجة أن البخاري ومسلم لم يتطرقا إلى هذه الناحية! ما لكم كيف
تحكمون!!

2 - السبب الثاني:

أن ابن خلدون ضعف بعض الأحاديث الواردة في المهدي المنتظر!!

الرد على هذا السبب:

أ - ملخص الموضوع وحصر تضعيفات ابن خلدون: تناول ابن خلدون 23
حديثا من الأحاديث الواردة في المهدي المنتظر فأخضع هذه الأحاديث للنقد
والدراسة فضعف 19 عشر حديثا ولم يحكم بالضعف على الأربعة المتبقية مما
يعني أنها صحيحة في نظره، فجاء المتشككون، وطاروا بتضعيفات ابن خلدون كل
مطار، وأشاعوا أن ابن خلدون لا يعتقد بالمهدي المنتظر، ويضعف على الإطلاق
الأحاديث الواردة فيه مطلقا. وهكذا تاجر المشككون بشهرة الرجل، وسخروا هذه
الشهرة لخدمة هواهم.

ب - شهادة خطية لابن خلدون: قال ابن خلدون في تاريخه ج 1 ص 555
فصل 52 ما نصه حرفيا: (إعلم أن المشهور بين الكافة من أهل الإسلام على ممر
الأعصار أنه لا بد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت يؤيد الدين، ويظهر
العدل، ويتبعه المسلمون، ويستولي على الممالك الإسلامية ويسمى المهدي)
انتهى كلام ابن خلدون.

ح - لم يذكر ابن خلدون من الذين أخرجوا أحاديث المهدي المنتظر غير
سبعة وهم الترمذي، وأبو داود والبزار، وابن ماجة، والحاكم، والطبراني،
وأبو يعلى الموصلي، (راجع تاريخ ابن خلدون ج 1 ص 555 فصل 52). وهذا
يعني أنه ترك 48 عالم حديث ممن أخرجوا أحاديث المهدي المنتظر أولهم
ابن سعد في طبقاته ت 230 ه، وآخرهم نور الدين الهيثمي ت 807 ه، وحتى
يكون الحاكم سليما يجب أن يطلع على ما أخرجه علماء الحديث، لأن الأحاديث
في كل موضوع يكشف بعضها غموض بعض، ويؤيد بعضها بعضا.

قال الشيخ أحمد شاكر: (إن ابن خلدون قد قفا ما ليس له به علم وأقحم

قحما لم يكن من رجالها... إنه لم يحسن فهم قول المحدثين، ولو اطلع على
أقوالهم وفقههم ما قال شيئا مما قال). مقال في مجلة الجامعة الإسلامية في
المدينة المنورة ج 1 سنة 12 رقم 46 سنة 1400، وجاء في هذا العدد أيضا عن
الشيخ العباد أنه قال: (ابن خلدون مؤرخ وليس من رجال الحديث، فلا يعتد به
في التصحيح والتضعيف وإنما الاعتماد بذلك على مثل: البيهقي، والعقيلي،
والخطابي، والذهبي، وابن القيم وغيرهم من أهل الرواية والدراية الذين قالوا
بصحة الكثير من أحاديث المهدي).

خ - لقد سكت ابن خلدون عما رواه الحاكم، ولم ينتقده بحرف لوثاقة
جميع رجاله عند أهل السنة قاطبة، تاريخ ابن خلدون ج 1 ص 564 فصل 52.

وقال ابن خلدون عن حديث آخر: (هذا صحيح الإسناد) تاريخ ابن خلدون ج 1
ص 564 وقال عن ثالث وهذا إسناد صحيح، تاريخ ابن خلدون ج 1 ص 565،
وقال عن رابع: (ورجاله رجال الصحيح لا مطعن فيهم ولا مغمز) تاريخ
ابن خلدون ج 1 ص 568 فأنت ترى أن ابن خلدون نفسه يصحح أربعة أحاديث
من الأحاديث الواردة في المهدي!!

خ - لقد توفي ابن خلدون عام 808 ه، ودونت أحاديث المهدي المنتظر
سنة 230 بمعنى أنه بين تدوينها وتناول ابن خلدون لها قرابة 600 عام، فكيف
يتمكن من دراستها والحكم عليها وهو يتناول 7 / 55 ممن أخرجوها.

ذ - ثم لنفترض أن ابن خلدون أنكر وضعف ال 23 حديثا التي تناولها
بالدراسة كلها فما معنى هذا العدد مع وجود 1941 حديثا! ولنفترض أنه ضعف أو
أنكر كافة الأحاديث المتعلقة بالمهدي المنتظر، فما هي القيمة العلمية لإنكاره!!

ولماذا اختاره المتشككون قدوة لهم لينقضوا كافة الأحاديث المتعلقة بالمهدي
المنتظر ؟ ولم يختاروا عالما من ال 55 عالما الذين أخرجوا أحاديث المهدي
المنتظر وحكموا بصحتها وتواترها!!

- ثم ما هي قيمة معارضة ابن خلدون أمام قول وإجماع أهل بيت النبوة ؟!.

جرأة ابن خلدون وتطاوله ومبلغه من العلم

قال ابن خلدون في مقدمته بالفصل الذي عقده لعلم النفقة ما يلي
وبالحرف: وشذ أهل بيت النبوة بمذاهب ابتدعوها، وفقه انفردوا به بنوه على
مذهبهم في تناول بعض الصحابة بالقدح، وعلى قولهم بعصمة الأئمة، ورفع
الخلاف عن أقوالهم، وهي كلها أصول واهية، وشك بمثل ذلك الخوارج، ولم
يحفل الجمهور بمذاهبهم، بل أوسعوها جانب الإنكار والقدح، فلا نعرف شيئا من
مذاهبهم، ولا نروي كتبهم، ولا أثر لشئ منها في مواطنهم، فهو يعتبر أهل بيت
النبوة: مبتدعة، شذاذ، ويرى أن الأصول التي سار عليها أهل البيت أصول
واهية!! ويكشف عن حقيقة شعوره وما في نفسه، فيعبر عن ألمه وحزنه لأن فقه
أهل السنة قد انقرض في مصر، وحل محله فقه أهل البيت!! وتلاشى من سواهم،
ثم يرقص الرجل فرحا ويهلل عندما زالت دولة العبيديين وحل فقه الشافعي محل
فقه أهل بيت النبوة.

فماذا تتوقع من رجل هذه حقيقة مشاعره عن أهل بيت النبوة!! ربما كان سر
شهرته يكمن في طبيعة هذه المشاعر، وربما كره اعتقاد المسلمين بالمهدي المنتظر
وتصديقهم للأحاديث النوبة الواردة فيه، وحاول أن يوهن اعتقاد المسلمين
بالمهدي، وأن يكذب الأحاديث الواردة فيه لأن المهدي المنتظر من أهل بيت
النبوة!! فأراد بمحاولاته تلك الحصول على مزيد من الشهرة، والتألق!!!

والذي لا أعرفه بالفعل هو هل تلا ابن خلدون آية التطهير وآية المودة في
القربى، وآية المباهلة، وآية الصلاة على النبي ؟ وعلى عرف معاني هذه الآيات
واطلع على تفسيرها ؟ وهل مر عليه حديث الثقلين، وحديث السفينة، وحديث
النجوم ؟ أكبر الظن - وبعض الظن إثم - أنه لم يتل هذه الآيات، ولم يقف على
تفاسيرها، ولم تمر عليه تلك الأحاديث!!

لكن ابن خلدون مؤرخ وذكي ولا بد أنه قد أطلع بحكم دراساته التاريخية
على كليات وتفاصيل الصراع الذي دار بين الشرك والإيمان، وعرف أن الذين
قادوا جبهة الشرك والعداوة ضد رسول الله حتى أحيط بهم هم أنفسهم الذين.

سلمهم ابن خلدون رايات السنة، وأن أهل بيت النبوة الذين قادوا جبهة الإيمان
وجاهدوا في الله حق جهاده، هم الذين وصفهم ابن خلدون بالشذاذ والمبتدعة،
وأهل الأحوال الواهية!! إن هذا هو جهد البلاء حقا!!

3 - السبب الثالث

والسبب الثالث الذي شكك المتشككين بعقيدة المهدي وبالأحاديث النبوية
الواردة فيه، أن أحد علماء الحديث قد روى حديثا نبويا يخص عيسى ابن مريم
بالمهدية وينفيها عن سواه، ونص الحديث كما يلي: (لا يزداد الأمر إلا شدة ولا
الدنيا إلا إدبارا، ولا الناس إلا شحا، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس ولا
مهدي إلا عيسى ابن مريم). (راجع سنن ابن ماجة ج 2 ص 340 حديث
4039). ولأن المتشككين حريصون على سنة رسول الله فقد تمسكوا بهذا
الحديث الوحيد ليبطلوا به اعتقاد المسلمين بالمهدي المنتظر، وليكذبوا به 1941
حديثا واردة بالمهدي!!!

الرد على هذا السبب
1 - نفس ابن ماجة الذي روى هذه الحديث الوحيد كان قد روى أحاديث عن
المهدي المنتظر منها حديث: (المهدي حق وهو من ولد فاطمة) ج 2 ص 1368
حديث 4086 وقد صححه وحكم بتواتره جمع من أهل السنة. فلماذا يهمل
المتشككون حديث المهدي حق.... ويتمسكون بحديث لا مهدي إلا عيسى!!!

ولماذا يتجاهلون بالكامل 1941 حديثا، أو يكذبون ويركزون كل اهتمامهم على
حديث واحد ويصدقونه!!

2 - ثم لماذا وضع علم الرجال وفق الدراية، قال ابن القيم في المنار المنيف
129 حديث 324 وص 130 حديث 325 أن الأبري ت 363 قد قال: (محمد بن
خالد الجندي هذا غير معروف عند أهل الصناعة من أهل العلم والنقل، وقال
البيهقي تفرد به محمد بن خالد هذا، وقال الحاكم مجهول، وقال ابن حجر في
تهذيب التهذيب ج 9 ص 125 و 202: قدح أبو عمرو وأبو الفتح الأزدي
بمحمد بن خالد، وقال الذهبي في ميزان الاعتدال ج 3 ص 535 ح 479 قال.

الأزدي منكر الحديث، وقال أبو عبد الله الحاكم مجهول، وحديث: (لا مهدي إلا
عيسى خبر منكر أخرجه ابن ماجة. وقال القرطبي في التذكرة: (حديث لا مهدي
إلا عيسى يعارض أحاديث هذا الباب، ثم نقل كلمات من طعن بمحمد بن خالد
وأنكر عليه حديثه) ثم قال: (والأحاديث عن النبي في التنصيص على خروج
المهدي من عترته من ولد فاطمة ثابتة وهي أصح من هذا الحديث فالحكم لها
دونه).

وقال ابن حجر في الصواعق المحرقة: (وصرح النسائي بأنه منكر، وجزم
غيره من الحفاظ بأن الأحاديث التي قبله أي الناصة على أن المهدي من ولد فاطمة
أصح إسنادا).

ووصف أبو نعيم في حلية الأولياء ج 9 ص 61 هذا الحديث بالغرابة وقال:

لم نكتبه إلا من حديث الشافعي.

وقال ابن تيمية والحديث الذي فيه لا مهدي إلا عيسى رواه ابن ماجة وهو
حديث ضعيف، رواه عن يونس، عن الشافعي، عن شيخ مجهول من أهل اليمن:

(محمد بن خالد) لا تقوم بإسناده حجة. وقال عن حديث محمد بن خالد
الجندي: (وهذا تدليس يدل على توهينه، ومن الناس من يقول بأن الشافعي لم
يروه). (راجع منهاج السنة ج 4 ص 101 - 102).

(ولكثرة ما طعن به محمد بن خالد حاول بعض أنصار الشافعي أن يدرأ عن
الشافعي رواية هذا الحديث وادعى أنه رأى الشافعي في المنام وهو يقول كذب
علي يونس بن عبد الأعلى ليس هذا من حديثي). (راجع الفتن والملاحم
لابن كثير ص 32).

3 - ثم إن الناصبة وأركان دولة الخلافة لن يقبلوا أبدا أن يكون المهدي
المنتظر من عترة النبي أهل بيته، وقد هالهم أن يخص الله آل محمد بهذا الشرف
الجديد، فليس من المستبعد أن يحرك الناصبة، وأركان دولة الخلافة أعوانهم
وعيونهم لتنحية هذا الشرف عن آل محمد، أو تشكيك المسلمين بصحة الأخبار
التي بدأت تفيض حول المهدي المنتظر، لكن علم الرجال والدراية لهما المقدرة
على كشف الكثير من هذه العناصر بموضوعية وبدون مواجهة. وليس في ذلك.

عجب فقد حسدت بطون قريش النبي نفسه وحاولت وبكل أساليبها الفاشلة أن
تصرف النبوة عنه، وأن تشكك بكل ما جاء به وصولا إلى غايتها المتمثلة بصرف
النوبة عن بني هاشم حتى لا ينالوا هذا الشرف من دون البطون.

4 - السبب الرابع

يقول المتشككون بعقيدة المهدي المنتظر، وبالأحاديث النوبة الواردة فيه
بأن الادعاءات بالمهدية لم تتوقف طوال التاريخ، وقد ثبت بالدليل القاطع عدم
صحة هذه الادعاءات، وهذا سبب وجيه للشك بعقيدة المهدي، وبالأحاديث
النبوية الواردة فيه ككل!!!

الرد على هذا السبب

يعرف المتشككون أن هنالك من ادعى النبوة قبل ظهور النبي الحقيقي
محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وهنالك من ادعى النبوة بعد ما أعلن رسول الله محمد أنباء النبوة،
وبعد موت النبي محمد ادعى بعضهم النبوة وثبت لنا واقعيا وبالدليل القاطع عدم
صحة ادعاءات الذين ادعوا النبوة قبل ظهور النبي وبعد ظهوره، وبعد موته.

فهل ادعاءات المدعين بالنبوة تبطل نبوة محمد!!! أو تبرر الشك فيها!! أو
توجب عدم الاعتقاد بنبوة محمد، أو بالأدلة والبراهين الدالة عليها!!!

أن العكس هو الصحيح فطالما أنه قد ثبت لنا بالدليل القاطع عدم صحة
ادعاءات المدعين بالنبوة قبل نبوة محمد وبعد ظهوره، وبعد موته فهذا من
البراهين التي تثبت صحة نبوة محمد وبطلان نبوات الأدعياء!! ثم إنكم تحملون
المعلومات الإسلامية، والأنباء التي أعلنها رسول الله، وفكرة الاعتقاد بالمهدي
المنتظر وزر كذب الكاذبين أو ادعاءات المدعين، وهذا هو الظلم بعينه الذي لا
نرضاه لا لنا ولا لكم.

5 - السبب الخامس

وهنالك من يقول في زماننا أن رئاسة الدولة الإسلامية شأن يخص المسلمين
وحدهم: (لأنهم الأعلم بشؤون دنياهم) وهم أصحاب الاختصاص باختيار الرئيس.

أو الخليفة أو الإمام أو الأمير، ويستشهدون على صحة هذا التصور بما فعل
الخلفاء الثلاثة الأول وأولياؤهم بعد موت النبي، حيث أنهم لم يعيروا أي انتباه
لتولية رسول الله لعلي بن أبي طالب، ولا للمكانة المميزة التي خص الله بها أهل
بيت نبيه، إذ اعتبرها الخلفاء الثلاثة وأولياؤهم من قبيل المديح لا من قبيل
الأحكام الشرعية الملزمة!! ثم إن تقديم المهدي المنتظر كرئيس للدولة الإسلامية
المرتجاة هو إخلال بمبدأ الشورى، وبما فعله الخلفاء الثلاثة، ومجافاة لروح
الديمقراطية السائدة في العالم الآن!! هذه الروح التي استقرت نهائيا!! فالمهدي
كما تدل الأحاديث النبوية رجل قد اختاره الله تعالى، وأعلن النبي هذا الاختيار!!

وهكذا يحرم المسلمون من المشاركة باختيار حاكمهم!!! لقد سمعت هذا السبب
من بعض المتشككين بعقيدة المهدي وبالأحاديث الواردة فيه!! ومن المفجع حقا
أن هذا البعض يحتل مراكز قيادية في أحزاب تدعو إلى عودة الإسلام، وإعادة نظام
الخلافة التاريخي!! ومن المخجل أيضا أن هذه القيادات ما زالت تعتقد وتتيقن أن
نظام الخلافة التاريخي هو نظام الإسلام، وأنه لا يوجد في الإسلام نظام غيره!!

فإذا سألتهم ماذا تعني الخلافة ؟ اتهموك بالبلاهة وأجابوك على الفور إنها خلافة
النبي!! فإذا قلت لهم إذا كان نظام الخلافة التاريخي هو النظام الإسلامي، فما هو
النظام الذي كان يطبقه النبي قبل أن ينتقل إلى جوار ربه ؟ لماذا تهملون بالكامل
عصر النبوة ونظامه، وتتمسكون بكل قواكم بعصر ما بعد النبوة ونظامه ؟ أليس
عصر النبوة هو الأصل، وعصر ما بعد النبوة هو الفرع ؟ فمن يلجأ إلى الفرع ويترك
الأصل ؟! عندئذ تضيق صدورهم، وتحمر وجوههم، وتنتفخ أوداجهم،
ويصرخون بضيق ظاهر، هكذا فعل الصحابة الكرام!! وهذا ما اتفقوا عليه!! فإن
قلت لهم: إن الصحابة الكرام بعيوننا رضي الله عنهم، ولكن أرأيتم إن أمر الرسول
بأمر وفعل فعلا، وأمر الصحابة الكرام بأمر آخر وفعلوا فعلا فبمن نقتدي، وأي أمر
نتبع ؟ هل نتبع أمر الصحابة ونقتدي بما فعلوا ؟ أم نتبع أمر الرسول ونقتدي بما
فعل ؟! ما لكم كيف تحكمون!! إن لكم لما تخيرون!!

الرد على هذا السبب
حول قولهم بأن الرئاسة أو الإمارة أو الإمامة أو الخلافة شأن خاص

بالمسلمين، وأنهم أصحاب الاختصاص باختيار الإمام أو الخليفة أو الأمير ضمن قواعد الشورى.

أ - هذا القول ليس صحيحا لأن الرئاسة الإسلامية ليست شأنا خاصا
بالمسلمين وحدهم بل تخص الله ورسوله والعالم كله ومستقبل البشرية، إنها
تخص الشرعية الإلهية بكل مقوماتها، لأن مهمة الإمام في الإسلام أن يقود
المسلمين والعالم وفق إطار الشرعية الإلهية، وأن يحكم بالحكم الإلهي بلا زيادة
ولا نقصان، وهذا يستدعي أن يكون الإمام هو الأعلم والأفهم على وجه الجزم
واليقين، والمسلمون لا يعرفون من يتصف بهذه الصفة حتى يختاروه. لذلك
اختص الله سبحانه وتعالى باختيار الإمام لأنه يعرف على وجه اليقين من هو الأعلم
والأفهم والأفضل والأقرب إليه.

ب - لا يماري أي واحد من المتشككين بأن الرسول كان نبيا وكان إماما أو
رئيسا للمسلمين، فهل اختاره المسلمون إماما أو رئيسا لهم، أم أن الله سبحانه
وتعالى هو الذي اختاره وقدمه للناس وقاد عملية إقناعهم بأنه الأعلم والأفهم
والأنسب لرئاستهم!!! وهل اختار الناس النبي سليمان رئيسا لهم، وهل اختاروا
داود أو طالوت!! لأن مهمة الرئيس الإيماني، أو الإمام ليست الجلوس على
كرسي الحكم وإصدار الأوامر والنواهي، إنما هي منصبة على تنفيذ برامج إلهية
لإنقاذ العالم وترشيد خطاه على طريق الهداية الإلهية، والناس لا يعرفون من هو
المؤهل للقيام بهذه المهمة. وهذا هو سر إعلان النبي لإمامة علي بن أبي طالب
والإحدى عشر إماما من أحفاده الطاهرين، لأن الله تعالى أحكم وأرحم من أن يكل
الناس لأنفسهم، وأن يتركهم بعد وفاة النبي وفي مرحلة حرجة دون رعاة شرعيين
وقادة مؤهلين. وقد ركزنا على هذه الناحية في كل مؤلفاتنا ويمكنك مراجعة كتابنا
(المواجهة مع رسول الله وآله) لتقف على تفصيل ذلك وتوثيقه.

ثم إنه لم يصدف طوال تاريخ الخلافة التاريخية أن اختار المسلمون خليفتهم
وفق قواعد الشورى، لقد كانت الخلافة لمن غلب طوال التاريخ، فمن يغلب.

بالقوة أو كثرة الأتباع يصبح خليفة، ويقتصر دور المسلمين على إعطائه البيعة،
ومن يمتنع عن البيعة يعتبر شاقا للطاعة، ومفارقا للجماعة حتى لو كان عليا بن
أبي طالب أو الحسين ابن النبي، فيستتاب ويخير بين البيعة أو القتل، فلا نجاة
للمتخلف عن بيعة الغالب، فلو اختبأ هذا المتخلف ببيت فاطمة بنت رسول الله
فإن الخليفة الغالب سيحرق بيت فاطمة بنت محمد على من فيه حتى يخرج
المتخلف ويعطي البيعة أو يموت حريقا هو ومن آواه، وقد حدث هذا بالفعل حتى
في أزهى عصور الخلافة، ولا يجرؤ عاقل واحد من المتشككين على نفي ذلك.

ولو أن أهل مدينة رسول الله قد امتنعوا عن بيعة الخليفة الغالب ليقينهم بأنه
كافر، أو فاسق يجاهر بالعصيان فإن الخليفة الغالب سيرسل لهذه المدينة جيشه
ويأمره بالتنكيل بها حتى تبايع، وبناء على أوامر الخليفة الغالب يقتل الجيش عشرة
آلاف من أهل المدينة بيوم واحد، وينهب أموالها، ويهتك أعراضها، فتحمل ألف
عذراء من غير زوج، ويأخذ البيعة ممن تبقى من سكانها على أنهم عبيد وخول
للخليفة يتصرف بهم تصرف المالك بأشيائه وعبيده!! وقد حدث هذا بالفعل
ومجنون من ينفي ذلك.

ولو احتمى من تخلف عن البيعة بالكعبة، فإن الخليفة الغالب سيرسل جيشه
ومعه أوامر بالحصول على بيعة من تخلف، فإن أبى تهدم الكعبة نفسها على
رؤوس المتخلفين عن البيعة!! وقد حدث هذا بالفعل، راجع كتابنا (كربلاء الثورة
والمأساة) وكتابنا (المواجهة مع رسول الله وآله) تجد التفصيل والتوثيق معا!!

وكان الغالب يعهد بالخلافة لمن يريد، ويتكرر العهد من الغالبين حتى يظهر
متغلب جديد!! فتبدأ دورة العهد وإعطاء المسلمين البيعة للغالب وهم صاغرون!!

فأين هي الشورى، وأين هو الاختيار، وأين هو الاختصاص الذي يدعيه
المتشككون.

2 - أما قول المتشككين بأن تولية المهدي المنتظر قيادة الأمة بهذه الطريقة
التي حملتها الأحاديث المتعلقة بالمهدي لا تتفق مع الطريقة التي تولى فيها
الخلفاء الثلاثة الأول الخلافة، لأن خلافتهم هي مقياس الشرعية والمشروعية على
اعتبار أنها قد تمت تحت أسماع الصحابة وأبصارهم!!!!.

الرد على هذا القول
أ - إنكم تحشرون الجمل في سم الخياط، وتتقولون على الله ورسوله وعلى
الحقيقة الشرعية بما لم ينزل به الله سلطانا، فليس صحيحا أن فعل الخلفاء هو
مقياس الشرعية والمشروعية، فهم في أحسن الأوصاف من أتباع صاحب الرسالة،
ولم يدع أحد فيهم بأنه نبي، أو يوحى إليه أو معصوم عن الخطأ، ولم يدع أحد
منهم بأنه الأعلم أو الأتقى أو الأفضل أو الأقرب لله ولرسوله. وأول تصريح قد
صدر عن الخليفة الأول هو قوله: (إني قد وليت عليكم ولست بخيركم..)
وتواترت تصريحات الخليفة الثاني التي جاء فيها: (كل الناس أعلم من عمر،
وجهل عمر وعرفت المرأة، اللهم إني أعوذ بك من معضلة ليس فيها
أبو الحسن...) وحسب مقاييسكم التاريخية فإن الذي جاء بعدهما أقل منهما
فضلا، وأدنى مرتبة، فكيف تجاهلتم صاحب الرسالة تجاهلا تاما وجعلتم من
أفعال الخلفاء الثلاثة الأول هي المقياس الأوحد للشرعية والمشروعية!!!

ب - إن مقياس الشرعية والمشروعية الإلهية ليس قول ولا فعل الخلفاء
الثلاثة، أو غيرهم من الخلفاء التاريخيين، ولكنه قول وفعل صاحب الرسالة صلى الله عليه وآله وسلم،
ومكانة أي فرد من المسلمين كائنا من كان تتحدد بحجم التزامه بأوامر رسول الله،
وتقديم خيرة الله على خيرته وأمر الله ورسوله على اجتهاده وما تهوى نفسه.

ج - إن الله تعالى الذي اختار رسوله لقيادة مرحلة التأسيس والرسالة والذي
اختار الأنبياء الكرام والأئمة الطاهرين هو نفسه الذي اختار محمد بن الحسن
ليكون خاتما للأئمة، وقائدا لفترة آخر الزمان، والفرق أن محمدا نبي ورسول،
والمهدي إمام وليس نبيا ولا رسول. وأن محمدا هو الوالد، والمهدي هو الابن
والحفيد وهو الوارث الشرعي لعلمي النبوة والكتاب، وهو المؤهل الوحيد لقيادة
المرحلة التي اختاره الله لقيادتها. فإذا أردتم القياس فقيسوا على صاحب الرسالة لا
على غيره. ومهمة المهدي قيادة العالم في آخر الزمان، وإصلاح البشرية بعد
فسادها، وإنقاذها بعد أن أوشكت على الغرق، وهدايتها إلى الطريق القويم، ثم إن
المهدي مسلح بآيات بينات ظاهرات في السماء والأرض.

د - إذا كان الله تعالى قد اختار الأنبياء وخاتمهم محمد رسول الله واختار

الأئمة وخاتمهم المهدي المنتظر لتحقيق غايات عالمية محددة فإن بطون قريش هي
التي اختارت الخلفاء الثلاثة، وكان سبب الاختيار وهدفه منصبا بالدرجة الأولى
والأخيرة على إرغام أنوف آل محمد وحرمانهم من الجمع بين النبوة والملك.

وهي نفس البطون التي قاومت النبي وعادته واستعدت عليه العرب وحاربته طوال
23 عاما، حتى أحيط بها فأسلمت أو تظاهرت بالإسلام طمعا بالملك الذي
تمخضت عنه النبوة، فاختيار بطون قريش قبلي من جميع الوجوه، وغايته بدائية
ومحدودة من جميع الوجوه، بينما جاء اختيار المهدي إلهيا ولغايات ومقاصد إلهية
مختلفة تماما عن غايات ومقاصد بطون قريش. إنكم تصرون على إدخال الكبير
بالصغير، وإيلاج الجمل في سم الخياط، وهذا محال عقلا!!

ه - ثم إن كل واحد من الخلفاء الثلاثة قد آلت إليه الخلافة بطريقة تختلف
تماما عن طريقة سلفه، فالأول فلتة، والثاني بعهد من الأول، والثالث واحد من
ستة اختارهم الثاني، ثم ما هو وجه المقارنة بين المهدي وبين الثلاثة، وأين هي
وحدة العلة حتى تتحقق شروط قياسكم!!

و - أما قولكم بأن الاختيار قد تم تحت أسماع الصحابة وأبصارهم فأعظم
الصحابة على الإطلاق آل محمد الذين تذكرونهم في صلواتكم وأهل بيته الذين
شهد الله تعالى بطهرهم، فهل تدلوني مشكورين على خليفة واحد من الخلفاء
التاريخيين قد تولى الخلافة برضاهم وموافقتهم!!

فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا إلا مكابرة مردودة فقد آن الأوان لتتقوا الله في
تمحكاتكم، واختلافاتكم، ولترك التقليد الأعمى، وللتبرع بتمثيل دور حراس
الشرعية التاريخية ولفك أغلالكم عن عقول المسلمين، ولو سمع الخلفاء الثلاثة
اختلافاتكم التي لا علم لهم بها لقرفوا منكم ولشعروا بالخجل لأنكم من شيعتهم.

لهذه الأسباب المعلنة التي سقناها مجتمعة ومنفردة يتشكك المتشككون
بصواب فكرة الاعتقاد بالمهدي المنتظر ويشكون بصحة الأحاديث الواردة فيه على
الرغم من إجماع أهل بيت النبوة على صحة الاعتقاد، وعلى الرغم من شهادة
خمسين صحابيا، ومن إخراج علماء الأمة الأعلام لهذه الأحاديث وإجماعهم على
صواب الاعتقاد بالمهدي المنتظر، وعلى الرغم من إجماع الأمة الإسلامية على.

/ 13