الباب الثالث - حقیقة الاعتقاد بالإمام المهدی المنتظر نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حقیقة الاعتقاد بالإمام المهدی المنتظر - نسخه متنی

أحمد حسین یعقوب اردنی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

اختلاف مذاهبها بصواب الاعتقاد بالمهدي، واعتقادها الفعلي فيه.

السبب الحقيقي الذي يدفع المتشككين للتشكيك بالمهدي المنتظر وبالأحاديث الواردة فيه

الأسباب التي يوردها المتشككون للشك بالمهدي المنتظر وبالأحاديث
الواردة فيه والتي سقناها وردينا عليها في البحث السابق هي أسباب ظاهرية يلج
من خلالها المتشككون إلى دائرة الحوار طمعا بهز اعتقاد الأمة، وتشكيكها
بالواضحات المسلمات.

أما السبب الحقيقي الذي يدفع المتشككين للتشكيك فهو كراهيتهم المطلقة
لولاية آل محمد، ولقيادة أهل بيت النبوة!! وولاؤهم المطلق للواقع التاريخي
والخلافة التاريخية. لأن المتشككين قد أشربوا في قلوبهم الثقافة التاريخية التي
فرضت أصلا بسطوة الدولة التاريخية ونفوذها وأحوالها، ثم تحولت إلى برامج
تربوية وتعليمية ثابتة يتناقلها المسلمون جيلا بعد جيل، فاستقرت بحكم العادة
والتكرار، وصار الناس يعتقدون بصوابها، ثم تمادى هذا الاعتقاد، فألقى بروعهم
أنها جزء لا يتجزأ من الدين، بل هي الجانب السياسي من الدين فتصبروا بها
وحرصوا عليها حرصهم على الإسلام الذي اختلط عمليا هذا الاعتقاد فيه.

هذه الثقافة التاريخية التي تحولت إلى قناعة دينية، قائمة أصلا وأولا وآخرا
على استبعاد أهل بيت النبوة استبعادا كاملا عن مركز قيادة الأمة، وتسليم هذه
القيادة للبطل الغالب الذي يجبر الأمة على الاستسلام له، والانقياد لطاعته، وهذه
الثقافة أيضا قائمة على التقليل من أهمية أهل بيت النبوة، واعتبارهم في أحسن
الظروف مجرد أفراد من مجتمع أكثر أفراده صحابة، وإن وجدت أهمية لأهل
البيت فهي مقصورة على المباركة وعلى شهادة الخليفة الغالب، ومن قبيل الدعاية
له. فمثلا عندما يبدأ الخليفة الثاني بآل محمد بالعطاء، فهذا لا يعني أن آل محمد
خير منه حتى يقدمهم عليه بالعطاء، ولو أنه عنى ذلك لقدمهم عليه بالخلافة،
ولكن تقديمه لهم عليه بالعطاء، يرمز لعدله، وعظمته وليس لمكانة آل محمد،
فالرجل من العدل بحيث أنه يقدم آل محمد عليه مع أنه الخليفة وأمير المؤمنين،.

وعلى هذا قس كل مظاهر تقديم آل محمد.

ثم إن الأمة قد أجمعت طوال تاريخها الطويل على استبعاد أهل بيت النبوة
عن القيادة، فعندما يأتي المهدي وهو ابن محمد وعميد أهل بيت النبوة، وتنقاد له
الأمة وينقاد له العالم كله، فإن في ذلك نقض لإجماع الأكثرية الساحقة رغبة أو
رهبة على استبعاد آل محمد عن قيادة الأمة!! ثم إن في ذلك تعييب على الصحابة
الكرام وخاصة الخلفاء الثلاثة الأول لأنه وفق هذه الثقافة صارت لهم مكانة عملية
في قلوب العامة أعظم من مكانة النبيين!! فمن الجائز أن يخطئ الرسول (حاشاه)
حسب مقاييس العامة لأنه بشر، ولكن من غير المعقول أن يخطئ الخليفة الأول
أو الثاني لأنهما خليفتا رسول رب العالمين!!! وكثيرا ما روى البخاري ومسلم
أحاديث تعطي لعمر دور البطولة حتى على رسول الله نفسه!! فتراه يأمر النبي،
وينهاه، أو يعتبر ما رضي به النبي (دنية) في الدين كما حدث بصلح الحديبية!!

وتحولت كل هذه الأمور وأمثالها مع الأيام إلى دين حقيقي يقرأ مع الدين
الإسلامي.

فإذا جاء المهدي - حسب اعتقاد المشككين، فإنه سينشر قضية أهل بيت
النبوة على مستوى العالم كله، ويفضح فصول الظلم التي لحقت بهم، ومن خلال
عدله سيطلع العالم على منهاج أهل بيت النبوة بالحكم، وسيبهر العالم، بما يفعله
ويقوله، وفي ذلك إدانة للخلافة التاريخية والثقافة التاريخية، وتطال الإدانة
المتشككين أنفسهم.

ومن جهة أخرى فإن المتشككين والأكثرية الساحقة من العامة مسكونة نفسيا
بالرعب، وبالخوف من قطع العطاء فهي تتصور أن السيف الأموي ما زال مصلتا
فوق الأعناق، وأن الرعب الأموي ما زال ماثلا، هذه هي حالة اللاشعور التي
يحيونها في الحقيقة والواقع، ويتصرفون على هداها، وتنعكس على كافة أقوالهم
وأفعالهم. هذه هي الدوافع والأسباب الحقيقية الكامنة وراء تشكيك المتشككين
بالاعتقاد بالمهدي المنتظر وبالأحاديث النبوية الواردة فيه، وما الأسباب الظاهرة
التي أعلنوها إلا غطاء مكشوفا للدوافع والأسباب الحقيقية التي وضحناها.

الباب الثالث

البنى الشرعية الأساسية لنظرية المهدي المنتظر في الإسلام

الفصل الأول حتمية ظهور المهدي المنتظر

عند أهل بيت النبوة وأوليائهم (الشيعة)

أجمع أهل بيت النبوة وآل محمد وهم المصدر الموثوق لعلمي النبوة
والكتاب على أنهم قد سمعوا ووعوا رسول الله وهو يتحدث ويؤكد وبكل وسائل
التأكيد، ويبين وبكل طرق البيان حتمية ظهور الإمام المهدي المنتظر، وأنه صلى الله عليه وآله وسلم قد
ركز على هذه الحتمية تركيزا خاصا، وأعطاها عناية خاصة، وأجمعوا أيضا على
صحة وتواتر هذه الأحاديث عندهم، وأنها قد آلت إليهم من النبي كابرا عن كابر،
وتناقلتها أجيالهم المباركة جيلا بعد جيل. وأهل بيت النبوة يعتبرون الإمام المهدي
العظيم، أو الإمام أو العميد الثاني عشر من عمدائهم، أو عظمائهم أو أئمتهم، وأن
ظهوره ترتيب وقدر إلهي محتوم ولا مفر من حدوثه.

وتبعا لإجماع أهل بيت النبوة وآل محمد أجمع موالوهم الذين يعتقدون
بحقهم برئاسة الأمة (شيعتهم) على صحة وتواتر الأحاديث والروايات التي تتحدث
عن حتمية ظهور الإمام المهدي المنتظر والتي رويت لهم عن طريق أئمة أهل بيت
النبوة وتناقلوها جيلا عن جيل كما هي، واعتبروها من الكنوز والنفائس النادرة،
التي تسموا بطبيعتها عن التعديل والتبديل والتحريف، فأورثها السلف للخلف كما
أخذها، وأبعد من ذلك فإن شيعة أهل بيت النبوة، الذين تخرجوا من مدرسة
الأئمة الأطهار ونهلوا منهم العلوم والمعارف الإسلامية اعتبروا الإمام المهدي ثاني
عشر الأئمة الذين أهلهم الله وأعدهم لقيادة الأمة، وأمر رسوله بأن يعلن أسماءهم.

مع الأمر الإلهي بتأميرهم وإمامتهم، وأن رسول الله قد بلغ ما أوحي إليه من ربه،
فأعلن الأمر الإلهي بإمارتهم، وسماهم بأسمائهم، وتسعة منهم يومذاك لم يولدوا
بعد، وحدد زمن إمامة كل واحد منهم، وأمر المسلمين أن يسمعوا لهم ويطيعوا
واعتبر القرآن هو الثقل الأكبر، وأئمة أهل بيت النبوة هم الثقل الأصغر، فإن لم
يكن الأئمة الأعلام من أهل بيت النبوة هم الثقل الأصغر الذي عناه رسول الله،
فمن عساه أن يكون!! ولكن المسلمين لم يسمعوا ولم يطيعوا، لأنهم غلبوا على
أمرهم، فعرفوا الحق بقلوبهم، ولم تقو ألسنتهم وأيديهم على تغيير النقيض
المفروض بالقوة والتغلب.

وما يعنينا أن شيعة أهل بيت النبوة المخلصين الذين تتلمذوا على يد الأئمة
الأعلام وقالوا برئاستهم، يعتبرون الإمام المهدي المنتظر هو الإمام الثاني عشر من
الأئمة الذين اختارهم الله، وسماهم الرسول بأسمائهم وحدد زمن إمامة كل واحد
منهم، وهم موقنون أن الإمام المهدي موجود الآن بالفعل وسيظهر حتما باللحظة
التي أمره بها الله، ووقت ظهوره كالساعة علمه عند الله وحده، وهم يعتبرون هذا
الاعتقاد جزءا لا يتجزأ من عقيدتهم الدينية الإسلامية، والسمة البارزة المميزة
لمذهبهم من دون المذاهب، فمن لا يعتقد بذلك فليس منهم.

ب - عند الخلفاء التاريخيين وأوليائهم (أهل السنة)

روى العلماء الأعلام من أولياء الخلافة التاريخية أحاديث الرسول التي
تتحدث عن حتمية ظهور الإمام المهدي بنفس المنهاج والطريقة التي رووا فيها
أحكام الإسلام التي بين أيديهم من صلاة وصيام وحج وزكاة وغيرها من الأمور
الدينية، وقد وزنوا تلك الأحاديث بنفس الموازين التي وزنوا بها الأحاديث النبوية
المروية عن رسول الله والتي تتعلق بأصول الدين وأحكامه الأساسية، وأكدوا صحة
وتواتر الأحاديث المتعلقة بحتمية ظهور المهدي المنتظر عندهم، وقد وثقنا ذلك
في الباب السابق، ثم جزموا بأن هذه الأحاديث قد صدرت عن رسول الله بالفعل،
وأنها جزء لا يتجزء من الهدي النبوي والبيان النبوي، ومن المحال عقلا أن
يتحدث الرسول عن أمور غيبية، وحوادث لم تقع بعلمه أو اجتهاده الشخصي
(محمد البشر) ولا بد أن تكون هذه الأحاديث من الوحي الإلهي وقد كرر الله تعالى.

بلسان النبي القول: (إن أتبع إلا ما يوحى إلي)، وطالما أنها وحي فهي جزء لا
يتجزأ من دين الإسلام ومضامينه ومفاهيمه ومعارفه، شأنها شأن غيرها من الأمور
الدينية من صلاة وصوم وزكاة... هذه هي النتيجة التي توصلت إليها الأكثرية
الساحقة من أهل السنة، فهم موقنون بحتمية ظهور المهدي المنتظر، وهم لا يرون
ما يوجب الشك بحتمية هذه الظهور لأن هذه المعلومة وصلتهم بنفس الدقة
والمعايير والموازين التي وصلت فيها أحكام الدين.

إجماع الأمة الإسلامية على حتمية ظهور المهدي

الأمة الإسلامية بعد وفاة النبي تكونت عمليا من فرقتين: أولهما أهل بيت
النبوة والقلة المؤمنة التي والتهم قناعة وتعبدا وهم (الشيعة) الحقيقية، والفرقة
الآخرة تتكون من الخلفاء ومن الأكثرية الساحقة التي والتهم طمعا بما في أيديهم،
أو خوفا من بطشهم أو رغبة أو رهبة ويعرفون (بأهل السنة) هذه هي الأمة مجتمعة
وقد لاحظت من السياق السابق بأن أهل بيت النبوة ومن والاهم وهم الفرقة الأولى
موقنون بحتمية ظهور الإمام المهدي المنتظر ويعدون هذا اليقين جزءا من الدين.

أما الفرقة الثانية وهم أهل السنة فقد توصلوا لذات النتيجة، وتيقنوا دينيا من
حتمية ظهور المهدي المنتظر.

وهكذا نكون أمام إجماع شامل للأمة بمختلف توجهاتها على حتمية ظهور
الإمام المهدي المنتظر. وحتى الذين لم يرق لهم بأن يكون المهدي من أهل بيت
النبوة، قالوا بحتمية ظهور المهدي، واعتبروا عيسى ابن مريم هو المهدي
المنتظر، مستندين على خبر ورد من مجهول يمني لم ير رسول الله ولم ير
أصحابه. وهذا يعني أن الاعتقاد عند المسلمين بحتمية ظهور المهدي عقيدة دينية.

وقناعة عامة وراسخة في القلوب.

نماذج من الأحاديث النبوية التي رواها علماء أهل السنة والتي تؤكد حتمية ظهور المهدي

1 - قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تنقضي الأيام ولا يذهب الدهر حتى يملك
العرب رجل من أهل بيتي)... (راجع مسند أحمد ج 1 ص 376 - 377 و 430.

و 448، وسنن أبي داود ج 4 ص 107 ح 4282، والبزار ج 1 ص 281 على ما
في هامش الطبراني وصحيح الترمذي ج 4 ص 505 ح 2230، والطبراني الكبير
ج 20 ص 164 - 165، وحلية الأولياء، وكنز العمال ج 14 ص 263، ومعجم
الإمام المهدي ج 1 ص 116 وتجد فيه هذه المراجع والعشرات من مراجع هذا
الحديث أيضا).

2 - قال رسول الله: (لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجل من أهل
بيتي يملؤها عدلا كما ملئت جورا). (راجع ابن أبي شيبة ج 15 ص 198
ح 19494، وأبو داود ج 4 ص 107 ح 4283، والبزار ج 1 ص 104، وتذكرة
الخواص ص 364، وعقد الدرر ص 18، وبيان الشافعي ص 482، ومقدمة
ابن خلدون ص 248، وفتن ابن كثير ج 1 ص 37، والجامع الصغير ج 2
ص 438، وكنز العمال ج 14 ص 267، والصواعق المحرقة ص 163، ومعجم
أحاديث الإمام المهدي حيث تجد هذه المراجع وعشرات المراجع إلى جانبها).

3 - قال رسول الله: (لو لم يبق من الدنيا إلا ليلة لملك فيها رجل من أهل
بيتي...). (راجع ابن حبان ج 7 ص 576 ح 5922، والطبراني في الكبير
ج 10 ص 161 و 164، والطبراني في الصغير ج 2 ص 148، وحلية
الأولياء ج 5 ص 75، وعقد الدرر ص 18، والحاوي للسيوطي ج 2 ص 59،
والصواعق المحرقة لابن حجر ص 163 نقلا عن أحمد بن حنبل وأبي داود
والترمذي، وراجع معجم أحاديث الإمام المهدي ج 1 ص 123 وما فوق تجد
الكثير من المراجع).

4 - قال رسول الله: (المهدي حق وهو من ولد فاطمة). (راجع تاريخ
البخاري ج 3 ص 46، وصحيح مسلم على ما في إسعاف الراغبين، وأبو داود
ج 4 ص 107 ح 4284، وابن ماجة ج 2 ص 1368، والنسائي على ما في
إسعاف الراغبين، وجامع الأصول ج 11 ص 49، وعقد الدرر ص 15، ومشكاة
المصابيح ج 3 ص 24، والجامع الصغير ج 2 ص 672 والدر المنثور ج 6
ص 449، وصواعق ابن حجر ص 163، وقال: ومن ذلك ما أخرجه أبو داود،
وابن ماجة، ومسلم، والنسائي، والبيهقي وآخرون، راجع معجم أحاديث الإمام.

المهدي ج 1 ص 137 - 145 تجد أكثر من ستين مرجعا).

5 - قال صلى الله عليه وآله وسلم: (فلو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى
يأتيهم رجل من أهل بيتي، تكون الملائكة بين يديه، ويظهر الإسلام). (راجع
صحيح الترمذي على ما في تحفة الأشراف، والديلمي على ما في كنز العمال،
وتذكرة القرطبي ص 700، وتحفة الأشراف ج 9 ص 428، وكنز العمال ج 14
ص 269، ومعجم أحاديث الإمام المهدي ص 156 - 157 ج 1).

6 - قال صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تقوم الساعة حتى يخرج عليهم رجل من أهل بيتي
فيضربهم حتى يرجعوا إلى الحق)... (أبو يعلى ج 12 ص 19 ح 6665، مجمع
الزوائد ج 7 ص 15، مقدمة ابن خلدون ص 254، والحاوي للسيوطي ج 2
ص 62 -، راجع معجم أحاديث الإمام المهدي ج 1 ص 261).

7 - قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (يا علي لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك
اليوم حتى يملك رجل من عترتك يقال له المهدي يهدي إلى الله عز وجل ويهتدي
به العرب). (منتخب الأثر للرازي ص 189، ض 2 ب 5 ج 2، وإثبات الهداة
ج 2 ص 574، ودلائل الإمامة ص 250، ومعجم أحاديث الإمام المهدي ج 1
ص 165).

8 - قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تذهب الدنيا حتى يبعث الله رجلا من أهل بيتي...).

(راجع ابن أبي شيبة ج 15 ص 198، والكنى والأسماء ج 1 ص 107،
والطبراني الكبير ج 10 ص 163، والدارقطني، والحاكم ج 4 ص 442،
ومعجم أحاديث المهدي ج 1 ص 168 - 169).

تحليل موجز للأحاديث التي رواها علماء أهل السنة الأعلام حول حتمية ظهور المهدي

إن أي إنسان - مهما كانت ثقافته - يقرأ الأحاديث التي رواها علماء أهل
السنة الأعلام حول حتمية ظهور المهدي يكتشف ويحس إحساسا عميقا بجزم النبي
وتأكيده على حتمية ظهور المهدي، ويبدو هذا جليا بالنماذج التي سقناها من 1 -
8 فالنبي يؤكد بمناسبات متعددة وبصيغ مختلفة: (بأن الأيام لن تنقضي ولن يذهب.

الدهر... وأن الساعة لن تقوم،... وأن الدنيا لن تذهب... حتى يبعث
المهدي وهذه الصيغ الثلاث التي تؤكد بعضها، وتفسر بعضها، وتفصح عن أعلى
درجات البيان ومراتب التأكيد تصب مجتمعة ومنفردة في خانة حتمية الظهور،
وزيادة في التأكيد والبيان، وإفاضة للحجة الدامغة، وترسيخا للمعنى في القلوب
يؤكد النبي، بأنه: (لو لم يبق من الدنيا إلا ليلة... أو من الدهر إلا يوم... أو
لم يبق من الدنيا إلا يوم.... لبعث الله المهدي في تلك الليلة! ولملك المهدي
تلك الليلة ولطول الله ذلك اليوم حتى يظهر المهدي ويملك). ارجع للنماذج
الثمانية الآنفة وأعد قراءتها...

أهل السنة يعتقدون أن النبي ليس معصوما في كل شئ، ويقولون إنه
يتحدث في الغضب والرضى، فلا ينبغي أن يحمل كل كلامه على محمل الجد
وينسبون إلى النبي القول: (أنتم أعلم بشؤون دنياكم)، وينسبون إليه أمورا كثيرة،
وقد وثقنا كل ذلك في كتابنا (المواجهة) والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام
هو: (طالما أن الأمة بشقيها مجتمعة قد أجمعت وجزمت، بأن الأحاديث النبوية
التي تحدثت عن حتمية ظهور الإمام المهدي المنتظر قد صدرت حتما من
رسول الله، فهل يعقل أن تكون: (اجتهادا منه) أو تحليلا شخصيا منه صلى الله عليه وآله وسلم، أو أنها
وحي إلهي!!! ؟ (ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب...) (سورة
طه، آية 62). كان رسول الله قبل أن يؤتى شرف النبوة يعرف بين قومه بالصادق،
والصادق هو الذي لا يكذب، أفحين شرفه الله بالنبوة، وأمره أن يتبع ما يوحى إليه
(يجتهد) في ما لا علم له به، أو يحلل تحليلات شخصية تحتمل الصدق
والكذب!!!! ثم ما هي حاجته للاجتهادات والتحليلات الشخصية وعنده
الوحي!!! ثم كيف يجتهد ويحلل ويضمن الصواب في حوادث تقع بعد عشرات
القرون!!! إن رسول الله أجل وأرفع وأعظم مما يصفون، وما ردنا على تجديفهم
الآثم إلا حشرا لهم، وإقامة للحجة العقلية عليهم كأنهم لم يقرأوا كتاب الله:

(ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين)
(سورة الحاقة، الآيات: 44 - 45 - 46) ويبقى المعقول والمنطقي الوحيد
المنسجم مع صدق النبي وقربه من الله أنه صلى الله عليه وآله وسلم قد تلقى معلومة حتمية ظهور.

المهدي المنتظر بالوحي من الله تعالى، مع الأمر بالتبشير به وإعلان هذه الحقيقة
الغيبية القادمة لا محالة..

الفصل الثاني المهدي المنتظر من آل محمد ومن عترته أهل بيته وبالتحديد من ولده

كون المهدي المنتظر من عترة النبي أهل بيته الطاهرين حقيقة مطلقة من
الحقائق الدينية المحدودة جدا التي أجمعت عليها الأمة بشقيها: (أهل بيت النبوة
وشيعتهم والخلفاء التاريخيون وشيعتهم أهل السنة) فالكل متفق على أن المهدي
المنتظر من صلب علي بن أبي طالب، ومن أحفاد فاطمة بنت النبي، وأنه من ذرية
النبي وحفيده، وقد تواترت صحة الأحاديث النبوية عند الجميع، والتي بينت
للمسلمين أن الله قد جعل ذرية كل نبي من صلبه خاصة، وجعل ذرية خاتم الأنبياء
محمد من صلب علي ابن عمه ونسل ابنته البتول فاطمة، والمسلمون يرسلون هذه
المعلومة إرسال المسلمات، فطالما ردد الرسول أمام قدامي المسلمين والطلقاء
معا هذا ابني الحسن، أو هذا ابني الحسين، أو هذان ابناي ولا خلاف بين اثنين
من المسلمين، بما فيهم الخلفاء الثلاثة الأول، ومعاوية وبنو أمية، وبنو العباس
وشيعتهم بأن عليا وفاطمة والحسن والحسين هم آل محمد، وهم أهل بيته، أو على
الأقل هم من الآل والأهل!!

1 - وأهل بيت النبوة مجمعون على أن الإمام المهدي المنتظر هو الإمام
الثاني عشر من أئمة أهل بيت النبوة الذين اختارهم الله تعالى لقيادة الأمة طوال.

عصر ما بعد النبوة، ولكن ظروفا قاهرة قد حالت بينهم وبين ممارسة حقهم بقيادة
الأمة، فكان كل واحد منهم هو الإمام الشرعي للأمة المختار من الله سبحانه
وتعالى والمعلن عن إمامته من رسول الله، ولكن الخليفة المتغلب في زمن كل إمام
حال بينه وبين ممارسة حقه الشرعي، بإمامة الأمة وقيادتها ومرجعيتها، وكل إمام
من الأئمة الإحدى عشر قد تبعته الفئة القليلة المؤمنة وسلمت بإمامته، ولكنها
كانت فئة مستضعفة، وغير قادرة على مواجهة الأكثرية الساحقة التي وقفت مع
الخليفة المتغلب طمعا بما في يده من المال والجاه والنفوذ والسلطة.

واقتضت حكمة الله تعالى أن يكون للإمام الثاني عشر: (المهدي المنتظر
نمط حياة، ومنهج مختلف عن نمط ومنهج الأئمة الإحدى عشر الذين سبقوه).

فكل واحد من الأئمة الإحدى عشر السابقين كان معروفا، للخاصة والعامة
من المسلمين، وكان مشهورا بينهم، تعرفه العرب ويعرفه العجم، ويعرفه المحل
والمحرم معا، ولا يخفى واقعه وأمله على أحد من الخاصة والعامة، فكل واحد
من الخلفاء الثلاثة الأول كان يعلم علم اليقين بأن عليا بن أبي طالب أول الأئمة
الشرعيين كان: (يطمع بالخلافة)، ويعتقد أنه أولى بها من الخلفاء الثلاثة الأول،
وكان يشارك الخلفاء الثلاثة بهذا العلم اليقيني، خاصة القوم وعامتهم، قدامي
المسلمين وطلقاؤهم وأحداثهم. ولما مات الإمام علي، وآلت الإمامة إلى الإمام الحسن كان الخليفة المتغلب وكافة أفراد رعيته يعلمون علم اليقين بآمال الحسن
وواقعه، وهكذا كانت الأحوال مع الحسين، وعلي بن الحسين ومحمد الباقر،
وجعفر الصادق، وموسى الكاظم، وعلي الرضا، وفي عهد الإمام علي الرضا
قرر الخليفة المتغلب المأمون أن يعترف بالحق الشرعي وأن يتنازل بمحض
اختياره للإمام الشرعي المعاصر له وهو الرضا، وتلك حالة فريدة في التاريخ
الإسلامي ولم تتكرر، وتعاقب ظهور الأئمة حتى بلغوا إحدى عشر إماما، وكان
الناس في زمن كل واحد منهم يعلمون أن هذا الرجل الإمام من أهل بيت النبوة،
وأنه من ذرية النبي، وكانوا يعلمون أنه على الأقل (يدعي) الإمامة، والخلافة
الشرعية عن النبي.

وكان الخليفة المعاصر لأي واحد من الأئمة الإحدى عشر يعلم علم اليقين.

بأن هذا الإمام: (أو مدعي الإمامية) طامع بالخلافة، ومعتقد أنه أولى بها من
الخليفة المتغلب، لذلك كان كل خليفة متغلب يتوجس خيفة من الإمام الشرعي
المعاصر له، فيضيق عليه، ويحط من قدره، ويتصنع عدم الاكتراث به، وكثيرا ما
كانت تملك الوساوس والمخاوف الخليفة المتغلب، ولا يطيق إمام زمانه، فيتآمر
مع حاشيته ويقتلون خفية أو بالسم إمام الزمان.

أما الإمام الثاني عشر وهو الإمام المهدي: (محمد بن الحسن) فقد اختلف
أمره ونهجه وأسلوبه ونمط حياته، عن الأئمة الأحد عشر السابقين، فقبل ولادته
بفترة انتشرت شائعات على نطاق واسع مفادها أن ملك بني العباس سيزول على يد
رجل من آل محمد يقال له المهدي، لذلك كانت كلمة المهدي أشد خطرا وثقلا
على أسماع الدولة العباسية وأركانها من كلمات الكفر، والالحاد، والشيطنة،
فجندت الدولة مخابراتها وأجهزتها السرية للتحري والبحث عن هذا المهدي، هذه
الحملة اضطرت الإمام الوالد الحسن العسكري أن يخفي نبأ ولادة ابنه، وأن لا
يذكر اسم المولود إلا للخلص من أتباعه، حيث أفضى لهم باسم ابنه،
وأنه الإمام
من بعده الوارث لعلمي النبوة والكتاب، وانتقل الإمام الحادي عشر إلى جوار ربه
وآلت الإمامة إلى الصبي محمد بن الحسن: (المهدي المنتظر) وكان عمره خمس
سنين، وعرفت الدولة العباسية وكافة أركانها بأن الإمام الحادي عشر الحسن
العسكري قد مات، وأن عمادة أهل بيت النبوة قد آلت إلى ابنه الصبي: (محمد بن
الحسن المهدي المنتظر) بدليل أن أركان الدولة العباسية ورجالات بني هاشم قد
حضروا الإعداد لجنازة الإمام الحادي عشر، ولم يتقدم أحد منهم لإمامة الناس
بصلاة الجنازة إنما تقدم الإمام الصبي، وأم الجميع دون اعتراض من أحد وسط
دهشة الجميع، وتسليمهم بأن هذا الصبي هو عميد وسيد أهل بيت النبوة، والقائم
مقام أبيه السيد الذي انتقل إلى جوار ربه. بعد انتهاء مراسم العزاء اختفى الإمام
الصبي عن الأنظار تماما، ولم يعد يراه أحد، وكان يعرف أمور أولياء أهل بيت
النبوة، ويتصرف بالأموال التي تجبى إليه بواسطة أربعة سفراء أجمع أهل بيت
النبوة وشيعتهم المخلصة على صحة سفارتهم.

وتسمى هذه الغيبة بالغيبة الصغرى، وبعد موت آخر السفراء بدأت الغيبة.

الكبرى، وجاء في عدة أخبار أنه يحضر المواسم سنويا فيرى الناس ويعرفهم،
ويرونه ولا يعرفونه، وأنه بوقت يطول أو يقصر سيظهر حتما لإنجاز المهمة
التاريخية التي أناط الله به إنجازها.

2 - أما الخلفاء التاريخيون وشيعتهم أهل السنة فيقرون أن الأئمة الأحد عشر
هم الذين تعاقبوا على عمادة أهل بيت النبوة طوال التاريخ، وكل واحد منهم في
زمانه كان عميد أهل البيت، وشيخ آل محمد في زمانه، وأنه لم يجرؤ أحد على
الادعاء بأنه عميد أهل بيت النبوة، أو شيخ آل محمد في زمن أي واحد من الأحد
عشر، وهم يقرون أيضا ويجمعون على أن الرسول قد بين بأن الخلفاء أو الأمراء
أو النقباء من بعده اثني عشر!! ولكنهم لا يعترفون بأن الرسول قد عنى أو قصد
بالاثني عشر أئمة أو عمداء أو شيوخ آل محمد بل عنى وقصد الخلفاء المتغلبين
على الخلافة، والذين مارسوا سلطات الخلافة ومهامها ممارسة فعلية، وهم
متفقون على أربعة، وهم الخلفاء الأربعة الأول، أما الثمانية الآخرون فهنالك آراء
شخصية واجتهادات لا حصر لها ولا سند لها لا من عقل ولا من دين ولا من
منطق، ومن المستبعد جدا على المدى المنظور على الأقل أن تقر شيعة الخلفاء
بأن الاثني عشر الذين عناهم رسول الله وقصدهم هم عمداء أهل بيت النبوة، لأنهم
لو فعلوا ذلك لانهار التاريخ السياسي الإسلامي بعد وفاة النبي على صانعيه،
ولسحبوا بساط الشرعية عن التاريخ السياسي لدولة الخلافة ولأدانوا أنفسهم دون
حاجة لقضاء يعلن الإدانة، والإنسان بطبيعته يفر من الإدانة ولا يتقبلها راضيا!!

ولكن شيعة الخلفاء: (أهل السنة) يقرون أن الاثني عشر أولهم علي وآخرهم
محمد بن الحسن المهدي، هم عمداء أهل بيت النبوة أو شيوخ أو وجهاء آل محمد
كل واحد منهم في زمانه.

وأبعد من ذلك فهم يقرون بولادة الإمام محمد بن الحسن، وبعضهم يصرح
بأنه المهدي المنتظر بالفعل. قال ابن الأثير الجرزي في كتابه الكامل في التاريخ
ج 7 ص 274 آخر حوادث سنة 260 وفيها: (توفي محمد العلوي العسكري وهو
أحد الأئمة الاثني عشر على مذهب الإمامية، وهو والد محمد الذي يعتقدونه
المهدي)..

قال ابن خلكان في وفيات الأعيان ج 4 ص 176 / 562: (أبو القاسم
محمد بن الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد المذكور قبله ثاني
عشر الأئمة الاثني عشر على اعتقاد الإمامية المعروف بالحجة، كانت ولادته يوم
الجمعة منتصف شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، ثم نقل عن المؤرخ الرحالة
ابن الأزرقي أنه قال في تاريخ ميافارقين أن الحجة المذكور ولد بتاريخ.

قال الذهبي في كتابه العبر وفيها: (أي سنة 256 ولد محمد بن الحسن بن
علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق
العلوي الحسيني الذي تلقبه الرافضة الخلف الحجة، وتلقبه بالمهدي، والمنتظر
وتلقبه بصاحب الزمان وهو خاتم الاثني عشر. (راجع العبر في خبر من غبر
للذهبي) ج 3 ص 21).

وقال الذهبي في تاريخ دول الإسلام ج 5 حوادث ووفيات 251 - 260
ص 113 - 159 عن الإمام الحسن العسكري: (وهو والد منتظر الرافضة، توفي
إلى رضوان الله في سامراء ودفن إلى جانب والده، وأما ابنه محمد بن الحسن الذي
يدعوه الرافضة القائم الخلف الحجة)...

وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء ج 13 ص 119 الترجمة رقم 60
(المنتظر الشريف محمد بن الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد بن
علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين
علي بن الحسين الشهيد بن الإمام علي بن أبي طالب الحسيني خاتمة الاثني عشر
سيدا).

قال خير الدين الزركلي في كتابه الأعلام ج 6 ص 80 في ترجمة الإمام المهدي المنتظر: (محمد بن الحسن العسكري الخالص بن علي الهادي أبو القاسم
آخر الأئمة الاثني عشر عند الإمامية ولد في....)
وأشار علماء الأنساب من أهل السنة إلى ولادة المهدي منهم أبو نصير
البخاري في سر السلسلة العلوية ص 39 وهو من أعلام القرن الرابع الهجري
والعرى النسابة المشهور وهو من أعلام القرن الخامس: (المجدي في أنساب.

الطالبيين ص 130، والفخر الرازي الشافعي قال في كتابه: (الشجرة المباركة في
أنساب الطالبية ص 78 - 79)، وأما الحسن العسكري فله ابنان وبنتان أما الابنان
فأحدهما صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف... وقال ابن عنبة في
عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب: (الإمام أبو محمد الحسن العسكري، وكان
من الزهد والعلم على أمر عظيم وهو والد الإمام محمد المهدي صلوات الله عليه
ثاني عشر الأئمة عند الإمامية، وهو القائم المنتظر عندهم) ص 199 من عمدة
الطالب. وقال في الفصول الفخرية ص 134 - 135 عن الإمام الحسن العسكري
وهو الحادي عشر من الأئمة الاثني عشر وهو والد محمد المهدي ثاني عشرهم،
وإلى هذا المعنى أشار الصنعاني في كتابه: (روضة الألباب لمعرفة الأنساب
ص 105، والسويدي في كتابه سبائك الذهب. (راجع المهدي المنتظر في الفكر
الإسلامي إصدار مركز الرسالة ص 119 - 120).

والخلاصة أن شيعة الخلفاء التاريخيين (أهل السنة) موقنون بأن المهدي
المنتظر من آل محمد ومن عترته أهل بيته، وبالتحديد من ذرية النبي ومن نسل
فاطمة ابنته، ومن صلب علي بن أبي طالب، وقد تولد هذا اليقين عندهم لصحة
وتواتر الأحاديث النبوية الناطقة به، وقد توصلوا بالمنطق إلى أن الإمام الثاني عشر
من أئمة أهل بيت النبوة هو الإمام المهدي بالضرورة، وصرح بعضهم بذلك،
ولولا خشيتهم من انهيار قناعاتهم التاريخية، ومن أن يسحب بساط الشرعية من
تحت أساسات دولة الخلافة التاريخية، وأعلن بعضهم علنا بأن الإمام المهدي
المنتظر هو الإمام الثاني عشر من أئمة أهل بيت النبوة وهو محمد بن الحسن،
ومهم محي الدين بن العربي المتوفى 638 كما ذكر ذلك في الفتوحات المكية.

(راجع اليواقيت والجواهر للشعراني ج 2 ص 143، ومحمد بن طلحة الشافعي
في كتابه مطالب السؤول ج 2 ص 79 باب 12، وابن الجوزي الحنبلي في تذكرة
الخواص ص 363، والكنجي الشافعي في البيان في أخبار صاحب الزمان
ص 521 باب 25، وابن الصباغ المالكي في كتاب الفصول المهمة ص 287 -
300، والفضل بن روزبهان في كتابه (إبطال الباطل). (راجع دلائل الصدق
للمظفر ج 2 ص 574 - 575، ومحمد بن طولون الحنفي مؤرخ دمشق في كتابه.

الأئمة الاثني عشر ص 117، والقندوزي الحنفي في ينابيع المودة ج 3 ص 114
آخر الباب 79).

نماذج من الأحاديث النبوية الدالة على أن المهدي المنتظر من ذرية النبي، ومن نسل فاطمة وصلب علي بن أبي طالب

1 - قال رسول الله بعد أن تحدث عن الفتن من بعده: (... ثم تكون فتنة،
كلما قيل انقضت تمادت، حتى لا يبقى بيت إلا دخلته، ولا مسلم إلا حكته حتى
يخرج رجل من عترتي). (راجع ابن حماد ص 10، وأحمد بن حنبل ج 2
ص 133، وأبو داود ج 4 ص 94 ح 4242، ومعالم السنن ج 4 ص 336 - 337
عن أبي داود، وحلية الأولياء ج 5 ص 158، وكنز العمال ج 14 ص 269.

وراجع بقية المراجع في معجم أحاديث الإمام المهدي ج 1 ص 81 - 83).

2 - تحدث الرسول عن بلاء يصيب الأمة حتى لا يجد الرجل ملجأ يلجأ إليه
من الظلم، فيبعث الله رجلا من عترتي من أهل بيتي فيملأ به الأرض قسطا، كما
ملئت ظلما وجورا... (راجع عبد الرزاق ج 11 ص 371، وابن حماد ص 99،
والترمذي على ما في الدر المنثور، والطبراني على في الصواعق المحرقة،
والحاكم ج 4 ص 465، وتذكرة القرطبي ص 700، وتذكرة الحفاظ ج 3
ص 838، والحاوي للسيوطي ج 2 ص 65، والدر المنثور ج 6 ص 58، وانظر
بقية المراجع في (معجم أحاديث المهدي ج 1 ص 83 - 86).

3 - قوله صلى الله عليه وآله وسلم: يخرج رجل من أهل بيتي عند انقطاع من الزمان... (راجع
ابن حماد ص 10 ابن أبي شيبة ج 15 ص 196 ح 19485، وأحمد بن حنبل
ج 3 ص 80، والبداية والنهاية ج 6 ص 247، ومجمع الزوائد ج 7 ص 314،
والدر المنثور ج 6 ص 58، انظر بقية المراجع في معجم أحاديث الإمام المهدي
ج 1 ص 97 - 98).

4 - قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (.... ثم يخرج رجل من عترتي أو من أهل بيتي)....

(راجع أحمد بن حنبل ج 3 ص 36، وابن خزيمة، وابن حبان ج 8 ص 290 -.

291، والحاكم ج 4 ص 557، ومقدمة ابن خلدون ص 250 فقرة 53 عن
الحاكم، وتجد بقية المراجع في معجم (أحاديث الإمام المهدي) ج 1 ص 104 -
105).

5 - ومثله قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تقوم الساعة حتى يلي رجل من أهل بيتي)...

(راجع البزار ج 1 ص 281، وابن حنبل ج 1 ص 376، والترمذي ج 4
ص 505 حديث 2231، والبدء والتاريخ ج 2 ص 180، والطبراني في الكبير
ج 1 ص 165، راجع بقية المراجع في ج 1 ص 106 - 108 من معجم
(أحاديث الإمام المهدي)).

6 - ومثله قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تقوم الساعة حتى يملك رجل من أهل بيتي).

(راجع أبو يعلى ج 2 ص 367، وابن حبان ج 8 ص 291، ومجمع الزوائد
ج 7 ص 314، والدر المنثور ج 6 ص 57، وكنز العمال ج 14 ص 270
ح 38690، راجع بقية المراجع في معجم أحاديث الإمام المهدي ج 1
ص 108 - 109).

7 - ومثله قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي)... (راجع
تذكرة الخواص ص 363، وعقد الدرر ص 32، ومنهاج السنة لابن تيمية ج 4
ص 211، بقية المراجع في معجم أحاديث الإمام المهدي ج 1 ص 113 -
114).

8 - ومثله قوله صلى الله عليه وآله وسلم: إن المهدي من عترتي من أهل بيتي.. (راجع إثبات
الهداة ج 3 ص 502، والبحار ج 51 ص 74، ومنتخب الأثر ص 169،
ومعجم أحاديث الإمام المهدي ج 1 ص 14).

9 - وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: (المهدي رجل من ولدي وجهه كالقمر الدري)... (راجع
أحمد بن حنبل على ما في ينابيع المودة، وابن ماجة على ما في غاية المرام،
والطبراني على ما في بيان الشافعي، راجع معجم أحاديث الإمام المهدي ج 1
ص 130 - 134 تجد عشرات المراجع لهذا الحديث).

10 - ومثله قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (المهدي حق وهو من ولد فاطمة). (راجع ابن شيبة.

على ما في سنن ابن ماجة، وتاريخ البخاري ج 3 ص 346، وصحيح مسلم على
ما في إسعاف الراغبين، وأبو داود ج 4 ص 107 ح 4284، وابن ماجة ج 2
ص 1368 ب 34 ح 4086، والطبراني في الكبير ج 23 ص 267، وميزان
الاعتدال ج 2 ص 87، وراجع معجم أحاديث الإمام المهدي ج 1 ص 136 -
139 تجد أكثر من أربعين مرجعا)!

11 - ومثله قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد، لطول الله ذلك
اليوم حتى يبعث فيه رجلا من ولدي اسمه اسمي) فقام سلمان الفارسي فقال: يا
رسول الله: من أي ولدك ؟ قال النبي: (من ولدي هذا وضرب بيده على الحسين).

(راجع الطبراني في الأوسط، وأربعون أبي نعيم، وعقد الدرر ص 24، وذخائر
العقبى للطبراني ص 136 - 137، وراجع معجم أحاديث المهدي المنتظر ج 1
ص 142 - 143).

12 - ومثله قوله لفاطمة: (المهدي من ولدك). (راجع مقاتل الطالبيين
ج 1 ص 97، والحاكم، وتهذيب ابن عساكر ج 6 ص 26، وذخائر العقبى
ص 136، وعقد الدرر ص 21، والحاوي للسيوطي ج 2 ص 66، وكنز العمال
ج 12 ص 105، راجع بقية المراجع في المعجم ج 1 ص 143 - 144).

13 - ومثله قوله لفاطمة: (نبينا خير الأنبياء وهو أبوك، وشهيدنا خير
الشهداء وهو عم أبيك حمزة... ومنا سبطا هذه الأمة الحسن والحسين وهما
ابناك ومنا المهدي... ومنا والذي نفسي بيده مهدي هذه الأمة). (راجع معجم
أحاديث الإمام المهدي ج 1 ص 145 - 147، وعلى سبيل المثال مناقب
الخوارزمي ص 6، وبيان الشافعي ص 485، وذخائر العقبى ص 44، عن
الطبراني، ومجمع الزوائد ج 9 ص 166).

وهنالك العشرات من الأحاديث النبوية التي تدور حول ذات المضمون،
ويمكن لمن أراد الوقوف عليها وعلى مراجعها أن يراجع: (معجم أحاديث الإمام المهدي) ج 1 ص 150 وما بعدها..

الفصل الثالث الخلط وتمييع النصوص ومحاولات صرف هذا الشرف عن أهل البيت

عندما خص الله نبيه محمدا الهاشمي بالنبوة والرسالة جن جنون بطون
قريش، فحسدت الهاشميين شرف النبوة، فوحدت صفوفها تحت راية الشرك
وعقدت العزم على صرف شرف النبوة عن بني هاشم. فتصدت للنبي وقاومته
بشراسة طوال مدة ال 15 سنة التي قضاها في مكة قبل الهجرة، وتآمرت على قتله
مرات متعددة، وحاصرته وبني هاشم وقاطعتهم، وبعد الهجرة جيشت الجيوش
واستعدت العرب، وشنت حروبها العدوانية على النبي طوال ثماني سنوات، ولما
أحيط بها، واستنفدت سهامها وتكسرت سيوفها ورماحها في حربها للنبي،
استسلمت واضطرت مكرهة لإعلان إسلامها وللاعتراف بالنبوة الهاشمية.

وعندما اختار الله تعالى أهل بيت النبوة ثقلا آخر، وقيادة، ومرجعية للأمة
من بعد النبي، وصدع النبي بما أوحي إليه، وأعلن الاختيار الإلهي، جن جنون
بطون قريش لأنها كرهت أن يجمع الهاشميون الملك والنبوة، على حد تعبير
الخليفة عمر بن الخطاب، فصممت أن تصرف شرف الملك عن الهاشميين
فوحدت صفوفها، ولكن تحت خيمة الإسلام هذه المرة وانتظرت موت النبي بفارغ
الصبر لتصرف شرف الملك عن آل محمد ولتستولي بالكثرة والقوة والتغلب على
الملك الذي تمخضت عنه النبوة، وعندما قعد النبي على فراش المرض، أحست
البطون بأنه ميت، عندئذ أظهرت نواياها، وشرعت بتنفيذ مخططها الرامي إلى.

الاستيلاء على ملك النبوة بالكثرة والتغلب، ونقض الترتيبات الإلهية وصرف
شرف الملك عن أهل البيت، فقالت البطون للنبي مواجهة: أنت تهجر، ولا حاجة
لنا بكتابك، ولا بوصيتك لأن القرآن يغنينا عنك!! وقد وثقنا ذلك. ومات النبي
وهو كسير الخاطر، واستولت البطون على الملك. ومن ذلك التاريخ وشبح
الجريمة يلاحقها، وصار أهل بيت النبوة هاجسا وصارت الخلافة ملكا لمن غلب،
وسخر الغالب إمكانيات دولة الخلافة ومواردها وإعلامها لقلب الحقائق، وإثبات
أنه صاحب الحق الشرعي بالخلافة وآل محمد وأهل بيته ينازعونه حقه، ويسعون
لتفريق الأمة وشق عصا الطاعة بطلبهم ما ليس لهم!!!!!

كان لا بد من استحضار هذه المقدمة لفهم العقلية الحاكمة التي وضعت
المناهج التربوية والتعليمية، والتي منعت رواية وكتابة أحاديث الرسول قرابة مائة
عام، وبعد المائة عام أذنت برواية وكتابة الأحاديث النبوية، في مناخ الدولة
المعادي لأهل بيت النبوة، وتحت إشراف أو مراقبة أركان دولة الخلافة الذين تدخلوا واشتركوا بهذا العداء.

محاولات صرف شرف المهدية عن أهل البيت

لما اكتشف علماء الحديث الأعلام من أهل السنة هذا الكم الهائل من
الأحاديث النبوية التي تتحدث عن حتمية ظهور المهدي المنتظر، وأن هذا المهدي
من أهل بيت النبوة، ومن صلب علي بن أبي طالب، ومن ولد فاطمة بنت النبي،
فوجئت دولة الخلافة، وفوجئ أركانها تماما، وقدروا أن المهدي المنتظر الذي
تتحدث الأحاديث النبوية عن دعم إلهي، مطلق له سيكشف ذات يوم كل شئ،
وسيضع النقاط على الحروف، وسيطلع العالم على هول الظلم الذي لحق
بالإسلام، وأهل بيت النبوة، وسيقلب التاريخ كله رأسا على عقب.

لذلك وبواسطة أوليائهم وضعوا خطة ذات أربع شعب لمواجهة سيل
الأحاديث الصحيحة والمتواترة المتعلقة بالمهدي المنتظر، بعد أن قطعوا وتيقنوا
بأنه من أهل بيت النبوة ومن أحفاد النبي الذين شردوهم وطاردوهم وقتلوهم
تقتيلا، عبر التاريخ وكان قصدهم من هذه الخطة:.

1 - أن يخلطوا الحق بالباطل وتلك صناعة أتقنوها ومهروا بها.

2 - أن يحصنوا الرعية من تأثير هذه الأحاديث أو أن يتحكموا بتأثيرها على الرعية.

3 - محاولة يائسة لصرف هذا الشرف الشامخ عن أهل بيت النبوة.

1 - الشعبة الأولى من المخطط الادعاء بأنه لا مهدي إلا عيسى ابن مريم

بنفس الوسائل التي تستخرج فيها الأحاديث استخرجوا حديثا يحصر
(المهدي بعيسى ابن مريم)، وقد أخرج هذا الحديث ابن ماجة في سننه ج 2
ص 1340 ح 4039، وابن ماجة نفسه كان قد أخرج حديث: (المهدي حق وهو
من ولد فاطمة) ج 2 ص 1368 ح 4086، والحديث الأخير صحيح ومتواتر.

وحديث لا مهدي إلا عيسى هو الحديث الوحيد الذي ينفي أن يكون المهدي من
أهل البيت أو من غيرهم، ويحصره حصرا بعيسى ابن مريم، وقد عالجنا وأثبتنا
فساد هذا الحديث وبطلانه في الباب الثاني من هذا الكتاب.

2 - الشعبة الثانية من المخطط الادعاء بأن المهدي رجل من الأمة

وقد أخرجوا حديثا جاء فيه: (يخرج رجل من أمتي يعمل بسنتي، ينزل الله له
البركة من السماء، وتخرج له الأرض بركتها، يملأ الأرض عدلا، كما ملئت
جورا)... (راجع معجم أحاديث الإمام المهدي ج 1 ص 134 - 136، وهذا
الحديث أيضا هو الوحيد الذي يجعل المهدي رجلا من الأمة)!!!

3 - الشعبة الثالثة من المخطط الادعاء بأن المهدي المنتظر من ولد الإمام الحسن وليس من ولد الحسين كما يجمع أهل البيت!!

روى أبو داود في سننه ج 4 ص 108 ح 4290 قول علي بن أبي طالب:

(إن ابني هذا سيد كما سماه النبي، وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم

يشبهه في الخلق ولا يشبهه في الخلق يملأ الأرض عدلا)...

والمدهش أيضا بأن هذا هو الحديث الوحيد الذي يجعل المهدي من ولد
الإمام الحسن!!! وجاء في كتاب: (المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي) إصدار
مركز الرسالة ص 62، وما فوق أن هذا الحديث باطل من سبعة وجوه:

1 - اختلاف النقل عن أبي داود فقد نقل الجزري الشافعي في كتابه: أسمى
المناقب في تهذيب أسنى المطالب ص 165 - 168 كلمة (الحسين) بدلا من كلمة
الحسن.

2 - إن سند الحديث منقطع حيث أن السبيعي لم تثبت له رواية واحدة سماعا
عن طريق علي، كما صرح بذلك المنذري (مختصر سنن أبي داود للمنذري ج 6
ص 162 ح 4121.

3 - إن سنده مجهول: (حيث قال: (حدثت عن هارون بن المغيرة، ولا يعلم
من الذي حدثه).

4 - أن الحديث المذكور أخرجه أبو صالح السليلي عن الإمام موسى بن جعفر
وفيه اسم الحسين بدلا من الحسن.

5 - إنه معارض بأحاديث كثيرة من طرق أهل السنة تصرح بأن المهدي من ولد
الحسين.

6 - احتمال التصحيف في الاسم من الحسين إلى الحسن.

7 - يحتمل وضع الحديث لأن بعض أنصار محمد بن عبد الله بن الحسن
المثنى بن الإمام الحسن السبط الذي قتل سنة 145 في زمن المنصور العباسي كانوا
يظنون بأنه المهدي.

8 - وعلى فرض أنه حديث فإنه مجرد خبر لا قيمة له أمام الصحيح والمتواتر.

4 - المهدي ليس من أهل بيت النبوة ولا من ذرية النبي إنما هو من ولد العباس!!

بدليل: 1 - الأحاديث المتعلقة بالرايات السود المقبلة من خراسان، والتي
ذكرت بأن فيها خليفة الله المهدي. (راجع مسند أحمد ج 5 ص 277، وسنن

ابن ماجة ج 2 ص 1236 ح 4082، وما رواه الترمذي في ج 4 ص 53
ح 2269، وهي أحاديث مجملة وقد ضعفها ابن القيم في المنار المنيف
ص 137 - 138).

2 - وجود أحاديث تخبر بأن المهدي: (من ولد العباس عمي). (أورده
السيوطي في الجامع الصغير ج 2 ص 672، وقال حديث ضعيف، وقال المناوي
الشافعي في فيض القدير، رواه الدارقطني في الأفراد، وقال ابن الجوزي فيه
محمد بن الوليد المقري، قال ابن عدي: يضع الحديث ويصله، ويسرق ويقلب
الأسانيد والمتون، وقال ابن أبي معسر هو كذاب، وقال السمهودي، ما بعده وما
قبله أصح منه، وأما هذه ففيه محمد بن الوليد وضاع، راجع فيض القدير شرح
الجامع الصغير ج 6 ص 278 ح 9242. وضعفه السيوطي في الحاوي ج 2
ص 85 وابن حجر في صواعقه ص 166، والصبان في إسعاف الراغبين
ص 151، وأبو الفيض في إبراز الوهم المكنون ص 563).

ومثله حديث ابن عمر الذي رواه ابن الوردي في فريدة العجائب ص 199
وهو مرسل عن ابن عمر وموقوف عليه فلا حجة فيه، فضلا عن أنه لم يصرح
باسمه المهدي.

ومثله حديث أم الفضل سنة 135 لك لولدك منهم السفاح ومنهم المنصور،
ومنهم المهدي، وهذا الحديث وارد في تاريخ بغداد ج 1 ص 63، وتاريخ دمشق
ج 4 ص 178 لابن عساكر. قال الذهبي في ميزان الاعتدال ج 1 ص 97: أن
أحمد بن راشد هو الذي اختلقه بجهل، راجع المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي
ص 52 - 55
وما يثير الدهشة أن المهدي العباسي المتوفى سنة 169 - كانت دولته دولة
للنساء. قال الطبري في تاريخه ج 3 ص 466 أن الخيزران زوجة الخليفة المهدي
تدخلت في شؤون الدولة في زمنه وأنها استولت على زمام الأمور في عهد ابنه
الهادي. ثم إن المهدي العباسي نفسه لم يدع بأنه المهدي المنتظر الذي عناه
الرسول، ولم تتحقق في زمنه أي علامة من العلامات المرادفة لظهور المهدي،
ولا ساد العالم ولا انتشر الرخاء في عهده، إنما كانت هنالك طبقة مترفة تشرف

على الموت من التخمة، وأكثرية ساحقة معدمة تكاد أن تموت من الجوع، وهذا
يتعارض بالكامل مع مضامين الأحاديث النبوية التي وصفت المهدي وصفا
دقيقا، وتحدثت عن علامات ظهوره، ووصفت عهده الراشد وحال الدين
والمسلمين فيه..

الفصل الرابع الجذور التاريخية لهذا المخطط (الخلط والتمييع ومحاولة صرف هذا الشرف عن أهل بيت النبوة)

بعد موت النبي مباشرة وعندما اشتد الجدل والصراع على الخلافة بين قيادة
بطون قريش ومن والاها من جهة، وبين علي بن أبي طالب الإمام الشرعي وابنة
النبي الزهراء وسبطي النبي الحسن والحسين ومن والاهم من جهة أخرى، عرضت
قيادة البطون على العباس بن عبد المطلب عم النبي أن تجعل له ولعقبه شيئا من
هذا الأمر: (أي الخلافة) مقابل أن يتخلى عن دعمه لأهل بيت النبوة وأن يقف مع
البطون، وقدرت قيادة البطون أن انحياز العباس لجانبها يشكل ضربة فنية ومعنوية
قاصمة لأهل بيت النبوة وادعائهم بالحق بقيادة الأمة!! لأنها تكون بهذه الحالة قد
ضربت عم النبي بابن عم النبي الآخر وبابنة النبي وسبطيه فتتصدع وحدة البطن
الهاشمي وتتهدم كافة حجج أهل البيت، ويشب الصراع بين آل محمد وآل
أبي طالب من جهة، وبين آل العباس من جهة أخرى، وتتحول قيادة البطون إلى
قاض وخصم معا، وتتفرج على هذا الصراع، واكتشف العباس مضامين وأهداف
قيادة بطون قريش من هذا العرض، فرفضه رفضا قاطعا وبإباء، ورد عليهم بحزم
ورجولة، وقد حاول الخليفة الثاني، والثالث ومعاوية أن يجتذبوا إلى جانبهم
عبد الله بن العباس خاصة، والعباسيين عامة، لذات الغرض لينافس عبد الله
الحسن والحسين بعد أن أخفقوا بأن يجعلوا العباس ينافس الإمام علي، ويبدو أن.

تلك المحاولات قد نجحت إلى حد ما. صحيح أن العباسيين لم يقفوا ضد علي
وضد الحسن والحسين، ولكنهم لم يقفوا معهم أيضا، لقد قرر العباسيون أن
يعملوا لصالحهم الخاص، وقدروا أن عملهم لصالحهم الخاص لن يؤتي أكله ولن
يثمر، ما دام سبطا النبي الحسن والحسين أحياء!! لأنه ليس بإمكان أي عباسي أن
يدانيهما بالشرف والقربى والمكانة. لقد قرر عبد الله بن العباس أن يعتزل وأن
يتخلى عن الإمام علي، والإمام أحوج ما يكون إليه، لقد كانت فعلة عبد الله جرحا
نازفا في قلب الإمام، تحمل آلامه العميقة في صمت وبلا إعلام. ومع الإمام الحسن قد عهد لعبيد الله بن العباس بقيادة أول جيش يشكله ومع أن معاوية هو
القاتل عمليا لطفلي عبيد الله، إلا أن عبيد الله لم يجد حرجا ولا غضاضة عندما
استمال ثلثي الجيش الذي سلمه الإمام الحسن قيادته وانضم إلى معاوية عدو آبائه
وأجداده وأحد قادة قدامي المحاربين ضد الله ورسوله!! فكانت فعلة عبيد الله
الضربة المعنوية القاتلة التي أصابت من الحسن ومعسكره مقتلا يصعب علاجه!!

فإذا كان عبيد الله ابن عم النبي ينضم لمعسكر معاوية طمعا بما عنده من دنيا، فما
الذي يجبر أعرابيا لا دين له على البقاء في طاعة الإمام الحسن!! إنها من ضربات
قيادة البطون ومن ثمرة ثقافاتها، لأن قيادة البطون وثقافتها المعادية لآل محمد
تعرف بالتجربة المقاتل تماما!!

إنه ليس من المستبعد أن يتولى أعداء أهل بيت النبوة الذين أشربوا الثقافة
المعادية لأهل بيت النبوة وضع عدة أحاديث تبين أن المهدي المنتظر الذي بشر به
الرسول من ذرية العباس عم النبي، وليس من أهل بيت النبوة كما يزعمون!!

والقصد نفسه يتمثل باستعداء العباسيين على أهل البيت وعزل أهل بيت النبوة عن
الأمة، ومحاولة صرف هذا الشرف عنهم، خاصة وأن كافة الأحاديث النبوية قد
رويت وكتبت في عهد بني العباس، وأن رواة هذه الأحاديث الذين جمعوا
يخضعون للحكم العباسي، وما هي مصلحة بني العباس بنفي هذا الشرف عنهم،
إن مجرد الزعم بأن المهدي من بني العباس يشكل دعما لنظامهم، وتثبيتا لأركان
ملكهم!! ثم ما هو الفرق بينهم وبين آل أبي طالب!! أليس العباس عم النبي

/ 13