المطلوب من الإنسان - ثقل الکبیر و الثقل الاکبر نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

ثقل الکبیر و الثقل الاکبر - نسخه متنی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

المطلوب من الإنسان

المطلوب من الإنسان

وقد حان طرح السؤال الرئيسي الذي هو في الواقع الحلقة التِّي تربط أبحاثنا السابقة بما سنتحدَّث عنه فيما بعدُ وهذا السؤال هوما هو المطلوب من الإنسان؟ قد ذكر سبحانه وتعالى بصريح القول أنَّه

(وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)[170].

فالمطلوب منه إذاً هو العبادة لا شئٍ آخر والسؤال الذي يطرح نفسه هو

ماذا تعني العبادة .هل هي الصلاة والصوم والزكاة والحج وغيرها من الأفعال ؟ أم هي شئٌ آخر ما وراء هذه الأفعال والأقوال ؟ .

أقـول

عندما نلاحظ كلّ هذه الأفعال نشاهد أنَّ هناك أمراً مُشترك يحكمها جميعاً وذلك الأمر المشترك هو النيَّة وينبغي أن تكون تقرُّباً إلى الله ولولا القربة لما أطلق على العمل عبادة أصلاً فإذاً قوام العبادة بالنيَّة ومن الواضح أنَّ النيَّة ليست من الأعمال الجوارحيَّة بل هي حالةٌ قلبيَّة كامنة في نفس الإنسان فإذاً أساس العبادة أمرٌ نفسيٌّ باطنيّ..

ماذا تعني قربةً إلى الله

ولا يخفى معنى هذه الكلمة فهي تعني الوصول إلى الله نفسِه والاستقرار في جواره والابتهاج بلقائه، فهذا الأمر ممكنٌ للإنسان ولولا إمكانه لما طلب منه ذلك ولما ذُمَّ تاركه كما تدلُّ على ذلك الآيات الكثيرة والأحاديث المتواترة ولأهميَّة هذا البحث نجعله في عنوانٍ مستقل فنقول

لقاء الله

لقـاء الله

بعد أن اتَّضح لنا بأنَّ النفس هي نفحة من نفحات الرحمن ومظهر من مظاهره الذي قد تجلَّى فيه الجمال والجلال كما شرحنا سابقاً في تفسير قوله تعالى

(ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي).

وبعد أن عرفنا حقيقة خليفةَ الله، يمكننا أن نعرف المقصود من لقاء الله الذي يتحدَّث عنه سبحانه في كتابه العزيز،وليس هو إلاّ معرفة الله سبحانه بالقلب الذي يتبع معرفة الإنسان لنفسه، ولا ينبغي لنا أن نَصرف جميع هذه الآيات الصريحة عن ظاهرها اعتمادا على فهمنا القاصر وأذهاننا المحدودة المؤطَّرة بأفكار ربَّما هي ليست إلاّ أوهام متلبِّسة بلباس الحقائق تلك الأفكار التِّي جعلت الكثير يحرِّف الكلم عن مواضعه ويُفسِّر القرآن برأيه..

اللقاء في القرآن والسنَّة

اللقاء في القرآن والسنَّة

ولا يمكننا الوصول إلى هذا المستوى إلاّ بعد أن عرفنا بأنَّه تعالى

(مع كلِّ شئٍ لا بمقارنة وغير كلّ شئٍ لا بمفارقة).

فحينئذٍ سوف نعلم أنَّه تعالى هو أوضح من كلِّ شيء حيث أنَّ قوام جميع الأشياء به لأنَّه هو الوجود المطلق الغنيّ بالذات وجميع الوجودات الأخرى فقيرةٌ بالذات إليه (أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني) وبالأحرى ليس هناك إلاّ وجود واحد ظهر في الأشياء والكلُّ تجلِّياته تعالى ومظاهره، والعبد بمقدار معرفته نفسَه وإحساسه فقرَه ومسكنته وأنَّه لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً ولا موتاً ولا حيوةً ولا نشوراً، بنفس المستوى سوف يعرف ربَّه ويصلُ إليه حيث يغفل حينئذٍ عن مشخصاته الفردية وماهيته المحدودة ويعرف أنَّ تلك المشخصات لم تكن إلاّ أوهام فليس وراء الوجود شيءٌ آخر فلا يعشق إلاّ الله ولا يعبد إلاّ الله ولا يريد إلاّ الله فحينئذٍ سوف لا يكون ممن قال تعالى عنهم (..ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم ألا إنه بكل شيء محيط)[171] لأنَّه بالفعل قد عرف بأنَّ الله سبحانه بكلِّ شئٍ محيط فلا يكون في مريةٍ من لقاء ربِّه بل يكون مصداقاً لقوله تعالى (الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون)[172] وهذا سيُّد الشهداء أبوعبدالله الحسين عليه السلام ينادي (تركت الخلق طرّاً في هواكا وأيتمت العيال لكي أراكا).

لذَة الوصال ونار الفراق

لذَة الوصال ونار الفراق

إنَّ جميع اللذات الدنيوية إنَّما هي ترجع إلى نفس الإنسان فهي التِّي تلتذ وهي التي تبتهج ولكن حيث أنَّ النفس مسجونة في الجسم نراها بواسطة الحواس الخمسة تتعامل مع الأشياء فتنظر إلى الوردة الجميلة فتلتذ من تلك الرؤية فهي في الواقع لا تلتذ من الوردة ولا تريدها كوردة بل النفس تلتذ بالجمال وتحبُّ الجمال فلو فقدت الوردة جمالَها فلا تحبُّها أصلاً، وهكذا بالنسبة إلى كلِّ هالك وآفل ،فالمطلوب إذاً هو الجمال والكمال غير المحدود وغير المؤطَّر، وهو الله سبحانه ومن هنا نشاهد النبي إبراهيم ينفي كلَّ آفل وبالأخير يصل إلى الربّ.

(وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكوننَّ من القوم الضالين فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين)[173].

وللإمام في كتابه القيِّم شرح دعاء السحر بيان حول الآية نحيل القرّاء الكرام إلى مراجعة الكتاب[174].

فالله سبحانه هو الذي يكون مطلوباً للإنسان وهو الذي يأنس به العارف لا غيره (يا من اسمه دواء وذكره شفاء)[175].

ولا يمكن أن يسرَّ العارف إلاّ الله نفسه كما في دعاء الجوشن الكبير

(يا سرور العارفين يا منى المحبين يا أنيس المريدين يا حبيب التوابين يا رازق المقلين يا رجاء المذنبين يا قره عين العابدين)[176] (يا سرور الأرواح و يا منتهى غاية الأفراح)[177].

وعلى ضوء ذلك يمكننا معرفة الأحاديث الكثيرة التِّي تؤكِّد على عبادة الأحرار التي تنبع عن الحبِّ والعشق بالله

(الطالقانى عن عمر بن يوسف بن سليمان عن القاسم بن إبراهيم الرقى عن محمد بن احمد بن مهدى الرقى عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهرى عن انس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بكى شعيب عليه السلام من حب الله عز و جل حتى عمى فرد الله عز و جل عليه بصره ثم بكى حتى عمى فرد الله عليه بصره ثم بكى حتى عمى فرد الله عليه بصره فلما كانت الرابعة أوحى الله إليه يا شعيب إلى متى يكون هذا أبدا منك إن يكن هذا خوفا من النار فقد آجرتك و إن يكن شوقا إلى الجنَّة فقد أبحتك فقال إلهي وسيدي أنت تعلم إني ما بكيت خوفا من نارك و لا شوقا إلى جنتك و لكن عقد حبك على قلبي فلست أصبر أو أراك فأوحي الله جل جلاله إليه أما إذا كان هذا هكذا فمن أجل هذا سأخدمك كليمي موسى بن عمران) (بحار الأنوار ج12 ص380 رواية1 باب11)..

«وقال أمير المؤمنين و سيد الموحدين صلوات الله عليه ما عبدتك خوفا من نارك و لا طمعا في جنتك لكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك»[178].

وفي قبال لذَّة الوصال هناك نار الفراق الذي لا يمكن تصوُّر شدته ذكره أمير المؤمنين عليه السلام في دعاء الكميل..

قال الإمام قدِّس سرُّه (إنَّ دعاء الكميل دعاء عجيب للغاية، بعض فقراته لا يمكن أن تصدر من البشر العادي (إلهي وسيدي ومولاي وربي صبرت على عذابك فكيف أصبر على فراقك) فمن يمكنه أن يقول هذا الكلام؟ من يمتلك هذا العشق للجمال الإلهي بحيث لا يخاف من النار، لكنَّه يخاف أنَّه إذا دخل النار ينزل من مقامه ويصل إلى مرتبة يُحرم من عشقه؟ إنَّه يصرخ من فراق ذلك العشق بالله المجمر في قلبه الذي لا يعمل عملاً إلا من منطلق ذلك العشق)[179].

وقال في كلمة أخرى

(إنَّ نار جهنَّم مضافاً إلى أنَّها تُحرق الجسم تُحرق القلب (القلب المعنوي)أيضاً فهي تدخل القلب ، مع ذلك يقول أمير المؤمنين عليه السلام (فهبني صبرت على عذابك..)!)[180].

لقاء الله في القصيدة العرفانيَّة للإمام

لقاء الله في القصيدة العرفانيَّة للإمام

ومن هنا يمكننا أن نصل إلى محتوى القصيدة العرفانية التِّي أنشدها الإمام قدّس سرُّه، تلك القصيدة التِّي أهداها إلى الأمَّة الإسلاميَّة نجله السيد أحمد رضوان الله تعالى عليه وذلك بعد وفات الإمام ونحن نحاول أن نشرح البيتَ الأوَّل والثاني منها فحسب قال إمامنا

(من بخال لبت أي دوست كرفتار شدم جشم بيمار تورا ديدم وبيمار شدم) .

يقول الإمام أنا ابتليت بخال شفتك يا محبوب وقد شرحنا معنى الخال سابقاً فراجع[181].ونظرت إلى عينك الخمول والعين الخمولة هي التي نوصفها بالغض فهي لا تتصف بالغمض ولا بالفتح وهذه الحالة للعين تُبرِز جمال المحبوب وتضفي من جماله وإنَّما يقصد الإمام من ذلك الجذبات الإلهيَّة وأسرارها التِّي تصل إلى العاشق وتُفهمُه أنَّ معشوقه ومحبوبه مع علمه الكامل بحاله ومعرفته بعبده، مع ذلك فهو يستر على ذنوبه ويتغاضى عن زلاّته..

(غافل از خود شدم وكوس أنا الحق بزدم همجو منصور خريدار سر دار شدم).

ثمَّ يقول الإمام قدِّس سرُّه

إنِّي قد غفلت عن نفسي وهذه مرتبة راقية جدّاً لا يصل إليها إلاّ الأوحدي والمقصود من كلامه هو أنَّني قد انفصلت عن كلِّ شئٍ يرجع إلى شخصيتي الموهومة وتباعدت عن كلِّ أمر يمسُّ أنا والأنانيَّةُ رأس كلِّ خطيئة حيث أنَّها تبعدُ الإنسان عن الله وتغمسُه في متاهات الدنيا وآثارها الدنيَّة وزخرفها وزبرجها،فبمقدار إبتعاد الإنسان عن الجانب السفليِّ من نفسه سوف يتقرَّب إلى الجانب العلويِّ منه وهذا يعني تقرُّبه إلى الحقّ المطلق وهو الله سبحانه وتعالى ، فحينئذٍ برى نفسَه مظهر تامّ من مظاهر الحق وآية من آياته جلَّ وعلا فينادي أنا الحق ولكن عندما يرجع إلى هويَّته يرى أنَّ هذا النداء والصراخ لم يكن في محلِّه لأنَّه لا زال فقيراً ولا زال ناقصاً فماذا يطلب بعد ذلك؟.

يقول إمامنا قدِّس سرُّه (همجو منصور خريدار سر دار شدم) فحينئذٍ تمنِّيت الموت كما تمنَّي ذلك منصور الحلاج وكنت من المشترين الطالبين للمشنقة لأنَّه رأيت مادام أنَّني محبوس في هذا البدن المادِّي فمن المستحيل أن أصل إلى اللقاء الإلهي وأستقرَّ تحت ولايته إلاّ أن أموت (قل يا أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين)[182] .

ومن هنا نصل إلى أمر آخر وهو أنَّ العارف لا يمكنه أن يصل إلى لقاء الله الأتَّم إلاّ بعد انفصاله عن الجسم المادِّي ورجوعه إليه تعالى إمّا بالقتل في سبيل الله والوصول إلى الشهادة وإمّا بالموت المتداول حيث الانفصال من عالم الطبيعة (وفى الحديث القدسي من عشقته فقد قتلته ومن قتلته فعلى ديته ومن علي ديته فأنا ديته)[183]وعلى ضوء ذلك يمكننا أن نعرف معنى الآيتين .

(من كان يرجو لقاء الله فان أجل الله لآتٍ وهو السميع العليم)[184] (الذين يظنون أنهم ملاقوا ربِّهم وأنَّهم إليه راجعون)[185] .

/ 39